0 تعليق
480 المشاهدات

زينب الطنيجي.. قصة نجاح في كسر عزلة التوحد والتفاعل مع الحياة



[B][COLOR=#0C0C0B]عالم استثنائي، ذلك الذي يعيشه التوحديون، عالم فيه وحدة حولتها زينب الطنيجي «20 سنة» المصابة باضطراب التوحد، أن تضيء عتمتها، وتكسر قيد عزلتها عن طريق رسومات كونت من خلالها عالمها الخاص بها، عبر شخوص لها أسماء ولها حياة، ومساحة سعادة، فأصدرت تجربتها كتاباً أطلقته في المعرض الدولي للكتاب 2013، في دورته التي اختتمت 29 أبريل الماضي، ضمن حلقة نقاش نظمتها هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، ضمت كتابين يحكيان قصة نجاح شابين إماراتيين من الإعاقة، منهما كتاب «ألوان الحياة» لزينب الطنيجي.

(أبوظبي) – تناول كتاب «ألوان الحياة»، لزينب عبدالحميد الطنيجي، الموظفة بقسم الموارد البشرية التابع لباريس جاليري، توالفاً بين الكتابة والرسومات، التي شغلت مساحة مهمة منه، واستكشف العوالم التي يعيشها من يعانون اضطراب التوحد، بمساعدة الكاتبة صالحة عبيد حسن التي استطاعت الوصول، من خلال 6 لقاءات متفرقة، ما جعلها تتعرف إلى أسرار عوالمها والتقرب من اضطراب التوحد، الذي يظل غامضاً رغم ما يكتب عنه. وتأتي هذه المبادرة بالتعاون بين الهيئة ودار كُتَّاب للنشر، في إطار مبادراتها المجتمعية الداعمة للمبدعين من كل فئات المجتمع؛ بهدف إلقاء الضوء على المبدعين الجدد في الإمارات من جهة، وفي الوقت ذاته، تمكين المعاقين من الاندماج في المجتمع بصورة طبيعية.

ألوان الحياة

تبدأ زينب الطنيجي حكايتها في خطوتها الأولى، واصفة الحالة، التي كانت تعيشها في الصغر، بقولها «أدركت منذ خطواتي الأولى أن هذا العالم لن يكون بالنسبة لي كالبقية»، وهي في العشرين من عمرها، وقد تمكنت من كسر طوق التوحد بالرسم، بعد أن وجدت ضالتها في أفلام الكرتون، التي تعتمد على الخيال الخلاق.

وتروي زينب في كتابها «ألوان الحياة» عدم قدرتها على التواصل مع الآخرين لأسباب كانت غامضة عليها، وتلقي الضوء على دور أمها في تشجيعها على الخروج من هذا الأسر بالاعتماد على ذاتها والعمل. وتقول صالحة عبيد حسن، التي كتبت قصتها بالاستعانة بزينب نفسها وبالاستناد إلى والدتها: تعرَّفت إلى زينب الطنيجي من خلال إحدى مبادرات تنمية المجتمع التي تعنى بتفعيل دور المعاقين، وتسلط الضوء على إبداعاتهم، حيث اطلعت على تقارير طبية لزينب وتقربت منها كثيراً، كما تحدثت مع والدتها لسد الفراغ الذي كنت أجده عندما أتحدث معها.

تجربة

وتضيف صالحة عبيد: كنت متخوفة في بداية التجربة، لكن بتوالي الجلسات، بيني وبينها تارة، وبيني وبين والدتها لسد النقص الحاصل في التواصل، تعودت عليَّ، وبدأت أفهمها وأستشعر أحاسيسها، وبالفعل أدركت قيمة الإنسان الداخلية رغم ما ينقصه في بعض الجوانب. وتصف عبيد موهبة زينب الطنيجي في الرسم بأنها جميلة، وتقول «كتاباتها قليلة، ولكن رسوماتها معبرة جداً، بل هي عالمها الذي تتواصل وتحلم من خلاله، تبني شخصيات وتبث فيها الحياة، ومن خلال 6 جلسات استطاعت عبيد أن تعيد حكاياتها من جديد بلمسات الكاتبة المؤثرة في القارئ».

