أطفال عاديون، شاء القدر لهم أن يعيشوا بدون بصر، لكن حب الحياة المغروس في قلوبهم وحدهم علي حب هذه الرياضة الشهيرة، والتي يرون من خلالها الحياة بشكل مختلف، وأجمل وهي رياضة “الكاراتيه”.
لا يمارس هؤلاء الاطفال لعبة الكاراتيه عن طريق الرؤية التقليدية، كباقي لاعبي العالم، بل يمارسونها عبر حدسهم واعتمادهم بشكل كبير علي حاسة السمع، فبمجرد سماعهم صوت صفارة المدرب “حسن الراعي” الذي يقوم علي تدريب الفريق من البداية ، يتحرك الأطفال بأيديهم وأجسامهم منطلقين بحسهم العالي وشعورهم تجاه الأجسام المتحركة حولهم، وبمساعدة معلمهم الذي كان بمثابة الأخ والمدرب والمعلم لهم، فأصبحوا اليوم من أهم الفرق التي تمارس هذه الرياضة في النادي .
بدون أخطاء يتحركون كأنهم يرون كابتنهم أمامهم، فيصطف اللاعبون الثمانية أمام مدربهم بمجرد سماع صوته ينادي عليهم بكلمات الرياضة الخاصة بالتمرين، فيقف أكبرهم الذي يبلغ من العمر 14 عاما حتي أصغرهم البالغ 6 أعوام .
ويقول الكابتن حسن الراعي خلال حديثه لمراسل (خبر):أن هذه التجربة هي الأولي من نوعها علي مستوي الشرق الأوسط ،وهي رائعة جدا، وأن هؤلاء الأطفال بداخلهم طاقات كبيرة ، وسيأتي يوم ويمثل هؤلاء الأطفال فلسطين في جميع المحافل العربية والدولية.
وأضاف الراعي : أنني أشعر بالفخر وأنا أقوم بتدريبهم ، وواجب علينا نحن كمجتمع أن ندمج هذه الفئة بيننا بشكل جيد، وأكد أن هناك تهميش كبير علي الصعيد الرسمي بحقهم وبفئة ذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الاعاقة ، وعلينا نحن أن نغمسهم بالمجتمع فهم يملكون قدرات خارقة لو استغلت بالمكان المناسب سيخرج منهم من يغير مجري التاريخ علي حد تعبيره.
وناشد الراعي، جميع المسؤولين المختصون بالرياضة الاهتمام بذوي الاعاقة ، والاهتمام بالمكفوفين بشكل خاص، فهنا علي صعيد التدريب حتي “البساط” وهو الأرضية التي يمارس عليها اللاعبون التدريب تم أخذه علي سبيل الاعارة، وهو ملك اتحاد الكاراتيه وليس لنا، ونتمنى أن يكون هناك راعٍ لنا، وأن يتم توفير ابسط الامور مثل المواصلات ونقل الطلاب من منازلهم ذهابا وايابا فتكاليف نقلهم كبيرة وتمثل كاهل كبير علي ظهور أولياء أموره.
وعن طموح الراعي ونظرته للفريق الجديد قال : أريد ان أُخرج من هذا الفريق أطفال يمثلون فلسطين في كل محافل العالم الدولية والعربية، وأن يكون هناك منتخبا كاملا يمثل فلسطين علي مستوي العالم.
الطفل “محمود حيدر” فاقد البصر ولكنه سريع البديهة، فبمجرد احساسه بنا أننا نراقبه لتصويره، تحرك بسرعه ليرينا ما تعلمه من بعض الحركات.
الطفل حيدر في حواره مع مراسل “وكالة خبر” أكد علي أن هدفه الرئيسي اليوم هو تعلم رياضة الكاراتيه، لكي يستطيع أن يدافع عن نفسه بشكل أفضل، فهو يشعر بالعجز لآنه لا يري من حوله، ويشعر بالخوف أيضا، هذه اللعبة تكسبنه بعض الثقة لكي لا يشعر بالخوف الذي كان يشعر به.
وأضاف حيدر البالغ من العمر 9 سنوات “أنني أشعر بالنشاط الكبير ، واني أطمح بشكل كبير في أن أمثل بلدي فلسطين امام العالم” .
وشكر حيدر ذويه الذين وقفوا بجانبه في محنته وشكر ايضا المدرب حسن الراعي الذي اتاح لهم هذه الفرصة “الحلوة” علي حد تعبيره لكي يتعلم .
وفي أخر الصالة الرياضية تشاهد أم محمود حيدر ابنها بنظرة ممزوجة بين أمل وفخر والخوف علي ابنها الفاقد للبصر ،فتراه يلعب بين زملاءه بدون أي عائق ، متابعة ً بحذر كل حركة يقوم بها.
وقالت أم محمود أنني أشعر بالفخر الكبير بابني لكني أشعر ببعض الخوف تجاهه ، فبالنهاية هو كفيف وفاقد للبصر، خوفي يكمن بأن يتعرض لضربة من زملاءه أو وقوعه في التمرين ، لكني كأم أردت أن أمنح ابني بعض الاهتمام ليمارس حقه كباقي الأطفال العاديين في اللعب والرياضة، ولكي يشعر بأن له كيان موجود كباقي اخوته.
وأكدت أم محمود أن طفلها رغم اعاقته، يمتلك الابداع بإحساسه، ودعت المسؤولين بأن يهتموا بهذه الفئة ،وبابنها فهو يحتاج بالفعل الي الاهتمام والي تنمية قدراته.
نصف الحياة حلم ونصفها الأخر حقيقة كما يقال، فالحقيقة هنا أن أطفال مكفوفين حققوا نور البصر وهم فاقدون له، فهل يستمر أبطالنا المكفوفون في تحقيق حلمهم ؟
أم سيخيم ظلام اهمال المسؤولون والمختصون علي مستقبلهم الرياضي ؟
المصدر: وكالة خبر الفلسطينية للصحافة .