الكاتب : الياس طباع
إن الخوض في موضوع دمج الأطفال المعوقين عموماً والأطفال المعوقين سمعياً خصوصاً يشكل أمراً ذا أهمية قصوى في فلسفة وبرامج التربية الخاصة والخدمات التي تقدمها دفاعاً عن حقوق المعوقين وتلبية لاحتياجاتهم واحتراماً لكرامتهم. ولن يتسنى لنا معرفة جدية هذا الأمر ما لم نضعه في إطاره الصحيح وسياقه المشخص ونتعرف على الاتجاهات السائدة في مدارسنا والمهيمنة على واقعنا والتي تشكل صمام الخطورة ومحور الإشكالية التربوية الثقافية في مجتمعنا. ومن الطرافة إن بعض هذه المدارس والمؤسسات التربوية تعيش حالة من الهجانة في بعدها عن محيطها الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي ولا تزال أسيرة ثقافة نخبوية منغلقة لا تقيم وزناً للعلاقة بين «الأنا» و«النحن» بين «الداخل والخارج».
ومن هذا الجانب يغدو الإعلام مقصراً بحق هؤلاء الأشخاص المعوقين، ولكن من جهة أخرى، فإن بذور الدمج قد نمت وترعرعت بفضل الحركات والمؤسسات الداعية للدفاع عن حقوق المعوقين وبفضل حملات التوعية الداعية لتغيير الاتجاهات نحوهم وبفضل البحوث والدراسات التي تشرع لمثل هذا الدمج الراشد والواعي.
ويمكن لنا من خلال التأمل في التطور التاريخي للتربية الخاصة أن نتبين التحول الكبير من ممارسة العزل والرفض نحو تطبيق الدمج والقبول، وصارت الكثير من دول العالم تتبنى فلسفة الدمج للجميع باستثناء ذوي الإعاقات الشديدة والتوجه الحالي يطالب معلم الصف العادي بمسؤولية تعليم الطلبة من ذوي الإعاقة مع توفير نظم الدعم التنظيمي والإداري والتدريسي.
غير أن معارضي هذه الرؤية وهذه الفلسفة يرون أن الدمج لن يحسن أداء المعلم في التربية العامة أو الخاصة ولن يطور التعاون بينهما وبأن هذا سيؤدي إلى الغاء مهنة التربية الخاصة حسب آرائهم وحساباتهم غير الواقعية وغير الدقيقة، معتقدين أن فلسفة الدمج تعني اغلاق فصول التربية الخاصة وتعليم جميع الطلبة من ذوي الإعاقة السمعية في مدارس السامعين.
لقد عرف الدكتور جمال الخطيب المختص بالتربية الخاصة الدمج بقوله: ((الدمج يعني توفير فرص التعلم القائمة على المساواة للأطفال ذوي الإعاقات البسيطة من خلال الحاقهم بالبيئة التربوية الأكثر ملاءمة وقدرة على تلبية احتياجاتهم في الفصل الدراسي العادي (……..) أو في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والفنية غير الأكاديمية)).
فإذا كان الدمج كهدف يتفق حوله الجميع فإن الاختلاف يبقى حول الشكل والوسيلة التي يتحقق بها هذا الدمج. وإذا كان مصطلح (الدمج) جديداً على دولنا العربية، إلا أنه كان يمارس وكان سائداً في مدارسنا قديماً بطريقة تلقائية ودون تصنيفات أو شروط أو تعديلات.. وإذا كان هناك فصل بين التربية العامة والخاصة فإن هذا الفصل وهذه الثنائية يكون ضحيتها كثير من التلاميذ الذين لا ينتمون كاملاً إلى التربية العادية ولا ينتمون كاملاً إلى التربية الخاصة وهم يوضعون في مدارس التربية الخاصة رغم أنهم ليسوا معوقين.
.
أهم المواصفات التي ذكرها (جاري نكس ـ 1976) هي التالية:
وأي طفل معوق سمعياً سواء كانت إعاقته شديدة أم بسيطة إذا توفرت له هذه الشرط يمكن أن يحقق الدمج الناجح، وإذا لم تتوفر فالدمج في هذه الحالة يضره ويضيع وقته.
أخيراً، أن تكون هناك علاقة وطيدة بين مدرس الصم والمدرس العادي من جهة وبينهم وبين أسرة الأصم من جهة أخرى.
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع