المرأة والرعاية الاجتماعية للمعاقين
د. عبدالباسط عباس محمد
لم تلق احتياجات المرأة المعاقة اهتماماً كبيراً في أغلب الأحيان، وهي شريحة مهملة حيث أن بعض المجتمعات تستبعد المرأة من المناسبات الإجتماعية والدينية على الرغم من أن المرأة تمثل نسبة ما يعادل ?50 من السكان ولكن نسبة مشاركتها في هذه الفعاليات متفاوتة وضئيلة، ومن هنا نشأت الحاجة الملحة للإرتقاء المستمر بما يتعلق بالحالة الإجتماعية والإقتصادية لهذه الشريحة المهمة من المجتمع والتأكيد على أن المرأة المعاقة ليست أقل مستوى من غيرها.
وانطلاقاً من التوجه الخاص بدمج الأشخاص من ذوي الإعاقة في المجتمع، وإشراكهم في مسيرة التنمية، والتأكيد على حقهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، وحرصاً على النهوض بوضع المرأة المعاقة، وتطوير واقعها إنسانياً واجتماعياً واقتصادياً، والتعامل معها على أساس ما تملكه من قدرة على العطاء وتأهيلها التأهيل المناسب، بما يتيح لها الفرصة لتحقيق ذاتها، والإعتماد على نفسها في توفير احتياجاتها المادية التي تؤمن مستقبلها وتكفيها السؤال، إذ أن المرأة المعاقة أحق بالرعاية والإهتمام، وأولى بمد يد المساندة إليها ، وتعزيز ثقتها بإمكاناتها، وقدرتها على المشاركة في خدمة مجتمعها، وشد أزرها لتتجاوز الإعاقة وتعرضها للتمييز والتهميش.
ومن بين المشكلات التي تواجه المرأة المعاقة تلك المتعلقة بالزواج والتعليم والعمل والصحة والعادات والتقاليد والعنف والتميز ضد المرأة الذي يكاد يكون ظاهرة عالمية وهي ظاهرة موجودة في مجتمعاتنا العربية والتمييز ضد المرأة المعوقة أشد لأنها امرأة أولا ومعوقة ثانيا حيث يأتي هذا التمييز من الأسرة والمجتمع على حد سواء.
هي المرأة التي لديها إعاقة سواء كانت إعاقة جسدية أو سمعية أو بصرية أو ذهنية وهي أنثى قيدتها إعاقة لايمكن إخفاؤها وتجب مساندتها لمواجهة الإعاقة والإعتماد على النفس.
ماذا تعني الإشكالية
الإشكالية تعني كل ما يؤرق الحياة ويتطلب تدخلاً لإعادة برمجة حياتنا لتسير بالشكل المرضي وتمكننا من أداء أدوارنا، وإشكالية المرأة المعوقة تتمثل في مجتمع يمتلئ بالحواجز النفسية والمعنوية والمادية.
رغم الجهود المبذولة من قبل الجهات المعنية وتطوير الخدمات المقدمة للصم إلا إننا بحاجة إلى المزيد من الخدمات وتوعية الأسر والمجتمع بشكل عام كي تواجه المرأة العربية بصفة عامة والمرأة المصرية بصفة خاصة من ذوات الإعاقة السمعية المشاكل التي تواجهها في الحياة والمتعلقة بالزواج وتربية الأطفال والتعليم والصحة والأجهزة التعويضية والعادات والتقاليد الشرقية والعنف ضدها وقلة مترجمي الإشارة.
يعتبر التعليم من أهم الحقوق الإنسانية للصم غير أن النساء المعاقات سمعياً يواجهن مشاكل كثيرة خلال المراحل الدراسية في مدارس الصم ومن هذه المشاكل أن تلك المدارس تطبق برامج دراسية لها علاقة بالتدريب على الحرف والمهن أكثر من تركيزها على المناهج التي يتلقاها الأشخاص غير الصم في مدارس السامعين، ومن بين المشاكل أيضاً عدم إتقان المعلمنين للغة الإشارة بشكل جيد وهذا ما ينعكس على الطلبة من خلال عدم الاهتمام بالمناهج الدراسية والتركيز على إتقان المهن التي قد لاتتناسب مع سوق المجتمع المحلي.
إن الأساس في هذه المشكلة يعود مرده إلى المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص، حيث تتم محاولة لفرض سيطرتهم علي المرأة الصماء ومنعها من الخروج بمفردها وعدم الاختلاط بالآخرين خوفا عليها كونها لاتسمع ولا تتكلم ومرافقتها إلى أي مكان تذهب إليه، وتهميشها في المشاركات الإجتماعية حرصاً علي سمعة الأسرة، وقد تحرم من مغادرة المنزل نهائياً.
من أبرز المشاكل التي تواجه المرأة الصماء مشكلة الزواج وهي نوعان:
تعيش مع أهلها وتشعر بالأمان المعيشي، لكن المشكلة تظهر بعد وفاة الوالدين وزواج الأخوة، حيث تبقى وحيدة تحت أنظار سلبية من قبل المجتمع ما يؤدي إلى آثار غير حميدة على الصعيد النفسي وقد تتعرض من قبل بعضهم للإهانة الأمر الذي يؤدي إلى ابتعادها عن المجتمع بشكل عام.
تواجه المرأة الصماء المتزوجة مشاكل بدرجات متباينة ومنها:
مشكلات التعليم والعمل والصحة وأغلب الخدمات، وهي من أصعب الإعاقات.
تتعرض المرأة ذات الإعاقة البصرية في كثير من الأحيان إلى التهميش والعزلة داخل الأسرة والمجتمع وأيضا من داخل المنظمات التي تعمل في مجال المكفوفين
غالبا ما تجد النساء المعاقات صعوبات في تقبل أنفسهن وفي جعل الآخرين يتقبلنهن جنسياً لأن الصورة الذهنية للجسد هامة جداً ولهذا السبب كثيرا ما يعامل غير المعاقين المرأة المعوقة وكأنها عديمة الإحساس بالجنس ولذلك تلجأ إلى الانعزال عن المجتمع .
إن الحق في الزواج وبناء الأسرة حق كفلته جميع الأديان السماوية والإتفاقيات الدولية لكافة أفراد المجتمعات بشكل عام، ولا تختلف المرأة المعاقة في ذلك بشيء عن أحد، فهي تود أن تتزوج وأن يكون لديها أسرة سعيدة وأن تكون أماً كباقي الأمهات.
من أهم مظاهر تمكين وتوعية المرأة يتمثل في تقبل النساء المعاقات لأعاقاتهن والاعتراف بها انطلاقاً لتطوير الصورة الذاتية والثقة بالنفس والمتغيرات ذات الدلالات وهنا لا بد من الأخذ بعين الاعتبار:
إن الجهل والمواقف السلبية إزاء الإعاقة تكون أشد تأثيراً من الإعاقة نفسها، فالوصمة التي تلصق بالإعاقة قد تعني في كثير من الأحيان تجاهل المعاق وعدم تقديم العون له وقد يؤدي ذلك إلى تحويل حالات الإعاقة البسيطة إلى حالات شديدة.
ومن الواضح أن هناك صعوبة في إقناع المجتمع بتعليم المرأة بشكل عام والمرأة المعاقة بشكل خاص، فكثيرا ما يساء تقدير قدرات وإمكانيات النساء المعاقات مما يؤدي إلى إلتحاقهن بأنشطة مهنية دون مستوى قدراتهن الفعلية.
يمكن للتغير الإيجابي في وضع المرأة أن يكون بمثابة جهد وقائي شامل ذي أهمية كبري ولا تؤدي الإساءة لمكانة المرأة إلى إضرار بها فقط بل إن ذلك يسيء إلى المجتمع البشري بشكل عام، ولا يمكن أن يستمر المجتمع في التقليل من أهمية الدور والمهام والخدمات التي تؤديها المرأة لأن آثارها تتطال المجتمع كله.
المصدر: إتحاد هيئات رعاية الفئات الخاصة والمعوقين
المؤتمر العربي العاشر تحت عنوان (المرأة والإعاقة)