0 تعليق
376 المشاهدات

كفيفة تجيد التفصيل وعمل الإكسسوارات وفاء سليمان‏:‏ تحركي بدون مساعدة كان أهم قرار في حياتي



واجهتها صعوبات عديدة خلال رحلة تعليمها‏,‏ لكن الملل لم يتسرب إليها‏,‏ وتمكنت من تخطي كافة العراقيل إلي أن أنهت تعليمها الجامعي‏,‏ وخطت خطوات جادة لإنهاء الماجستير‏.

ولكن وقف بينها وبين تكملته الروتين, فلم تيأس وبدأت عمل دراسات حرة ودورات عديدة في مجالات مختلفة أكسبتها مهارات إضافية, ووسط زحمة الدراسة ومشكلات الحياة رحلت والدتها, ثم لحق بها والدها بعد وقت قصير, ثم شقيقها.. ثلاث وفيات في الأسرة كانت كفيلة بقتلها معنويا, وخاصة حين وجدت نفسها وحيدة بعد سفر شقيقها الثاني للخارج, لكنها لم تسمح لإرادتها أن تنحني وسط هذه العواصف, وصنعت لنفسها حياة كاملة مستقرة في العمل والمنزل معا.. إنها وفاء سليمان, الفتاة التي جعلت من الظلام نورا.
تروي وفاء سليمان39 عامآ قصتها قائلة: ولدت كفيفة, عشت طفولة طبيعية جدا يملؤها الحب والرعاية والمرح, والدي كان يعي أهمية التعليم وتأثيره علي مجري حياتي لذلك قرر أن ألتحق بمدرسة المكفوفين بالقاهرة, ونظرا لأننا نعيش في محافظة الإسماعيلية رفضت والدتي حتي لا أبتعد عنها وقررا معا دخولي مدرسة ابتدائية للأسوياء, وكانت شقيقتي الكبري طالبة بها, فأصبحت أذهب معها كل يوم, ومن هنا جاء أول احتكاك لي بالمجتمع والشارع, وعندما وصلت للصف الثاني الابتدائي حدث أول شئ ضايقني في حياتي, وهو انتقالي إلي مدرسة النور للمكفوفين بالإسماعيلية, ففي المدرسة الأولي كنت مندمجة مع كل من حولي ولا أشعر بأني كيان مختلف يجب فصله عن المجتمع مثلما شعرت في مدرسة النور.
وتضيف: بعد الثانوية العامة اخترت كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية رغم حبي للغة العربية وسر اختياري أن غالبية المكفوفين كانوا يختارون دراسة اللغة العربية ويبعدون عن اللغات الأجنبية نظرا لصعوبتها نتيجة عدم توافر أجهزة ناطقة أو حاسب آلي لاب توب, ولكني حرصت علي متابعة المحاضرات وذلك ساعدني علي الاستيعاب, أما أكبر مشكلة كانت تواجهني فهي وقوع مسئولية ذهابي وعودتي من الجامعة علي عاتق والدتي مما جعلني أفاجئها ذات يوم بعودتي بصحبة بعض زملائي, في البداية رفضت, ولكن مع الوقت تقبلت الفكرة, وكان قرار خروجي بمفردي قرارا فارقا في حياتي.
وبعد التخرج عملت في مهن مختلفة مثل التجارة ومدرسة بالأجر حتي فزت في مسابقة خمسين ألف مدرس وتم تعييني في مدرسة النور التي تعلمت بها, ثم قمت بعمل دراسات عليا في البحوث الأسيوية قسم حضارات وتقدمت للحصول علي الماجستير, ولكن لم أتمكن بسبب صعوبة حصولي علي شهادة التويفل, ولكن شاء القدر بعدها أن أحصل علي شهادةToT في اللغة الانجليزية وعدة دورات تنمية بشرية مما جعلني أشعر أن ذلك أفادني أكثر وعوضني عن الحصول علي الماجستير.
وعن أصعب الفترات في حياتها تقول: حين توفيت والدتي وبعدها لحق بها والدي ثم أخي وفجأة وجدت نفسي وحيدة لسفر أخي الصغير لذلك قررت أن أعيش وحدي دون أن أعتمد علي أي شخص وأذلل كل العقبات التي تواجهني في حياتي وحتي لا أكون أسيرة للوحدة والملل جعلت حياتي مليئة بالأنشطة حيث أقمت مشغلا صغيرا لأني أجيد التفصيل وعمل الإكسسوارات,ومن هواياتي أيضا التمثيل وشاركت في عرض مسرحي تابع لوزارة الخارجية قدم في تونس, وهذه التجربة أضافت لي مهارة كيفية مواجهة الجمهور, وأيضا دراسة التنمية البشرية جعلتني أنظر للحياة دائما نظرة تفاؤل وأمل وعلمتني أن ما يحلم به الإنسان وينتظره سوف يأتي يوما ما طالما يسعي إليه, وعندما تواجهني مشكلة أبحث عن دورة تنمية بشرية جديدة أشارك بها كي تستقر حالتي النفسية وأتمكن من مواجهتها.
-وتكمل وفاء حديثها: كان أخي قبل أن يتوفي قد أسس جمعية المستقبل للمكفوفين بالإسماعيلية ولم يكن كفيفا, بل كان ضعيف البصر جدا, وبعد وفاته أصبحت سكرتير عام الجمعية وعضو مجلس ادارة, ونشاطها يرتكز علي تقديم أنشطة مختلفة رياضية, موسيقية, مسرحية, مشغل ومكتبة, ولأني من أنصار الدمج قررت أن تقبل الجمعية عضوية أي شخص وليس المكفوفين فقط فقد خلقنا في الحياة معا فكيف ننفصل؟ كما أشغل عضو المجلس القومي لشئون الإعاقة.
وعن إدارتها لشئون منزلها تقول: التحرك داخل المنزل يعتمد بالدرجة الأولي علي حاستي الشم واللمس معا, كنت أنزعج جدا من نظرة الناس لي كإنسانة لا تقوي علي خدمة نفسها, ولكني أثبت للجميع قدرتي علي إدارة شئون المنزل من تنظيف وطهي, وساعدني علي ذلك بصورة كبيرة التطور التكنولوجي الهائل الذي حدث خلال السنوات القليلة الماضية, ولأني أعيش بمفردي, أضع كل شيء في مكانه المخصص حتي لا أجهد نفسي في البحث عنه عند الحاجة له.
وأخير تتحدث وفاء عن أحلامها قائلة: أحلم أن أقدم برنامجا تليفزيونيا عن ذوي الإعاقة يتناول حياتهم العملية وكيف يتكيفون مع ظروفهم الخاصة, وأيضا أحلم أن أصبح مدربة تنمية بشرية, وحاليا أدرس دورة بعدها يتم اعتمادي كمدربة أحاضر للجمهور.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0