بتتبع التفاعل بين الجينات التي ترتبط بالتوحّد، تمكن العلماء من بناء شبكة تتيح لهم تحديد الأسباب الأكثر احتمالاً لهذا الاضطراب.
إليكم لعبة أخرى من لعب «وصل النقط» المثيرة. رُبطت مئات الجينات بمرض التوحّد. ولكن كي نفهم الدور الذي تؤديه ونعرف أيًّا منها قد يؤدي في النهاية إلى العثور على علاج، علينا أن نكتشف طريقة ترابطها. وهذا ما قام به أخيرًا كالب ويبر من جامعة أكسفورد وزملاؤه، معدّين أكبر شبكة تفاعلات حتى اليوم بين الجينات المرتبطة بالتوحّد.
تفحّص الفريق الحمض النووي لـ181 شخصًا يعانون التوحّد واكتشف أنهم إما يملكون عددًا أكبر بكثير أو أقل بكثير من جينات معينة يعرف العلماء أنها تؤدي دورًا مهمًّا في نقل إشارات الدماغ، نظام يُعتقد أنه يتعطّل عند الإصابة بالتوحد.
تمكن الفريق، بإدخال هذه الجينات إلى نموذج على الكمبيوتر وتتبع تفاعلها، من بناء شبكة واسعة تتمتع الجينات في وسطها بروابط كثيرة، في حين تحظى الجينات على الأطراف بروابط أقل. فتبيّن لهم أن كثيراً من الجينات التي حددوها في حالة هؤلاء المرضى الـ181 ترتبط بأخرى كان الباحثون قد اكتشفوا سابقًا علاقتها بمرض التوحد.
فضلاً عن ذلك، لاحظ الفريق، بتنشيطه بعض الجينات في النموذج أو تعطيلها، أن النسخ الإضافية أو الناقصة من الجينات في وسط الشبكة تؤدي إلى خلل في إشارات الدماغ يفوق الضرر الذي تسببه الجينات عند الأطراف، ما يجعلها أكثر تأثيرًا في مرض التوحد. ففي بعض الحالات، كان لجينة وسطية واحدة التأثير ذاته كما مجموعة كبيرة من الجينات الهامشية. يوضح ويبر أن المفهوم نفسه ينطبق على شبكات الطرقات. فيمكن لإقفال طريق رئيس واحد أن يؤدي إلى زحمة مماثلة لما يسببه إقفال كثير من الطرق الفرعية.
يرحّب بيتر وايت في مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بدراسة لا تفترض أن لكل الجينات الدور ذاته. لكنها تُظهر أيضًا مدى تعقيد جينات التوحّد، وفق وايت، الذي يضيف: «سيزيد هذا النوع من الأبحاث، في رأيي، الحاجة إلى توضيح مجموعة اضطرابات التوحد».