يتواصل الناس حول العالم بطرق مختلفة، منها ملايين الرسائل النصية بالبريد الإلكتروني والهواتف المحمولة التي يجري تبادلها كل يوم، وهو ما لا يكون بالدرجة نفسها من السهولة لجميع الأشخاص، ويزداد الأمر صعوبة على من يعانون فقدان حاستي السمع والبصر، وهذا يعد أحد الأسباب التي دفعت فريقا بحثيا في «مختبر أبحاث التصميم» في جامعة برلين للفنون الألمانية، إلى تقديم قفاز يتيح لهذه الفئة تبادل الرسائل النصية مع الآخرين.
صنع النموذج الأولي للقفاز، الذي يحمل اسم «موبايل لورم غلوف»، من قماش مضاد للماء، وتنتشر على جانب القفاز الذي يغطي راحة اليد مستشعرات دائرية رمادية اللون يتم من خلالها كتابة الرسائل، بينما تغطي الجانب الآخر أسلاك حمراء وزرقاء تتحرك إلى أعلى وأسفل عند ورود رسالة.
ويستخدم كثير ممن فقدوا حاستي السمع والبصر التواصل مع الآخرين باللمس من خلال أبجديات مختلفة منها «لورم»، وفيها يكون لكل حرف مكانه المحدد على راحة اليد، وتمثل حروف العلة على أطراف الأصابع، ويمكن بتمرير اليد أو حركات دائرية تكوين كلمات وجمل، وهي الطريقة نفسها التي يعمل بها القفاز، إذ يمكن للشخص الكفيف أو الأصم، بعد ارتداء القفاز، إرسال رسالة من خلال الضغط على المستشعرات الموجودة على راحة اليد، لتصل عبر «البلوتوث» إلى هاتف «آي فون» متصل بالقفاز، ويتم إرسالها من خلال تطبيق خاص كرسالة قصيرة «إس إم إس» أو بالبريد الإلكتروني.
ويتيح «موبايل لورم غلوف» استقبال الرسائل بالطريقة ذاتها، فيحول النصوص الواردة إلى أبجدية «لورم»، ويهتز القفاز بطريقة اهتزاز الهواتف المحمولة العادية عند ورود رسالة ليستقبلها مرتدي القفاز بشكل نبضات يشعر بها على ظهر اليد.
وعلى الرغم من أن المعتاد في التعامل بأبجدية «لورم» استخدام راحة اليد، إلا أن المشاركين في الدراسة أفادوا بأنهم استطاعوا فهم ما تشير إليه الاهتزازات على ظهر اليد بالطريقة نفسها التي يفهمون بها عندما يرسم شخص ما الحروف على راحة أيديهم.
وأشار صاحب الابتكار، توم بيلينغ، إلى أنه «يبدو أنه لا لصلة للدماغ بموضع الاهتزازات، وما إذا كانت على باطن أو ظاهر الكف».
ويعتمد القفاز على أبجدية «لورم» المستخدمة منذ عقود في ألمانيا والنمسا وهولندا، ويعود ابتكارها إلى عام 1881، وتنسب إلى الشاعر والفيلسوف النمساوي، ميلوكوف هاينريش لانديزمان، الذي فقد سمعه في سن الـ 15، وما لبث بعدها أن فقد بصره، واكتسبت اللغة اسمها من اسمه المستعار هيرنيموس لورم، الذي اختاره خوفا من الملاحقات بسبب آرائه السياسية.
ويفتح «موبايل لورم غلوف» بابا جديدا للتواصل للأشخاص المكفوفين والصم، ويسهم في توسعة دائرة علاقاتهم مع محيطهم، وحتى مع أشخاص في دول أخرى، بدلا من الاقتصار على التواصل مع أسرهم والأطباء والأشخاص الذين يعرفون أبجدية «لورم»، كما من الممكن أن تشمل استخداماته المستقبلية تسهيل قراءة الكتب والدراسة وحضور الحلقات التعليمية، وحتى استخدامه في ترجمة الحديث المباشر إلى أبجدية «لورم» والطرق المشابهة.