إن دمج الطلاب من فئة ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام يشكل ضرورة اجتماعية ملحّة لأن المدرسة هي البيئة الثانية بعد الأسرة للفرد ولها دور كبير في تشكيل شخصياتهم وميولهم وتنمية مواهبهم، فلذلك عندما تتشكل جميع هذه العناصر بصورة مناسبة تؤهل هذه الفئة لتنمو بصورة صحيحة وتكون منتجة بدلا من أن تكون عبئا على الدولة.
أولت الكويت أهمية خاصة لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم العام. فقد بدأت الكويت في دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة المكفوفين بصريا في الكتاتيب عام 1943/1944م في المدرسة المباركية والتي كانت مقتصرة في ذلك الوقت على تعليم القرآن الكريم والتجويد.
وعند افتتاح المعهد الديني عام 1948م التحق المكفوفون بالدراسة النظامية مع الطلبة في التعليم العام وشكلوا الأغلبية حيث كان إجمالي عدد الطلبة سبعة طلاب منهم أربعة مكفوفون، ثم قامت الكويت بتجربة الدمج لضعاف السمع عام 1993/1994م وذلك في مدرسة محمد الشايجي الابتدائية للبنين وكان من أهم نتائج هذه التجربة ان تفوق طالب من طلاب ضعاف السمع وحصل على المركز الأول.
وعليه فإن الكويت تعتبر من الدول الرائدة في مجال رعاية فئة ذوي الاحتياجات الخاصة حيث قامت بإصدار القانون رقم 49 لسنة 1996م بشأن رعاية المعاقين وأنشأت هيئة مستقلة تسمى المجلس الأعلى لشؤون المعاقين ثم استبدلت بالهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة بموجب القانون رقم 8/2010م وجعلها تحت اشراف النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ومنحها الاختصاص بالقيام بجميع الأعمال والمهام الكفيلة برعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع.
تعددت الدراسات التي تناولت دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في مدارس التعليم العام وقد ركزت كل دراسة للبحث في مجال معين في الدمج التعليمي فعلي سبيل المثال لا الحصر دراسة «ناصر الموسى وآخرون، 2006» ودراسة «لنداسادي، 2007» التي سعت للتعرف على فعالية التعليم بنظام الدمج في التعليم العام والكشف عن الصعوبات التي واجهت التطبيق وتقييم الهدف الرئيسي من الدمج وذلك من خلال التعرف على ما يلي: واقع برامج الدمج في المدارس المدمجة، تأثير البيئة التعليمية على كل من التحصيل الدراسي والسلوك التكيفي ومفهوم الذات، اتجاهات العاملين في التعليم العام والتربية الخاصة نحو الدمج التعليمي، اتجاهات طلاب التعليم العام والطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة وأولياء أمورهم، الآثار الإيجابية والسلبية المترتبة على الدمج في التعليم العام.
وقد خلصت النتائج الى أن واقع برامج الدمج في مدارس التعليم العام من حيث المستلزمات المكانية والتجهيزات والكوادر البشرية مناسب ويمكن الاستفادة منه بدرجة كبيرة وأن تأثير البيئة التعليمية «الاندماجية» على التحصيل الدراسي لفئة طلاب التعليم العام وفئة طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة كان له تأثير إيجابي وقد أدى إلى رفع مستوى التحصيل للفئتين، إضافة الى أن فئة طلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بدأوا يشعرون بالانتماء والقبول وعدم التمييز من فئة طلاب التعليم العام والهيئة التعليمية وأولياء الأمور
وكون أن الطلاب من الفئتين في مبنى دراسي واحد زاد من التفاعل في المجال التعليمي والاجتماعي بالإضافة إلى وجود فرصة للطلاب لمساعدة أقرانهم من الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، والذي بدوره يؤدي الى إنتاج أفراد يملكون الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية نحو الآخرين.
كما أن التعليم القائم على دمج الفئتين سيزيد من عطاء العاملين المتخصصين داخل المؤسسة التعليمية.
ويتضح من خلال الاطلاع على تجارب بعض الدول أن تطبيق الدمج في التعليم العام للفئتين يحقق التوازن في المجتمع وذلك من خلال الإيمان بالمساواة والعدل على اساس أن التعليم حق لكل مواطن ولا يقتصر على فئة الأصحاء وإنما يتسع ليشمل الجميع دون تمييز.
وقد تفاوت نجاح تلك الدول في تطبيق الدمج في التعليم العام حسب استراتيجية التنمية المهنية المتبعة، حيث إن أهم عنصر لإنجاح الدمج هو تطبيق وزارة التربية لإستراتيجية برامج التطوير المهني أثناء الخدمة لمديري جميع مدارس التعليم العام بما يؤهلهم لتولي مهام إدارة تلك المدارس التي قد يتم دمج فئة الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة بها، وهذا يطرح سؤالا مهما عن أثر استراتيجيات التنمية المهنية التي طبقت خلال السنوات الثلاثة الماضية في الكويت حسب معايير الأمم المتحدة والتي تمت مواءمتها مع المجتمع الكويتي.
(يتبع).
@drzainbalhasawi