الكاتب : فايز محمد عيد جابر
يمكن لمعلم الفصل العادي أن يقوم ببناء خطة علاجية بالاستعانة بالخطوط الرئيسة للخطة تتضمن إعطاء مهمات واضحة للطفل وتعزيزه كلما طالت فترة الانتباه بغض النظر عن النتيجة.
يعد تشتت الانتباه من المعوقات الرئيسة لتفاعل الطفل مع البيئة المحيطة، وبخاصة البيئة الصفية، إذ يقلل من فرصته على التعلم بفاعلية. وقد تصدر عنه أنماط سلوكية غير مناسبة مما يؤدي إلى تشتت انتباه زملائه وكذلك معلميه، وتزداد آثار التشتت السلبية مما يخلق صعوبات لدى المعلم في إدارة الصف. وقد يشير تشتت الانتباه لدى الطفل إلى مظاهر الإعاقة الانفعالية لديه وتتراوح في شدتها بين البسيطة والمتوسطة (Shea, p.44, 1978).
يقصد بالانتباه: النظر والإصغاء إلى مثير معين لفترة زمنية تسمى مدة الانتباه Attention Span، وهي الفترة التي يستطيع الطفل فيها أن يركز على موضوع معين. وهو أحد المهارات الأساسية للتعلم. أما تشتت الانتباه فيشير إلى الوضع الذي يتجه فيه الانتباه إلى موضوع لا يتلاءم مع الأنشطة الصفية، ويظهر ذلك عندما يتشتت الانتباه بين موضوعات متعددة أو عندما ينحرف الانتباه نحو موضوع غير مناسب، أو عندما يتشتت الانتباه بسبب وجود أفكار أو مشاعر متضاربة.
وتشير التقديرات إلى أن (5 إلى 10%) من الأطفال يعانون من حالات ضعف وتشتت الانتباه (حمدي 1988، ص 394).
يتطلب النجاح المدرسي عادة أن ينتقي الطفل بين المثيرات المتعددة والموجودة في غرفة الصف تلك المثيرات ذات العلاقة بالتحصيل، وأن يهمل غير الملائمة، فيفترض بالطفل أن يستمع لصوت المدرس وألا يستمع إلى أصوات السيارات في الخارج أو الطلبة الذين يشوشون، كما يفترض به أن يرى الكلمات المكتوبة على السبورة أو على صفحة الكتاب التي يقرؤها وليس على لوحات الحائط أو ملابس المعلم.
تسمى المثيرات البارزة في موقف ما ـ والتي تكون موضع الإدراك والانتباه في وقت معين ـ بـ «الشكل»، بينما تسمى المثيرات الأخرى ـ التي توجد في الموقف نفسه دون أن تكون موضع إدراك وانتباه مباشر ـ بـ «الخلفية». إن الطفل الذي يعاني من صعوبات الانتباه لا يستطيع أن يحتفظ بصوت المعلم في الشكل ويبقي الأصوات الأخرى في الخلفية مما يؤدي إلى تعطيل عملية التعلم وتقليل فرص النجاح لديه بسبب انتقاله من مهمة لأخرى دون انجاز.
يرجع تشتت الانتباه إلى مجموعتين من الأسباب؛ الأولى: مرتبطة بالعوامل ذات العلاقة بالمناخ الصفي غير المناسب، منها: طبيعة المادة التعليمية، أو أسلوب التدريس، أو الوسائل التعليمية غير المناسبة، أو كثرة المشتتات داخل الصف وخارجه. كما أن ارتفاع مستوى القلق والتوتر داخل الصف يضعف قدرة الأطفال على التركيز ويعطل أداءهم التحصيلي. أما فيما يتعلق بالمجموعة الثانية فهي مرتبطة بالطفل نفسه ونذكر منها:
يتطلب علاج تشتت الانتباه وضع خطة علاجية متكاملة تأخذ بعين الاهتمام أسباب تلك المشكلة، وقد يتم معالجتها كحالات فردية أو من خلال الإرشاد الجمعي أو ضمن برامج لتعديل السلوك موجهة للصف بأكمله. وسنتعرض لإحدى الحالات التي تعاني من تشتت الانتباه، والخطوات العلاجية التي تم استخدامها لمعالجة هذه المشكلة.
«عالية» طفلة تبلغ من العمر 7 سنوات، أنهت الصف الأول الأساسي بصعوبة، إذ كانت تعاني من صعوبات في تعلم القراءة والكتابة وتآزر الحركات الدقيقة، كما كانت تعاني من التشتت السريع والعجز عن التركيز.
لم تظهر عليها أي دلائل مرضية خطيرة، فهي تستجيب للأسئلة بطريقة ملائمة، وتعرف ما يدور حولها، وقد أبدت تفوقاً في التفاعل الاجتماعي مع الآخرين، إلا أنه كانت تبدر منها بعض العلامات الدالة على التشتت السريع في الانتباه والتبرم من بعض أنواع النشاط التي تحتاج لاستغراق وانتباه للتفاصيل الدقيقة.
الاختبارات التي طبقت على الطفلة «عاليه» هي:
من خلال تلك الاختبارات التي طبقت على الطفلة «عالية» تبين بأنها تمتلك قدرة عقلية عادية، كما أنها حصلت على درجة أعلى من المتوسط فيما يتعلق بالنضج الاجتماعي، إلا أنها حصلت على درجات منخفضة في الاختبارات التي تتطلب انتباهاً وتركيزاً دقيقاً على التفاصيل والتذكر القريب.
تبدو مشكلة الطفلة «عالية» الرئيسة فيما يلي:
للتغلب على الصعوبات السابقة، ولمساعدة «عالية» في حل مشكلتها، تم التركيز على الجوانب التالية بالتعاون ما بين الأسرة والمعلمة وهي:
وذلك لمساعدتها على تنظيم وقتها والاستفادة بقدر الإمكان من الوقت المتاح للدراسة من خلال:
تم الطلب من المعلمة ضرورة توفير المواد التالية لمساعدة «عالية» في التدريب: أدوات مدرسية، دفاتر، أقلام تلوين، أوراق ملونة، مسطرة، ممحاة، مبراة، كتب بسيطة لتعليم القراءة، نجوم لاصقة بألوان مختلفة، دفتر مكافآت، مقص، ألوان مائية، قطع حلوى، عداد أرقام وسبورة. وتم تصميم التدريبات التالية لمعالجة تشتت الانتباه لديها:
وقد أشارت التقارير المتجمعة من قبل معلمة الطفلة «عالية» وأسرتها إلى وجود مزيد من التقدم الأكاديمي وقدرتها على التركيز والانتباه، كما زادت قدرتها على تحــمل الإحــباط (د. ابراهيم ورفيقاه، 1993).
يمكن لمعلم الفصل أن يقوم ببناء خطة علاجية لتشتت الانتباه من خلال الاستعانة بالخطوط الرئيسة للخطة وتكييفها، مع الأخذ بعين الاهتمام أسباب المشكلة، وتهيئة فرص النجاح المتاحة أمام الطفل. وفيما يلي توضيح للعناصر الأساسية لبناء هذه الخطة:
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع