يستقبل المكفوفين رمضان بالإستعداد للروحانية ، والتواصل مع فضائل الشهر بقراءة القرآن وتدبر آياته والاستزادة بعلوم الدين والدنيا عن طريق لغة “برايل” التي تعين الكفيف وتقربه من المحيطين به.
وقد أجمعت عدد من أسر المكفوفين في لقاءات أجرتها “الشرق” أنّ المكفوفين يعيشون الشهر الفضيل كبقية الأفراد ، وهم يستقبلون الشهر كالأشخاص الطبيعيين ، وأنّ الأنشطة والبرامج التي تقدمها الدولة لهذه الشريحة تسهم وبشكل كبير في دمجهم مع أقرانهم ، فالبعض يتواصل بلغة الكفيف “برايل” وآخرون لديهم بقايا بصر يطلون منها على عالمهم المحيط بهم.
وقالت السيدة منى بشير أم إيثار ، التي تدرس ابنتها بمعهد النور للمكفوفين : إنّ استقبال ابنتها للشهر كأيّ فرد في المجتمع ، ينتظر رمضان بشوق ولهفة للاستزادة من علومه وروحانيته ، فابنتي لديها بقايا نظر تتواصل من خلالها على علوم رمضان وفضائله ، وهي كعادتها منذ صغرها تنتظر الشهر بفارغ الصبر وتتفاعل مع برامجه وأنشطته كأيّ إنسان.
وأضافت أنّ ابنتها إيثار تتابع كل برامج رمضان ودروس التوعية الدينية والمحاضرات وتقرأ بطريقة برايل على الرغم من أنّ لديها بقايا نظر إلا أنها تحرص على الاستزادة من الكتب وتستعير من المكتبة كتب التفاسير القرآنية وتحرص على زيارة المسجد لأداء صلوات التراويح.
وأكدت أنّ الرعاية الاجتماعية والدعم المقدم من الدولة لذوي الاحتياجات الخاصة وتحديداً المعاقين يفوق الوصف ، فأنا لم أشهده في أيّ دولة أخرى ، وأنه يقدم لهم خدمات علاجية وتأهيلية وتدريبية ومتابعة فعلية لكل حالة على حدة ، وهذا عمل على زيادة دمجهم وتواصلهم بشكل إيجابي في المجتمع.
وحثت الأمهات على الأخذ بأيدي أبنائهنّ إذا كانوا من ذوي الإعاقة وأن الرعاية المبكرة والخدمات الصحية المتوافرة تعمل على تقدم الحالة العلاجية للكفيف أو المعاق ، مبينة ً أنّ التدخل العلاجي المبكر له أثر كبير في الوصول بالحالة إلى السلامة الصحية.
ومن جهتها قالت إحدى الأمهات ولديها طفل كفيف : إنني أمهد لطفلي قدوم الشهر بالتحدث عن رمضان وطبيعته وفضائله ودوره في حياة المسلمين ، وأحاول الأخذ بيده ليتواصل من خلال التلفزة والبرامج المجتمعية في متابعة الأحاديث والفقرات الإرشادية التي تتحدث عن رمضان.
وأكدت أنّ الدور الكبير الذي يبذله معهد النور للمكفوفين في تنظيم برامج وفعاليات رمضانية وزيارات لهم له أبلغ الأثر في إدماجهم في المجتمع ، مبينة ً أنّ دور الأسر في هذه الحالة هو أن يكونوا أفراداً متطوعين ومتعاونين من أجل أبنائهم ، فالأسرة ليست للتربية فقط إنما هناك دور أكبر وهو التطوع لخدمة هذه الشريحة.
وذكرت أنّ اللقاءات الأسرية تضفي أجواء حميمية تنقل الكفيف من حياة العزلة أو الانطوائية إلى التواصل بفعالية ، ويقع على الأسرة حث ابنها أو ابنتها على أداء الصلاة الجماعية ، وزيارة المسجد ومرافقة والده للصلاة بالمسجد ، وعندما ينتصف الشهر يتواصل الكفيف مع برامج المجتمع التي تحتفل بليلة النصف “الكرنكعوه” وهذا يزيد من إدماجهم بصورة أكبر.
وذكرت أنّ برامج المؤسسات المجتمعية تبتكر فقرات جديدة لدمج شريحة المكفوفين في المجتمع ، وذلك بابتكار مشغولات يدوية من أدوات الزينة والإهداءات التي تقدم في ليلة النصف من الشهر ،
أو تنفيذ زيارات ميدانية لمراكز صيفية أو مؤسسات أو الخروج في احتفالات المؤسسات والخيام الرمضانية ، مما يعطي الكفيف إحساساً بالتواجد والحضور والمشاركة مع غيره ، وهذا يزيد من تفاعله مع محيطه الاجتماعي والبيئي فلا يشعر بالاختلاف عن الآخرين.
وأشارت إلى أنّ المدرسة والمعلمين والمشرفين والأخصائيين لهم دور كبير في ترك بصمة في حياة الطفل الكفيف ، إضافة ً إلى رعاية ودعم الدولة لهذه الشريحة التي وصفتها بأنها أكثر من مميزة ورائعة ولا يوجد لها مثيل في مجتمعات أخرى.