ترجمة : هاشم كاطع لازم
يعتبر البروفيسور مايكل فاينريش Prof. Michael Weinrich الذي يعمل في قسمي (دراسة الأعصاب) و (إعادة التأهيل) في جامعة ميريلاند في بالتيمور، أحد الرواد في مجال معالجة الحبسة الكلامية بالاستعانة بالكمبيوتر. ولم تقتصر دراسته على كيفية التعامل مع برامج معالجة الحبسة الكلامية بمساعدة الكمبيوتر للأشخاص المصابين بالحبسة الكلامية أو عدم امكانية ذلك فحسب، إنما تعدى الأمر إلى ما يمكننا تعلمه بشأن علاقات الدماغ باللغة لدى استخدام الكمبيوتر لمعالجة الحبسة الكلامية. وقد نشر الدكتور فانريش دراستين مهمتين حول هذا الموضوع حيث قدّم في دراسته الأولى استعراضاً شاملاً لعملية إعادة التأهيل بالكمبيوتر فيما يتصل بالحبسة الكلامية حيث استنتج امكانية عقد آمال على هذا الأسلوب. بيد أنه أعقب ذلك بتحذير مفاده (إن تسويق برامج العلاج يسبق كثيراً دراسات الفعالية Efficacy Studies، مما يعني أنه رغم أن بعض منافع العلاج باستخدام الكمبيوتر قد تمت البرهنة عليها في بعض الدراسات، فإن الإعلان عن منتجات الكمبيوتر وتسويقها يجعلها تبدو ربما أفضل من واقعها الفعلي. ويبرهن في دراسته الثانية كيف أن العلاج باستخدام الكمبيوتر يمكن أن يساعد المرضى المصابين بالحبسة الكلامية الشديدة والمؤثرة على طلاقتهم الكلامية على استذكار الأفعال Verbs ونطقها إذا ما حصل ذلك بالطبع، في ضوء برنامج معالجة تم إعداده وإدارته بدقة ورويّة.
ومن الباحثين الآخرين الذين استعانوا بالكمبيوتر في علاجهم للحبسة الكلامية ايرول بيكر Errol Baker ومارجوري نيكولاس Marjorie Nicholas اللذان يعملان في مركز بحوث الحبسة الكلامية في مدينة بوسطن، حيث يواصل الدكتور بيكر البرهنة على منافع حقيقية، رغم تواضعها، في إطار برنامج علاجه المشهور الموسوم C-VIC وتعني (الاتصال المرئي الذي يتم تنفيذه بالكمبيوتر)، ويشير مع زملائه إلى أنه أصبح من الممكن الآن التنبؤ بمن سيستفيد من الـ C-VIC باستخدام مجموعة مؤتلفة من عيّنات مكان الأذى وعلامات اختبار الحبسة الكلامية. وقد قام الدكتور نيكولاس بتكييف برنامج الـ C-VIC وعمل على زيادة مرونته باستخدام برنامج علاج للحبسة الكلامية بالاستعانة بالكمبيوتر دعاه (حبسةC-Speak ) والذي صممه على أساس كونه وسيلة اتصال داعمة للراشدين المصابين بالحبسة الكلامية المؤثرة على سلاسة الكلام. وتظهر النتائج الأولية من بحثه في هذا البرنامج آفاق واعدة إلى حد كبير.
يشكل حقل إعادة التأهيل الإدراكي منطقة (ساخنة) أخرى في إطار بحوث علاج الحبسة الكلامية، وتشمل قائمة الخبراء الذين نشروا بحوثهم في هذا الحقل مؤخراً (لسلي غونزاليس ـ روثي Leslie Gonzales – Rothi) من جامعة فلوريدا في غينزفيل، وميرنا شوارتز Myrna Schwartz من معهد بحوث إعادة التأهيل في (موس) Moss (فيلادلفيا)، ومالكولم مكنيل Malcolm McNeil من جامعة بتسبرج، وأودري هولند Audrey Holland من جامعة أريزونا في تسكن Tuscan وسنثيا تومسون Cynthia Thomson من جامعة نورث ويستن في أفانستن Evanston ونانسي هيلم ـ أستابروكس Nancy Helm – Estabrooks من مركز بحوث الحبسة الكلامية في بوسطن.
يسود منهجان أساسيان في البحوث المعاصرة تجري في أولهما محاولة لفهم الجوانب الإدراكية واللغوية العصبية للحبسة الكلامية، أي كيف يقوم الدماغ بابتداع اللغة الاعتيادية، وما يحدث للغة الاعتيادية والادراك لدى الأشخاص المصابين بالحبسة. وما أن يتم فصل عجز لغوي عصبي محدد ضمن محيط الإدراك الكبير حتى تجري محاولة لإعادة تشكيل التركيب اللغوي العادي من خلال العمل على التفاعل بين اللغة والإدراك. أما المنهج الآخر فيركز على الانتباه. والفكرة هنا تشير إلى أنه ما دمت تستطيع أن تحسن وظيفة الانتباه في الأشخاص المصابين بالحبسة الكلامية فإن اللغة سوف تتحسن تلقائياً.
