[B][COLOR=#060606]سيدة تحمل من الذكريات بقدر ما حملت مراكب الكويتيين الأوائل من آمال وأحلام، مراكبهم الذين جابوا بها دول العالم عندما كانت الكويت في طور التكوين الحديث، كيف لا نبدأ الحديث عنها وهي ابنة أحد «نواخذة» تلك السفن، وتفخر كثيرا بأن يطلق عليها «بنت النوخذة» وهو اللقب الأقرب لها. لولوة القطامي السيدة العصامية الرائدة في عدد كبير من المجالات، ساهمت بدور لا ينكر في نهضة بلدها، وكتبت لها الريادة في أكثر من مجال. مثلا، كانت أول كويتية تسافر للدراسة في بريطانيا في بدايات خمسينيات القرن الماضي، وانطلقت كذلك بحلمها لتأسيس أول جمعية نسائية كويتية، بل من أوائل الجمعيات النسائية في الخليج العربي، كما تكشف من خلال حوار ذكريات شيق متشعب، ممتد بامتداد ما تحمل سيدة بهذا الحجم التاريخي من عطاءات عن أنها حصلت على منصب نائب رئيس في اتحاد الطلبة في جامعة أدنبره في اسكتلندا. 50 عاما من العمل التطوعي، استطاعت به أن تحقق كثيرا من أحلامها وأحلام بنات جيلها، بل وبنات الأجيال اللاحقة، وتؤكد أن الإصرار والعزيمة من أهم أسرار نجاح أي عمل مهما كان يراه الناس مستحيلا. بنت النوخذة، لولوة القطامي وحديث شيق ممتد من الذكريات. فإلى التفاصيل:
[IMG]http://im39.gulfup.com/vnhbo.jpg[/IMG]
لولوة القطامي متحدثة للزميلة دانيا شومان
كم تحبين لقب «بنت النوخذة» الذي اطلق عليك؟
٭ انا افتخر كوني بنت النوخذة ولقب بنت النوخذة كان يطلق أيام ما قبل ظهور النفط في الكويت على بنات النواخذة، لأن نواخذة الكويت هم أساس اقتصاد البلاد في ذلك الوقت، وكلنا يعلم تضاريس الأرض الكويتية التي لا ينبت بها الكثير بسبب ندرة المياه ومناخها الصحراوي الجاف، حيث كانوا نواخذة الكويت يبحرون بسفنهم إلى الهند وسواحل أفريقيا ويجلبون كل شيء إلى الكويت من مأكل وملبس وأخشاب لبناء منازلهم وسفنهم، ويغيبون عن البلاد ما بين خمسة وستة أشهر على ظهور سفنهم البدائية ذات الشراع، فكيف لا أفخر بأني ابنة ذلك البحار الشجاع «النوخذة».
دعينا نعود معك بالذاكرة إلى عام 1952 عندما كنت أول خليجية تسافر إلى بريطانيا لطلب العلم، كيف رأيت الفرق يومها بين الكويت وبريطانيا؟
٭ لا يمكن أن أقارن بين الكويت وبريطانيا في ذلك الوقت، فأنا أعلم أن بلدي في طور التكوين والتنمية بينما بريطانيا بلد عريق في تكوينه علميا وسياسيا وصحيا واجتماعيا، ولهذا السبب سافرت إليها لطلب العلم وذهابي إلى بريطانيا كان طلبا من والدي رحمه الله الذي لا أنسى كلماته وتشجيعه لي، وترديده الدائم لبيت الشعر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلا
سافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة
علم وآداب وصحبة ماجد
سنوات الدراسة الأولى هي سنوات الحلم، ما الذي تتذكرينه من أحلام السنوات الأولى؟ وما الذي تحقق منها؟
٭ عندما ذهبت إلى بريطانيا عام 1952 لم يكن ببالي بأني سأصبح مدرسة حيث التحقت في مدرسة داخلية فرنسية في جنوب بريطانيا لأتعلم اللغتين الفرنسية والإنجليزية ولكي أتعلم الموسيقى أيضا التي كنت مغرمة بها، قضيت بها سنتين ومن ثم طلب والدي رحمه الله أن انتقل الى مدرسة داخلية أخرى إنجليزية حيث قرر أن التحق بكلية التربية لأصبح مدرسة في الكويت.
