طبيب عربي يعمل في الكويت منذ فترة طويلة، حيث شهد على موجات التطور والتغيير في هذا البلد الطيب من حياة الشظف وقسوة الظروف إلى النهضة والتحول إلى رغد العيش. ولد في مدينة نابلس الفلسطينية عام 1939 حيث كان يعمل والده مدرسا في مدرسة ثانوية بطولكرم. حضر إلى الكويت في العام 1963 حيث عمل كطبيب عام في مستشفى الصباح براتب 180 دينارا كان يرسل منها 100 لأسرته، ثم تنقل بعد ذلك للعمل في عدة أماكن. يحدثنا خلال هذا اللقاء عن مسيرته التعليمية وكيف بدأ مسيرته الدراسية بالالتحاق بالصف الثاني الابتدائي بعد رفض قبوله في الصف الأول، وعن اهتماماته أثناء الدراسة وكيف درس الثانوية العامة في منطقة الفجالة بالقاهرة ويذكر لنا موقفا طريفا حدث له أثناء هذه المرحلة، فما تفاصيل هذا الموقف؟يتطرق إلى التحاقه بطب القاهرة بناء على رغبة والده ثم مجيئه إلى الكويت للعمل في وزارة الصحة ويذكر عدة مواقف تم تحويله فيها للتحقيق، وكيف تمت ترقيته استثنائيا. كل هذا وغيره تتضح تفاصيله من خلال السطور التالية:في البداية يتحدث د.بسام محمد سعيد قصراوي عن مولده وبداياته الأولى حيث يقول: ولدت في مدينة نابلس في فلسطين عام 1939 والدي كان يعمل مدرسا في مدرسة ثانوية في طولكرم، ولأن الولد الاول توفي في طولكرم فنقلوا الوالدة الى مدينة نابلس لوجود خدمات طبية اكثر تقدما بذلك الوقت، وهناك ولدت أو عشت في طولكرم مكان سكن العائلة، وطولكرم مدينة صغيرة على سفح جبل وأمامها ساحل يمتد عشرين كيلو وهي على تل وعلى جبل امامها الساحل الفلسطيني وفيها المدرسة الثانوية الفاضلية وتعلمت فيها.
الدراسة والتعليم
وعن مساره التعليمي وأيام الدراسة يقول د.قصراوي: بدأ تعليمي من الثاني ابتدائي وكان عمري خمس سنوات ونصف والقانون يمنع التعليم بذلك العمر الا ان يكون عمر الطالب ست سنوات كنت اقرأ وأكتب وكان الوالد هو معلمي الاول فالمدرسة بداية رفضوا تسجيلي في الاول الابتدائي فقال الوالد «اقبلوه في الثاني ابتدائي» فتمت الموافقة بعد الامتحان للاول ابتدائي وثاني ابتدائي ونجحت فسجلت في الصف الثاني الابتدائي واستمر تعليمي في مدينة طولكرم حتى الثانوية العامة.
واما مراحل التعليم فسبع سنوات ابتدائي واربع سنوات ثانوي المجموع احدى عشرة سنة التعليم للطالب، انهيت الثانوية العامة ولكن عندما سافرت الى القاهرة التحقت بالثانوية العامة لكي اكمل الثانوية العامة فصار تعليمي اثنتي عشرة سنة.
واما الانشطة التي مارستها في التعليم فاذكر ان الوالد رحمه الله ضد الرياضة لانها تشغل الطالب عن الدراسة، الوالد علمني الا اكتفي بالدروس التي اتعلمها بالفصل وكان عندنا في البيت كتاب المعلقات وكتاب نهاية الارب، وكان الوالد عنده مجموعة كبيرة من الكتب، الوالد كان مدرس مادة الفيزياء في الثانوية فكان يراسل المكتبات في انجلترا ويشتري الكتب بالمراسلة، وكان مهتما اهتماما كبيرا بالعلم فالوالد وضع في انفسنا حب العلم وبعد سنوات صارت عندي اخت اسمها تغريد وكانت مجتهدة ومحبة للعلم وكانت الاولى على الثانوية العامة، اما اختي الثانية فدرست الطب وكانت الثانية على دفعتها.
الوالد رسخ في انفسنا العلم وحب الدراسة ومن الانشطة كنت اكتب الشعر ومرحلة وانتهت كان لي اهتمام كبير بالرياضيات والعلوم بشكل اساسي واما التاريخ فيهمني بمعرفة اصولنا وحضارتنا وتاريخ البشرية، وكان عندي رغبة في دراسة الاديان، واذكر ونحن صغار كان منتشرا عندنا التيار الديني مثل حزب التحرير، بدأت بدراسة وقراءة القرآن الكريم مع شرح الآيات ومعانيها، الدراسة اوقفتني فترة ولكن رجعت مرة ثانية اهتم بدراسة القرآن الكريم وتعمقت في الدراسة منذ المرحلة المتوسطة والثانوية.
ارجع لمرحلة التعليم واذكر الاستاذ وهيب البيطار ناظر المدرسة الثانوية كان بالاصل من مدينة نابلس منتدبا مع اربعة مدرسين للمدرسة الثانوية الفاضلية في طولكرم.
الرحلة من طولكرم إلى القاهرة
كان السفر من طولكرم الى القدس بالسيارة، وكان الوالد والوالدة وأفراد العائلة والوالدة رحمهما الله جهزت الأكل قليل من الجبنة والزعتر من مطار القدس الى مطار القاهرة وفيها ثلاثون راكبا، وصلت القاهرة، التعليم على نفقة الوالد رحمه الله، كنت من الاوائل في الثانوية وكان هناك من يريد إكمال تعليمه على الدولة وهو أن يعمل مدرسا، وكذلك من شروط الدراسة للطب العمل ضعف السنوات.
لذلك الوالد أرسلني على نفقته وقد سبقني أحد أقرباء الوالد يدرس في الازهر الشريف وهو الذي استقبلني واستضافني لمدة أسبوعين حتى استأجرت عند إحدى العائلات، وذلك العام الدراسي 1955 – 1956 وبعد سنة واحدة حتى أكملت مرحلة الدراسة الثانوية.
درست في المدرسة الثانوية النهارية في منطقة بالفجالة، وكان معي ستة طلاب فلسطينيين، والناظر هو مالك المدرسة، وعندما يدخل المدرسة الجميع يقف له حتى يصل مكتبه، واحد من الطلبة الفلسطينيين قال يا جماعة الزلمة وصل سمعنا أحد المدرسين وصار يصرخ فينا أنتم تقولون عن حضرة الناظر زلمة وشتمنا وحققوا معنا وكان ترتيبي من الاوائل والنسبة 94%.
كلية الطب في القاهرة
بعد الانتهاء من الثانوية التحق ضيفنا بكلية الطب بجامعة القاهرة، وعن ذلك يقول:
التحقت بكلية طب القاهرة وسكنت في القسم الداخلي التابع للجامعة والمباني كبيرة داخل الجامعة العام الدراسي 1956 – 1957 أول سنة إعدادي ومن ينهي بدرجة عالية يلتحق بالطب، والجامعة تضم أعدادا كبيرة ومن جنسيات عدة، التحقت بكلية الطب وكنت أحب الرياضيات والعلوم، والدي كان يحترم الطب وبفكره وهو رجل متعلم سواء العمل بالطب أو أن الطبيب يحصل على راتب أكبر، قبل دخولي الى كلية الطب قلت للوالد لا أريد أن أدخل كلية الطب أريد أن أتخصص بالرياضيات، وقبل ذلك كنت أريد أن أدرس هندسة قال الوالد أنت رايح بعثة دراسية على نفقتي إذا تريد أن تدرس هندسة اذهب وادرس على حسابك.
كان عمري ست عشرة سنة ما عندي فلوس، فرحت الى كلية الطب، وأول شهرين لم أداوم، داومت بالهندسة، فذهبت الى دراسة الطب وفي أول كورس حصلت على معدل جيد وبعد ذلك الى ان تخرجت أحصل على معدل ما بين جيد وممتاز وبعد ست سنوات جيد جدا مع مرتبة الشرف وسنة الامتياز في مصر براتب وحصلت على بكالوريوس طب عام، وبعدها حضرت الى الكويت.