وتشير عبيد إلى أنها تواصلت مع الطنيجي من خلال الحديث حيناً، وحيناً آخر عن طريق الكتابة خاصة باللغة الإنجليزية التي تفضل الحديث بها، موضحة أن علاقتها بالطنيجي تجاوزت مهمة الكتابة إلى صداقة تعتز بها، وتسترسل عن عالمها الاستثنائي جداً، الذي بدأ معها كما لم يبدأ مع الآخرين، بحاجز غريب، ومريب من العزلة القسرية، والوحدة المستشرية، والانغماس في الذات البعيد، ليشل فيه قدرته على النمو الإنساني المتكامل، وبشتى الطرق السهلة.

وتضيف: بدأت من وحدتها، التي فرضها عليها اضطراب التوحد، نقطة صراعها الأولى، حيث كانت مع ذات ترفض الآخر، وكانت هناك حكايات طويلة من التعثر تتضمن الأسئلة والحيرة والتردد، والاستسلام في مراحل، والتحليق في مراحل أخرى، استطاعت أن تجد لنفسها مساحة تخصها، حيث كونت معها وبها شخصيتها المستقلة، زينب الإنسان، التي بمسحة لون واحدة تهدم التوحد وتتسامى بروحها لتعيش الدنيا.

وتتابع: بالنسبة لزينب الهرب من الوحدة كان يعني أن ترسم، والفرار من الهزيمة كان يعني أن تواجه الخارج بكل عواصفه، وهنا نحن سنبدأ من الداخل العميق جداً، من أولى علامات استفهام ارتسمت في ذهن الفتاة عن وحدتها.

ذاكرة

والكلام لزينب الطنيجي: التوحد لا يستكشفه البعض في بدايته، وتقول إنه لم تظهر عليها أي ملاحظات، غير الهدوء أحياناً وإفراط في الحركة في أحيان كثيرة، وارتبط ذلك بمرحلة ما قبل المشي، أما فيما بعد فإنني كنت لا أستطيع الوقوف دون مساعدة، وبعد جهد جهيد ومثابرة من أمي استطعت المشي في سن متأخرة نسبياً في الثالثة من عمري، وبعد هذه المرحلة بدأت تخف حركتي المفرطة إلى أن اختفت تماماً، لم يعد يجذبني أي شيء شعرت بسور مبهم يلتف حول حواسي ويعلو يوماً تلو آخر، كل شيء صار باهتا وبعيداً وضبابياً.

وفي إشارة للعالم الذي أصبحت تعبر من خلاله وهو الرسوم المتحركة في التلفاز، كانت تسبح زينب بمخيلتها بعيداً مع تلك الهالات الملونة والأجساد المتحركة، ومن هنا استطاعت أن تخلق عالماً خاصاً بها تتواصل من خلاله وتحلم من خلاله أيضاً، وتوضح أن إغلاق التلفاز كان يدخلها في نوبة بكاء تدوم طويلاً، وكانت ترفض عالم الواقع، ولكسر عالمها المغلق بدأت عائلتها تبحث لها عن التدريس من خلال مدرسة تناسب حالتها الصحية، تعليم وتفاعل يخرجها من عالم التلفاز الذي تقول إنه ألقى بظلاله على عملية تطور النطق والتعلم لديَّ، ما دفع أختها للبحث عن مدرسة تخرجها من عزلتها وارتباطها بعالم التلفزيون، ودخلت إحدى المدارس، حيث لم تستجب للعملية التعليمية كبقية أفراد صفها، مما جعل والدتها تبحث لها عن طبيب يصف حالتها، ليخبرها هذا الأخير بأنها تعاني التوحد، وهنا بدأت رحلة أخرى.

عالم الخوف

تلقي الطنيجي الضوء، على مجموعة من المدارس التي لم تكن مؤهلة لاستقبال حالتها، كاشفة المعانات التي يصادفها الآباء في البحث عن مدرسة جيدة تحتوي حالات التوحد وترسم خطاً واضحاً أمامهم وتزيل الغشاوة عن أعينهم.

وتقول واصفة المدرسة: غرف كثيرة، فتيات وسيدات، كنت أشعر بالخوف الشديد عندما أدخل المكان الذي تأخذني إليه والدتي، لم أفهم ما تتحدث عنه والدتي، لكن كنت أسمع اسمي يتردد على لسانها، وهي التي كنت أرفض أن أتركها، وعندما أراها أشعر بأنني أعود للعالم من جديد»، وتضيف الطنيجي «كنت أشعر بشيء يرتج في داخلي وأنا أسمع المعلمات يتحدثن، كرهت هذا البيت المملوء بالغرباء، كان يسيطر علي ذلك الحاجز الذي لم تفكه أي معلمة بالتقرب مني ما جعلني أترك المدرسة».

وغادرت مدارس عدة لم تكن تجيد وفق قولها التعامل مع حالتها، إلى أن استقرت بها الحال في مدرسة أخرى أحبتها واستطاعت أن تفرز موهبتها.

عالم الرسم

وشكلت عالماً خاصاً بها يزيح تلك الغشاوة التي تبلل رؤيتها، من خلال الرسم الذي برعت فيه وأنتجته بغزارة ما دفع والدتها للبحث لها عن مدرسة متخصصة في الرسم لتصقل مواهبها، وتقول: لم يكن بالنسبة لي تعلماً جافاً، كسر الضيق في عالمي، وهناك رأيت الكثيرين يتشاركون معي ذلك الشغف، وهو الرابط الوحيد الذي استطعت تكوينه خلال سنوات عمري المختلفة، الشغف هو بوصلتي التي توجهني تجاه الآخرين، منفذي إليهم ومدخلهم إليَّ، وأن تشاركني الشغف يعني أن تتواصل معي بأكثر الطرق حضارة ورقياً، طريقة تتجاوز الكلمة وتضاهي الصوت، وبعد ذلك وجدت عالمها الذي فك عزلتها انكبت على ممارسة الرسم الإلكتروني بشراهة أمام الكمبيوتر.

طموح في مواجهة الأفكار السلبية

تقول زينب الطنيجي، إن والدتها وجدت لها وظيفة، لكنها لم تستوعب الأمر بداية، محاولة شرح ذلك قدر مستطاعها في إسقاطه على عالم المدرسة المربك في نظرها، ومحاولات الدمج في المدارس التي عانت منها سابقاً، موضحة أن والدتها أزاحت هذه الأفكار السلبية بصرامة وأقحمتها في عملها، وكان عملاً مكتبياً لافتة إلى أن والدها شجعها، وقال لها إنه سيكون فخوراً بها، ورغم عملها البسيط، كما تقول الطنيجي، حيث بدأت متدربة تطبع الأوراق وجداول، فإنها كانت تتقنه على أتم وجه، موضحة أنها تعاني نظرات تجاهل من الناس الآخرين العاملين معها، ثم بدأت الأعمال تتجمع إلى أن فاضت عن قدرتها، ما تسبب في تذمرها، والرغبة في ترك العمل، لكن إصرار والدتها كان يجعلها تواصل وظيفتها. وأوضحت أن عدم التقدير قد يجعلها تعود لحياة اللاشيء من جديد، وأبدت تذمرها من عدم التقدير، حيث ترغب في الالتحاق بقسم التسويق، لكن إصرارها ودعم والدتها كانا يجعلانها تواصل الطريق، موضحة أن قسم التسويق هو حلمها المستقبلي لما تمتلك من قدرات خلاقة في مجال الرسم، بالإضافة إلى قدرتها العالية على الإبداع في هذا المجال، مستندة على ما تعلمته من رسم. وتحاول الطنيجي أن ترسم خطوات جديدة لتخرج من عزلة التوحد، وتعبر عن ذلك بقولها: أحتاج من العالم أن يتقبلني بدرجة أكبر وأن يفهمني، وأن يمد أصابعه لتلمس أصابعي، وأن يرهف أسماعه ليصل إليه صوتي، كل ذلك لن يكون له أن يحصل إلا بكم ومن خلالهم وهذه القصة ستكون الجسر بيني وبينكم.[/COLOR]

[/B]

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3776 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4152 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0