تشخيص خاطئ غير دقيق.. وكوادر طبية غير متخصصة.. وطواقم تمريضية غير متمرسة تجد في مستشفيات الكويت ومرضاها حقولا للتجارب، هكذا أبدى ذوو الإعاقة وأولياء أمورهم استياءهم من القطاع الصحي، معتبرين أن اداء المستشفيات مجرد شكلي وليس علاجياً.
القبس سلَّطت الضوء على واقع المستشفيات والعيادات، والتقت عدداً من ذوي الاعاقة وأولياء أمورهم لنقل تقيبمهم وانطباعاتهم عن اداء القطاع الصحي والتعرف على مواطن الضعف والقوة، حيث طالبوا بإنشاء مستشفى متكامل ومتخصص في علاج ذوي الاحتياجات الخاصة، لافتين إلى عدم تهيئة المستشفيات لاستقبال ذوي الإعاقة بمختلف فئاتهم.
واستعرض المتضررون من ذوي الاعاقة الحركية جملة من الملاحظات، منها أن الممرات ضيقة ولا تتسع لأكثر من كرسي متحرك واحد، إضافة إلى دورات المياه غير ملائمة لظروفهم الصحية، ناهيك عن مقاعد عيادات الأسنان وغرفة الأشعة غير مناسبة لهم، بينما اشتكى الصم من عدم توفير مترجمين للغة الإشارة لتسهيل تواصلهم مع الكوادر الطبية والتمريضية.
لخَّص حسن علي (يعاني إعاقة حركية منذ الولادة بسبب نقص الأكسجين) تجربته ومعاناته المريرة التي استمرت 22 عاما قضاها ما بين المستشفيات والعلاج، بالقول: «اعاقتي التي تسبب فيها وزارة الصحة شلّت حياتي بالكامل»، هكذا حيث تغيّر مجرى حياته رأسا عن عقب وتحولت إلى جحيم، بعد أن أصبح قعيداً، فحرمته اعاقته الحركية الشديدة من ممارسة حياته بشكل طبيعي وتحقيق آماله وطموحه بسبب الفشل الكبير في وزارة الصحة من جميع النواحي العلاجية والتمريضية والتأهيلية والفنية (المختبرات)، وكذلك الإدارية، لافتا إلى أن الخطأ الطبي يمثّل شماعة الخلل والفشل في القطاع الصحي.
رحلة علاج
واسترجع رحلة علاجه من الاعاقة، لافتا إلى أنه سافر للعلاج بالخارج، حينما كان عمره خمس سنوات على نفقة الدولة وبعد ذلك واصل المسيرة العلاجية على نفقة والده بعدما رفضت الدولة استكمال علاجه بالخارج، مما عانى والده في سبيل تأمين نفقات علاجه بالخارج لمدة اربع سنوات، وبالفعل لمست حالته تحسّنا ملحوظا فبدأ يمشى، مضيفا «وعندما عدت الى البلاد عقب الغزو العراقي لمواصلة دراستي، نصحني الأطباء بإجراء عملية جراحية لتحسين حالتي، ولكن للأسف لم يكن لديهم تخطيط سليم في ذلك الوقت، كما أن الفحص الطبي كان عشوائيا وغير مدروس، حيث تركوا الجبس لمدة 6 أشهر مما سبب تلفاً في الأعصاب والعظام، أدى إلى إتلاف الركبة بشكل كامل مع المفاصل!».
أين الكفاءات؟!
ورأى علي أن أغلب الأطباء ليسوا أكفاء، وليسوا محترفين في مجال علاج ذوي الاعاقة، وتشخيصُهم غير دقيق، فهم مجرد أطباء على ورق، على حد تعبيره، لافتا إلى أن الكويت تتمتع بموارد مالية ولديها كفاءات، ولكن للأسف تعتمد على جلب كوادر طبية غير كفوءة من الخارج من دون منح الفرص لأصحاب الكفاءات الحقيقية.
وزاد بالقول: «حاليا لا أستطيع أن أمارس حياتي بشكل طبيعي وأواجه صعوبة في التنقل ومع مرور الوقت وتقدم العمر تزداد معاناتي وتدهور حالتي، خصوصا في ما يتعلق بالعظام والأعصاب».
وذكر أن «المستشفيات مهيأة للكراسي المتحركة، ولكن الممرات ضيقة في بعض المستشفيات، ولا تتسع لأكثر من كرسي متحرك، ناهيك عن دورات المياه في اغلب المستشفيات غير ملائمة لظروفنا الصحية من ناحية النظافة والبناء»، مستشهدا بعيادة الأسنان، حيث المقعد غير مهيأ لظروف ذوي الاعاقة بالشكل المطلوب، وكذلك الأمر في غرفة الأشعة، حيث لا توجد مرونة بحركة السرير.
العنزي:
أنتظر تشخيص إعاقة طفليَّ منذ 3 سنوات
«لدي طفلان من ذوي الاعاقة وبانتظار الثالث.. ولكن لا أعلم مصيره»، بنبرة من الحيرة ممزوجة بالقلق عبّر عبدالرحمن العنزي، وهو ولي امر لطفلين من ذوي الاعاقة المزدوجة (حركية وعقلية)، عن استيائه من أداء المستشفيات الشكلي، بحسب وصفه، وليس العلاجي، محملا مستشفى الوراثة مسؤولية التأخير في تشخيص حالة أطفاله حتى الآن، متسائلا: هل يعقل أن تصل الحال بالمسؤولين في مركز الوراثة الى إهدار صحة أطفالنا وصحة المجتمع ككل بحجة تخفيض نفقات العلاج؟!
وشرح العنزي معاناته قائلا: أكثر من ثلاث سنوات وحتى الآن ونحن نعاني من عدم تشخيص أبنائنا ومعرفة المرض الذي تسبب في إعاقتهم، ونحن ننتظر مولوداً ثالثاً، ولا نعلم مصيره! لافتا إلى عدم إرسال مستشفى الوراثة العينات التي تم أخذها من أفراد العائلة لمعرفة ما اذا كانت الاعاقة بسبب عامل الوراثة أم لا، حيث أرسلوا عينة لأحد أطفالي المعاقين، وذلك بعد ثمانية اشهر من تاريخ سحب عينة الدم.
وزاد بالقول: وجاء الرد من أحد المستشفيات خارج البلاد بعد ثمانية أشهر أخرى، وذلك بطلب جميع عينات أفراد العائلة، وبعد ستة أشهر تم إرسال العينات مرة أخرى للمستشفى الخارجي وإلى الآن ونحن بانتظار الرد، علما بأن اللجنة الطبية المشكلة بإدارة العلاج بالخارج وافقت على إرسال عينات الطفلين إلى الولايات المتحدة، ولكن تم إرسال العينات إلى بريطانيا بناء على طلب مستشفى الوراثة، ونحن ندفع ثمن خطئهم بتأخير إرسال العينات.
وأردف بالقول: ادارة العلاج بالخارج رفضت إيفاد أبنائي خارج البلاد، بحجة أن علاجهم متوافر داخل الكويت، على الرغم من عدم تشخيص حالتهم حتى الآن، متسائلا: كيف يتم علاجهم من دون تشخيص مرضهم؟!
وانتقد اداء المستشفيات في الكويت، مدللا على ذلك بأن مستشفى العدان استحدثت عيادة لعلاج ذوي الاعاقة مرة بالأسبوع، واستبشرنا خيرا بهذه الخطوة، إلا انه تبين أنها تعتبر يوم راحة لجميع الأطباء، كما أن مواعيد المراجعة بعيدة مرتين بالسنة.
واختتم العنزي حديثه بالمطالبة بانشاء مستشفى متكامل لذوي الاعاقة، مبينا أنه ضد مبدأ الدمج العلاجي، ولكنه مع الدمج التعليمي والمجتمعي.
الشمري:
العلاج الطبيعي يعتريه الخلل
ولم تختلف معاناة بدر الشمري (ولي أمر لطفل يبلغ من العمر ثماني سنوات، ويعاني إعاقتين حركية وذهنية شديديتن منذ الولادة) عن باقي أولياء الأمور، حيث انتقد أداء العلاج الطبيعي في مستشفى الجهراء الذي وصفه بـــ«الفاشل»، لافتا إلى عدم كفاءات طبية متخصصة في تشخيص الحالات، الأمر الذي يضطرنا الى التوجه الى العيادات الخاصة على نفقتنا وقلة الموظفين بالمستشفيات وعدم منح المرضى من ذوي الاعاقة الأولوية في العلاج، فضلا عن المراجعات التي تتم بعد فترات بعيدة. واشتكى من عدم توفير مكتب خاص لذوي الاعاقة في المستشفيات وفي ادارة العلاج بالخارج لمراجعة حالتهم الصحية وتخليص معاملاتهم. واستعرض معاناة طفله من العلاج الطبيعي، كاشفا عن خطأ في تشخيص حالة طفله الأمر دفعه لإيفاده للعلاج بالخارج على نفقته الخاصة، نظرا لعدم كفاءة العلاج في البلاد، مضيفا «بعد أن سافرت بابني إلى تايلند، تبين أنه يعاني من شد في الأعصاب، في حين إن تشخيص قسم العلاج الطبيعي في مستشفى الجهراء كان أنه يعاني من رخاوي، ناهيك عن التمارين الخاطئة التي كانوا يقومون بها، فتوجهت به لأحد المراكز الخاصة بالبلاد على نفقتي، من أجل تلقي العلاج الطبيعي بتكلفة بلغت 240 ديناراً شهرياً».
الكندري:
إعادة تقييم حالات مدعي الإعاقة
شدّد رئيس اللجان الطبية بالهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة د. علي الكندري، على ضرورة تهيئة المستشفيات لاستقبال المرضى والمراجعين من ذوي الاحتياجات الخاصة بمختلف الاعاقات البصرية والذهنية والحركية والسمعية، لافتا إلى ضرورة إلمام الطبيب المعالج بكل الأمراض المتعلقة بالإعاقة وتشخيصها وعلاجها.
تسهيلات
وبيّن أن الهيئة يجب أن توفّر كل التسهيلات لذوي الاعاقة، وذلك من خلال تزويد الصم بجهاز لتحويل الإشارات إلى لغة للحديث، إضافة إلى تنظيم زيارات دورية ومستمرة للحالات التي تستدعي العلاج المنزلي، لا سيما ذوي الإعاقات الذهنية، كما أن هناك بعض الحالات التي تعاني أمراض القلب والكلى، وتحتاج مرافقاً (معاوناً) يلازمهم.
ولفت إلى أن اللجنة الطبية تقوم بإعادة تقييم حالات مدعي الاعاقة بعد استنفاد طرق العلاج، موضحا أنه لا توجد اعاقة مؤقتة، ولكن هناك مريضاً مؤقتاً، ويحتاج علاجاً، وليس كل معاق مريضاً، كما أن المرض الذي يؤدي للإعاقة هو عادة ما يكون مستنفداً للعلاج.
إجراءات ميسَّرة.. وزيارات دورية
طالب حسن علي بتيسير إجراءات سفر حالات ذوي الإعاقة التي تستدعي إرسالها للعلاج بالخارج، آملا في اجراء زيارات دورية (سنوية) للأطباء من الخارج، بدلاً من إرسال المريض للعلاج بالخارج.
ممرضون غير متمرّ.سين
انتقد ذوو الاعاقة عدم منحهم الأولوية في علاج المرضى المراجعين في المستشفيات، لافتين إلى عدم تمرس وكفاءة بعض الممرضين في التعامل مع ذوي الاعاقة، مستشهدين بممرضي المختبرات عند سحبهم عيّنات الدم، فضلاً عن معاناتهم في عيادات الأسنان!
غصَّة..!
انتقد عدد من ذوي الاعاقة عدم وعي الكوادر الطبية بكيفية التعامل مع المرضى من هذه الفئة، مطالبين بتعيين أطباء وممرضين من ذوي الخبرة في مجال علاج ذوي الاعاقة!
المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس