الكاتب : اروى اخضر
أدت اقتصاديات التعليم في التربية إلى رواج كثير من المفاهيم والمصطلحات منها المدرسة المنتجة (Productive school)؛ لما لها من دور مهم وحيوي في تحقيق التكامل بين التعليم والإنتاج، حيث التوجه العالمي الحديث نحو تفعيل الشراكة مع الإنتاج.
وتؤكد اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الاعاقة على إمكانية حصول الأشخاص ذوي الاعاقة على جميع أنواع التعليم والتدريب، وعدم استبعادهم من النظام التعليمي العام، وتيسير حصولهم على التعليم بما يتوافق مع قدراتهم وخصائصهم، وبما أن التوجه المستقبلي للتربية الخاصة هو الدمج الشامل لذوي الاعاقة؛ وتعني أن الأطفال ذوي الاعاقة يجب أن يكونوا جزءاً من apart of التعليم العام (Kirk، &Others، 2013:p100)، لذا فإن تطبيق فلسفة المدرسة المنتجة (Productive school) في التعليم هو المقترح الأنسب لدعم هذا التوجه؛ لأنها مدرسة تراعي الفروق الفردية بين المتعلمين (من التعليم العام والتربية الخاصة، والتدريب المهني والتقني) وتستوعب جميع الطلاب في مدرسة واحدة هي المدرسة المنتجة.
تعتبر فكرة المدرسة المنتجة انعكاساً لأحد التخصصات التربوية وهي اقتصاديات التعليم، وقد أدى رواج اقتصاديات التعليم في التربية إلى تداول كثير من المفاهيم، والمصطلحات، والأساليب المفيدة، ومنها (المدرسة المنتجة)، ولها دور مهم وحيوي في تحقيق التكامل بين التعليم والإنتاج، حيث التوجه العالمي الحديث نحو تفعيل الشراكة مع الإنتاج (الغنام، 1983، 8).
وفي النصف الثاني من تسعينات القرن العشرين بدأت مفاهيم جديدة تأخذ طريقها إلى التطبيق في العملية التعليمية، ومنها (المدرسة المنتجة، والمدرسة كوحدة منتجة)، وهذا الفكر الجديد له أصول فلسفية وتاريخية (الدسوقي، 2004، 14).
ولم يجتهد باحثو اقتصاديات التعليم كثيراً في وضع تعريف دقيق لمصطلح (المدرسة المنتجة)، فاستخدمه البعض للإشارة إلى أنها المدرسة التي تتمكن من تمويل ذاتها بشكل جزئي (أحمد، 2010، 243)، ووسَّعه آخرون ليشير إلى المدرسة المستقلة مالياً (بير، 2002، 12) أو (المدرسة ذاتية الاكتفاء) ، وقد ربطه آخرون بمفهوم المدرسة المجتمعية (بدح، 2011، 1123)، وأشار البعض إلى أنها المدرسة التي تربط العلم بالعمل أو (نظام من المدرسة إلى العمل) (فلية، 2007، 399)، والبعض يربط مفهومه بمفهوم المدرسة المصنع ، أو المدرسة المرتبطة بسوق العمل ، أو (المدرسة الحياتية)، كما سميت المدرسة المنتجة بالمدرسة الاستثمارية، ونظر البعض إلى أن تطبيقها ينجح في التعليم المهني والفني، وبهذا اختلفت المصطلحات نحوها إلا أن مفهوم التعليم المنتج هو الأقرب للمدرسة المنتجة.
وعلى الرغم من صعوبة تعريف المدرسة المنتجة، لكونه يعني أموراً مختلفة لأشخاص مختلفين، إلا أن معناه الأوسع والأشمل، هو ما حدده صائغ (2010) للمفهوم الشامل للمدرسة المنتجة: بأنها (هي المدرسة القادرة على استخدام مواردها بأكثر كفاءة وفعالية، وتعمل على تقليص فرص الهدر فيها، إضافة إلى قدرتها على تنويع مصادر التمويل المدرسي فيها من خلال التمويل الذاتي).
ويختلف مفهوم المدرسة المنتجة باختلاف السياق الذي يندرج بداخله، وكذلك فلسفة المنهج التربوي، والمجتمع الذي يتبنى هذا النظام.
إن مفهوم المدرسة المنتجة لا يتناقض مع المفهوم العام للمدرسة ووظائفها الأساسية، بل يُعمق ويُوسع من دور المدرسة في التربية، والتعليم، ويؤكد على ضرورة مشاركتها لمؤسسات المجتمع المختلفة في تنفيذ برامجها وفي تطوير تلك البرامج (الغنام، 1983، 10).
والمدرسة المنتجة جزء من التعليم المنتج؛ حيث يتضح مفهومها من خلال فكرة إضافة الإنتاج إلى المدرسة لدعم العملية التعليمية، وتحقيق المزيد من ارتباط المتعلم بمدرسته، وزيادة انتمائه لها؛ مما يؤدي إلى نتائج إيجابية تنعكس على كل من المتعلم والعملية التعليمية ذاتها؛ بمعنى أن المتعلم سيظل تلميذاً تضاف إليه قدرة جديدة هي قدرته على الإنتاج، مما يعجل بنجاح مدروس ومخطط له في حياته، بل وتؤدي هذه الإضافة دوراً فعالاً تطبيقياً في حياته العملية، وتدفعه إلى المزيد من التركيز والابتكار (الجمل، 2009، 1)؛ (القزعري، 2010، 1).
ويمكن عقد مقارنة بين المدرسة التقليدية والمدرسة المنتجة تتضح وفق الجدول الآتي:
المصدر: من إعداد المؤلفة
وترى الباحثة أن المدرسة المنتجة هي مدرسة التعليم العام، تستقبل جميع الطلاب دون استثناء بمن فيهم الطلبة ذوو الاعاقة والموهوبون، تدمج بين التعليم الأكاديمي والمهني والتقني، لتلبي حاجات وخصائص كل الطلاب.
وهي مدرسة ذات مبان متعددة مجهزة بتجهيزات نوع التعليم الذي تتبناه، تضم معلمين متخصصين في مختلف التخصصات التي تحتاجها المدرسة المنتجة.
ويعرف هاردي (Hardy، 1997، p31) المدارس المنتجة بأنها (التي تقدم خدمات تربوية غير موجودة في المدارس الأخرى) والإنتاج الذي نقصده هو كل منتج مادي أو معنوي يستفيد منه الفرد أو المجتمع أو البشر (الحر، 2001، 127).
إن المدرسة المنتجة تعني (المدرسة المتفاعلة مع المجتمع من خلال مجموعة من النشاطات المضافة لدورها الأساسي بما في ذلك الإنتاج الذي تحقق من خلاله موارد إضافية) (الخشاب والعناد، 1997، 160).
وتُعد المدرسة المنتجة من الاتجاهات الحديثة في تمويل التعليم من خلال مصادر غير تقليدية، ويقوم هذا التوجه على أساس أن تجد المدرسة كفايتها المالية لسد بعض النفقات، على افتراض أن استخدام المدرسة لإمكاناتها المادية والبشرية، وتحويلها إلى مواقع إنتاج حقيقية مع استمرارها في تقديم الخدمات التعليمية يمكن أن يوفر بعض المصادر المالية الضرورية لتسيير العمل التعليمي، وبخاصة في دفع التكاليف التشغيلية المتكررة، مثلاً للصيانة وغيرها، أو توفير الوجبات المدرسية، إضافة إلى إسهام هذا العمل في تكوين شخصية المتعلمين وتنمية مهاراتهم (العتيبي، 2004، 16؛ عزوز، 2009، 126).
والمدرسة المنتجة تؤدي دورها عن طريق مشروعات، فالمشروع هو (مجموعة من الأنشطة والفعاليات المنظمة التي تترتب عليها إنجازات مهمة محددة في فترة زمنية محددة) (علي؛ ومخلوف، 2002، 89). هذا وقد تم تطبيقها في العديد من الدول كالصين واليابان وطوكيو، التي احتوت الفكرة بشكل تربوي جاد؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع اقتصاد هذه الدول بشكل ملموس (الطوى، 2007، 38).
أشارت تقارير دولية إلى أن كثيراً من المؤسسات التربوية في العالم تفتقر إلى القدرة على إكساب الشباب المهارات التي تؤهلهم لدخول سوق الإنتاجية، وحتى المؤسسات التدريبية أخفقت في تدريبهم على المهارات المختلفة للعمل بالمستقبل (محروس، 2005، 27).
ويشير تقرير التنمية الإنسانية العربية الصادر في عام 2003 والذي تناول موضوع (مجتمع المعرفة) إلى أن التحدي الأهم في مجال التعليم في الوطن العربي يكمن في تردي نوعية التعليم المتاح (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2003، 3).
وتؤكد خبرة الدول المتقدمة تعليمياً على ارتباط التعليم بالعمل الإنتاجي، وبصورة متزايدة مستقبلاً، وهذا يعني أن المدرسة الفعالة في المستقبل هي التي ستكون مندمجة مع مواقع العمل والإنتاج، لتمكين المتعلم من التعامل مع سوق العمل والإنتاج بكل دينامياته وتحدياته المتجددة والمتغيرة، والتمييز بين العمل العقلي، واليدوي، والإداري (الدسوقي، 2004، 14).
وترتبط فكرة تطبيق المدرسة المنتجة بعدة مبررات فرضتها مجموعة من التحديات، منها ما هو اقتصادي، أو اجتماعي، أو تعليمي، أو تنموي.
فمن المبررات الاقتصادية: سيادة الطابع الأحادي لواقع التمويل التعليمي، من خلال الاعتماد شبه الكلي على الدعم الحكومي، ومن أهم المبررات الاجتماعية تزايد الطلب المجتمعي على التعليم الناجم عن الزيادة السكانية.
كما تتمثل المبررات التعليمية في الزيادة الكبيرة لعدد المتعلمين المقيدين في المدارس، مما كان له أثره في ضعف كفاية التعليم المقدم، وانخفاض معدل الإنفاق على المتعلم، وعدم كفاية التجهيزات والمختبرات والخدمات، وفرص النشاط، وعدم القدرة على تطبيق أساليب التدريس الحديثة (عثمان، 2004، 162).
وهناك مبررات تنموية تنطلق من أهم معايير التنمية الشاملة، وهي تحقيق المشاركة الاجتماعية لكل فرد في العمل والإنتاج، حيث يوجه المجتمع نحو الإنتاج ورفع الطاقة الإنتاجية، ولا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا بعد أن يصبح العمل المنتج استراتيجية رئيسة بالعملية التعليمية نفسها في كل المؤسسات وعلى كل المستويات والمراحل التعليمية المختلفة (عثمان، 2004، 162).
وفيما يخص الطلبة ذوي الاعاقة فهناك عدة مبررات تقتضي تطبيق فلسفة المدرسة المنتجة في التعليم ومنها:
تتنوع أهداف المدرسة المنتجة بحسب المشروعات والأنشطة وأغراضها التي تقوم بها هذه المدارس، وتُعد الأهداف الرئيسة للمدرسة المنتجة حجر الزاوية الأساسي لتطبيق الأهداف الرئيسة لتطوير التعليم. ومن أهم أهداف المدرسة المنتجة:
مشروعات المدرسة المنتجة:
المدرسة المنتجة تؤدي دورها عن طريق مشروعات، ويعرف علي ومخلوف المشروع المنتج (بأنه أي عمل يدر ربحاً على المدرسة) (علي؛ مخلوف، 2002، 120).
وتتنوع تقسيمات وأنواع المشروعات الإنتاجية إلى عدة تصنيفات، ومن هذه المشروعات ما قسمه كل من (علي، 2004، 14؛ سعد الدين، 2005، 807؛ الجاويش2006، 103) إلى:
مشروعات إنتاجية:
تتمثل في صناعات إلكترونية، وكهربائية، والحفر على الخشب، وصناعة العطور، وصناعة الألبان، وصناعة المنظفات والصابون، والطباعة على النسيج، والمشغولات الجلدية، والمنسوجات والتريكو والتطريز، والصناعات الخزفية، والمشغولات الجلدية، وتربية الأسماك وطيور الزينة، والأرانب والدواجن، ومناحل العسل، والمشاتل وتنسيق الزهور وغيرها.
مشروعات خدمية:
تتمثل في عمل دورات لتعليم اللغات والحاسب الآلي، وتأجير المسارح، وإنشاء مراكز لإصلاح الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، مشروعات سباكة وكهرباء وصيانة الأثاث، وتأجير الصالات الرياضية والملاعب التابعة للمدارس بأجور رمزية، وتصوير المستندات، وتعليم الرسم.
مشروعات تسويقية:
تتمثل في التعامل مع الشركات والمصانع التسويقية للبضائع التي تحتاج إليها الوحدة أو جزء من المنتج، والتعامل مع الشركات والمحلات لعرض منتجات الوحدة الإنتاجية والقيام بالوساطة بين الشركات والمصانع وبين المستهلكين مقابل هامش للربح يعود على المدرسة بالنفع.
البرمجيات:
تتنوع البرمجيات التي يمكن إنتاجها في المدرسة المنتجة متمثلة في: برمجيات التعليم، وبرامج الإدارة المدرسية، وتخزين البيانات، وبرامج تعليم اللغات، وبرامج تخزين الملفات المختلفة ثقافية أو اجتماعية، وتصميم صفحات الإنترنت وغيرها.
ويمكن أن يتم عرض هذه المنتجات في معرض المدرسة، أو المقصف المدرسي، ويتاح البيع لجميع العاملين بالمدرسة والمتعلمين وأولياء الأمور وقد يكون البيع بعد انتهاء اليوم المدرسي أو في أوقات الفراغ، وللإدارة المدرسية الحق في تحديد منافذ البيع والتوقيت بعد إخطار إدارات التربية والتعليم التابعة لها.
ومن الأهمية تنويع المشروعات واختلافها من مدرسة إلى أخرى مما يزيد من حرية المدارس في اختيار ما يلائمها ويلبي احتياجات مجتمعها ومن هذه المشروعات ما ذكره (أحمد، 2010، 249).
تجربة اليابان:
تؤكد المناهج المطورة لجميع مراحل التعليم العام باليابان والتي اعتمدت عامي 1977، 1987م أهمية التعليم من خلال نشاطات وأساليب خبرة العمل Experiential Learning، وتركز هذه النشاطات والأساليب بدرجة أكبر في المرحلة الثانوية ومن الأنشطة التي تُقدمها نشاطات متعلقة بالإنتاج حيث يقوم الطلاب بزراعة الأرز والشاي والخضر والفواكه في الحقول والبساتين، ويخصص لهذه النشاطات ساعة كل أسبوع أو أسبوعين أثناء العام الدراسي، ولتيسير تنفيذ هذه البرامج والأنشطة قامت وزارة التربية والتعليم اليابانية بإعداد ونشر دليل يوضح أهداف كل برنامج فيها ومحتواه والنشاطات المرتبطة بخبرات العمل، كما أعدت دليلاً للمعلم لكل مقرر من المقررات المهنية الأساسية التي تقدمها المدرسة كجزء من النشاطات المرتبطة بخبرات العمل في المدرسة الثانوية (الفرا، 1987، 22).
تجربة جمهورية الصين الشعبية:
طبقت الصين هذه التجربة من عهد بعيد بهدف تحويل مجتمعها من مجتمع نام إلى مجتمع متقدم، وقد استطاعت التجربة الصينية أن تقدم للعالم الثالث نموذجاً فريداً من نماذج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإن إيمان الصينيين قوي بأن التربية هي السبيل إلى تشكيل الأفراد على النحو الذي في عقولهم، وعن طريق الوصول بالأفراد إلى تحقيق التقدم والتنمية المتطلبة في القرن الحادي والعشرين.
وقد أصدرت لجنة التعليم الوطنية عام 1955 مخططاً لإصلاح وتطوير التعليم الصيني مشجعة تنمية مدارس التعليم العام والتوجيه المهني، وتحقيق التقدم والتحديث والتصنيع في جميع المجالات حتى تصل إلى مستوى الدول المتقدمة.
كما تهدف المدارس الصينية إلى تنشئة طلاب يحرصون على خدمة الشعب بكل قلوبهم، لذا أجرت الحكومة الصينية في شهر مايو 1958 إصلاحاً تربوياً شاملاً، من بينها سياسة تعليمية تقوم على الربط بين (التعليم المدرسي وبين العمل اليدوي الإنتاجي) و(ربط المدارس بالمزارع والمصانع)، و(إقامة المصانع والورش في المدارس) وتخفيف التركيز على التعلم للتعلم ذاته، كما أُدرج (العمل المنتج) رسمياً في جميع المناهج الدراسية من الروضة حتى الجامعة (علي، ومخلوف، 2002، 91؛ العولقي، 1998، 88)، وتوصف الدراسة القائمة على العمل باعتبارها وسيلة (لتطوير المؤسسة التعليمية مع أسرع وأكبر وأفضل النتائج الاقتصادية ـ Shirk، 1978، P8) وتؤكد السياسة التعليمية الصينية على تحسين أفكار الطلاب، وابتكاراتهم التقنية في الإنتاج الفعلي، فالسياسة التعليمية للصين تهتم بالمجالات العملية للكشف عن ميول التلاميذ واستعداداتهم وقدراتهم حتى يستطيع التلميذ مواصلة حياته العملية بنجاح، وإن النظام الصيني يعتبر الطالب الذي ليس لديه حرفة عاطلاً وعالةً على المجتمع، ولا بد من تحويله إلى طاقة عاملة ومنتجة (الطوى، 2007، 38).
كما اهتمت الحكومة الصينية بإطالة العام الدراسي فهو يمتد لمدة تسعة أشهر ونصف، وتتضمن هذه المدة نصف شهر في أعمال بدنية وذلك داخل المصانع أو المزارع الصغيرة حيث يتاح للمعلمين والمتعلمين العمل فيها.
إن التعليم في الصين غير مقصور على الحجرات الدراسية؛ فهي مرتبطة بالمصانع ووحدات الجيش والمزارع داخل النطاق البيئي. وهناك مدارس كثيرة تشترك في إدارة المصانع؛ مما أدى إلى تضمين مناهج التعليم التركيز على أهمية العمل والإنتاج والصناعة بأنواعها المختلفة، واتباع سياسة التعليم والعمل المنتج؛ وذلك لإيمان المختصين بأنه لتحسين المدارس وجعلها تحقق أهدافها، ولإيمانها بأن المدارس تؤثر في مجرى الحياة المستقبلية وما لأهمية ذلك في تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمع الصيني، لابد من تغيير الطريقة التي يتفاعل بها المعلمون والمتعلمون داخل حجرات الدراسة، وقيامها على العمل المنتج (Shirk، 1978، P:6).
وفي ذلك يشير (العولقي، 1998، 88) إلى أن السياسات الإصلاحية في جمهورية الصين أتت بنتائج إيجابية تمثلت في شعور المجتمع المحلي بأنه صاحب المدرسة، وبالتالي القيام بتعبئة الموارد المحلية، كما جعلت المدارس أكثر تحسساً لاحتياجات المجتمع المحلي، وأقدر على التكيف معها والوفاء بها، وحدت من سلبيات الإدارة البيروقراطية، كما تهتم إدارة التعليم في جمهورية الصين الشعبية بالتنمية المهنية للمعلمين، وإلحاقهم باستمرار ببرامج التدريب؛ لذا قامت المدارس الصينية بتدريب كفاءاتها وتأهيلهم على كل المستويات في المجالات المختلفة (علي، ومخلوف، 2003، 91). ويشير شيرك (Shirk، 1978، P7) أن الفكرة التي اعتمدت عليها الخبرة الصينية تعتمد على فلسفة جون ديوي، وكارل ماركس واللذيْن اشتركا في الرأي القائل (بأن عمل الطالب يجب أن يساهم في التعلم المخصب والشخصية وتحقيق الذات، فضلاً عن الإنتاجية الاقتصادية في المستقبل)، ويشير فليشر، وهو، ولي، وكيم (Fleisher، Hu، Li، Kim، 2011، p2) إلى أن التعليم يؤثر على الإنتاج والإنتاجية في الاقتصاد الصيني؛ لذا يحرص النظام التعليمي في الصين على تعليم مهارات العمل في مدارس التعليم العام والعالي.
