[B]«آهات مكتومة من يسمعها، ومعاناة تتفاقم من يخففها، ومتاعب تعترض طريق ذوي العزم والإرادة، فمن يزيلها ويعينهم على الحياة وتحقيق الطموحات والآمال»؟
الصم والبكم ربما يكونون الأكثر معاناة من بين ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن العزلة الإجبارية هي قدرهم، لا بسبب الإعاقة وحسب، بل بسبب التهميش المتعمد، وعدم الاهتمام الكافي من الجهات المختصة بشؤونهم وقضاياهم، فضلا عن حرمانهم من التوظيف في كثير من جهات الدولة، وغياب الخطط الرامية لتأهيلهم للعمل والحياة.
الصمت لم يعتبر في يوم من الأيام ضعفا، أو عجزا عن أداء أو تعبير ما، بل هو لغة ربما تكون أبلغ من الكلام، فنظرات العيون ومشاعر القلب قد تكون أبلغ في توصيل الرسالة المطلوبة من دون استخدام عبارات وجمل معينة.
لكن هناك فئة من الناس تعتبر مشكلة الصم مشكله عويصة، ويصعب علاجها ودمج صاحبها في المجتمع، ومن ثم يتعرض الشخص من ذوي الإعاقة السمعية إلى عديد من المشكلات النفسية والتربوية والاجتماعية والسلوكية نتيجة فقدان حاسة السمع، حيث تمثل هذه الحاسة القناة الرئيسية التي تنتقل من خلالها الخبرات الحياتية المسموعة، كما أنها بمنزلة الحاسة الرئيسية التي يعتمد علـيها الفرد في تفاعلاته مع الآخرين أو مع ذاتـه، وحدوث الإعاقة السمعية من شأنه أن يحرم ذلك الفرد من الاستجابة للمثيرات الكلامية للآخرين التي تساعده على التعايش معهم.
مشاكل الصم والبكم في البلاد وهمومهم لا يمكن ان تتلخص في كلمات أو حتى صفحات، فالواقع أليم جدا، وما يعانونه كثير وأكبر من قدراتهم، وحول هذه الآلام قال خبير لغة الاشارة بدر الدوخي، بحكم تعاملي المستمر والمتواصل مع هذه الفئة كل ما استطيع قوله ان فئة الصم والبكم تحتاج إلى رعاية واهتمام اكبر خاصة من الناحية التعليمية.
قضية التعليم
وأضاف أن بعض معلمي مدارس التربية الخاصة ليسوا على كفاءة تامة، ومعرفتهم بلغة الاشارة محدودة جدا، فنجد الصم فئة قليلة التعليم، ليس لها أي حصيلة علمية او معلومات، حتى وإن كانت هذه المعلومات أساسية، وتمس صميم الحياة، فنجدهم يعملون طباعين او نجارين، كل ذلك بسبب القصور بالسلم التعليمي الخاص بتعليمهم، الذي لم ينصف هذه الفئة.
السلم التعليمي
وزاد بالقول لقد كان السلم التعليمي في السابق يبدأ من عمر سبع سنوات، ويتخرج الطالب من الابتدائي في 12 عاما، وهذا ما يخالف السلم التعليمي العادي. فالطالب الطبيعي يدخل المرحلة الابتدائية عندما يبلغ سبع سنوات، ويتخرج في عمر العاشرة، بذلك تصبح الحسبة 12 سنة على الطلبة الصم في التربية الخاصة.
ونقيس الموضوع ايضا على المرحلة المتوسطة، فالطالب بالتعليم العادي يدخل وعمره 11 سنة، ويتخرج ابن 15 سنة، فيستطيع دخول الثانوية، ويقضي حتى 18 سنة ليتوجه إلى التعليم الجامعي. بالمقابل الطالب الاصم يدخل المتوسطة، وهو ابن 13 سنة، ويتخرج ابن 18 سنة، ويطلق عليـها «التأهيل أمل»، فهل يعقل ان يدخل المرحلة الثانوية في هذا العمر؟
الدراسة
وأضاف الدوخي، يجب فتح الباب للخريجين من الصم للدراسة، فهم لديهم طموح كبير واحلام كثيرة مثل الأصحاء، مبينا ان الوعود كثيرة لكن لا حياة لمن تنادي، فيجب وضع مدرسة خاصة للصم في كل منطقة لتخفيف العبء من على مدارس التربية الخاصة، فالكثافة الطلابية في المدارس فائقة والمشاكل الكبرى هي تغيير وزراء التربية في اوقات قصيرة، ولا أحد فيهم يستطيع فهم او قياس حجم المشكلة.
خبيرة نفسية
أما خبيرة شؤون الإعاقات السمعية د. عبير شوشة، فتقول إن الإعاقة السمعية من العوامل ذات الانعكاسات السلبية على شخصية المعاق وقدرته على التكيف مع المجتمع، وبالتالي نظرته إلى نفسه، وقدراته على أساس معتقداته نحو إعاقاته، ومدى تأثيرها في حياته.
وأكدت أن المعاقين سمعيا أكثر عرضة للضغوط النفسية والقلق وانخفاض مفهوم الذات، بالإضافة إلى أنهم أكثر عرضة لنوبات الغضب، وذلك بفعل الصعوبات التي يواجهونها في التعبير عن مشاعرهم. ولقد اهتم العلماء بأهمية مفهوم الذات على النمو النفسي للفئات الخاصة، بما في ذلك الإعاقة السمعية، لكونه يمثل حجر الأساس في تكوين شخصياتهم، ومؤشرا بارزا على صحتهم النفسية.
حياة عملية
واضافت من هنا نجد أن عملية تحقيق النجاح للحياة العملية للمعاق والاتجاه لسد احتياجاته في سوق العمل، تعد من الأهداف الأساسية في حياته، والتي لا يتوقف سعيه نحوها مهما كانت الصعوبات التي تواجهه مادام لديه الدافع، وتوافرت في داخله بعض السمات الذاتية التي تدعمه لتحقيق ما يتمنى، نظرا لارتباط حاسة السمع بالاتصال من خلال الكلام المباشر بالآخرين، وبفقد وسيلة الاتصال لدى الشخص الأصم، فإنه يجد نفسه في عزلة عن مجتمعه وغير قادر على التفاعل والمشاركة لقضاء حاجاته ومتطلباته الخاصة.
عمل الأصم
كما اوضحت شوشة انهم يحاولون من خلال البحث استكشاف وعرض بعض الحلول في هذا الاتجاه، فمثلا يتم تعامل الشباب الاصم داخل المطاعم السياحية اثناء طهي المنتجات، يتم التعامل مع القلايات بنظام الاشارة الضوئية، بدلا من الاشارة الصوتية، حيث تحتوي القلايات على لوحات تحكم بكمبيوتر، حيث يتم تصنيع دوائر الكترونية تقوم بتحويل الاشارة الصوتية المحددة لزمن الطهي الى اشارة ضوئية، لتيسير العمل للشباب الاصم، بالاضافة لتمكنهم من الدمج بالشباب الاسوياء العاملين.
لغة الإشارة
وأضاف يتم تدريب الصم على التعامل مع الجمهور بالاشارة على لوحة مصورة لكيفية الاختيار من المنتجات، ومن هنا تهدف الدراسة وضع حد لمفهوم الاعاقة على الفرد والمجتمع، وتمكين المعاقين من الاندماج والمشاركة في سوق العمل، خارج إطار المحيط العائلي من خلال بناء مقياس تقدير الذات للعاملين في المطاعم السياحية.
الدمج مطلوب
وبدوره قال هشام عبد الحي رمضان مختص في دراسة شؤون الصم ان الهدف الأسمى لدمج المعاقين مع الاسوياء، صمم ليقابل الاحتياجات الفردية الخاصة بهم من حيث التكيف والأمن والتأهيل والعلاج للوصول إلى أقصى قدرة للمعاق ليتقبل ذاته، ويعتمد على نفسه ويندمج مع مجتمعه. واشار إلى أن الإعاقة حافز لمواجهة التحديات ومنطلق لاكتشاف القدرة الابتكارية، ويؤكد على أن كل شخص معاق تكون لدية القدرة على تحدي الإعاقة وتحويلها إلى مواطن قوة من خلال دور الأسرة والمجتمع في تهيئة البيئة الملائمة لتحقيق ذلك.
ركائز الثقة بالنفس
اكد خبراء الإعاقة السمعية ان سر نجاح المعاق في حياته العامة والخاصة وتكيفه بأسرع وقت مع وضعه يكمن في ما يلاقيه من مساندة اجتماعية في الوقت الملائم لحاجته لها، أي أنه يجد من يهتم بمشكلته ويدعمه مما يزيد من ثقته بنفسه وهذا يحقق له المزيد من النجاح.السلم التعليمي للصم
طالب خبراء في شؤون الإعاقة بتعديل السلم التعليمي للمعاقين سمعيا لصبح النظام 5 ـــ 4 ـــ 3 على والعمل على تعديل مناهجهم وايجاد حلول سريعة لقلة التحصيل الدراسي.[/B]