الكاتب : عبدالناصر درويش
يحتل اللعب دوراً كبيراً وهاماً في حياة الأشخاص المعاقين ذهنياً ويعتبر وسيلة هامة في تحسين ظروف الإعاقة وتعديل بعض السلوكيات غير المرغوبة لديهم ويساعدهم اللعب على التعلم الذاتي من خلال المحاولة واللمس والاستكشاف.
يكون الإنسان إنساناً حين يلعب (شيلر)، واللعب كالفن وهو النشاط الوحيد الذي لا يهدف الإنسان حين يمارسه إلى شيء محدد سوى المتعة، وهو سرور وارتياح بدون هدف.
هذه العبارات التي نطق بها فلاسفة وعلماء نفس تشير بقوة إلى المنشأ الغريزي للعب، وأن الغريزة تتضمن الضرورة.
لقد بدأ الاهتمام باللعب كوسيلة تعليمية ناجعة منذ (أفلاطون وأرسطو) اللذين أكدا أن لعب الأطفال يرسم صورة الإنسان عندما ينضج، و(فروبل) الذي أكد في القرن الثامن عشر أهمية اللعب في تعلم الطفل.
وأشار (فرويد) إلى لعب الأطفال الذي يستمد من واقع عالم الكبار، وأنهم بواسطة اللعب يصبحون قادرين على فعل ما يفعله الكبار، ويكون اللعب هو وسيلة للتعبير عن خبراتهم المؤلمة والسعيدة.
وهناك نظريات نفسية كثيرة اهتمت باللعب كوسيلة تعليم وتشخيص وعلاج مثل (الجشطالت) ونظرية بياجيه ونظرية اللعب الاجتماعي وغيرها، ويمكن القول إن الاهتمام بأسلوب العلاج باللعب بدأ منذ أكثر من سبعين عاماً.
اتفق مختلف العلماء على أن اللعب يعتبر وسيلة هامة في تعليم الأطفال مهارات الحياة، واتفقوا أيضاً على أن اللعب وسيلة تشخيصية وعلاجية لمشاكل الأطفال السلوكية.
وتعتبر «فرجينيا اكسلين» أن اللعب يساعد على تخفيض الشعور السلبي ونمو الشعور الايجابي نحو الذات والآخرين، وأكدت أن الطفل يتحول إلى فرد أكثر اكتمالاً وتوافقاً وتحرراً وتلقائية من خلال جلسات العلاج باللعب.
تعرف الجمعية الأمريكية العلاج باللعب بأنه الاستخدام المنظم لنموذج نظري يساعد على تأسيس عملية شخصية يقوم فيها معالجون مدربون باستخدام القوة العلاجية للعب لمساعدة المسترشدين على الوقاية أو حل بعض الصعوبات النفسية والاجتماعية وتحقيق نمو وتطور مثالي.
والعلاج باللعب يستند على أساس مفاده أن اللعب هو وسط الطفل الطبيعي للتعبير عن ذاته وهو فرصة كبيرة تعطى للطفل ليعبر عن مشاعره ومشاكله بالأداء.
يحتل اللعب دوراً كبيراً وهاماً في حياة الأشخاص المعاقين ذهنياً ويعتبر وسيلة هامة في تحسين ظروف الإعاقة وتعديل بعض السلوكيات غير المرغوبة لديهم، ويساعدهم اللعب على التعلم الذاتي من خلال المحاولة واللمس والاستكشاف.
وتلعب الصدفة أثناء اللعب دوراً كبيرا في اكتشاف الأشياء وتعلم المهارات، فقد يضرب الطفل لعبة ما فتصدر صوتاً معينا، وقد تسقط المكعبات عندما يشكل منها برجاً، وقد تنكسر بعض الأشياء بعد رميها، وتذهب الكرة بعيداً عند ركلها..، كل هذا يعلم الطفل المعاق ذهنياً الربط بين السبب والنتيجة.
وهناك ألعاب كثيرة تساهم في تطور المهارات لدى الطفل المعاق ذهنياً مثل رمي الكرة والتقاطها بذلك ينمي التناسق الحسي البصري، كذلك اللعب بالرمل والصلصال الذي يعمل على تنمية حاسة اللمس وتقدير الكميات والأحجام.
وجميع الألعاب تنمي المهارات اللغوية لدى الطفل المعاق ذهنياً حين يتحدث إلى ألعابه وأقرانه.
ويتعلم الطفل الترميز واستبدال أشياء بأخرى مثل مكعب بدل كوب الشاي أو علبة بدل قلم…
ويستطيع الطفل باللعب التخيلي أن يفرغ انفعالاته، ويستطيع التعبير عن مخاوفه وهواجسه من المواقف مثل تمثيل دور الطبيب على ألعابه.
من خلال ما سبق نجد أن اللعب هو سلوك فطري ضروري و ايجابي يجب تعزيزه وتطويره وتوجيهه ليتحول إلى مواقف تعليمية قد تكون بديلة احيانا لأساليب تعلم أخرى غير مجدية وخاصة للأطفال المعاقين ذهنياً.
وعلينا الانتباه إلى أن منع الطفل المعاق ذهنياً من اللعب ومحاولة إلزامه بأسلوب معين من التعلم هو بمثابة شحن وكبت يؤديان إلى مشاكل نفسية وسلوكية للطفل قد يصعب حلها فيما بعد.
ولنجعل اللعب ذا فائدة في عملنا معهم و نستنبط منه خططنا التربوية والسلوكية ونتعرف من خلاله على دوافع السلوك لدى الأطفال عن طريق الملاحظة.
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع