الخامس عشر من أكتوبر هو اليوم العالمي للعصا البيضاء. بتعبير آخر إنه يوم المكفوفين العالمي، والعصا البيضاء هي العلامة المميزة.. وهي المفترض أن يعتمد عليها فاقد البصر (وأحيانا ضعيف البصر) في تنقلاته.
إن اعلان هذا اليوم العالمي يشكل اعترافا من المجتمع الدولي بضرورة التوعية بقضايا المعاقين بصريا. ولا شك في أن العصا البيضاء هي رمز لاستقلاليتهم وتعطيهم القدرة على الحركة وتمنحهم العناية والثقة بالنفس. كيف لا، وحمل العصا يساعد على معرفة تضاريس الأرض التي يمرون بها، وتحديد مسار السير والمنحنيات وعرض الطريق واتساعه وتتبع الأرصفة، مما يسمح بتفادي الاصطدام بعقبات..؟! أجل، هذه العصا، وهذا التصرف هما حق من حقوق المكفوفين يتيح لهم الخروج وحدهم إلى الأماكن العامة والمؤسسات، باستقلالية نسبية.
في العديد من الدول يتحرّك الكفيف ذهابا «وإيابا» من دون خادم أو مرافق.. أما في الكويت فلا نجد استخداما للعصا، أو توعية بأهميتها. الأمر يحتاج نوعا خاصا من التدريب على أيدي اختصاصيين في جوانب عدة.
عندما يتنقل الكفيف مستعينا بالعصا فهذا يسهّل على الناس مساعدته وتوضيح باقي معالم الطريق أمامه. ففي الكويت حتى لو تدرب الكفيف على هذه «الخدمة» فأين سيستخدمها؟ فلا شوارعنا مهيأة له، ولا المجتمع لديه الوعي الكافي لمساعدة مستخدم هذه العصا. فلا بد من تخطيط الشوارع بتجهيزها لهذه الخدمة، وكذلك بالنسبة الى المجمعات والمرافق والمؤسسات، وهو غير متوافر حاليا».. ولا بد من تبني هذه البرامج في أي مشروع.
والاحتفال باليوم العالمي لا بد أن يدفعنا إلى بدء اعتماد هذه البرامج التسهيلية. مع العلم بأن دولا خليجية عندها احتفال باليوم العالمي للعصا البيضاء؛ ليس لمجرد إقامة المراسم، وإنما أيضا لشروع الدولة في كل سنة بتحقيق إنجاز محدد، أو إطلاق نوع من التوعية، بمعنى آخر، يقام سنويا احتفال مرفق بإنجازات، هي عبارة عن مشروع محدد أو أكثر.. ويوم الكفيف يتيح المجال أمام الجمهور الواسع للتعرف إلى هموم هذه الفئة ومشاكلها ومعاناتها.
ولا ننسى أن هذا الاهتمام يشجع الكفيف على الاعتماد على النفس، واستخدام العصا يمنحه حرية الحركة، من دون مشاعر الشفقة غير المجدية. فعندما يتنقل فإنه يعتمد أيضا على وعي الناس لمعاونته عند الضرورة، بمجرد رؤيته من خلال «مشهد» العصا البيضاء.
المطلوب إجراء دورات توعية من جانب المؤسسات المعنية، حول كيفية التعامل مع الكفيف في القطاعين العام والخاص، حفاظا على سلامته، ولتوعية الناس بوضعه وقدراته واحتياجاته.
في هذا السياق، لا بد من وجود أماكن لفحوص متخصصة في عيادات العيون لكل من يعاني ضعفا شديدا في البصر، وتسهيل إجراء العمليات الجراحية. وهناك، في الواقع، مشاكل ناجمة عن إهمال في أمراض العيون، وبحيث لا يجري الحؤول دون فقدان البصر في حالات عدة.
ينبغي إيجاد «توعية طبية» في هذا المضمار، وفي مجال آخر، يجب وضع مواد قانونية صريحة في أنظمة ولوائح المرور، وتدريس إشارات العصا البيضاء في دروس تعليم القيادة، وتأهيل رجال الأمن، وترسيخ قيم احترام الكفيف لدى الرأي العام، ونوع من الثقافة المرورية في الجوانب المتعلقة بالسلامة المرورية للمكفوفين.. فهم جزء من المجتمع وقادرون على خدمته.
فقد أعدت إدارة الشرطة المجتمعية في قطر كتيبا «إرشاديا» للعلامات المرورية بطريقة برايل، في إطار شراكة فاعلة مع مختلف فئات المجتمع، وأطلقت الإدارة العامة للمرور في دبي أيضا كتيباً لتعريف المكفوفين بالخدمات المرورية بطريقة برايل.