طرح وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الشيخ محمد العبدالله الاسبوع الماضي ملفا مهما، ومشكلة متراكمة على مدار سنوات على قيادات وزارة الصحة ومديري المناطق الصحية والمستشفيات يتمثل بحل مشكلة المرضى المقيمين في المستشفيات لمدد طويلة نتيجة رفض اهاليهم تسلمهم، او اصرارهم على البقاء لعدم وجود مكان خارج المستشفى يؤويهم، علما أن مدة إقامة البعض حسب احصائيات بعض المستشفيات وصلت الى 17 عاما، واعدادهم تتراوح في المستشفيات ما بين 50 و100 مريض تم التصريح لهم بالخروج، ولكن لم يخرجوا، ومعظمهم من المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، والاطفال. وتتمثل طبيعة المشكلة ببقاء هؤلاء المرضى في المستشفيات واقامتهم بها لفترة طويلة وذلك لرفض اهاليهم تسلمهم والتخلي عنهم، خاصة حالات كبار السن، والذين لا يعانون من اي مرض، لكن مرحلة الشيخوخة التي يمرون بها هي السبب الاساسي الذي أدى الى تخلي اهاليهم عنهم، علما أن اعذار الاهالي لتخليهم عنهم تتمثل ايضا بعدم وجود علاج لهم، وعدم وجود من يعتني بهم في المنازل، معتبرين وجودهم في المستشفى يكفي لتلقي العلاج اللازم والعناية، كأن المستشفيات اصبحت دورا للرعاية او دورا للأيتام، اذ ان بعض الذين يرمون اهاليهم في المستشفيات يخجلون ان يضعوهم في دور المسنين، اذ يفضلون أن يضعوهم في المستشفى، لكي تكون حجتهم علاجهم في المستشفيات، وليس رميهم بدور المسنين.
وحسب تقارير الاخصائيين الاجتماعيين في بعض المستشفيات، فبعض الاهالي يرمون ذويهم بالمستشفيات ويرفضون تسلمهم، لأغراض عديدة تتمثل في استغلال بعض الأهالي للمسنين بوضعهم في المستشفى والاستيلاء على منازلهم او رواتبهم من خلال اخذ توكيل منهم، حيث اكد بعض الاخصائيين أن اكثر الحالات التي عاينوها كانت كذلك، مما يجعل هذه القضية «مجتمعية»، وخطيرة، وانسانية من الدرجة الاولى، ويجب وضع حلول لها بأسرع وقت، علما أن ضرر إقامة المرضى لمدد طويلة ليس له اثر عليهم فحسب، بل على المرضى الاخرين الذين ينتظرون الحصول على اسرة بفارغ الصبر، ووجود هؤلاء المرضى مكانهم يحرمهم من تلقي الخدمة والعلاج في المستشفيات.
مصادر صحية رفيعة المستوى في وزارة الصحة اكدت على تشديد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير الصحة الشيخ محمد العبدالله على هذا الموضوع، مشيرة الى أن الوزارة ستخاطب جميع المناطق الصحية والمستشفيات بداية الاسبوع الحالي لتزويدها بآخر التقارير والاحصائيات للمرضى المقيمين في المستشفيات لمدة طويلة، حيث ستطلب الوزارة فئات المقيمين واعمارهم وجنسياتهم، واسباب مكوثهم في المستشفيات، وذلك لعزمها على وضع حلول سريعة للانتهاء من هذه المشكلة التي اعتبرتها المصادر «عويصة».
وذكرت المصادر أن وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله مهتم جدا بهذا الموضوع، وكلف قيادات الصحة ومدراء المناطق الصحية والمستشفيات بإعداد الخطط والمقترحات والحلول لعلاج هذه المشكلة بأسرع وقت، مبينة أن قيادات الوزارة سيعدون هذه الحلول خلال اسبوعين لحل هذه المشكلة التي لها تأثير خطير على متلقي الخدمة، وحرمانهم من الحصول عليها. ولفتت المصادر الى أن من بين الحلول المقترحة التنسيق مع وزارة الشؤون لتخصيص اماكن خاصة بهم ليقيموا فيها، ونقل من يحتاج الى رعاية تلطيفية الى مركز الرعاية التلطيفية في منطقة الصباح الطبية لتلقي الخدمة.
وأكدت المصادر على أن مديري المناطق الصحية والمستشفيات سيسلمون الإحصائيات والأرقام بخصوص عدد المقيمين من المرضى في المستشفيات لفترة طويلة بداية الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن هذه الإحصائيات ومعرفة اعدادهم ستساهم في رسم الخطط والحلول لمعالجة هذه المشكلة الخطيرة.
