ما إن انتهت العطلة الصيفية بأوقات مرحها وترفها، حتى بدأ الطلبة، سواء الأسوياء، أو من ذوي الاعاقة، يستعدون لاستقبال عامهم الدراسي الجديد وتحضير المستلزمات الدراسية والقرطاسيات، ورسم خطة دراسية هادفة.
وقد تتباين مظاهر الاستقبال والاستعداد للعام الدراسي من طالب إلى آخر، فمنهم من يستقبله بحماسة وتفاعل إيجابي، لانتقاله الى مرحلة دراسية جديدة، ومنهم من ينتابه الشعور بالخوف والرهبة من المجتمع الجديد، الذي سيندمج ويتواصل معه، وهذا هو حال ذوي الاعاقة الذين لم يتم دمجهم تعليمياً في مدارس التعليم العام، ويُفاجأون به في الحرم الجامعي، علما بانه ضرورة وتمهيد للدمج المجتمعي والوظيفي، وفق آراء العديد منهم.
القبس حرصت على مشاركة ذوي الاعاقة في استقبال العام الدراسي الجديد، ونقل انطباعهم عنه وتسليط الضوء على مآخذ القطاع التعليمي وابرز المشاكل التي تواجههم وطرح مقترحاتهم لتطوير التعليم المدرسي والأكاديمي.
علي الخضري: نعاني نقصاً في معلمي التربية الخاصة
أكد الاستشاري النفسي التربوي للأطفال والمراهقين من ذوي الاحتياجات الخاصة د. علي حيدر الخضري، اهتمام التربية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة في مجال تعليمهم وتدريبهم، وفق أحدث الطرق المتبعة عالميا من خلال توفير أفراد فاعلين في المجتمع قادرين على التكيف مع محيطهم البيئي والاجتماعي، مشيرا إلى مراعاتها للفروق الفردية للطفل ذي الإعاقة وتحديد قدراته واحتياجاته.
وقال ان ميزانية وزارة التربية تعتبر من أعلى الميزانيات في الكويت، ومن المفترض أن تنفق هذه الاموال في ما يفيد العملية التعليمية ومن الطبيعي ان يكون المستفيد بالدرجة الأولى الطالب، متسائلا: هل تنفق هذه الاموال بشكل صحيح؟
ولفت إلى وجود نقص في المعلم المتخصص من ذوي الخبرة في مجال التربية الخاصة. ورأى أن من أبرز المشاكل التعليمية التي تواجه مختلف الاعاقات الذهنية عدم وضع المعلم المناسب في المكان المناسب، وعدم وجود خطط تعليمية للطلبة بشكل علمي.
وأضاف: «لا تخلو اي مدرسة في الدول المتقدمة من خطط تعليمية فردية للطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، فهي تعد خطة وخطوة اساسية في تعليمهم، وفق امكانياتهم واحتياجاتهم التعليمية والنفسية والاجتماعية».
حوراء العنزي: والدتي رافقتني.. ولا كتب بطريقة برايل
اشتكت حوراء العنزي (وهي كفيفة وتدرس بالفرقة الأولى في كلية الحقوق)، من المباني غير المهيأة لظروف ذوي الاعاقة، فضلا عن عدم وجود مرافقين من الجنسين للطلبة المكفوفين، الأمر الذي دفعها لاصطحاب والدتها معها مرافقة لها. وأشارت إلى أن الكتب تحتاج وقتا طويلا لتحويلها إلى طريقة برايل، مما يجعلها تواجه صعوبة في متابعة الدروس منذ البداية، مقترحة توفير الكتب على فلاش ميموري بطريقة «الوورد» ليتسنى للطالب الكفيف قراءة المنهج، عن طريق توصيله بجهاز البرايل سنس بسهولة.
ولم تجد العنزي الترحيب وحفاوة الاستقبال من قبل زميلاتها في الفرقة، مشتكية من عدم تواصلهم وتعاونهم معها، متمنية الاهتمام بفئة المكفوفين ومراعاة ظروفهم الصحية.
كما تمنّت تعيين كوادر تدريسية تجيد التعامل مع طريقة برايل تمكّن الطلبة المكفوفين من الاستغناء عن المتطوعين الذين يكتبون لهم في الاختبارات، والاعتماد على ذاتهم، مطالبة الجامعة بتوفير جهاز برايل سنس للطلبة المكفوفين لمساعدتهم على القراءة والكتابة بطريقة برايل، حيث إنه باهظ الثمن.
سارة المرهون: تسهيلات ووظائف لذوي الإعاقة بــ «الخليج»
أشادت سارة المرهون (من ذوي الاعاقة الحركية) وهي طالبة بالفرقة الثانية بجامعة الخليج ـــ قسم العلاقات العامة، بمباني الجامعة المهيأة لظروف ذوي الاعاقة الحركية، من حيث المصاعد والرامات ودورات المياه وغيرها من الأمور، لافتة إلى التسهيلات التي توفرها الجامعة لهم، ومنها مركز نجاح الطالب، حيث يضم موظفين متخصصين في خدمة ذوي الاعاقة وتقديم النصح والإرشاد لهم، فضلا عن توفير لجنة اختبار خاصة لبعض الحالات من مختلف الإعاقات لتيسير عملية القراءة والكتابة.
وأشارت المرهون إلى حرص الجامعة على توفير وظائف بدوام جزئي للطلاب الذين اجتازوا عددا معينا من الوحدات (المواد) من بينها وظيفة notetaker، حيث يتولى الطالب المكلف بهذه الوظيفة مهام الكتابة داخل قاعة المحاضرات نيابة عن زملائه من ذوي الإعاقة الشديدة مقابل منحه دعماً مادياً.
برامج ومناهج
تحدث د. علي الخضري عن عدة برامج عالمية تفيد ذوي الاحتياجات الخاصة، لا سيما الحالات التي تعاني اضطراب التوحد، مثل: برنامج بيرغنس Brigance، – برنامج بيب Pep، برنامج تييش Teacch، برنامج هيلب Help، مشددا على ضرورة أن يكون لدى المعلم خبرة كافية وشهادة خبرة للعمل بهذه البرامج، ويكون خاضعاً لدورات متخصصة من جهات متخصصة.
أولياء الأمور يجهلون لغة الإشارة
أشار مترجم لغة الإشارة بجامعة الكويت د. بدر الدوخي إلى أن غالبية أولياء الأمور لا يجيدون استخدام لغة الإشارة، ويواجه أبناؤهم الصم، لا سيما في المرحلتين الابتدائية أو المتوسطة صعوبة في التدريس وتوصيل المعلومة لهم.
بدر الدوخي: إدخال لغة الإشارة في مناهج التعليم العام
استعرض المدير المساعد في مدرسة الأمل للبنين ومترجم لغة الإشارة بجامعة الكويت د. بدر الدوخي جملة من المشاكل التي تواجه الطلبة الصم في القطاع التعليمي في المراحل المدرسية والأكاديمية، مسلطا الضوء على صعوبة تكيّف الطلبة المستجدين من فئة الصم في المرحلة الابتدائية مع البيئة التعليمية الجديدة.
وزاد بالقول: نحاول التغلب على هذه المشكلة بتنظيم الفعاليات الترفيهية للطلبة، والسماح لولي الأمر بالبقاء مع ابنه اذا اقتضى الأمر، لافتا إلى صعوبة إشارات المواد العلمية لطلبة ومعلمي المرحلة الثانوية، نظرا الى حداثة هذه المصطلحات، حيث يحتاج الطالب الأصم للمزيد من الشرح.
وطالب الدوخي بإدخال مادة لغة الإشارة ضمن مناهج التعليم العام كمادة أساسية واستبدال اللغة الفرنسية (التي تتم تدريسها لطلبة القسم الأدبي) بلغة الإشارة الأميركية أو الدولية، مشيرا إلى صعوبة مادة اللغة الفرنسية بالنسبة الى الطلبة الصم، كما أن هناك نقصا في معلمي اللغة الفرنسية ممن يجيدون لغة الإشارة.
