أولت دولة الكويت اهتماما كبيرا بالأيتام من خلال تشريعها للقوانين التي تكفل رعايتهم وحمايتهم وتأمين مستقبلهم ساعية إلى تنشئة جيل واع يدرك رسالته ومسؤوليته في بناء وطنه ويلتزم بمبادئ الحق والخير.
وحرصت البلاد أيضا على توفير كل سبل الراحة والحياة الكريمة للأيتام ووضعت اللوائح والقرارات والتجديدات وصيانة دور الحضانة من أجل توفير حياة كريمة لهم وتحفيزهم على صنع مستقبل واعد.
وبرز اهتمام الكويت المبكر بهذه الفئة حين أنشأ الأمير الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح (دار الأيتام) عام 1938 وكان أول مدير لها الشيخ عبدالله السالم الصباح في رسالة سامية عنوانها حياة كريمة لليتيم وأساس لمستقبل واعد.
وكان الهدف من هذه الدار يتمثل في المحافظة على أموال الأيتام وتنميتها واستثمارها بالطرق الشرعية والإشراف عليها والإنفاق على الأيتام وعلى من تلزم نفقته والدفاع عن تلك الأموال أمام المحاكم حتى يبلغ اليتيم السن القانونية وقد وصل عدد الذين احتضنتهم الدار آنذاك إلى 100 يتيم.
وسعت الحكومة عام 1955 إلى إيجاد نظام لحماية الأطفال مجهولي الأبوين عن طريق إيجاد أسر تحتضن هذه الفئة وترعى شؤونهم إيمانا منها بأن الأسرة هي البيئة الطبيعية الصالحة لتنشئة الأطفال.
وخطت الكويت وقبل استقلالها خطوات رائدة في مجال رعاية الأيتام ففي عام 1966 افتتحت أول دار لرعاية الطفولة.
وجاء الدستور عام 1962 ليفرض على الدولة التزاما واجب التنفيذ حيال الأطفال والناشئة حين نص في المادتين 9 و 10 على أحكام تطالب برعاية الأطفال والناشئة وحمايتهم وإعطائهم اهتماما خاصا.
وشهد عام 1972 إنشاء أول بيت لضيافة الفتيان يختص برعاية وإيواء أبناء “دار الطفولة” الذين تجاوزا سن العاشرة تمهيدا لإعدادهم لمواجهة الحياة كمواطنين صالحين في المجتمع ثم انتشرت هذه البيوت إلى أن وصل عددها حتى عام 1996 إلى 6 بيوت تضم 85 نزيلا.
وصدر عام 1977 مرسوم بالقانون رقم (82) في شأن الحضانة العائلية والذي وجدت فيه وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل القاعدة الشرعية والتشريعية التي تستند إليها في رسم سياستها وتقديم خدماتها المتعلقة باحتضان الطفل.
وفي العام نفسه الذي صدر فيه قانون الحضانة أنشئ أول بيت لضيافة الفتيات وقد خصص لبنات (دار الطفولة) اللواتي يعملن وقد بلغ عدد نزيلات الدار حتى نهاية عام 1996 ثماني حالات فقط.
وعلى المستوى المؤسسي فإن (دار الطفولة) تعد مؤسسة اجتماعية تتبع نظام الإيواء الكامل لأطفال الأسر المتصدعة وغيرهم من الأيتام وأولتها الجهة الحكومية المشرفة عناية واهتماما كبيرين وقد بلغ وصل الأطفال الذين احتضنتهم حتى نهاية عام 1955 إلى 103 أطفال.
وينبع اهتمام الكويت برعاية الأحداث من منظور سياستها الاجتماعية ومسؤوليتها في وقايتهم من الانحراف وعلاج مشكلاتهم في سن مبكرة ورعاية المنحرفين منهم.
وانطلاقا من هذا الأساس تم تأسيس (دار التربية للشباب وإصلاح الأحداث) عام 1956 تحت إشراف وزارة الداخلية وكان الهدف من إنشائها حماية الصغار من التشرد والضياع. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الكويت في هذا الجانب إنشاء نيابة ومحكمة متخصصة في قضايا الأحداث وتشكيل هيئة لرعاية الأحداث تضم في صفوفها المتخصصين والخبراء في المجالات القضائية والدينية والنفسية والاجتماعية وغيرهم من المهتمين بشؤون الاحداث وبلغ عدد المستفيدين من هذه المراكز حتى نهاية عام 1996 (529) حالة بينها 18 حالة من الإناث.
وجاء إنشاء (دار الحضانة العائلية) عام 1993 بهدف التركيز على التنشئة الوطنية وتقديم الخدمات والرعاية لهذه الفئة التي تحظى باهتمام الدولة تماشيا مع ديننا الإسلامي الحنيف وتوافقا مع المعايير الدولية.
وتضم (دار الحضانة العائلية) حاليا 601 ابن وابنة بينما بلغ عدد الأسر الصديقة التي تستضيف أحد أبناء الحضانة 19 أسرة ووصل عدد الأبناء المستفيدين إلى 26 شخصا تتراوح أعمارهم بين 6 و 16 عاما.
ومن بين المشاريع التي أنجزتها الدولة في هذا الصدد مشروع (الأم البديلة) الذي نفذ عام 2014 ويستند إلى تكليف أم واحدة متفرغة لرعاية عدد ثابت من الأطفال في قسم أو مبنى خاص داخل مبنى دار الأيتام وتم اختيار الأمهات وفق شروط محددة من حيث السن والخبرة الشخصية.
وما يميز هذا المشروع أنه يحد من مشكلة الوجوه المتعددة المتعاقبة على الأبناء يوميا في مختلف فترات الدوام ويعالج التضارب والازدواجية في تلقي التوجيهات من عدة مشرفات تتفاوت كل منهن في المستويات التعليمية والخبرات.
وساهمت عملية احتضان الأيتام في دمج هؤلاء في المجتمع وتعويضهم ما فقدوه من رعاية أسرية فأبناء هذه الفئة يحظون بالرعاية المتكاملة منذ الولادة وحتى بلوغ السن القانوني فضلا عن تقديم ما يحتاجون إليه مدى الحياة.
وثبت من خلال دراسات تتبعية أن الطفل اليتيم المحتضن يحظى بحياة أقرب ما تكون الى الحياة في أسرته الطبيعية وهذا ينبع من اشباع الحاجات النفسية وغيرها من العمليات الاجتماعية والتربوية التي لا تتم إلا في محيط الأسرة.
المصدر : جريدة الراى العام