مدارس التربية الخاصة.. موت محدق بالطلبة المعاقين

ولم تنجُ المدارس الخاصة من ذلك التهالك، حيث وصف وزير التربية وزير التعليم العالي د. بدر العيسى في تصريحات صحافية سابقة مباني المدارس الحالية في ادارة التربية الخاصة بـ «التعيسة والقديمة التي تحتاج إلى إزالة».
فعلى الرغم من عمليات «التزيين» الخارجية التي تُنجز على مستوى مباني مدارس التعليم الخاص، عبر غرس الزهور وشيوع الاخضرار، فإن ذلك لم يخف ملامح الشيخوخة والوهن عن تلك المرافق الآيلة للسقوط، والتي تهدد حياة الطلبة وتنذر بهلاكهم.
القبس جالت على مدارس التربية الخاصة بمنطقة حولي، ورصدت استياء الموظفين وأولياء الأمور من الحالة المتدنية التي وصلت اليها هذه المباني التي تحوي طلابا «معاقين» ذوي ظروف واحتياجات خاصة، يفترض ان يكونوا في مكان يلائم قدراتهم ويراعي ظروفهم التي وضعوا فيها دون ارادتهم.

مرافق سيئة
أولياء الأمور أعربوا عن استيائهم من التصريحات المتكررة لمسؤولي وزارة التربية والتي تؤكد الاهتمام بالطلاب المعاقين دون وجود أفعال على أرض الواقع، متسائلين عن مصير المجمعات الجديدة للتربية الخاصة التي وعدت بها الوزارة، ولماذا تأخر انجازها حتى الآن؟!، مؤكدين ان المرافق الحالية سيئة وتعرض أرواح أبنائهم للخطر.
وأضافوا أن وزارة التربية من المفترض أن تعمل على تحقيق أهداف تربوية في مجال تعليم التربية الخاصة أهمها، تذليل الصعوبات التي يواجهها المعاق، وتحقيق تحسن في حالة الطالب المعاق باستخدام جميع الوسائل الممكنة فكيف يمكن التحسن في جو غير ملائم ومبان غير مناسبة لهم.

مجسات للمباني
تحدثنا مع أحد المسؤولين الذي فضّل عدم ذكر إسمه، وأشار الى وجود مبنى آيل للسقوط يتكون من دورين بجانب مدرسة النور بنين ويتبع لها، لافتا الى أن ادارة التربية الخاصة أبلغت عنه وزارة التربية ممثلة في قطاع المنشآت، فقاموا بعمل مجسات للمبنى فقط دون تحريك ساكن بإزالة المبنى المهدد بالسقوط حتى الآن، علما أن الطلاب يقومون بزراعة الاشجار والزهور خلف هذا المبنى مباشرة مما يعرض حياتهم للخطر.

مبنى مهجور
وعلى النقيض تماما، انتقلنا الى مبنى آخر مجهز على أعلى مستوى ومكون من 3 أدوار وهو عبارة عن صالة متعددة الأغراض تبرعت بها شركة ايكويت للبتروكيماويات الى وزارة التربية لخدمة الطلاب المعاقين، ورغم أن المبنى بلغت تكلفته الإجمالية نحو نصف مليون دينار فإنه ظل مهجورا منذ افتتاحه في عام 2010 ولم تجر به أي فعالية حتى الآن.
وعندما سألنا أحد الموظفين عن أسباب عدم استغلال الصالة المليئة بالأتربة والتي تشكو من الإهمال الشديد، رغم احتوائها على حمام سباحة، أجاب انه لا يصلح للطلاب المعاقين، مستغربا من عدم تجهيز المبنى وحمام السباحة على وجه الخصوص بما يتناسب مع قدرات وامكانات ذوي الاعاقات المختلفة، قائلاً، ألم يعلموا منذ البداية ان هذا المبنى يتم تجهيزه لطلبة ذوي طبيعة وظروف مختلفة؟!
وأضاف: اذا كانت الصالة لا تصلح للطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة، فلماذا لا يتم استغلالها واجراء فعاليات خاصة للمعلمين أو استثمارها كناد مسائي، مشيرا الى ان وزارة التربية يمكن ان تستثمر المبنى في المسابقات واقامة البطولات، مؤكدا على ان الوزارة لا تمتلك حمام سباحة ومبنى بمثل هذه الإمكانات، مستدركا بالقول: ألا يعتبر ترك المبنى مهجورا هدرا وانتهاكا للمال العام.

كافتيريا كيربي
ومن حمام السباحة الى الكافتيريا المنشأة من الكيربي، التي لا تليق على الاطلاق بأن تكون في إدارة تابعة لوزارة التربية والتعليم بدولة الكويت.
مصدر تربوي قال لـ القبس إن الكافتيريا تستثمر من قبل مجهولين ويشوبها الكثير من المخالفات، موضحا أنه من المفترض وجود اجراءات قانونية تتم قبل الموافقة على انشائها او تجديد التعاقد لأصحابها، أولها مخاطبة إدارة التربية الخاصة للوزارة بانتهاء العقد مثلا، وبعد موافقة الوزارة يتم طرح مناقصة أو ممارسة، وتقدم بعض شركات المواد الغذائية المرخصة على أن تتم الموافقة على الأنسب، ولكن كل هذه الاجراءات لم تتم.
وبين ان الشركة المتعاقدة حالياً لم تقدم للإدارة ترخيص ممارسة نشاط أو ترخيصا صحيا أو تجاريا، وأن الشؤون الادارية خاطبت الشؤون القانونية بشأن مخالفات الكافتريا، فجاء الرد بوجود عقد قديم يفتقد بنود العقود الصحيحة.

متى تُنجز مجمعات الطلبة المعاقين؟
أعرب أولياء امور وموظفون عن تعجبهم من إمكانية تعليم طلاب من ذوي الاحتياجات داخل مبان قديمة ومتهالكة، كان وزير التربية والتعليم الحالي د. بدر العيسى قد وصفها في وقت سابق بالتعيسة التي تحتاج إلى إزالة، مؤكدين انهم ومنذ أكثر من 6 سنوات يسمعون عن إنشاء المجمعات الجديدة للتربية الخاصة في الاحمدي والجهراء، متسائلين الى متى سينتظرون إنجازها، مطالبين العيسى بسرعة الانتهاء منها قبل فوات الأوان.

إهمال يبعث على الحيرة
لاحظنا خلال جولتنا في مبنى الصالة المتعددة الإغراض التي تبرعت به شركة ايكويت للوزارة اهمال المبنى بشكل كبير، حيث امتلأ بالاتربة الكثيفة ووجدنا كتبا دراسية ملقاة أسفل السلالم، والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يهجر مبنى معد على اعلى مستوى.. ولماذا لا يتم استغلاله إن لم يكن في خدمة الطلبة فليكن للعاملين بالتربية الخاصة؟!