وتحدث عن الخطة الدراسية التي وضعتها مدرسة الأمل للبنين في العام الدراسي الجديد لزيادة المحصول اللغوي بالنسبة الى لغة الإشارة واللغة العربية، فضلا عن تحسين مستوى القراءة والكتابة للطالب الأصم لتأهيله لدخول الجامعة من دون التعثّر في القراءة والكتابة.
وبالانتقال إلى الصرح الأكاديمي، أشار الدوخي إلى صعوبة تكيف طلبة الجامعة من فئة الصم مع المجتمع الجامعي، فضلا عن صعوبة تواصل وتفاعل أقرانهم الأسوياء معهم بلغة الإشارة، متمنيا ادخال منهج لغة الإشارة ضمن مناهج التعليم الأكاديمي.
وطالب بفتح المجال للطلبة الصم للالتحاق بمقاعد الجامعة، فضلا عن زيادة عدد مترجمي لغة الإشارة الأكفاء، مبينا أن الترحيب بقبول الطلبة الصم ومواصلة تعليمهم الجامعي يساهمان في إحداث طفرة بشأن زيادة عدد الخريجين من هذه الفئة.
راشد الهاجري: الدمج التعليمي بوابة الانخراط المجتمعي والوظيفي
«انتابني شعور بالرهبة من الصرح الأكاديمي».. هكذا استقبل راشد الهاجري (كفيف البصر) الطالب بالفرقة الأولى في كلية الحقوق بجامعة الكويت عامه الجامعي الأول، قائلا: «عندما كنت طالبا في مدرسة النور للبنين، كنا معزولين عن العالم الخارجي، واقتصر تعاملنا فقط على عالم المكفوفين، مما أدى إلى صعوبة تكيّفنا مع مختلف شرائح المجتمع»، مؤيدا الدمج التعليمي في المرحلة الأكاديمية فقط، لأنه يعتبر تمهيداً للانخراط في المجتمع اجتماعيا ووظيفيا.
وأبدى الهاجري ملاحظات على مكتبة الطالب في جامعة الكويت، وقال: تفتقر الى الكتب بطريقة برايل، لافتا إلى أن الجامعة توفر للطلبة المكفوفين القيمة المادية التي تطبع بها الكتب في جمعية المكفوفين.
كما انتقد مبنى الجامعة الذي لا يتناسب مع الظروف الصحية لذوي الاعاقة من حيث المصاعد والكراسي المتحركة، فضلا عن انعدام وجود المرافقين للمكفوفين، مما يتطلب مرافقة أحد أقارب الطالب له، مشيداً بتعاون أعضاء الهيئة التدريسية ومراعاتهم لظروفه الصحية، فضلا عن الدور الملموس لمكتب خدمة ذوي الإعاقة بالجامعة في تيسير كل أمور الطلبة في شتى الكليات، بالاضافة إلى حل مشاكلهم وتوفير متطوعين يتولون مهمة الكتابة للمكفوفين ولمبتوري الأطراف.
ازدهار العنجري: نحتاج إلى تخصص تربية خاصة في الجامعة
أكدت مديرة مؤسسة التأهيل الإرشادي ومؤسسة نادي السلام لذوي الاعاقة ازدهار العنجري، أنه على الرغم من أن الكويت تعتبر من الدول السباقة في مجال الاهتمام بذوي الاعاقة من حيث انه يتم صرف رسوم دراسية باهظة في سبيل تعليم وتدريب وتأهيل ذوي الاعاقة، فانه لا يزال لدينا نقص كبير بالكوادر المتخصصة في تعليم وتدريب وتأهيل أبنائنا من ذوي الإعاقة. وشددت على ضرورة توفير مناهج دراسية وبرامج خاصة لكل مدرسة من مدارس ذوي الإعاقة حسب نوع الإعاقة، لافتة إلى أن بعض أولياء الأمور يفضلون إلحاق أبنائهم بالمدارس الأجنبية ذات اللغة الإنكليزية مثلا، ولكنهم في المنزل يتحدثون معهم باللغة العربية، كما أن بعض الأهالي لا يجيدون اللغة الانكليزية، مما يعيق الطالب ويسبب له مشاكل دراسية أصعب إلى جانب إعاقته التي يعاني منها سواء كانت «صعوبات تعلم، أو بطئا، أو إعاقة ذهنية بسيطة».
تصنيف الإعاقة
وتحدثت عن جانب آخر يتعلق بتصنيف وتشخيص الاعاقة، مبينة أن بعض الطلبة يتم تصنيفهم منذ البداية بأن إعاقتهم شديدة، وذلك يرجع لسببين، إما أن يكون التشخيص خطأ بسبب مزاج الطفل وحالته وقت اختبار الذكاء، وإما بسبب رغبة الأب في تشخيص طفله ضمن الإعاقات الشديدة لزيادة راتب ابنه المعاق، حيث يتم قبول الطفل في فصول خاصة لا يوجد فيها منهج دراسي وإنما منهج تأهيلي، ثم يُحرم هذا الطفل من الدراسة، بسبب خطأ في التشخيص، ونوع الإعاقة.
واعتبرت أن مرحلة ما قبل دخول المدرسة (الحضانة) من أهم المراحل في عمر الأطفال من ذوي الإعاقة، نظرا لأهميتها في تحسين الكثير من الحالات وتعديل سلوكها، كما أنها تعمل على تهيئة الطالب للانتقال للمرحلة الابتدائية.
ولفتت الى ان هناك مناهج خاصة لكل مدرسة، فمنها من تُعلم بالمنهج الحكومي، ومنها من لديه مناهج خاصة به، وهناك مدارس الدمج، إلى جانب المدارس ذات الفصول الخاصة ببطء التعلم، وصعوبات التعلم، والإعاقة الذهنية.
دعم الدولة
ورأت العنجري أن الدولة تنفق الكثير من المال في دعم أبنائنا من ذوي الإعاقة وخاصة للمدارس، ولكنها تغفل عن حاجة المدارس لمعلمين أكفاء، مبدية أسفها من عدم وجود تخصص تربية خاصة في جامعة الكويت، وعدم تشجيع على تخريج كوادر وطنية لتدريس تلك الفئة.
وزادت بالقول «يوجد هذا التخصص فقط في كلية التربية والتابع للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، حيث لا يوجد من يشجع طلبة الثانوية العامة على دخول ذلك التخصص الذي يُعتبر الأهم في هذا الوقت لنقص وحاجة المدارس من الكوادر الوطنية المتخصصة في تعليم أبنائنا من ذوي الإعاقة».
وتحدثت العنجري عن دور الاسرة في تنمية مهارات أبنائها وتعديل سلوكهم، مشيرة إلى أن هناك كثيراً من الأسر تهتم بتعليم أبنائها وتختار لهم المدارس ذات المنهج الأفضل، وهناك قلة من الأسر تترك ابنها المعاق ـــ للأسف ـــ في المنزل دون إلحاقه بالحضانات او المدارس، لعدم معرفتهم بما تقدمه تلك الحضانات والمدارس من مناهج مناسبة لكل أنواع الإعاقات، سواء كانت بسيطة، متوسطة، أو شديدة.
زيارة ميدانية للحرم الجامعي
تمنى الطالب راشد الهاجري تنظيم زيارات ميدانية ودورية لجامعة الكويت، بالنسبة الى طلبة المرحلة الثانوية، وذلك لكسر حاجز الرهبة من هذا الصرح وتعزيز الثقة بالنفس، فضلا عن سهولة تواصلهم مع أقرانهم الأسوياء.
المصدر: مى السكرى \ جريدة القبس