في هذه المدرسة كان التعليم باللغة الإنجليزية للتأهيل بأخذ شهادة مستوى المتوسط ويسمى O Level ومستوى الثانوي ويسمى A Level ليمكنني من الالتحاق بكلية التربية. والتحقت بكلية التربية في جامعة أدنبره في اسكتلندا وأقمت بها سنوات وكنت الطالبة العربية الوحيدة هناك، والتحقت باتحاد الطلبة في الجامعة وخلال الانتخابات حزت الكثير من الأصوات حيث تأهلت إلى أن أكون نائب الرئيس ولمدة سنتين.
خلال وجودي في الاتحاد تعلمت العمل التطوعي فأحببته لما فيه من علم ودراية بالمجتمع الاسكتلندي وقمنا بزيارات إلى دور كبار السن والمعاقين كما كنا نساهم في كثير من الأنشطة خلال الاحتفالات سواء على مستوى الجامعة أو المجتمع، وهذا العمل غرس بي حب التطوع.
هل كنت تتصورين أن تصلي إلى ما وصلت إليه كرمز ورائدة للعمل النسائي في الخليج؟
٭ من جد واجتهد وجد.. ولأن العمل التطوعي في دمي فقد أعطيت الكثير من وقتي وصحتي وكان توفيقي من الله سبحانه وتعالى كبيرا والحمد لله.
لو عاد بك الزمن إلى الوراء في بداياتك الأولى ما الأشياء التي كنت ستغيرينها في حياتك؟
٭ عندما كنت مدرسة في المرقاب، كنت أول مدرسة كويتية تدرس اللغة الفرنسية، وذلك في عام 1960 جاءني مراسل من جريدة صوت الخليج، التي كان يرأس تحريرها إبراهيم خريبط، رحمه الله، وعمل معي لقاء اسمه «80 سؤالا مع مسؤول» ومن ضمن الأسئلة كان هناك سؤال يقول ماذا تحبين أن تفعلي للكويت؟ فأجبت يومها: «لو كنت مديرة بلدية الكويت، لعملت على تزيين الشوارع بزهرة الفنكاروزا التي تقاوم الحرارة وتزهر على مدى عام تقريبا بألوان زاهية، ولو كنت وزيرة الأشغال أرصفت كل طرقات الكويت بالزفت الموجود عندنا.
كما تمنيت أن يكون هناك سوبر ماركت في كل منطقة في الكويت بحيث اشتري الجرائد والمجلات والمواد الغذائية بسهولة دون العناء والذهاب إلى داخل مدينة الكويت لأشتري عود الكبريت، ولكن اليوم أقول الحمد لله كل ما تمنيته تحقق.
كيف تشكل حلمك «الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية» وكيف بدأت الفكرة؟
٭ سبق وقلت ان وجودي في اتحاد الطلبة في اسكتلندا وخروجي تطوعا لأعمال إنسانية غرس بي حب العمل التطوعي، فعندما عدت إلى الكويت وصادف وجود أول دفعة جامعية من نساء الكويت وتقريبا كنا جميعنا في المدرسة نفسها، بدأنا بالحديث عن عمل تطوعي يخدم البلد ويكون رافدا لوزارات الدولة، فكنا نجتمع في غرفة الاستراحة في المدرسة ونتحدث عن تكوين ناد نسائي يجمع نساء الكويت اللاتي عندهن حب العمل التطوعي فتبلورت لدينا الفكرة وقمنا بالاستعانة بقانوني يضع لنا البنود والقانون لفكرتنا وذهبنا إلى وكيل وزارة الشؤون محمد الرجيب، رحمه الله، وعندما نظر إلى الاسم «نادي سيدات» انتفض من مكانه وقال لنا «لا يمكن إشهار ناد للسيدات» فخرجنا ونحن بائسات من كلامه وعدنا نتباحث الموضوع وتوصلنا الى شطب كلمة ناد واستبدالها بـ «جمعية نسائية» وبعد مرور بضعة شهور ذهبنا للوكيل الرجيب فوافق لنا على الجمعية، وبعد مرور أسبوع أشهرت في الجريدة الرسمية باسم الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وبدأنا بتكوين مجلس إدارة وكانت أول رئيسة للجمعية هي دلال المشعان، فكانت البداية.. والحلم أصبح حقيقة.
