[B][COLOR=#0A0A0A]بخيط وإبرة ويد واحدة كسرت لطيفة نصار “43 عاما” من مخيم النصيرات وسط قطاع غزة في عمر صغير حاجز الإعاقة لتصل إلى النجاح، وتشق طريقها نحو تعلم التريكو والخياطة والتطريز وإبداعها في تصميم أشكال فنية وزخرفات ربطت الكثير منها مع تراث الفلسطيني الذي افتخرت فيه.
لطيفة فتحت عيناها على هذه الدنيا ووجدت نفسها بلا أطراف سفلية وإعاقة في اليد اليمنى بدون معرفة الأسباب حتى اليوم، ولم تتمكن من استكمال دراستها بالمدرسة لصعوبة المواصلات بالنسبة لطفلة مقعدة لتقف عند مستوي الثالث ألعدادي وتقرر الجلوس بالبيت.
فالوضع المادي السيئ واحتياجها إلى سيارة خاصة لإيصالها للمدرسة ساهم أيضا في تركها مقاعد الدراسة، بالإضافة لعدم امتلاك كرسي متحرك بالكهرباء لتتمكن من حرية التنقل والحركة داخل البيت وخارجه.
نشأت وترعرعت لطيفة داخل أسرة مكونة من أربع فتيات وشاب، فكان أخوها الأكبر بنسبة لها الداعم الحقيقي فكان بمثابة الأخ والأب والصديق، وساندها كثيرا في توفير ما يستطيع لراحتها.
ورغم الإعاقة التي تعاني منها جعلت من هذه العجز قوة لتمارس حياتها العادية بل تحدته وقالت لطيفة “بعد أن تركت المدرسة جلست في البيت عدة سنوات ولكن بتشجيع أخي الكبير بدأت لاندماج في احدى المؤسسات التي تعتني بالمرأة, وتعلمت النسج على الصوف والتطريز والخياطة باستخدام يدي الوحيدة لم يكن الأمر بسهل ولكن الإصرار جعلي أتعلم ذلك”.
ولتأمين لقمة عيشها ومواجهة ظروف الحياة الصعبة، لم تستسلم لطيفة يوما للإعاقة بل جعلتها خصما كبيرا لها ,وتضيف “كافحت كثيرا وتعبت وأنا اعمل في التطريز والخياطة إلى أن اثبت جدارتي وبعد فترة تم توظيفي للعمل كأمينة مكتبه في المؤسسة النسوية التي ساندتني”.
حاليا تحترف لطيفة التطريز والخياطة كنوع من التسلية وقت الفراغ وللمتعة وخاصة بعد أن ترسم خريطة فلسطين وتحدد عليها المدن التاريخية ومن ثم تطرزها وكذلك تطريز أسماء وحروف من هم قريبين منها من الأصحاء والمعاقين الذين ساندوها وأصبحوا من القريبين لها كثيرا.
من أصعب المواقف التي كانت تمر على لطيفة هي رفض والدتها لها وعدم تقبلها منذ أن ولدت، ورغم ذلك وقفت إلى جانب والدتها في أيامها الأخيرة وكانت ذراعها الأساسي حتى لفظت أنفاسها.
كما واجهت لطيفة الكثير من التلميحات داخل شوارع وأزقة المخيم من بعض المارة الذين لم يقدروا وضعها الاستثنائي في الحركة إذ تعتمد على الكرسي وسيلة للتنقل.
ولكن جميع هذه المواقف لم تمثل عائقا أمام لطيفة بل زادتها ثقة في نفسها وتحركاتها داخل عملها وعزز هذه الثقة نظرة غالبية افراد المجتمع لها، التي كانت مبنية على الاحترام المتبادل والمساعدة في أغلب الأوقات، فكانت دائما يشار لها ويقال “تلك المقعدة تحمل الكثير من الأمل والتفاؤل في بريق عينيها”.
ووجهت لطيفة حديثها للشباب قائلة “العزيمة هي مفتاح الانتصار، فلا تستسلموا لأي عائق في الحياة، ويجب السعي نحو تحقيق أهدفنا، وعدم التوقف أمام أي عائق لتحقيق الآمال والأحلام لصنع مستقبل أفضل ومزدهر”.
وتتمنى لطيفة توفير كراسٍ متحركة لكافة المقعدين ومعاملتهم معاملة حسنة، بالإضافة لبناء مراكز خاصة للمعاقين في المناطق المهمشة، وتوعية العائلات التي لديها معاق بضرورة التعامل السوي معه، للتخفيف عنه والعمل على دمجه في المجتمع.
ووفق جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني لإحصائيات عام 2012م فقد بلغ عدد المعاقين في فلسطين 113 ألفا منهم 75 ألفا بالضفة الغربية أي ما يعادل 2.7% من مجمل السكان و38 ألفا في قطاع غزة وهو ما يعادل 2.4%من مجمل السكان وهذه تعتبر أعلى نسبة في العالم.[/COLOR]
[/B]