الأطفال هُم الدُعامة الأساسية التي يُبنى عليها مُستقبلُ المُجتمعات وهُم بحاجة إلى السند والرعاية حتى يخرج منهم جيل يبنى ويُعمر و يحمي الأوطان بالعلم والفكر السليم ، ونحنُ عندما نبنيهم فإننا بذلك نبني مستقبلنا لذا لابد أن نبذل كل غاليٍ ونفيس في سبيل تربيتهم وتنشأتهم و لا نبحل عليهم (أُسر ومجتمع ودولة) بتوفير كل السُبل اللازمة لبلوغهم النضج السليم ويتضاعف إحتياج يعضُ الشرائح من الأطفال إلى الرعاية والإهتمام بل ولفرد مساحات من المؤسسات لدعم الأُسر التي تحتويهم إذا ما وُلدو فاقدي لأحد العوامل البشرية التي تُعيق نشأتهم الطبيعيه، أؤلائك الأطفال الذين يولدون بتشوهٍ أو إعاقة ما تجعلهم فى ضعفٍ مستمر وإحتياج أبدي إلى الرعاية والإحتواء.
المُعاقين ذهنياً شريحة مُهمشة مِن قبل مؤسسات الدولة إذ يقع عبئ رعايتهم في الغالب على أسرهم التي تطرق الأبواب بحثاً عن وسيلة تؤهل هذا الطفل حيث ينعم بالعيش الكريم، ولعل مِن أكبر هذه الشرائح وأوسعها إنتشاراً في السودان هم الأطفال المُصابين بمتلازمة داون الذين يولدون بحالة تشوه ناتج عن خلل في الكروموسومات إذ تتسم المُتلازمة بوجود تغييرات كبيرة أو صغيرة في بنية الجسم يصاحبها غالباً ضعف في العقل والنمو البدني، يوصمون بصفات وملامح متشابهة من حيث الشكل والتكوين كضيق العينين وصغر الأذنين ويبدون في شكل أقرب الى شعب منغوليا ومن هنا جاءت التسمية (منغولي).
الطفل المُصاب بمتلازمة داون يتعايش مع عدد كبير من الأمراض المُصاحبه لهذا الخلل الجيني، فقدرات طفل متلازمة الداون لن تتغير إلا أن التعليم والرعاية المناسبين قد يُحسِنّان من جودة الحياة لذلك فإن الرعاية والإهتمام هُما مفتاح حياتهم لأن هذا الاضطراب يتعلق بخلل في الكروموسومات فلا يوجد هناك علاج كامل بل تركز المعالجة على السيطرة على أعراض المتلازمةِ وتَتضمّن الفحوصات المنتظمة و الأدوية بالإضافة إلى الاستشارة والدعمِ النفسي والإجتماعي.
هذه الشريحة تحتاج لوجود مراكز للتأهيل يتلقون فيها برامج تربوية خاصة وهادفة لتساعدهم في تنمية قدراتهم وتطوير مهاراتهم المعرفية و الحركية واللغوية والإجتماعية وتقديم برامج علمية مختصة لتهيئتهم للإنخراط فى المراحل التعليمية ودمجهم مع اترابهم، و إلى جانب ذلك فإن الأُسر بحاجة للتدريب والتنوير بالطرق التربوية والعلمية الصحيحة للتعامل مع أفراد متلازمة دوان حيثُ تبدأ المشكلة منذ الوهلة الأولى التي يعرف فيها الأبوين خبر أن مولودهم يعاني من تشوه ما ويضيعون وقتاً ليس بالقليل ما بين حزنٍ و إستنكارٍ ودهشة وصدمة، والمعروف أن مثل هذه الحالات تطلب حكمة ووعي وإدارك وتسليم ولذا فمن المهم جداً معرفة العطب الذى سيصاحب المولود قبل الولادة وهُنا تبدأ مُهمة المراكر بتهيئة الأبوين نفسياً وإجتماعياً لتقبل الطفل القادم حتى لا يلفظونه بالنكران النفسي ولو مؤقتاً من تأثير الصدمة.
همسة لكل أم أب إبتلاهُما الله بطفل مُصاب بمتلازمة داون: التسليم والإيمان هو الذي يحمل إلينا سر الحياة في مكنونها الأبدي ويمنحنا إكسير السعادة، فقد إمتحنكم الله إمتحانا ًعصياً فكل هذه الحياة وما يليها ما هى إلا أمانةُ ثقل على الإنسان حملها، فالحياة في حد ذاتها ليست معركة جسد بل معركة روح، ذلك السر الالهى العجيب الذى يحرك الجسد والجسد دونه خرقة بالية لا نفع منها، فكلما قويت الروح إشتدّ الجسد رغم ما به من ألام وحسرات و إن ضعفت هلك الجسد.