رغم أن الحقل المعرفي هذا لا يزال في خطواته الأولى، وأن الدراسات الرصينة للعوامل العلاجية المحتملة تمثل الحالة الاستثنائية وليس القاعدة فإن البحث السريري الذي يستخدم العقاقير في معالجة الحبسة الكلامية قد أحدث إثارة كبيرة. وقد قام ماسارا ميمورا Masara Mimura في اليابان بالتنسيق مع زملائه في الولايات المتحدة بنشر عرض مفيد وشامل لهذا الموضوع ـ للباحثين بشكل خاص ـ أشار فيه إلى الطرق التي بمقدور المرسلات العصبية أن تؤثر بموجبها على وظيفة اللغة في الحبسة الكلامية مشدداً على أوجه قصور المعرفة السائدة. وقد برهن يوتاكا تاناكا Yutaka Tanaka وزملاؤه في طوكيو وبوسطن على التحسن الذي طرأ على المخرجات الكلامية للمرضى الذين يعانون من الحبسة الكلامية التي تؤثر على سلاسة الكلام، والذين تمت معالجتهم بالعوامل المسماة Dopaminergic، وكذلك التحسن الناجم عن الإشارة إلى الأشخاص بأسمائهم والاستيعاب لدى المرضى الذين يعانون من الحبسة الكلامية مع سلاسة الكلام والذين تمت معالجتهم بالعوامل المسماةCholinergic. وقد شددوا على أن العقاقير وحدها لا يمكن أن تعالج الحبسة الكلامية، ويبدو أن المرسلات العصبية تمثل عاملاً مساعداً مفيداً لعلاج الكلام إذا ما تم إعطاؤها من قبل إختصاصي في علاج الكلام واللغة.
ووثقت ديلينا ووكر باتسن Delaina Walker Batson ما حصل من تحسن لدى مجموعة المرضى الذين يعانون من الحبسة بعد علاجهم بالأمفيتامين Amphitamine وتجدر الإشارة هنا إلى أن عدد الأشخاص في سائر تلك التقارير كان محدوداً. عليه، لابد من إجراء دراسات لاحقة ودقيقة تشمل أعداداً كبيرة من الأشخاص قبل أن يتوصل المرء إلى استنتاجات بشأن ما يترتب على معالجة الحبسة الكلامية من أمان وفاعلية.
في عدد المجلة الأخبارية لجمعية الحبسة الكلامية الوطنية NAA Newsletter قلنا: (من النادر أن ينتهي امتداد الحبسة الكلامية ضمن إطار اللغة، حيث أن قابليتنا على الاتصال يشكلها إدراكنا لأنفسنا وكذلك مقدرتنا على التفاعل مع الأصدقاء والأحباء). إن الكثير من البحوث ذات الصلة بعلاج الحبسة الكلامية مكرّس للقضايا التي تركز على العائلة وجوانب نفسية واجتماعية أخرى للحبسة الكلامية. إن سعي تلك المناهج لتحسين المهارات اللغوية للشخص المصاب بالحبسة الكلامية يعتبر أمراً ثانوياً قياساً بالتحسن الحاصل بالاتصال الوظيفي ضمن إطار العائلة. ومن أشهر العاملين في هذا الحقل يمكن أن نورد روبرتا ألمان Roberta Elman التي كتبت عن الجوانب النفسية الاجتماعية في معالجة الاتصال الجماعي وجون لاين Jon Lyon لسعيه في تطوير خطة معالجة جديدة للحبسة الكلامية أسماها (شركاء الاتصال). وهدف دراسة حديثة أجراها ولكنسن Wilkinson وزملاؤه في جامعة لندن إلى تقديم العون للأزواج للتكيف مع الحبسة الكلامية أثناء المحاورة وذلك بالتركيز على (التحليل الحواري) للحالات التي يعاني فيها أحد الزوجين من الحبسة.
أفضت سلسلة متواصلة من الدراسات المعقدة جداً أجراها راندل روبي Randal Robey من جامعة فيرجينيا، وبشكل تدريجي، إلى استقرار هذه المسألة الشائكة والشاقة. لقد استطاع روبي، بعد أن قام بدراسة البحوث المنشورة السابقة بكل عناية، أن يؤكد بشكل لا لبس فيه أن علاج الحبسة الكلامية بدأ يعطي أكله بالفعل.
لقد ركزنا في هذه المقالة على أربعة أنماط من البحث بخصوص علاج الحبسة الكلامية هي: العلاج بالاستعانة بالكمبيوتر وإعادة التأهيل الإدراكي والعلاج بالعقاقير والعلاج ذي الصلة بالعائلة. على أننا أشرنا إلى النزر اليسير وحسب، إذ ليس بمقدور مقالة مؤجرة منشورة في رسالة إخبارية أن تتطرق إلى سائر أوجه التقدم المهمة في بحوث علاج الحبسة الكلامية. ومن أجل الحصول على مزيد من التفاصيل والمصادر للاطلاع على آفاق أوسع لعلاج الحبسة الكلامية يمكن مراجعة المقالة الموسومة (معالجة الحبسة الكلامية) لمؤلفها مارتن ألبرت Martin Albert المنشورة في سجلات دراسة الجهاز العصبي .
المصدر : المنال رؤية شاملة لمجتمع واع