بفضل الحركة النسائية في الكويت التي كنت أحد اهم رموزها… حصلت المرأة على العديد من حقوقها الاجتماعية والسياسية كحق العمل، فكيف تثمنين هذا الدور؟
٭ لا شك أن ما حصلت عليه المرأة جاء بعد صراع دام 50 عاما لنيلها حقوقها، ولكن إلى الآن لم تحصل المرأة على حقوقها الكاملة وعلى الجيل القادم أن يعمل لنيل المرأة كامل حقوقها كحق السكن والجنسية لأبناء الكويتية المتزوجة من غير كويتي، وحل مشكلات الطلاق التعسفي وتعدد الزوجات.
لابد أن تكون هناك قوانين تحفظ حقوق المرأة وهذا ما تسعى الجمعية الثقافية النسائية لتحقيقه في السنوات القادمة بإذن الله، وأتمنى النجاح لشابات الجيل القادم في الوصول إلى حقوق المرأة كاملة.
وراء كل رجل عظيم امرأة.. ووراء كل امرأة عظيمة رجل.. من وقف وراء نجاحك؟
٭ والدي «رحمه الله» الذي أعتبره من أعظم وأشجع الرجال، فالجميع حاربه لأنه أرسلني لطلب العلم خارج الكويت كما كان له أخ قاطعه لمدة 4 سنوات ولكن بعد تخرج ابنته من الثانوية أرسل لي كتابا طلب فيه أن أحجز لابنته فوضعت كتابه في ظرف وأرسلته لوالدي وكتبت له «أنت نجحت في الامتحان» فهو رحمه الله كان شجاعا وصاحب عزيمة قوية.
لا أخفي أنني كنت خائفة جدا من فكرة سفري خارج الكويت وتمنيت لو أنني أذهب إلى بلد عربي فكيف لي أن أذهب إلى بلد أجنبي وكيف أمارس طقوسي الدينية وكيف أعيش في بلد غريب ولكن لم أقل ذلك لوالدي وقتها، لأن هذه رغبته، حيث كان على ثقة أن المرأة الكويتية سوف تصل وتتبوأ مناصب مهمة وكان علي أن أنفذها والحمد لله نجحت في مهمتي العلمية.
ألا يجعلك تشعرين بالفخر أنك كنت سببا في تغيير المشهد الاجتماعي في الكويت بنضالك المستمر لأكثر من نصف قرن؟
٭ بلا شك أشعر بفرح وأتمنى أن نكون أفضل مما نحن عليه وأتمنى على المجتمع الكويتي أن يسعى إلى التنمية الأكثر ازدهارا، فالكويت ينقصها الكثير مثل التنمية وتعديل المناهج، كما يجب بناء مستشفى خاص للكويتيين كما أن التركيبة السكانية في الكويت خطأ، فيجب ان يكون هناك توازن بين عدد المواطنين وعدد الوافدين.
من الصعب أن يتحول الشخص إلى رمز وطني.. كيف فعلت هذا؟
٭ صمودي لـ 40 عاما في العمل التطوعي هو ما حولني إلى رمز وطني، كما أنني كنت ملتزمه جدا في دوامي، فعندما افتتحت جامعة الكويت وكنت مديرة الكلية كان الدوام من الثامنة إلى الساعة الثانية من بعد الظهر فكنت أذهب للكلية الساعة السابعة صباحا وأمكث للساعة الرابعة أو الخامسة عصرا، فهناك أشياء كثيرة علي إنجازها لا استطيع عملها خلال الدوام مثل البريد اليومي، وبعد انتهائي من الكلية أذهب إلى منزلي لأرتاح لمدة ساعة واحدة ثم اذهب إلى الجمعية لأعود إلى منزلي الساعة الثانية عشرة مساء.
40 عاما على هذا النظام بين الكلية وبين الجمعية، وبالطبع هذا ما أعطى نتيجة، أما في يومنا هذا فليس هناك من يعمل ولا من يتطوع سوى قلة من النساء، هناك الكثير من السيدات ليس لديهن أي عمل، أقول لهن: لو تعطين ساعتين للعمل التطوعي في الأسبوع فستقدمين شيئا مميزا لبلدك، لأن العمل التطوعي واجب وطني ولدينا نقص كبير في العمل التطوعي.
لو طلبت منك أن تقسمي حياتك إلى مراحل فكيف ستقسمينها.. وأي مرحلة تحبين أكثر؟
٭ أحب كل مرحلة من مراحل حياتي. أعشق مرحلة طفولتي، ومرحلة الشباب، والدراسة كانت مميزة ورائعة، باختصار كل مراحل حياتي كانت جميلة جدا.
حصلت على الريادة كأول مديرة كلية بنات في الكويت، هل كنت تسعين للريادة أم أن الريادة أتت إليك؟
٭ أنا لم أسع للريادة.