وحول هذا الموضوع، علق رئيس الخدمة الاجتماعية في مستشفى العدان فلاح العجمي قائلا: مشكلة إقامة المرضى لفترة طويلة في المستشفيات هي مشكلة خطيرة، ويعاني منها بعض المستشفيات، ومنها مستشفى العدان وتتمثل في مكوث المرضى المسنين والمعاقين من الأطفال في المستشفى لمدد طويلة، حيث وصلت مدة إقامة بعضهم من 13 إلى 17 سنة، وذلك لرفض أهاليهم تسلمهم طمعا في رواتبهم التي يتسلمها المسنون والمساعدات التي تقدم للمعاقين، مشيرا إلى أن المستشفى يضم 27 مسنا و25 معاقا أغلبهم من الكويتيين يمكثون في المستشفى منذ مدة طويلة لرفض الأهالي أخذهم. وقال: حالات مكوث من المرضى تسبب إعاقة للمستشفى، وذلك بسبب إهمال الأهل لمرضاهم ورفضهم لتسلمهم، والتخلي عنهم، خاصة كبار السن والذين لا يعانون من مرض بل هي مرحلة الشيخوخة التي تؤدي إلى ضعف الجسد لديهم، إذ نواجه العديد من الحالات لدينا في المستشفى من كبار السن يرقدون فيها بسبب رفض تسلم أهاليهم لهم، والتخلي عنهم، وذلك بحجج عديدة منها «انه ليس لديه علاج، ولا يوجد أحد يعتني به في المنزل»، وهذا غير صحيح، علما أننا اكتشفنا استغلال بعض الأهالي للمسنين بوضعهم في المستشفى والاستيلاء على منازلهم أو رواتبهم من خلال أخذ توكيل منهم، على الرغم من قيامنا في قسم الخدمة الاجتماعية بالمستشفى بالاتصال بالأهالي ونطلب منهم تسلم مرضاهم، ولكن لا حياة لمن تنادي، علما أننا نطلب منهم إحالتهم لدار المسنين، ولكنهم يرفضون ذلك بسبب نظرة المجتمع لهم والانتقادات التي توجه لهم. وأكد العجمي على أن أضرار مكوث المرضى فترة طويلة تتمثل في شغل سرير طبي لفترة طويلة، مما يحرم المرضى الآخرين من شغله، علما أن تكلفة علاج المريض في المستشفى من علاج ورسوم الغرفة والطعام والأدوية والممرضة وغيرها تصل إلى 160 دينارا في اليوم، ولذلك يجب أن يستفيد من الخدمة الطبية أكبر عدد ممكن من المرضى، علما أن الذين يرقدون في المستشفى ليسوا من الكويتيين فقط بل هناك وافدون أيضا من المسنين يرقدون في المستشفى لفترة طويلة، موضحا أنه في حالة الوافدين نقوم بالتنسيق مع صندوق إعانة المرضى الذي يقوم بدوره بتوفير سرير طبي للمريض وتذاكر سفر له وللممرضة من المستشفى والتي ترافقه لإيصاله إلى بلاده، ومن ثم إلى أقرب مستشفى في بلده، واصفا هذه الخدمة لـ الوافدين بـ«vip». وتابع: كما يقوم صندوق إعانة المرضى مشكورا بتوفير المساعدات الطبية من أطراف صناعية، وتوفير الرسوم اللازمة لإجراء العمليات وغيرها من المستلزمات، علما أن المسألة لم تنته عند المسنين، بل إن هناك أطفالا معاقين يولدون ويتخلى عنهم أهاليهم، ويرفضون تسلمهم، حيث إن لدينا مريضا وصل مكوثه في المستشفى منذ ولادته إلى أن وصل عمره إلى 13 سنة، وتم تحويله من جناح الأطفال إلى جناح الباطنية الرجال، على الرغم من أن أهاليهم يتسلمون مخصصات مالية عنهم من قبل الهيئة العامة للإعاقة، كما يرفضون أيضا إحالته إلى الشؤون بسبب التفكير في فقد المساعدات المادية التي يحصلون عليها من الهيئة العامة للإعاقة لوجود ابن معاق لديهم.
وعن الحلول لهذه المشكلة، فقد أشار العجمي إلى بعض الحلول المقترحة لحل هذه المشكلة ومنها وجود قرارات تلزم الأهالي بتسلم مرضاهم، سواء من المسنين أو غيرهم، حيث واجهنا مشاكل عديدة وصلت إلى أن المخافر ترفض تسلمهم لعدم وجود قضايا ضدهم، كما نطالب بزيادة الرسوم اليومية للغرفة الخاصة في حال توقيع الطبيب المعالج والطواقم الطبية وإدارة المستشفى على خروجه ولم يخرج، كما يجب تشريع قانون يربط وزارة الصحة بالتأمينات الاجتماعية، بحيث انه في حال استقرار حالة المريض المسن وبعد أن يسمح له بالخروج، يوقف صرف راتبه لحين خروجه من المستشفى، وذلك كي لا يتمكن بعض الأهالي من استغلال هذه الظروف التي تمر بالمسن، وهذا يجب أن يجري على المعاقين أيضا، علما أننا نهدف من هذا كله إلى وجود المريض في منزله بين أسرته وليس في المستشفى، لأن مكوثه في المستشفى لعدة سنوات إهمال من الأسرة التي ترفض بدورها تحويله إلى دار المسنين خوفا من النظرة الاجتماعية لهم، وبالنسبة للأطفال المعاقين فهم بين نارين، بين تسلم الأهالي لمساعدات الإعاقة، وبين تركهم في المستشفى دون تسلمهم، ورفض تحويلهم للشؤون خوفا من انقطاع المساعدات المادية.واختتم العجمي تصريحه قائلا: إن عدد المقيمين في مستشفى العدان بلغ ما يقارب الـ 50 مسنا وطفلا معاقا في المستشفى رفضوا أهاليهم تسلمهم.