الكاتب : روحى عبدات
تنتشر المشكلات السلوكية عند الأطفال بنسب متفاوتة، وتزداد هذه المشكلات انتشاراً بين المعاقين منهم، حيث تنتشر بين الأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوكية وعقلية بنسبة 11٪ (Tuma 1989)، وتزيد النسبة عن ذلك بكثير إذا ما ضممنا إلى هذه الفئة الأطفال الذين لم يشتد الاضطراب لديهم لدرجة تثير الحاجة لطلب العلاج، ويشكل الأطفال المعاقون ذهنياً والذين يعانون من مشكلات في التعلم نسبة كبيرة منهم، وهذا ما أشارت إليه الأدبيات التربوية المتعلقة بالأشخاص المعاقين على أنهم أكثر من يعاني من المشكلات السلوكية، فقد أظهرت دراسة (الصباح، 1993) أن الأطفال المعوقين لديهم أنواع مختلفة من الأنماط السلوكية غير المرغوب فيها ومنها الانسحاب الاجتماعي، وهذا ما يؤكده الخطيب، 2003 على أن المعاقين عقلياً هم من أكثر الأشخاص الذين يعانون من المشكلات السلوكية وذلك نظراً لعدم قدرتهم على تحديد جوانب السلوك المقبول اجتماعياً، وتأخر قدراتهم اللغوية الأمر الذي يجعلهم يلجؤون إلى العدوان للتعبير عن انفعالاتهم بدلاً من التعبير اللفظي، وتعرضهم لخبرات الفشل الكثيرة والإحباط نتيجة الاتجاهات الاجتماعية المحيطة، وتأخر قدراتهم العقلية الأمر الذي يجعلهم قاصرين في الكثير من الأحيان عن تحديد جوانب السلوك المقبول اجتماعياً.
ويلقي الروسان، 2001 الضوء على مجموعة من الخصائص السلوكية التي يشترك بها المعاقون عقلياً والتي تجعلهم أكثر عرضة للمشكلات السلوكية بالمقارنة مع غيرهم، ومن أهمها النقص الواضح في القدرة على التعلم، ومشكلات ضعف الانتباه والتركيز، والاحباط والشعور بالفشل، ومشكلة التذكر، والنقص الواضح في انتقال أثر التعلم، لافتاً إلى أن المعاقين سمعياً هم أيضاً يعانون من مشكلات تكيفية في نموهم الاجتماعي والمهني، والميل إلى العزلة عن الأفراد غير المعاقين وتكوين مجتمعهم الخاص، فيما تختلف الخصائص الشخصية للمعاقين حركياً تبعاً لاختلاف مظاهر الإعاقة الحركية ودرجتها، وقد تكون مشاعر القلق، والخوف، والرفض العدوانية، والانطوائية، الدونية، من المشاعر المميزة لسلوكهم، وتتأثر المشكلات التي يعانون منها بمواقف الآخرين وردود أفعالهم نحو مظاهر الاضطرابات الحركية. أما المعاقون بصرياً فلديهم إحساس بالفشل والاحباط بسبب إعاقتهم مما يؤدي إلى التدني في المستوى الأكاديمي بالمقارنة مع الآخرين، إلا أنهم ناجحون اجتماعيا وفي مجال العمل.
إن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من أكثر المعرضين لظهور المشكلات السلوكية، والتي تعتبر نتاج عدم تكيفهم مع متطلبات المجتمع المحيط بهم، ونقص الإدراك العقلي أو الحسي للمثيرات المحيطة بهم وتقييمها بشكل يتناسب مع السلوك الاجتماعي المتعارف عليه، ومن شأن هذه المشكلات أن تؤثر على عملية اكتساب المعاق للمهارات التعليمية اللازمة وتكيفه مع البيئة الأسرية والمجتمعية، إلا أنها قد تختلف باختلاف الإعاقة التي يعاني منها المعاق، والتي قد ترتبط بمجموعة من المتغيرات الشخصية والاجتماعية والأسرية.
ونظراً لأهمية هذا الموضوع وندرة الدراسات التي تناولته في عالمنا العربي وخاصة في مجتمع الإمارات، فقد جاءت هذه الدراسة كإضافة علمية جديدة للتعرف على المشكلات السلوكية للمعاقين في المجتمع الاماراتي.
تألف مجتمع الدراسة من جميع الطلبة المعاقين ذهنياً الملتحقين بمراكز تأهيل المعاقين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية بدولة الامارات العربية المتحدة. تتوزع هذه المراكز في جميع الامارات ويبلغ عددها خمسة مراكز تقدم خدماتها للطلبة ذوي الإعاقة في المستويات البسيطة والمتوسطة ممن يعانون من إعاقات عقلية وسمعية وجسدية وبصرية، ويبلغ إجمالي عدد الطلبة الملتحقين بهذه المراكز حوالي (605) طالباً وطالبة عام 2009 تتراوح أعمارهم من (5 ـ 20) سنة، منهم (372) من ذوي الإعاقة الذهنية، وقد تم اختيار عينة عشوائية من الطلبة المعاقين ذهنياً بلغت (142) طالباً (241) طالباً وطالبة، أي ما نسبته (38٪) من مجمل المعاقين ذهنياً (1).
قام الباحث بتصميم استبانة خاصة للمشكلات السلوكية التي يعاني منها المعاقون في المراكز، بحيث يتم تعبئة هذه الاستبانة من قبل الأخصائيات النفسيات بناء على ملفات الخدمة النفسية في هذه المراكز، والتي يستند العمل فيها بشكل موحد على دليل الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين المتبع من قبل إدارة رعاية وتأهيل المعاقين، بحيث تضمنت الاستبانة مجموعة واسعة من المشكلات السلوكية، وبيانات عن المشكلة التي يعاني منها المعاقون ذهنياً من حيث تكرارها في كل من المركز والأسرة، إضافة إلى المعلومات الشخصية عن المعاق وأسرته.
وقد طلب من الأخصائيات النفسيات تحديد المشكلات السلوكية التي مر بها الشخص المعاق ذهنياً والتي على أثرها تم إجراء برامج تعديل سلوك له، أو جلسات تربوية ونفسيه معه أو مع أسرته لحل هذه المشكلات، وذلك بناءً على ملفات الخدمة النفسية في كل مركز.
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع