[B]بمناسبة حلول يوم الصحة العالمي والذي يوافق السابع من ابريل من كل عام حيث تحدد منظمة الصحة العالمية «WHO» موضوعا صحيا للاحتفال به وإلقاء الضوء عليه كل عام، فقد عادت بي الذاكرة الى العام الماضي، فمنذ سنة كاملة ألقيت كلمة وزير الصحة بمناسبة الاحتفال بيوم الصحة العالمي لعام 2012 والذي حددت منظمة الصحة العالمية شعارا له بعنوان «الصحة الجيدة تضيف سنين جديدة»، حيث استهدف ذلك إلقاء الضوء على أهمية توجيه الرعاية الصحية الى شريحة مهمة من السكان وهي شريحة كبار السن الذين يستحقون منا كل الوفاء والتقدير.
ومنها جاءتني فكرة البرنامج الوطني لرعاية كبار السن بدولة الكويت. وقد جاءت تلك الفكرة كلوحة جميلة ومضيئة تحمل المعاني الجديدة وغير التقليدية في الرعاية الصحية. وقد كنت ولا أزال أؤمن بأن واقع اليوم هو حلم الأمس. فكان جل همي هو كيف أنقل تلك اللوحة الجميلة بما تحمله من معان الى اللجنة الوطنية واللجنة التنفيذية للبرنامج، لأنني على يقين من أن المتخصصين والمخلصين من أعضاء تلك اللجان هم القادرون على تحويل الحلم الى واقع ملموس. وبالفعل نجحت في تكوين فريق قادر على تحقيق الأهداف المرجوة بتفان واخلاص. وقد تم وضع ملامح البرنامج الوطني لرعاية كبار السن انطلاقا من مبادئ و فلسفة الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة والتي تبدأ من اجراء مسح صحي شامل لكبار السن ويليه برنامج وقائي ثم العلاج والتأهيل بأنواعه المختلفة من الناحية الجسدية والنفسية والعقلية. وجاءت الفكرة لمواكبة التغيرات بالتركيبة السكانية حيث ان شريحة كبار السن ستتضاعف عاما بعد عام بسبب التقدم في الرعاية الصحية وان كانت نسبة كبار السن الكويتيين بين المجتمع تبلغ حوالي 4 في المئة فانه من المتوقع ان تزداد وتتضاعف هذه النسبة بحلول عام 2050 وهو ما يعني أن نستعد لذلك من الآن، وأن نفكر من اليوم برؤية مستقبلية في انشاء المستشفيات والمراكز المتخصصة لكبار السن وتلبية احتياجات الرعاية الصحية اللازمة لهم.
أما اليوم ونحن في عام 2013 فلا يوجد لدينا أطباء لديهم تخصص عال في طب المسنين سوى الدكتور فيصل الصفي والدكتورة هديل العثمان وهما من الكفاءات الوطنية الشابة الواعدة، بينما يحتاج تحقيق البرنامج الى وضع الخطة الاستراتيجية لرعاية كبار السن موضع التنفيذ بتوفير جميع الامكانات اللازمة.
ولقد كانت المبادرة السامية لحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه بتخصيص جائزة للبحوث والمبادرات الصحية لرعاية كبار السن تحت مظلة منظمة الصحة العالمية موضع ترحيب واشادة من وزراء الصحة وقيادات منظمة الصحة العالمية بالاجتماع الاقليمي لدول الشرق المتوسط للمنظمة المنعقد في أكتوبر الماضي وهو ما أعطى الدعم الكامل للبرنامج.
وما كان لهذا الحلم أن يتحقق دون الدعم الذي حظي به من مجلس الوزراء الموقر، حيث وافق المجلس على تخصيص ميزانية بلغت مليون دينار لدعم البرنامج.
كنت أريد تحقيق انجاز سريع وملموس على أرض الواقع فكانت انطلاقة المشروع بالبدء باصدار بطاقات الرعاية الصحية لكبار السن والتي تعطيهم الأولوية في تلقي الخدمات الصحية.
وعند وضع خطوات تنفيذ البرنامج أدركنا أن أمامنا العديد من التحديات لتنفيذ ما نطمح اليه وفي مقدمة تلك التحديات أهمية وجود معلومات دقيقة عن المشاكل الصحية والأمراض التي يعاني منها كبار السن مثل (الزهايمر والاكتئاب والكسور وغيرها من الأمراض المزمنة). وكنت صادقا مع نفسي حين ذكرت في المؤتمر الاقليمي لمرض الزهايمر الذي أقامته الجمعية الثقافية النسائية بالتعاون مع كلية الطب في جامعة الكويت ان هناك قصورا شديدا لدينا في الاحصائيات المتعلقة بأمراض الشيخوخة ما ينتج عنه قصور في تحديد الحجم الحقيقي لتلك المشاكل الصحية ومن ثم فانه يترتب عليه بعض القصور في التخطيط للوقاية وعلاج تلك الأمراض.
وفي مقابل ذلك، فان ما يدعو للفخر أن الزملاء أعضاء اللجنة الوطنية واللجنة التنفيذية قاموا بوضع برنامج شامل يهدف الى تحسين جودة الحياة لكبار السن وحفظ كرامتهم وضمان استقلاليتهم وتقديم الرعاية المتكاملة لهم والتي لا تقتصر فقط على مجرد العلاج والدواء.
ومما أعتز به أن اللجنة الوطنية لرعاية كبار السن تعتبر نموذجا للتعاون بين وزارات الدولة والجهات الحكومية والمجتمع المدني حيث تتضافر جهود الجميع لتحقيق الحلم بتنفيذ البرنامج وفاء وعرفانا بعطاء كبار السن.
كلمة أخيرة
شكرا للجميع على حرصهم في استمرار تنفيذ البرنامج، فاليوم نقدم الرعاية لكبار السن وغدا سنتلقاها نحن.
وكل عام وأنتم بصحة وعافية
* وزير الصحة السابق[/B]