تجربة وزارة التربية والتعليم المصرية في محافظتي دمياط وجرجا التعليمية:
تم تطبيق التجربة في محافظتي دمياط وجرجا التعليمية وهو شعار رفعته وزارة التربية والتعليم في مصر يهدف إلى إقامة مشاريع إنتاجية داخل المدارس، يديرها المتعلمون والمعلمون بهدف تربية رجال أعمال ناجحين من المتعلمين، يمكنهم إقامة مشاريع مشابهة لها عند انتهاء دراستهم، وتفيد في نقل الخبرة من المعلمين للمتعلمين وتوفر جو طبيعي لتعلم إدارة المشاريع الناجحة، وهذه الفكرة قائمة على استراتيجية التعلم القائم على المشروعات.
وقد دخلت الفكرة حيز التنفيذ في مارس عام 2001 بتعميم القرار الوزاري رقم (12) على كل المدارس والخاص بتشكيل اللجان للمدرسة المنتجة وقرار رقم (35) والخاص بإنشاء الادارة العامة للمدرسة المنتجة، وكان التركيز على مشروع المدارس المنتجة كإحدى الوسائل المهمة لإرساء منطق التنمية في التعليم، خاصة في المدارس الإعدادية، ولعمل مشروعات صغيرة مرتبطة بالبيئة والمجتمع المحيط تركز على الأفكار الجديدة، والنماذج غير النمطية.
كما ترى الوزارة أن هناك جانباً كبيراً من الفوائد لهذه المشروعات؛ لأنه مشروع تربوي بالدرجة الأولى، يدعم أهداف العملية التعليمية ولا يُنقص من دور المدرسة الأساسي في التعليم، وتلك المشروعات الصغيرة تعمل على القضاء على الفجوة بين التعليم الأكاديمي وارتباطه بسوق العمل وتسليح المتعلمين بالخبرات العملية التي تمكنهم من العمل كطلائع للإنتاج، وهناك العديد من المشاريع الناجحة التي تؤكد نجاح التجربة منها: مشروع إنتاج البرمجيات، مشروع الخزفيات، مشروع النافورات، مشروع تربية الحمام، مشروع زراعة الأسطح، مشروع بيكيا.
تجربة دبي:
قامت (مدرسة الإبداع النموذجية) بإنشاء مشروع (مدرستي منتجة) والذي يقوم على استثمار المساحات الخالية من المدرسة بإنشاء مزرعة مدرسية تحقق العديد من الأهداف، أهمها:
وكخطوات تطويرية للمشروع قاموا بإنشاء بيت بلاستيكي من أجل الحفاظ على استمرارية الإنتاج على مدار العام الدراسي، إضافة: لفكرة إنشاء منحل المدرسة، وتعرف المتعلمات على كيفية إنتاج العسل ومن ثم تسويقه، إضافة إلى أفكار رائدة في زراعة المحاصيل مثل: زراعة الخيار المتسلق، الفراولة، الطماطم، الكرز، الفلفل الحلو بألوان مختلفة، البطيخ بأحجام صغيرة (وزارة التربية والتعليم الإماراتية، 2009).
تجربة إدارة التربية الخاصة بمنطقة الدمام:
انطلق مشروع (مركز الطموح والأمل لتأهيل الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة لسوق العمل) من مديرة إدارة التربية الخاصة سابقا الأستاذة نادية المهنا الدوسري في العام 1430هـ، وتمثلت رؤية المشروع في تحقيق الاستقلال الاقتصادي للطالبات من ذوات الإعاقة.
تجربة منطقة عسير:
هو مشروع لمركز بصمتي ابداع واتقان في عسير (أبها) في إسكان طالبات التربية الخاصة للبنات بأبها يستهدف الطالبات ذوات الإعاقة من جميع الفئات (صم ـ كفيفات ـ فكري ـ تعدد عوق) من سن 15 فما فوق.
ويقوم المشروع على تأهيل وتدريب الفتيات ذوات الاعاقة (ممن أكملن دراستهن أو ممن لم يحالفهن الحظ في مواصلة تعليمهن) مهنياً ومساعدتهن على اكتساب الخبرات المتنوعة عن طريق الدورات المجانية المكثفة في المجالات المختلفة للممارسة والاندماج في سوق العمل وفق خطة طويلة المدى.
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع