يعانى المسنون كثر صعوبة في القيام بنشاطاتهم اليومية. حتى النهوض من الكرسي يصبح مشقة بالنسبة إليهم. يشعرون أنهم صاروا أضعف مما كانوا عليه. فهل يشكّل هذا التحوّل تبدّلاً طبيعيًّا مع التقدم في السن أم يجب استشارة الطبيب؟
يشكّل تشخيص سبب ضعف العضلات الذي يظهر تدريجًا تحديًّا كبيرًا. ويمكن للتراجع التدريجي في القوة أن يؤدي إلى مشاكل صحية كثيرة، منها خطر السقوط، تراجع قوة العظم، واكتساب الوزن.
يتعرض الإنسان لخسارة محدودة في قوته وكتلة عضلاته مع التقدم في السن. ولكن ثمة مشاكل طبية كثيرة قد تسبب الوهن. لذلك لا بد من مناقشة هذه المسألة مع الطبيب.
من الضروري استبعاد احتمال أن يكون الشعور بالضعف عائدًا فعلاً إلى خسارة القوة العضلية بسبب مرض في الجهاز العصبي المركزي أو خلل في وظائف الأعصاب والعضلات. بالإضافة إلى ذلك، قد نشعر بالضعف نتيجة عوامل مثل التعب، النعاس، الدوار، والألم المزمن.
تُعتبر أيضًا اضطرابات النوم، الكآبة، الأمراض المزمنة، الأدوية، وسوء التغذية بعض الأسباب الكثيرة للتعب العام، الذي يجعل المسن يشعر أنه ضعيف وخائر القوى. كذلك قد يصبح استعمال عضلات الجسم محدودًا بسبب ألم في الصدر أو ضيق في النفس يرتبطان بحالة في القلب أو بمرض ما، مثل ذات الرئة أو أي مرض آخر في الرئتين أو حتى القصور الكلوي. كذلك يمكن لالتهاب أحد المفاصل أو عدد منها في بعض الحالات المرضية المسببة للألم، مثل الألم الليفي العضلي (fibromyalgia)، أن تجعل المسن يشعر بالتعب لأنه يتألم عندما يتحرك. لا تُصنَّف كل هذه الحالات أمراضًا خاصة بالعضلات، بما أن هذه الأخيرة لا تزال تعمل بشكل طبيعي. لكن بعضها يؤدي إلى الضعف، إذ يتسبب بضمور العضلات نتيجة عدم استخدامها.
تبدأ حركة العضلات بإشارة في الدماغ تنتقل عبر النخاع الشوكي والمسارات العصبية المحيطية إلى الرابط بين العصب والعضل (الموصل العصبي العضلي)، ما يؤدي إلى انقباض أنسجة العضل. ويمكن لأي خلل في هذه العملية أن يؤدي إلى ضعف العضلات.
يُعتبر تاريخك الطبي عاملاً مهمًّا في تحديد ما إذا كان أي مرض أو دواء يساهم في ضعف العضلات الذي تشعر به. وعلى طبيبك، بالاستناد إلى المعلومات التي يحصل عليها من الفحص الطبي الأولي، أخذ الأسباب المحتملة التالية في الاعتبار:
• مرض في الدماغ أو النخاع الشوكي:
يمكن للتعرض لسكتة أو أي اضطراب في الدماغ، مثل مرض باركنسون، أن يؤدي إلى شعور بالضعف أو صعوبة في تنسيق حركة العضلات أو بدئها. ويُعتبر التراجع المعرفي، الرعاش، تصلب العضلات، التشنج، أو ردود الفعل المفرطة إشارات إلى الإصابة بمرض في الدماغ أو النخاع الشوكي. يمكن للتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) أن يكشف ما إذا كان المريض قد تعرض لسكتة دماغية أو يعاني ورمًا أو بعض الحالات المسببة للالتهاب، مثل التصلب المتعدد. كذلك يستطيع الطبيب من خلال تصوير النخاع الشوكي بالرنين المغناطيسي تحديد أي مواضع ضغط ناجمة عن تبدلات تنكسية في النخاع، وبإمكانه أيضًا تشخيص الإصابة بأي أمراض تسبب الالتهاب. ومن الاحتمالات الأخرى التي يجب أخذها في الاعتبار التصلب العضلي الجانبي، الذي يسبب ضعفًا، ردود فعل غير طبيعية، وانقباضات عضلية.
