[B]مرض السرطان من الامراض التي شكلت صعوبة قصوى في مواجهتها، سواء من جانب الاطباء او المرضى، منذ بداية ظهورها وقصور العلاج قبل عشرات السنين، حيث كانت من الامراض الميئوس من شفائها قبل ظهور العديد من العلاجات المختلفة من ادوية وعلاج اشعاعي وكيماوي وجراحي، بالاضافة الى الكشف المبكر، لهذا كان مجرد نطق اسم المرض مكروها وكان يقال عنه المرض «الشين» حتى واجهه الكثيرون ونطقوا بالاسم بين الاطباء والمرضى والعامة، وكان الهدف مكافحته وبث الامل في قلوب المرضى ورفع معنوياتهم لمكافحته والقضاء عليه وعدم ترك المجال للمرض للقضاء عليهم، وهذه الفكرة تبناها عدد من الافراد بالمجتمع، لهذا قاموا بإشهار ما يسمى «مبرة الدعم الايجابي لمرضى السرطان».
جاء تأسيس المبرة في 27 يوليو 2009، وكانت اهم الاهداف تشمل تحسين نوعية حياة مريض السرطان لمساعدته على استجابة جسمه للعلاج والاستمرار في اخذ العلاج الطبي واستثمار الطاقات البشرية من مرضى السرطان ممن شفاهم الله بما يخفف عنهم معاناتهم.
كما يسعى القائمون على المبرة لاعادة التكيف الاجتماعي والنفسي والديني للمريض واقاربه ليتمكنوا من ممارسة ادوارهم بشكل طبيعي والتخفيف من الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها المريض واسرته، والمحافظة على الصورة الايجابية للمريض عن نفسه وعن الآخرين من حوله وينسى آلامه ويعيش بتفاؤل عبر تصحيح الافكار الخاطئة عن مرض السرطان ليتقبل واقعه الجديد ليستفيد من العلاج.
من جانبه، أكد رئيس مجلس ادارة مبرة الدعم الايجابي لمرضى السرطان محمد العجمي ان المبرة تقدم رعايتها بالدرجة الاولى لمرضى السرطان، ويتعدى نفعها لاقارب المصاب، لافتا الى ان دور المبرة يبدأ عند وقوع الاصابة وعلم المريض بها، وتقوم خدمات المبرة على رعاية المواطنين، وتتعدى لغيرهم من المقيمين في قالب يحترم آدميته الانسانية، مشيرا الى انه عادة ما يتم التعرف على الحالات عبر الاتصال المباشر من المصاب او ذويه، كما تعد اهم آلية للاتصال عبر ادارة مركز الكويت للسرطان والاطباء العاملين واقسام الخدمة الاجتماعية والنفسية، وهذا التعاون يساهم بشكل فاعل في تحقيق نتائج ملموسة واثر مباشر في المستفيدين من خدماتنا، ويتعاون معنا عدد من الجهات ومنها وزارة الصحة ممثلة في مركز الكويت للسرطان والذي يمثل ابرز الجهات الحاضنة لعملنا والتي تلمس اثرنا في حياة المصاب كذلك من الجهات الرسمية وزارة الشؤون ممثلة في ادارة المبرات والجمعيات الخيرية التي ساعدت على تسهيل عملنا والتعاون لتذليل ما يعترضنا من مصاعب وعوائق بالاضافة للتعاون مع وزارة الاوقاف وبيت الزكاة والجهات القائمة على رعاية مريض السرطان لمراحله المختلفة وخدماته.
مشاريع المبرة
ولم تتوقف المبرة على الدور الرئيسي لها والمتمثل في الدعم النفسي المواكب للعلاج، لكنها اتجهت لدعم المرضى بمختلف الطرق، وفي هذا الصدد دشنت عدد من المشاريع منها مشروع «خلك معانا لعلاج مريض سرطان» وهو مشروع خيري يقوم على الوقفة الإنسانية مع مريض السرطان لسد حاجته بإعطائه الأول في الحياة بتوفير العلاج الغالي الثمن للمقيمين تطبيقا لفتوى هيئة الإفتاء بوزارة الأوقاف والتي أجازت في فتواها عام 2009 تحويل زكاة المال الى هذه المشاريع الإنسانية.
وتقوم المبرة بالتنسيق مع مركز حسين مكي جمعة لعلاج تلك الحالات التي لم يصبح شفاؤها صعبا بل ان هناك الكثير من الحالات شفيت تماما من المرض وأصبح أولئك المتعافون متطوعين بالمبرة لإدخال في نفوس المرضى ورفع معنوياتهم.
وأشار العجمي الى ان عمل المبرة يقوم على دراسة الحالة من خلال لجنة متخصصة والتنسيق مع شركات الأدوية المختصة واعطاء المريض النموذج المعد لمرضه ومتابعة حالته دوريا للتأكد من أحقيتها بالعلاج، مشددا على ان مرضى السرطان شريحة كبرى لا يمكن التغاضي عنها كون هذه الفئة تحتاج الى عناية خاصة واهتمام نفسي واجتماعي يتواكب مع اخطار المصاب بمرضه، فمساندة مصاب السرطان في أيام الإصابة الأولى تساعد في سرعة شفائه، مشيرا الى تجارب المبرة في التعامل مع مصابي مرض السرطان وان اكثر من ثلثي المصابين يتجاوزون عارض المرض ويتعايشون معه بل ويعودون لحياتهم الطبيعية بعد فترة من الالتزام بالعلاج والمحافظة على برنامجهم الدوائي.
وكشف ان أخطر مرحلة تمر على مريض السرطان هي البدايات الأولى حيث تتعرض الحالة النفسية لتحديات تتطلب الكثير من الدعم والإسناد المعنوي والإيماني وأحيانا أخرى المادي نتيجة لتعرض أوضاع البعض منهم لظروف معيشية قاهرة نظرا لتوقف أعمالهم ومصالحهم.
وقال «ان تجاربنا الميدانية مع هذه الشريحة تؤكد أهمية أنواع الدعم التي تقدمها المبرة وتأثيرها المباشر على الأطوار العلاجية التي يمر بها، وان الدعم الايماني عبر الزيارات الشخصية والدروس الوعظية والرسائل النصية والعمرة الايمانية التي تقيمها المبرة سنويا تعزز من اصرار المصاب على مواصلة العلاج والتحلي بالأمل في تجاوز تحديات المرض، حيث تنفق المبرة سنويا أكثر من 90 ألف دينار.
وقال العجمي «لقد أكرمنا الباري تعالى واختصنا عاملين ومانحين بالسعي في حاجة اخواننا مرضى السرطان والوقوف معهم وإلى جانبهم في أدق مراحل تعرضهم للإصابة بالمرض، والوقوف على آثارها التي تخلفها على نفسيته والتزاماته الأسرية والاجتماعية، ومواجهة متطلبات المرض من علاج ودواء أحيانا، ان هذه المواساة بالنفس والمال وسائر الأدوات المتاحة في مبرة الدعم الايجابي تفرض علينا مزيدا من التوسع والوقوف الى صف المرضى بمزيد من التطوير والتحديث لمبرتنا لجعلها في مصاف المؤسسات الوطنية التي تعتمد عليها الدولة في تقديم هذه الخدمة وحتى نكون رافدا لتنمية ورافعا للاعمار وبناء الإنسان في بلدنا الحبيب نقدم الخير لمستحقيه من غير منّ ولا أذى نبتغي ما عند الله من أجر وخير سائلين الله تعالى لنا ولكم القبول.
زيارة المرضى
وتتضمن أنشطة المبرة زيارة المرضى الرجال والنساء بواسطة فريق من المتطوعين والمتطوعات وخلال هذه الزيارات يتم توزيع الهدايا على مرضى ومريضات السرطان كذلك توزيع الهدايا على فرق الهيئة الطبية والتمريضية.
من جانبه، أكد أمين السر العام للمبرة المستشار مفرح المطيري ان مجلس ادارة المبرة يهدف من الزيارات الدورية التي تعدها المبرة ضمن برنامجها الى بث الأمل في نفوس مرضى ومريضات السرطان، وقال «ان هذا المرض لم يعد كما يتصوره البعض من ان السرطان يساوي الموت فهذه مقولة استطاعت مبرة الدعم الايجابي لمرضى السرطان بالتعاون مع الفريق التطوعي ان تبدل هذه المعادلة الى اخرى انه بالأمل بالله والتفاؤل يمكن ان يتشافى مريض السرطان ويعافى، كما هو الحال مع عدد من متطوعينا والذين كانوا يصارعون مرض السرطان لسنوات عديدة لكنهم بالنهاية تم شفاؤهم تماما وخلت أجسامهم منه وهاهم اليوم يشاركوننا عملنا ليشرحوا فرحتهم بعدما عافاهم الله وشافاهم من هذا المرض مما منح كثيرا من المرضى الأمل والتعلق به أنه ليس بعيدا على الله ان يشافيهم وخير دليل تلك الحالات المتعافية وهذه هي الرسالة الايجابية التي نسعى الى زرعها في نفوس المرضى ليعود الأمل الى بعض أولئك المرضى الذين افتقدوه».
من جانبها، قالت رئيسة اللجنة النسائية هدى طارش «من خلال تجربتي مع مرضى السرطان ومعايشتي لأوضاعهم الصحية والاجتماعية والتغيرات التي تطرأ عليهم خلال المراحل المتعددة التي يمر بها مريض السرطان، والتي يعد من أصعبها مرحلة عدم التصديق والقلق والتوتر، وصولا الى مرحلة تقبل المرض والتعايش معه سواء كان سلبيا او ايجابيا، فقد كان لزاما ان يكون هناك من يقف معهم لتذليل الصعوبات، والتي من ضمنها ان يكتشف المرض ولا يستطيع شراء العلاج الغالي الثمن، فتنتابه مرحلة أخرى لم تكن في الحسبان فيصاب بصدمة كبيرة هو واقرباؤه ويكون همه البحث من مكان إلى مكان للحصول على العلاج.
واضافت: لاشك ان من اهم مقومات الشفاء ونجاح العلاج الصحة النفسية للمريض ومن رؤيتنا فبهذا المشروع منح المريض فرصة الحياة والامل وتحسين نوعية حياته ومن الثابت علميا ان اليأس والقلق يؤثران سلبيا في الجهاز العصبي وخاصة منطقة ما تحت المهاد والتي ترسل وتستقبل اشارات دائمة الى الجهاز المناعي عن طريق هرمونات الانفعال والتوتر فتؤثر سلبا في أسلحة المناعة الاساسية التي تقاوم السرطان مثل عامل تكيف الاورام TNF.
ومن الجيد ان الحالات التي تم توفير العلاج لها من اللحظات الاولى من اكتشاف المرض وصلت الى مرحلة الشفاء التام وقد لمست هذا من خلال تجربتي مع مرضى السرطان وقد قمت بالبحث والملاحظة في هذا المجال منذ سنة 1991 وهذا ما نحاول ايصاله الى المرضى في كل مناسبة.
وبينت طارش ان من اهم جوانب الدعم النفسي توفير العلاج لأن المريض سيلقي عن عاتقه عبئا وهما كبيرا ونحن في مبرة الدعم الايجابي تلمسنا حاجة المريض، موضحة «واجهنا عدة قصص لمرضى السرطان وبالنسبة لي شعرت بأن مريض السرطان يواجه حربا داخلية في جسمه من تضارب للخلايا وانتشار لو رأيناها بالعين المجردة لكنا لا نتمالك انفسنا الا ان نسعى بجهدنا وهمتنا لانقاذه».
عمرة الرجاء 2012
وفي اطار برنامج عمل مبرة الدعم الايجابي واستشعارا لمسؤوليتها تجاه المرضى كان التفكير دائما في كيفية اسعاد مريض السرطان فكانت رحلة العمرة السنوية رغبة في تقديم خلاصة فكر المهتمين والمختصين في مجال الدعم الايجابي لمرضى السرطان، حيث تسعى لتقديم خدماتها في مجالات الدعم الايماني والنفسي للمرضى ورفع الروح المعنوية، كما تسعى لنقل التجارب والخبرات في التعامل مع المرض، بالاضافة الى التعريف بالدور الايجابي الذي تقوم به المبرة تجاه المرض، بهدف مد جسور العلاقة والتعاون لخدمة المريض مع الجهات الناشطة في المجال داخل وخارج الكويت.
وقد قرر مجلس ادارة المبرة تشكيل لجنة تحضيرية للعمرة السنوية والتي عقدت اجتماعاتها الدورية وناقشت خلالها تقييم العمرة الماضية، وتصور العمرة القادمة، وتوزيع المهام والاختصاصات على اعضاء اللجنة التحضيرية، وتقدير الموازنة المالية والموارد المتوقعة واستدراج عروض الشركات السياحية، وتخطيط وتنفيذ الحملة الاعلامية واختيار شعار «عمرة الرجاء» ومن ثم تم الاعلان عن العمرة وشروطها، واستقبال الطلبات وتعبئة الاستمارات وفق النموذج المعد لذلك، وقامت اللجنة التحضيرية باجراء القرعة واختيار المشاركين وفقا للشروط المعلنة وكذلك المتطوعين، وتحديد الطاقم الاداري والطبي المرافق للوفد، والتأكد من استيفاء شروط العمرة خاصة لمن يحتاج تأشيرة، كما قامت اللجنة المنظمة لعمرة «الرجاء 2012» بدعوة المعتمرين للقاء تنويري يهدف لشرح الاجراءات التنفيذية والاحتياطات الصحية التي قام بتوضيحها رئيس الطاقم الطبي للرحلة بالاضافة للتوجيهات الارشادية والفقهية مع مرشد العمرة الشيخ ناصر العجمي، وعقد اللقاء بقاعة جابر العلي للمناسبات وتم تسليم هدايا المعتمرين شملت ملابس الاحرام وقد ادار اللقاء رئيس وفد العمرة المحامي مفرح المطيري حيث تناول في كلمته بعض التوجيهات التي تستوجب التأكيد عليها لضمان انجاز الرحلة بأفضل رعاية وخدمة. وتم استقبال المعتمرين في مطار جدة بالتعاون مع متعهد الرحلة وجمعية الايمان الخيرية في جدة بالقهوة والتمور والهدايا التذكارية.
وقد اقامت اللجنة المنظمة لمعتمريها برنامجا ثقافيا حافلا غطى الاوقات المتاحة لهم بهدف تزويدهم بجرعة معنوية تكون رصيدا لهم في التعامل مع المرض ومراحله المختلفة، كما حرصت المبرة على التواصل مع معتمريها بالرسائل النصية ونقل مشاعر الشكر والامتنان على التعاون الايجابي الذي ابداه من شارك في الرحلة، ودعوتهم لتعبئة الاستبيانات التقييمية للرحلة بهدف التعرف على انطباعاتهم وملاحظاتهم للاستفادة منها في الرحلات المقبلة. [/B]