الحضور إلى الكويت
يتطرق بعد ذلك قصراوي الى الحضور الى الكويت والعمل فيها، حيث يقول:
سبب حضوري الى الكويت كان بالأول اني لا أريد أن أرجع الى الأردن، حيث تقيم عائلتي، لكن زميلي كان عنده الرغبة في الحضور الى الكويت قال ان الراتب في الأردن مائة وعشرين دينارا، لكن الراتب في الكويت مائة وثمانين دينارا، هذا كان راتب الطبيب فقبلت أن أحضر الى الكويت وقلت لمدة سنتين أجمع الراتب وأكمل دراستي، وحضرت الى الكويت مع صديقي وسكنت عند المرحوم عبداللطيف الصالح وهو أحد أقربائي، كان ناظر مدرسة الشامية وزوجته ناظرة مدرسة أسماء في الشامية، اسمها شريفة الصالح.
العمل طبيبا في العديلية
ويكمل عن قدومه وعمله في الكويت قائلا: وصلت الى الكويت مع صديقي وقدمنا نحن الاثنين طلبا الى وزارة الصحة العامة وموقعها بالشرق وكان وكيل الوزارة يوسف الحجي وذلك عام 1963 وبرجس حمود البرجس مساعدا له، قبلت طبيبا عاما وعينت في مستشفى الصباح ولفترة قصيرة وبعدها نقلت الى مستوصف العضيلية مؤقتا ولكن لمدة سنوات وكان شفيق قصراوي ولد عمي يوصلني الى المستوصف وبعد ذلك دبرت اموري وتعلمت قيادة السيارة واشتريت سيارة وكان راتبي مائة وثمانين دينارا منها مائة دينار ارسلها للاسرة لسداد ديون وكان الوالد يصرف منه لتعليم شقيقتي ولفترة شهور وثمانين دينارا قسط سيارة ومصرف وايجار وكان سعر السيارة ستمائة دينار، اول يوم دخلت الى مستوصف العضيلية والطرق صعبة من الفروانية والمستوصف عبارة عن بيت عربي، وكنت طبيبا للنساء كن يجلسن على الارض وبأعداد كبيرة والدوام فترة صباحية ومسائية وكنت افحص بدقة وكانت النساء خجولات جدا كنت اواجه صعوبة بفحص اللوز وكان عدد الاطباء اربعة على الدوامين واعداد المرضى كبيرة وبعد خمسة ايام وصلني امر ان اذهب الى الوزارة للتحقيق وقابلت د.احمد الدجاني وقال: عليك شكوى من أمين المستوصف ومن رئيس الاطباء ومن مخفر العديلية فقال: المرضى عددهم كبير وانت تفحص ثلاثين مريضا وتخرج، وعليك ان تفحصهم جميعا فقلت: عدد المرضى ستمائة مريض من افحص ومن اترك وقلت له انا افحص المريض بدقة واكثر من ثلاثين مريضا لا استطيع ان افحص قال: المهم عندنا ان تفحص جميع المرضى، فحصت مائتين وخمسين مريضا اتصلت بالطبيب الذي اشتكى عليه فقال انا فحصت ستمائة مريض في اليوم، انت فرحان قابلت د.احمد الدجاني مرة ثانية وقلت له انقلني فرفض وقلت له اليوم حضر عندي مريض عنده «مرض السل» الرئوي واعطيته دواء الكحة، فقال: ليش؟ الا تعرف ان في الكويت مستشفى للامراض الصدرية؟ قلت «اعرف» و«ما تعرف انه يوجد علاج للسل؟»، فقلت «اعرفه» فقال «لماذا لم تعمل له شيئا؟» فقلت لانني لم افحصه اذ كان العدد كبيرا والجميع يشكو من البرد والكحة يمكن بين تلك الاعداد اربعة مصابون بمرض السل لا اعرف بسبب الاعداد الكبيرة التي افحصها فقلت له: ضع السماعة بالدرج واقفله بالمفتاح احسن من ان واحدا يقول افحص لي صدري وكيف افحص الاعداد الكبيرة، فقال: ماذا تريد من هذا الكلام فقلت انقلني الى مكان فيه اعداد المرضى محدودة بحيث استطيع ان اشتغل طب وبالفعل نقلت الى القادسية.