عندما اتصل بي وزير التربية وقال لي سوف نفتح كلية للبنات وطلب مني أن أكون مديرة للكلية، قلت له لا أستطيع، فأنا مدرسة ولا أفهم في إدارة الجامعة وليس لدي المقدرة لإدارة كلية تحتوي على آلاف الطالبات فإذا تريدون أن أكون مديرة الكلية فعليكم أن ترسلوني إلى جامعة لندن لآخذ دورة مكثفة في إدارة الجامعات. وتمت الموافقة، وعدت إلى الكويت وأصبحت أول مديرة للكلية.
فيم يختلف الجيل الحالي عن جيلك.. وهل تعتقدين أنه سيكمل المسيرة؟
٭ أتمنى ولكنه صعب جدا.
المثل يقول: «أبناؤكم خلقوا في زمان غير زمانكم». الجيل الحالي لا يهتم سوى بالمادة فقط، لا يهتم بالعمل التطوعي ولا يعنيه.
والفرق بين جيلي والجيل الحالي أننا كنا نفكر كيف نعطي هذا البلد الذي قدم لنا الكثير، ونعطيه دون مقابل.
وعندما تأسست الجمعية الثقافية النسائية كانت رافدا من روافد وزارات الدولة فكنا نساعد وزارة الشؤون الاجتماعية في أعمال كثيرة، كما تعاونت معنا البلدية، في عمل أسبوع نظافة في الكويت ذهبنا يومها إلى مدير البلدية جاسم المرزوق وطلبنا منه أن نساهم في تنظيف الكويت، وطلبت منه إعطاء عمال البلدية إجازة لمدة أسبوع وإعطائي كل معدات النظافة، وفي أيامها، في عام 1964، كانت الكويت صغيرة، فبدأنا في حملة توعوية وجلنا في المناطق نهتف للنساء قائلين: «النظافة من الإيمان.. لا ترمين النفايات في الشارع.. نظفي شوارع الكويت كما تنظفين منزلك..» كما وزعنا منشورات توعوية أيضا عن النظافة.
وكان عمل ضخم جدا، وعندما انتهينا اتصل بنا مدير البلدية جاسم المرزوق، وقال لنا: «كفيتوا ووفيتوا» وكرمنا خلال حفل شاي داخل البلدية وقدم لنا كأسا من فضة كتب عليه «كأس النظافة». وكانت أول حاوية وضعت في الكويت من الجمعية وكتب عليها الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية وتم تكسيرها أيام الغزو الغاشم على الكويت كما تم إتلاف جميع أرشيف الجمعية.
ما خلطة النجاح التي يمكن ان تقدميها لبنات الجيل الحالي؟
٭ أكرر، هو العمل التطوعي.
فالعمل الصامت هو ما يأتي بنتيجة. أتمنى أن تخدم بنات الجيل الحالي هذا البلد الذي أوصلهم إلى ما هم عليه من تعليم وصحة وتربية وتنمية، يجب أن نعطيها بدون أي مقابل، أتمنى على شباب وشابات اليوم أن يعوا ويردوا الجميل لبلدهم الكويت.نساء الكويت دائما ما انطبق عليهن القول انهن شقائق الرجال، فقد كن دوما مع إخوانهن الرجال يدا بيد وجهدا بجهد من أجل النهوض بهذا الوطن، كم من امرأة تعبت واجتهدت وتميزت حتى صارت كأنها وزير بلا حقيبة. رغبة في إلقاء الضوء على مثل هذه التجارب الناجحة والبناءة، ومن أجل وضع نموذج يحتذى امام فتيات كويت اليوم حتى تقتدين بهن في حياتهن فيما يتعلق بالتعليم والعمل وسائر دروب النجاح، كانت هذه الصفحة «وزيرات بلا حقيبة» صفحة متخصصة نتعرف من خلالها على
رائدات ومختلفات ومميزات، كل في مجالها،
قامت كل واحدة منهن مقام وزير دون ان تحمل حقيبة، وساهمت بعملها، بعلمها، بتميزها، أو بنشاطها في خدمة بلدها الكويت، بل ساهمت في تغيير المجتمع إلى الافضل.
نستعرض خلال هذه الصفحة أحاديث سيدات مميزات يروين تجاربهن الخاصة، على شكل تاريخ مختصر لقصة تميز بطلتها امرأة مميزة جدا.
[/COLOR]
[/B]