قد يبدو للقارئ لاول وهلة ان الاعاقات هي مشكلة قدرية تصيب البشر بشكل متساو وهي عابرة للطبقات والدول والاعراق مهما كانت الفروق بينهم شاسعة، ولكن للاسف فان الواقع ليس كذلك، كما تفيد نتائج دراسات منظمة الصحة العالمية ودراسات وعمليات مسح بشري للجهات المعنية بهذا الشان . حيث يتضح ان ثمة علاقة بين الطبقة الاجتماعية وانتشار الاعاقة، هذا بالاضافة لمدى تقدم بلد معين وكذلك فان الاعاقة تتفاقم في مناطق الاقليات العرقية كما جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية :تؤثر الاعاقة بنسب غير متناسبة على الفئات السكانية المعرضة للمخاطر.
وتوضح نتائج المسح الصحي العالمي ان انتشار الاعاقة في البلدان المنخفضة الدخل اعلى منه في البلدان ذات الدخل المرتفع. كما تنتشر نسبة الاعاقة بصور اكبر بين الشريحة السكانية الاشد فقرا، وبين النساء والمسنين. وتزداد مخاطر التعرض للاعاقة بين اصحاب الدخل المنخفض او العاطلين عن العمل ، او ذوي المؤهلات التعليمية الضعيفة.
اما البيانات الماخوذة من بلدان منتقاة، فتشير الى ان اطفال العائلات الاشد فقرا والاقليات العرقية يتعرضون الى مخاطر متعاظمة وملموسة من الاعاقة اكثر كثيرا مما يتعرض له سائر الاطفال .
من اهم ما يعزز الاعاقات ويمنع المعاقين ويشكل عائقا في وجههم لتادية وظائفهم هو البيئة والمحيط، فالبيئة هي من بوسعها تسهيل مشاركتهم في الحيز العام وهي كذلك من بوسعها تعطيل ذلك، ويتعلق ذلك بالطبع بوضعية حقوق الانسان بشكل عام في البلد ، الوضع الاقتصادي وتوزيع الموارد بشكل عادل ، مستوى الثقافة والوعي وما الى ذلك.
خلل السياسات والقوانين: في كثير من الدول النامية يتم تجاهل واضعو السياسات لذوي الاعاقة ولا ياخذون احتياجاتهم بالاعتبار عن قصد او ربما بدون قصد، كما انه في بعض الاحيان لا يتم تفعيل قوانين حماية المعاق القائمة اصلا. ونذكر من هذه الانظمة مثلا نقص الدعم المالي لتعليم الاطفال من ذوي الاعاقة وسبل تنقلهم زد على ذلك افتقاد الحماية الاجتماعية وخدمات الدعم المقدمة اليهم والى ذويهم.
النظرة السلبية والاراء المسبقة : تشكل المعتقدات الخاطئة والاراء المسبقة حول الاعاقة، عائقا امام مشاركة ذوي الاعاقة في الحياة الاجتماعية والعملية ويبدا ذلك من اهل المعاق ذاتهم (فهناك من يسعون لاخفاء المعاق عن العيون او اعتبار الاعاقة عارا) وينسحب على المعلمين، واداريي المدارس، والاطفال الاخرين..وفي مرحلة متقدمة يشمل ايضا ارباب العمل من اصحاب المفاهيم المغلوطة التي تعتبر ذوي الاعاقة اقل انتاجيا ممن هم بدون اعاقة، كما ان الجهل او انعدام القوانين التي تنظم عمل ذوي الاعاقة، جميعها تقلص من فرص عمل وتقدم ذوي الاعاقة مهنيا في حياتهم.
النقص في تقديم الخدمات: يتضرر الاشخاص من ذوي الاعاقة بشكل مباشر ينتهك حقوقهم الاساسية، من النقص في تقديم الخدمات لهم في مجالات متعددة في بلدان تعاني الخدمات المختلفة فيها اصلا من خلل ومنها : الرعاية الصحية، واعادة التاهيل، والدعم والمساعدة.