مستوصف القادسية
بعد هذه التجربة المزدحمة نقل قصراوي الى مستوصف القادسية وعن ذلك يقول: نقلت الى مستوصف القادسية وكنا عام 1964 وبعدها بالتحديد الى مستوصف الدعية عام 1965، واذكر في القادسية كان مجمع والعمل موزع على ثلاث فترات لمدة ست ساعات الدوام فكنت آخذ الخفارة واساعد زملائي، كل شيء اختلف عندي المرضى، الدوام، المكان، المسافة بين البيت ومكان العمل اذكر بعض الممثلين كانوا يراجعون عندي مثل عبدالحسين عبدالرضا وغانم الصالح.
إبرة البنسلين والمرضى
وعملت كطبيب عام والنظام والمواعيد والمختبر المريض يرغب بالحقنة أفضل من الأدوية وحتى الآن المريض يطلب الابرة، وخاصة من المرضى الذين جربوا الادوية غير الذين جربوا الابرة، وهذه قصة عن الابرة وكيل وزارة الصحة نائل النقيب حقق معي عدة مرات، وفي إحدى المرات عن موضوع الابرة، الناس يرغبون بالابرة وخاصة البنسلين وعندي قناعة بأن أعطي المريض ابرة البنسلين بدون اجراء ابرة الحساسية، والناس يرفضون الا ابرة الحساسية قبل ابرة البنسلين.
والشكاوى زادت فطلبني الدكتور نائل النقيب فتوجهت له، وقلت له هذه الابحاث أمامك، وقلت اذا الطبيب أعطى البنسلين للحساسية تحت الجلد هذا يشكل الحساسية ونعمل له الاختبار مرة، إذا لم تورم نعطيه الابرة لمدة خمسة أيام اذا المريض رجع بعد شهر لا أعطيه ابرة الحساسية لأنه أخذها من قبل، البنسلين لا يجب أن يلامس الجلد لأنه يعمل حساسية.
فقال الدكتور نائل النقيب يا دكتور الطب الذي تتكلم فيه هو الطب المضبوط.
لازم الطب الذي تشتغل فيه طب العامة الذي يفهمونه المرضى، فقلت اشتغل في الطب الذي تعلمته اذا أعطيت أحد ابرة وصار له شيء لا تقول تعرفني، فقلت له لا أطبق طب العامة، وفي تحقيق مرة ثانية استدعاني الدكتور نائل النقيب، وأذكر وصلني تعميم من وزارة الصحة يمنع أن يعطى المريض أكثر من ثلاثة أدوية وأكثر من ثلاثة أيام، وعلى كل طبيب أن يوقع، زعلت على ما جاء بالقرار، وضعت اصبعي بصمة عليه أخذه مني أمين المستوصف وقلت له أرسله بالبصمة، وثاني يوم وصلني استدعاء للتحقيق مع نائل النقيب وكيل الوزارة وقابلته وقلت له مع احترامي لك هذا القرار موجه لجهلة وليس لأطباء: ماذا يعني أن أعطي المريض ثلاثة أدوية فقط، واحد عنده كحة ونشلة وحرارة مرتفعة، ماذا أعطيه، وهذا لا يجوز لابد أن يعطى المريض حسب مرضه وأكثر وخرجت منه وهو راض، وأما الحادثة الثالثة أيضا الدكتور نائل النقيب أرسل لطلبي والتحقيق معي وأرسل تعميما نصه أن بعض الاطباء يكتبون أدوية لا يحق لهم أن يكتبوها لأن طبيب المستوصف له الحق أن يكتب الادوية الفلانية، وليس له الحق أن يكتب أدوية أخرى يكتبها الاخصائي في المستشفى واستشاري كنت أكتب للصيدلة وإذا رفضوا فيه تحقيق أنا كنت متوقعا للتحقيق وذهبت للتحقيق وقلت فيه ما قلت واقتنع نائل النقيب من كلامي، وقال يا دكتور أنت تفهم وتعرف أن دكاترة ما يفهمون وقلت أنا لا أرضى أن المريض بحاجة للدواء ولا أكتبه له، لأن لو حولته للمستشفى تطول المدة عليه، ولا يحصل على الدواء، وانتهى الموضوع، على أساس أنني لا أكتب دواء على شكل عشوائي، حولت الى التحقيق ولكن بحق.
مستوصف الدعية ودور رعاية المسنين
كلفت بأن أذهب الى دور رعاية المسنين للكشف والفحص عليهم ومن ثم أرجع للمستوصف لعلاج المرضى وكان بتكليف من الدكتور نائل النقيب وحضر عندي موظف من وزارة الصحة وقال يا دكتور بسام عندي سؤال هل الدكتور نائل النقيب يعرفك، فقلت أكثر من مرة أجرى تحقيقا معي، فقال: أريد أن أقول لك شيئا وهو أنا عضو في لجنة الترقيات الاستثنائية في وزارة الصحة وعقدنا اجتماعا مع الوكيل ومندوب من الديوان ووزير الصحة د.عبدالرحمن العوضي وكان الوضع في الترقيات الى الدرجة (أ) الا لمن يحمل الدكتوراه وانت لا تحمل شهادة دراسات عليا والديوان رفض منحك الدرجة (الأولى أ) هذا القانون لكن الدكتور نائب النقيب كان مصرا على منحك «الدرجة الاولى أ» وقال معي عشرة اطباء يحملون شهادة الدكتوراه ولكن عندي د.بسام افضل منهم في العمل وعلاج المرضى ولو صرت مريضا د.بسام قصراوي يعالجني وبالفعل تمت ترقيتي ومنحت «الدرجة الأولى أ» ولم ازر الوكيل في مكتبه ولكن رحمه الله كان منصفا مع الاطباء، المخلصين في عملهم.
والتحقيقات فتحت لي باب الترقية والتحقيق المنصف الجاد الذي يتبع الحقيقة فيه حق للمظلوم منذ التعيين حتى الدرجة الأولى (أ) امضيت سنوات قليلة ولكن عملي وجهدي واخلاقي في العمل وصلني الى ان احصل على الدرجة الكبرى.
العمل مع المعاقين
يسرد د.قصراوي قصة انتقاله الى العمل في دور الرعاية حيث يقول: طبيب مصري كان يعمل في دور الرعاية للمسنين وحضر رئيس اطباء المستوصفات وطلبني من المستوصفات وقال اذهب الى دور الرعاية الاجتماعية للعمل هناك وهذا كان نقلا فقلت لا اريد العمل هناك وهذه ارض لكبار الكويتيين وتجمعونهم في تلك الدور ولذلك لا أريد ان اعمل وانتم لا تنقلون الا الدكاترة «السكراب» وقلت له ان واحدا انقلبت به السيارة، واصيب برأسه ونقل لدور الرعاية فقال لذلك عليك ان تذهب فقلت له ارفض الذهاب فقال ليس بكيفك اذهب مع الممرضة، فالذي حصل ان مريضا يحتضر وطلب الدكتور الشال فقال الدكتور خذوه الى البيت واثناء نقل المريض توفي، من كان المسؤول وكان وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل المرحوم الشيخ سالم صباح السالم فاتصل بالصحة وقال اريد طبيبا يعتمد عليه فتم اختيارك فقلت «انا طبيب اعمل ابحاثا وانشر بالجرائد ولا اريد ان انتقل».
فقال «اذا انت تريد ان تنام هناك، روح هناك وامامك حالات يمكنك ان تعالجها وتعمل عليها ابحاثا، وامراض كثيرة» ، واخيرا وافقت وانتقلت وبدأت العمل بالابحاث ونشرت بحثا في مجلة «ساينس» العلمية وكان بالتعاون مع جامعات اميركية وجامعة هارفارد وعلى الحالات التي اعمل بها.
البداية كبار السن والمعاقين في دور الرعاية الاجتماعية والدوام من الصباح الى الظهر ومن العصر الى المغرب وليلا ونهارا ولا يوجد طبيب غيري حتى يوم الجمعة وبعد فترة زاد عدد الاطباء وعينت رئيسهم حتى يوم 2/8/1990 يوم الاحتلال الصدامي الغاشم على الكويت بقيادة المجرم المقبور صدام حسين، وجميع الاطباء غادروا البلاد وبقيت الطبيب الوحيد الذي يعالج في دور الرعاية لكبار السن والمعاقين طوال فترة الاحتلال العراقي وكان عدد الممرضين والممرضات في دور رعاية المعاقين مائتي وثلاثين في دار رعاية المعاقين جميعهم غادروا وبقي ثلاثة عشر واحدا صار النزلاء يموتون من الجوع لانه لا يوجد احد يعطيهم الاكل.
في هذه الحالة اخذت ابنتي واولاد اقربائي وكنا نداوم في دور الرعاية سبعة ايام في الاسبوع والراحة في الليل، والجمعة يذهبون الى بيوتهم، العراقيون منعوهم منعا باتا من دخول دور الرعاية ومكتبي الوحيد في الكويت بقيت فيه صورتا سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وسمو الأمير الوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله معلقتين حتى يوم التحرير ولم انزلهما، وكنت اقابل المسؤول في الجيش العراقي وقلنا له اذا دخل اي واحد منكم ساترك المكان واروح وانتم اعتنوا فيهم وانا المسؤول.
حدثت وفيات كثيرة من الجوع، ومرت علينا فترة لا يوجد اكل، وبعد شهور نقص الاكل وارسلت شابا كويتيا الى الجمعيات والعراقيون اعتقلواه وسجنوه وبعد يومين سفروه الى البصرة وذهبت الى المسؤول وشكيت عنده، وامامي اتصل بالمخابرات وشرح لهم الوضع وبعد ذلك اخرجوه ووصل الى الكويت وقبل التحرير بيومين اعتقلوه، وحاليا يعمل مدير ادارة الرعاية الاجتماعية.
ومع بداية التحرير من الاحتلال الصدامي احضرنا الاكل واستمررت معهم بالعمل مع كبار السن.
عندما حصل الاحتلال العراقي كنت مسافرا وموجودا في لندن وكنت مع الوفد الكويتي كطبيب في مدينة ستوكمندفيل مكان الرياضة العالمي ومع وفد المعاقين ورئيس الوفد اسمه فؤاد الكوت ومهدي العازمي وفي ليلة الغزو كنت اسمع الراديو عن ان العراق يحشد جيشة على الحدود الكويتية وقالوا يمكن ان يحصل هجوم وفؤاد الكوت سأل والده عن الحشود فقال له نعم وكان الكونغرس منعقدا ومساعد وكيل الخارجية الاميركية نظم لقاء صحافيا وسألوه ما هو موقفكم اذا العراق هاجم الكويت فقال ان الولايات المتحـدة لا تتـــدخل في النزاعات الحدودية بين الدول وكنت في لندن ونمنا واصبح الصبح واتصلت بالبيت وقالت ابنتي «يا بابا» ان الدبابات العراقية تحت بيتنا. انتهت البطولة فقلت للشباب اذا كانت الكويت قد احتلت فالكويت باقية.
بعض اللاعبين حصلوا على ميدالية اثناء الاحتلال وانتهت البطولة وتساءلنا من اين نأكل ونعيش؟ فذهبنا الى سفارة الكويت وكان معي رئيس الوفد، في البداية رفضوا ان يدخلوني فقلت لهم الفيزا والبطاقات كلها موقوفة لا يوجد عندنا شيء.
وخرج لنا رجل وقابلني ودخلت الى الداخل وقالوا كل اسبوع تعالوا نعطيكم مبلغا كمصروف وطلبوا منا السفر الى السعودية وبقيت انا ورجعت الى عمان ومنها عن طريق البر الى الكويت والناس يقومون بهجرة عكسية للسفر الى بلدانهم.
وصلت الكويت وذهبت الى دار الرعاية وبعد شهر الجميع سافر وصارت اقامتي والاولاد وأولاد وبنات اختي وجميع افراد العائلة نسكن في دور الرعاية حتى تحرير الكويت بعد شهر ثم عدنا الى منزلنا.
كانت المشكلة كيف نطعم الاولاد المعاقين وكيف نطعم كبار السن ولا يوجد اكل؟
المرحوم محمد قصراوي
يحكي ضيفنا بعض الأمور الخاصة بعائلته بدءا من ابن عمه وأبنائه ووجودهم في الكويت حيث يقول: محمد قصراوي ابن عمي وكان يعمل مدرسا وحضر الى الكويت عام 1947 وكان معه الاستاذ عبداللطيف الصالح وتيسير سليمان وكان مدرسا للغة الانجليزية، وبعد سنوات عين وكيل مدرسة عائلة قصراوي في الكويت قديما وحاليا انا وزوجتي وابني وابني الثاني حاليا في اميركا واثناء الاحتلال الصدامي كانا متطوعين في دور الرعاية وأيام الاحتلال كان ولدي بداية قبوله في الجامعة وبعد التحرير سافر الى القاهرة للدراسة في الجامعة الأميركية سنة ونصف السنة.
وبنفس المبلغ قلنا له روح الى أميركا مثلما تعلمت على نفقة والدي تعلم ابني على نفقتي واخي وبقي في اميركا حاليا وابني الموجود في الكويت متزوج وابنتي موجودة في الكويت وتعمل مهندسة ومتزوجة وزوجها يعمل في الامارات واحيانا زوجته عنده واحيانا في الكويت.
أولادي رفضوا ان يكونوا اطباء لأنهم شاهدوا ابوهم دائما بالعمل في المستوصفات صباحا ومساء وفي جمعية الهلال الأحمر الكويتي والهلال الأحمر الفلسطيني حاليا وزوجتي مدرسة أولى للتربية الاسلامية في إحدى المدارس الخاصة اسمها روضة قصراوي وقبل ذلك كانت في مدارس وزارة التربية لمدة ثلاثين عاما وبعد التحرير تركت العمل الحكومي وهي خريجة كلية التربية بفلسطين بمدينة نابلس أصل عائلتي من بلد اسمها عورته وبلد اسمها قصرى الوالد دخلها واما نحن فلا، ونسب العائلة الى مدينة قصرى فصرنا عائلة قصراوي وهي من قرى نابلس.
محمد شفيق قصراوي توفي في عمان وعنده ولد واحد يعيش في دبي.
من وقت ان تركت العمل الحكومي وانا اعمل في رياضة المعاقين والتصنيف الطبي رياضة المعاقين كعلاج للرياضة وتصنيفهم الى فئات هو الموضوع الأساسي.
اما البطولات، فقد بدأ ت العمل في هذه البطولات، ومن اللحظة التي اسسوا فيها نادي المعاقين طلبوا دكتورا للمعاقين، فاتصلوا علي فعملت متطوعا معهم منذ عام 1977 ودخلت كعضو بمجلس ادارة لمدة اربع سنوات واستمررت بالعمل حتى الآن وكنت اسافر معهم للبطولات الرياضية وعلاج الاصابات ودوري الاساسي في التصنيف الطبي، مثلا من يريد ان يلعب مصارعة لا نأتي بواحد وزنه سبعين كيلو مع واحد خمسين كيلو ونقول فاز عليه، ولكن توزعهم الى اوزان ورفع الاثقال الى اوزان وكذلك الشباب الصغار الى فئات عمرية، وبالنسبة للشلل توزعهم الى مجموعات من الاعاقات، فنقول هذه فئة الجري نوزعهم الى مجموعات على الكرسي المتحرك توزيعهم: 51 أضعف فئة، و52، و53، و54 أقوى فئة، وبناء عليه لاعب 53 يلعب مع لاعب 53.
المعاقون شاركوا في عدد كبير من البطولات والاولمبيادات منذ عام 1980 في هولندا و1984 في انجلترا وعام 1988 في سيئول وعام 1992 في نيويورك وعام 1996 في فيينا، اما الالعاب التي شاركوا فيها مثل المبارزة «طارق القلاف» والسباحة شاركوا فيها وحصلوا على ميداليات، اما اللعبة الاساسية في النادي وفي العالم ألعاب القوى للمعاقين مثل رمي القرص والقلة والرمح والوثب العالي، ويشاركون في سباق الجري 100 متر و200 متر بالكرسي المتحرك، وبعضهم جرى على الرجلين مع لاعبين من فئته، عندنا لاعبون من قبل الغزو عادلة الرومي كانت تلعب على الكرسي المتحرك في لعبة القلة، وذلك حمد العدواني من بعد الغزو وهو من ابطال العالم واللاعب احمد نقا المطيري في لعبة سباق المائة والمائتين ورمي الرمح وله ارقام عالمية، وآخرون من اللاعبين المعاقين.