• ضرر في الجهاز العصبي المحيطي:
يمكن لهذا الضرر أن يعرقل انتقال الإشارات العصبية عند مستوى جذور الأعصاب التي تخرج من النخاع الشوكي والأعصاب خارجه التي تنقل هذه الإشارات إلى الأطراف. فضلاً عن التعب، يمكن للتلف العصبي أن يؤدي إلى تراجع القدرة على الإحساس وانخفاض ردود الفعل وتوتر العضلات. كذلك من الممكن لأي ضرر في جذور الأعصاب أن يسبب ضعفًا وألمًا في هذه الجذور وتراجعًا في قدرتها على نقل الإشارات. تظهر أنواع كثيرة من اعتلال الأعصاب المحيطية من خلال تلف في الأعصاب الخاصة باليدين أو القدمين. وإن شك الطبيب في إصابتك بهذا النوع من الاعتلال، فستضطر إلى إجراء فحص دم بهدف تحديد المرض الفعلي، مثل الداء السكري، الأمراض الوراثية أو المسببة للالتهاب، والنواقص الغذائية.
• مشاكل في نقاط التقاء الأعصاب بالعضلات:
ينقل الدماغ النبأ العصبي إلى الوصلات العصبية العضلية. وفي هذه الوصلات، تفرز النهايات العصبية الناقل العصبي الأستيل كولين، الذي يعبر الوصلة ليحفز العضلات على الانقباض. تحدث أمراض الوصلات العصبية العضلية عندما يعاني المريض نقصًا في الرابط الكيماوي الطبيعي بين الأعصاب والعضلات. وتسبب هذه الأمراض (التي تشمل الوهن العضلي الوبيل myasthenia gravis ومتلازمة لامبرت-إيتون) ضعفًا يختلف باختلاف نشاط المجموعة المحددة من العضلات، إلا أنها لا تؤدي إلى تراجع القدرة على الإحساس.
• أمراض العضلات:
يمكن أن ينجم الضعف عن مرض يصيب العضلات دون الأعصاب. فيعاني المريض ألمًا في العضلات، إلا أنه لا يفقد القدرة على الإحساس، إلا إذا لحق التلف بالأعصاب. ومن هذه الأمراض تلك المسببة للالتهاب، مثل التهاب العضلات، التهاب العضلات والجلد، الاعتلال العضلي المشتملinclusion body myositis، الأمراض الوراثية، أو اضطرابات جهاز الغدد الصماء، ومن بينها أمراض الغدة الدرقية. كذلك قد يكون ضعف العضلات تأثيرًا جانبيًّا لدواء ما، مثل الستيرويدات القشرية وأدوية الستاتين التي تخفض مستوى الكولسترول في الدم.
• أمراض غير مشخَّصة:
يكون الضعف أحيانًا أحد عوارض مرض لا تدرك أنك تعاني منه. ومن الأمثلة على ذلك التهاب المفاصل الرثياني، الذئبة، الألم العضلي المتعدد الروماتيزمي، الأخماج، ومن بينها داء لاين، الداء السكري، نقص الفيتامين D، وعدم توازن الإلكتروليت.
ومن الأسباب كافة التي ذكرناها، يبقى الأكثر شيوعًا الافتقار إلى الياقة البدنية. فقد يخسر المريض الكتلة العضلية تدريجًا أو خلال فترة وجيزة من عدم النشاط، مثل الإقامة في المستشفى. ولكن من الجيد أن كل إنسان يستطيع ممارسة نوع من التمارين.
الدكتورة جنيفر تريسي، طبيبة أعصاب