[B]تسعى الجمعيات الأهلية في سورية، إلى سد الهوة بين ذوي الاحتياجات الخاصة والمجتمع، وذلك بغية استثمار الطاقات المتوفرة لديهم، وتوظيفها في خدمة المجتمع، والدمج عملية تغيير حقيقية، وتحتاج إلى تغيير في طريقة تفكيرنا، وعملنا، وهذا يحتاج إلى تعاون بين الجميع، وخلق أجواء تشجع على المساهمة في عملية الدمج، والأهم من ذلك تفاعل الأهل مع هذه العملية، وتغيير نظرة المجتمع لذوي الاحتياجات الخاصة، وأهمية تصميم مناهج شاملة لجميع الشرائح، سواء منهم الأسوياء، وذوي الاحتياجات الخاصة، ومن بين هذه الجمعيات جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي هذا الإطار تقوم جمعية الرجاء بمجموعة من الأعمال والأنشطة الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة ممن فقدوا حاسة السمع وبالتالي فقدوا النطق، وأصبحوا بحاجة لمن يدفعهم للانخراط في المجتمع من خلال كسر الحواجز النفسية والاجتماعية، ولمعرفة المزيد عن جمعية الرجاء، وعن الخدمات التي تقدمها، وأهدافها، ودورها في العمل على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع مع أقرانهم الأسوياء في المجتمع، التقينا الدكتور إحسان عليوي، رئيس جمعية الرجاء لذوي الاحتياجات الخاصة، الذي تحدث قائلاً: جمعية الرجاء هي جمعية أهلية متخصصة في تعليم الأطفال الصم، وتسعى للوصول بهم إلى سوية أقرانهم السامعين، وتأمين كل الوسائل اللازمة لتحقيق هذه الغاية، ويتم قبول الأطفال الصم من عمر أربع سنوات في الصف التحضيري الأول حتى الصف الخامس الابتدائي، ومقرها مدينة الرقة، كما أنها تقبل جميع المتقدمين من خارج المحافظة.
وبعد إحداث فرع الرقة لجمعية الرجاء لرعاية المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، بدأنا العام الدراسي، دون مقر، وبلا رصيد مالي، وبشعبتين تضمان /19/ طفلاً، وبعد الافتتاح بدأنا بحملة تبرعات على المستويين الشعبي والرسمي، لتأمين التمويل اللازم لشراء مقر للجمعية، وتأمين المصاريف اللازمة للمدرسة.
الآن تضم المدرسة /58/ طفلاً، من عمر /4/ سنوات حتى /13/ سنة، واقتصر تعليمنا على صفوف التحضيري والحلقة الأولى من التعليم الأساسي، وينتقل بعدها الأطفال إلى معهد الصم التابع لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في الرقة، وتم تجهيز المدرسة بالوسائل الفنية المساعدة، وتأمين باص لنقل الأطفال بمنحة من السفارة اليابانية في دمشق عام /2004/م.
وتهدف جمعية الرجاء، مثلها مثل بقية الجمعيات الأهلية التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة، في جميع أنحاء العالم، إلى تقديم خدمات الرعاية، والعلاج، والتأهيل، لذوي الاحتياجات الخاصة، وتوفير مختلف الخدمات الاجتماعية اللازمة والضرورية لهم، وذلك عن طريق إقامة مؤسسات تعمل على توفير الرعاية المبكرة للمعوقين، وتقديم مختلف سبل الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية للمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة، وإقامة مراكز توعية وعلاج ثابتة ومتنقلة، والعمل على تأمين الخدمات المنزلية لهم، وتوعية وإرشاد أسر المعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة لأفضل طرق الوقاية والرعاية والمعالجة، واستخدام مختلف وسائل الإعلام بما في ذلك، الندوات، وإقامة الحفلات الفنية، وعرض الأفلام السينمائية، وإصدار النشرات الدورية، وإلقاء المحاضرات العلمية، والمشاركة في المعارض والمسابقات الفنية.
كما تهدف الجمعية إلى توفير الأجهزة المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة ما يتعلق بالأجهزة السمعية، والتعاون مع الاتحادات، والجمعيات الأهلية، والمؤسسات الحكومية، والاتصال بما يقابلها من جمعيات ومؤسسات راعية في الدول المتقدمة، وذلك بغية تقديم المساعدة للجمعية، في إطار تقديم التجهيزات واستخدام الخبراء، وتدريب العناصر، وتوفير الأجهزة المساعدة، وذلك بعد الحصول على موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات المعنية الأخرى ذات العلاقة.