المشكلات المرتبطة بتقديم الخدمات: حتى في حال تواجدت خدمات فان المشاكل المرتبطة بطريقة تقديمها هي امر حاسم ترتبط بمدى استفادة ذوي الاعاقة منها من هذه المشاكل: التنسيق السيء للخدمات، العمالة غير الكافية، وقلة كفاءة العاملين ، فكلها عوامل تؤثر سلبا على نوعية الخدمات والوجهة اليها، وكفايتها للجميع ، كما ان الكثيرين ممن يعملون في مجال مساعدة ذوي الاعاقات بالعالم يحصلون على اجور قليلة كما انهم لا يحصلون على التدريب الكافي وتصل نسبتهم وفق دراسة امريكية الى %80.
قلة التمويل: في جميع الدول بدون استثناء يكون ذوي الاعاقة هم الحلقة الاضعف في المجتمع وغالبا ما لا تكفي المخصصات المالية الحكومية لتغطية كل ما يحتاجونه من خدمات ، ففي الدول مرتفعة الدخل لا يحصل بين 20%-40% من ذوي الاعاقة على المساعدة اليومية المدعومة للقيام بانشطتهم. وفي بعض الدول المتوسطة والمنخفضة الدخل تشح او تنعدم الخدمات وما الى ذلك من الامتيازات الصحية والاجتماعية والتامين الصحي ، مما يضطر العديدين العمل في التسول في الشوارع والميادين العامة.
ضعف تسهيلات الوصول: في الكثير من الحواضر وبالاخص المرافق العامة كي لا نتحدث عن اماكن الترفيه، لا تتوفر وجهات ملائمة لذوي الاعاقات من مواصلات ووسائل نقل ومصادر المعلومات، فعلى سبيل المثال ضعف وسائل النقل “الودية” لذوي الاعاقة غالبا ما يكون سببا وراء عدم اقدام الاشخاص ذوي الاعاقة على البحث عن العمل او توجههم للحصول على رعاية صحية، وبالتالي عزلهم تماما عن الحيز الاجتماعي.
تتاثر جراء ذلك حياة ذوي الاعاقة على عدة اصعدة اهمها:
صحة اسوا:
تكشف الدراسات ان الاشخاص من ذوي الاعاقة يتلقون رعاية صحية بشكل عام اقل من تلك المتوفرة لعامة السكان. وهم يكونون اكثر عرضة للاصابة بالامراض الثانوية التي يمكن منعها، اضافة الى الامراض المرتبطة بالعمر. كما كشفت الدراسات ان ذوي الاعاقة معرضون اكثر من غيرهم للسلوكيات المحفوفة بالخطر مثل التدخين، والنظم الغذائية السيئة، وانعدام الحركة، كما انهم اكثر تعرضا للعنف.
التحصيل العلمي الاقل:
يتزايد احتمال عدم التحاق الاطفال من ذوي الاعاقة بالمدارس عن غيرهم من بقية الاطفال، كما تقل فرص بقائهم في المدرسة او تقدمهم ضمن اي اطار تعليمي او اكاديمي.
مستوى اقتصادي اقل:
ذوي الاعاقة هم اكثر تعرضا للبطالة، وهم بصفة عامة يحصلون على رواتب ادنى من غيرهم. فمعدلات البطالة عالميا لذوي الاعاقة اعلى بحوالي 2.5 مرة من المعدلات بين من هم بدون اعاقة (49 % و20 % على التوالي).
مصير محسوم من الفقر:
يعاني الافراد ذوو الاعاقة من معدلات اعلى للفقر ممن هم غير معاقين. كما تعاني العائلات التي ترعى فردا من ذوي الاعاقة الى معدل اعلى من العوز (تامين الغذاء، المسكن الملاءم، المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، امكانية الوصول للخدمات الصحية)، وبينما تبلغ نسبة ممتلكات هذه العائلات بالمعدل اقل من العائلات والاشخاص الذين يعيشون بدون اعاقة ، الا ان تكلفة رعايتهم تكون اكبر ، مما يعرضهم وعوائلهم لمزيد من الفقر.اما الاخطر في كل هذا ان كلما ازددات البلد فقرا كلما ازداد احتمال مجابهة ذوي الاعاقة النفقات الصحية بانفسهم.
المصدر : webteb