تُظهر نتائج جديدة نشرها باحثون في مركز أبحاث التوحد أن مرضى التوحد الرجال والنساء يعربون عن نمط ذكوري نموذجي متطرف في اختبار {قراءة الفكر في العينين}. {تخيل أنك تنظر إلى أعين الناس وتعجز عن قراءتها بسهولة وعفوية ومعرفة ما قد يفكرون فيه أو يشعرون به}.
مجلةPLoS ONE نتائج جديدة من أكبر دارسة أجريت على الإطلاق شملت مرضى توحد يخضعون لاختبار {قراءة الفكر في العينين}. صحيح أن البالغين العاديين يُظهرون في الاختبار الاختلافات المتوقعة بين الجنسين، التي باتت اليوم مثبتة، مع تسجيل النساء عموماً نتائج أعلى مقارنة بالرجال، لكن هذه الاختلافات النموذجية بين الجنسين تغيب على نحو واضح بين البالغين الذين يعانون التوحد. بدلاً من ذلك، أظهر مرضى التوحد من الرجال والنساء على حد سواء نموذجاً متطرفاً من النمط الذكوري خلال الاختبار. ولا شك في أن هذا يقدّم دعماً قوياً لنظرية {الدماغ الذكوري المتطرف} المرتبطة بالتوحدة.
قاد الدراسة البروفسور سيمون بارون- كوهين، مدير مركز أبحاث التوحد في جامعة كامبريدج. خضع نحو 400 رجل وامرأة يعانون التوحد أو متلازمة أسبرجر لهذا الاختبار عبر شبكة الإنترنت. وقد شمل تأملهم في سلسلة من الصور لمنطقة العينين في الوجه فحسب، واختيار أي من الكلمات الأربع هي الأفضل لوصف ما يفكر فيه الشخص في الصورة أو يشعر.
يُعرف اختبار {قراءة الفكر في العينين} بـ«نظرية العقل} المتقدمة أو اختبار التعاطف، وهو مصمم للكشف عن الاختلافات الشخصية الطفيفة في الحساسية الاجتماعية. يقيس الاختبار خصوصاً مركب التعاطف {المعرفي}، أي القدرة على إدراك أو تمييز حالة شخص آخر العقلية. استُخدم الاختبار في مئات الدراسات حول العالم، كاشفاً عن اختلافات مثبتة بين الجنسين في الأحوال العادية، مع تسجيل النساء عموماً علامات أعلى من الرجال. ولكن في حالة التوحد، اتضح أن مرضى التوحد يسجلون علامات أدنى من المعدل، مقارنة بمن لا يعانون هذا الاضطراب.
تحقق الفريق مما إذا كان أداء مرضى التوحد في الاختبار يختلف بين الرجال والنساء، واستخدمه في الدراسة الأكبر حتى اليوم بغية تقييم نظرية {الدماغ الذكوري المتطرف} المرتبطة بالتوحد. توقعت النظرية، أن النساء العاديات يسجلن في اختبارات التعاطف علامات أعلى، مقارنة بالرجال العاديين الذين يسجلون بدورهم علامات أعلى من مرضى التوحد. وقد أثبتت النتائج هذا النمط.
يذكر البروفسور بارون- كوهين: {لا نرى هذا النمط في اختبار الأعين فحسب، بل في عدد من المقاييس. فقد لاحظناه السنة الماضية في ناتج التعاطف (قياس ذاتي يحدد الحساسية الاجتماعية) وفي ناتج التنظيم (قياس ذاتي يحدد اهتمام الشخص وقدرته في أنظمة الفهم). على نحو مماثل، رأيناه هذه السنة في قياس معدلات التيستوستيرون ما قبل الولادة، حين تبين أن الصبية الذين يعانون التوحد امتلكوا معدلات عالية من هذا الهرمون مقارنة بالصبية الذين ينمون بشكل طبيعي، الذين يملكون بدورهم معدلات أعلى من الفتيات اللواتي ينمين بشكل طبيعي. وقبل عقد تقريباً، اكتشفنا أن معدل التيستوستيرون قبل الولادة يؤثر في النتائج التي تسجلها في اختبار العينين. لكننا نحتاج بالتأكيد إلى المزيد من الأبحاث لاكتشاف ما يولد نمطاً مماثلاً}.
ضياع
تشير الدكتورة كاري أليسون، مديرة أبحاث في مركز أبحاث التوحد شاركت في إعداد الدراسة: {تخيل أنك تنظر إلى أعين الناس وتعجز عن قراءتها بسهولة وعفوية ومعرفة ما قد يفكرون فيه أو يشعرون به. قد يساهم هذا البحث في توضيح لمَ يتفادى الأولاد المصابون بالتوحد، منذ بداية نموهم، النظر إلى عيون الناس، ولمَ يشعرون بالضياع عند تبدل الأوضاع الاجتماعية بسرعة حين يتبادل الناس النظرات من دون التفوه بكلمات طوال الوقت. قد تشكل هذه الإعاقة مؤشراً إلى صعوبات باكرة في التعاطف وتؤدي إلى تفاقمها. نتيجة لذلك، قد يتحول تعليم الأولاد المصابين بالتوحد كيفية قراءة التعابير العاطفية غير الشفهية إلى محور سريري مهم في الأبحاث والممارسات المستقبلية}.
يضيف الدكتور مينغ- شوان لاي، عالم حائز منحة وليام بنكس لعلم أعصاب التوحد في مركز أبحاث التوحد وباحث بارز في الدراسة: {ثمة اختلافات فردية كبيرة في أداء مرضى التوحد في اختبار العينين. إلا أن الصعوبات الاجتماعية التي يعانيها الرجال والنساء تتجلى من خلال علامات اختبارهم. علاوة على ذلك، تختلف النساء اللواتي يعانين التواحد عن النساء الطبيعيات أكثر من الرجال الذين يعانون التوحد عن الرجال الطبيعيين. نتيجة لذلك، تزداد العلاقة بين التوحد والجنس والنوع أهمية في أبحاث التوحد}.
المصدر : كاري أليسون \ جريدة الجريدة