وحول مشاركات طلاب الجمعية في المسابقات المحلية والعربية والجوائز التي نالوها، يقول العليوي: المشاركة في مسابقة الرسم لذوي الاحتياجات الخاصة، التي أقامها مركز راشد في دبي عام /2004/ على مستوى الوطن العربي، وكانت الجائزة الأولى من نصيب محمد العسكر وهو أحد طلاب الجمعية، وفي عام /2010/ المشاركة في مسابقة وزارة الثقافة لذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى سورية، وكانت الجوائز الثلاثة الأولى والتشجيعية لطلابنا، نالت الجائزة الأولى هيا الحسين، والثانية عيسى الكلاح، والثالثة كلارا الحسين، والجائزة التشجيعية لتغريد الخزيم، وتم التكريم بحضور السيد وزير الثقافة، خلال احتفال مركزي في دمشق، وفي العام نفسه في دولة الأمارات المتحدة التي أقامت بي نالي الشارقة مسابقة لرسوم الأطفال لذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى الوطن العربي، وحصلنا على الجائزة الفضية والتي كانت من نصيب غدير الخزيم، والبرونزية لعلي محمد الحمد، وخمس جوائز تقديرية لكل من وئام الحمدوش، وفراس العيسى، ومحمود الحسين، وراشد النزال، وصبا الحمود.
وعن طريقة التعامل مع الطلاب في الجمعية، تحدثت المدرسة إنعام المطر، معلمة الصف العاشر في الجمعية، قائلة: اليوم أصبح لي في هذه الجمعية، أحد عشر عاماً، ولأن ظروفي الاجتماعية لم تساعدني على إكمال دراستي، وكان حلمي أن أصبح معلمة، وعندما سمعت بالجمعية، والخدمات التي تقدمها لذوي الاحتياجات الخاصة، تقدمت بأوراقي والحمد لله استطعت أن أحقق حلمي وأن أصبح معلمة، وسعادتي كانت أكبر، كوني أساعد هؤلاء الأطفال ليتعلموا، ويستطيعوا التأقلم مع محيطهم الاجتماعي.
أنا أشعر أنهم أولادي حقيقة، وباعتباري موجودة في المدرسة منذ تأسيسها، ودرست أول دفعة من طلابها، والآن هم في الصف التاسع، في معهد الإعاقة السمعية، وللتدريس في الجمعية، أسلوب خاص، لأن الطلاب يفتقدون لحاسة السمع، فهم يعتمدون على الإحساس والرؤية، وعن طريق الذبذبات التي تلامس يد الطفل، فيحاول تقليدها بنفسه، ومن الوسائل التي نستعين بها لتعليم الطفل الأصم، الاعتماد على الأشياء المرئية، حيث نستعين بالصور والمجسمات لمعرفة الأشياء.
أما السيدة ازدهار المخلف، فقد تحدثت عن الجمعية قائلة: لدي أربعة أطفال، منهم أصمان، فتبرعت بالدوام في الجمعية، بأجر محدود بالمكافآت، ودوري يقتصر على الإشراف على باص الجمعية، وأشعر بمعاناة الأطفال، نتيجة علاقتي بولدي، التي جعلتني أنظر إلى جميع الأطفال رؤية واحدة.
أستثمر كل وقتي وطاقتي لطفلي الأصمين، ومن أهم أسباب رغبتي بالدوام في جمعية الرجاء تعلم لغة الإشارة لكي أستطيع تعليم أطفالي، والحمد لله الجمعية سهلت لي التعامل مع أطفالي كثيراً، من خلال تعلم لغة الإشارة، وطريقة النطق، وكيفية التعامل مع أطفالي.
أخيراً، هناك شخصيات كثيرة قهرت الإعاقة، مثل بشار بن برد وأبو علاء المعري، وطه حسين الذي كان أعجوبة عصره، وتوماس أديسون، الذي اخترع أكثر من ألف جهاز وهو أصم، ولم تمنعه إعاقته من الوصول إلى مصاف العظماء في تاريخ البشرية، أما إيفلين، فقد كانت عازفة مبدعة، وملحنة مشهورة، ولكنها لم تسمع التصفيق طوال حياتها، لأنها صماء، تعيش في عالمها الصامت بثقة عالية بالنفس، فهي موسيقية رائعة تغلبت على إعاقتها، وغيرت مسار حياتها بتواصلها مع الآخرين، عبر الموسيقى.
هل يأتي اليوم الذي نشهد فيه ولادة العديد من الفنانين والمخترعين ممن تخرجوا من مدرسة جمعية الرجاء لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة؟. [/B]