[B]
نبغ الشقيقان الكفيفان ناصر وحمدان محمد سالم البلوشي، الطالبان في مدرسة معاوية بن أبي سفيان في العين، في الرسم بالطين الصلصالي، كما برعا في كتابة القصة القصيرة.
أكثر من 10 لوحات أنجزها الشقيقان وأغلبها كان مستوحى من التراث الشعبي الإماراتي بكل تفاصيله وتجلياته، مثل الصحراء، وأمكنتها من قلاع، وحصون، وجمال، وبيوت قديمة، إضافة إلى تجسيدهما البيئة البحرية بثديياتها، مثل الحيتان والتماسيح، فاستحقا فوزهما في مسابقة القصة القصيرة بطريقة «برايل» على مستوى الدولة.
حاسة اللمس والإحساس الذاتي جعلاهما مبدعين ويتواصلان مع مجتمعهما، من خلال إنتاجهما أعمالاً فنية باهرة قد يعجز عن تنفيذها المبصرون.
يعتمد الطالبان في تنفيذ أعمالهما على الطين الصلصالي، إذ يقطعان الشكل المطلوب من الصلصال، ومن ثم يضعانه على لوحة من الورق المقوى أو الخشب الرقيق، ويبدآن حفره وتشكيل ثنياته للوصول إلى الشكل المطلوب بواسطة اللمس وصولاً إلى تجسيد الشكل المحفور على الورق، ثم تلوينه، فتظهر في الأخير لوحة تشكيلية كاملة وواضحة.
ويرى حمدان، أن الإعاقة من الممكن أن تكون سبباً للنجاح والإبهار عن طريق قوة الإرادة والإصرار اللذين يصنعان المعجزات، لافتاً إلى أن موهبته تطلبت إصراراً وعزماً شديدين.
وقال: «بدأت أشعر بميولي الفنية عقب انتقالي من مركز رعاية المعاقين، والتحاقي بمدرسة ، بالصف السادس واختلاطي بالطلبة المبصرين، وحضوري حصص التربية الفنية، واستفساراتي الشديدة حول معنى الأشياء التي يكلف الطلاب رسمها، وأوصافها، وتخيلها».
وأضاف شقيقه ناصر «لا أواجه أي معوّقات حيال وضعي الحالي، وأمارس حياتي العادية، بل استطعت في كثير من المواقف أن أسبق غيري من المبصرين، سواء على صعيد التحصيل الدراسي، أو الموهبة الفنية والقدرات الخاصة».
ويشير إلى أن بداياته كانت منذ عامين حين كان مشاركاً في إحدى حصص التربية الفنية، وبدأ المعلم شرح طريقة رسم اللوحة فتخيلها معه قبل أن يساعده المعلم على تعلّم الرسم الملموس بـ«الصلصال» وعندما عاد إلى المنزل حاول تقليد الحركات التي قام بها مع معلمه، وشجعته أسرته على تنمية هذه المهارة.
إلى ذلك، قال مدير مدرسة معاوية بن أبي سفيان، محمد الحمادي، إن هناك خطة تتبناها المدرسة تحت شعار «عقول ذهبية» لمساعدة المعاقين على اكتشاف مهاراتهم وتنميتها، ويتم عرض إبداعاتهم الفنية خلال المسابقات، والملتقيات الثقافية التي ينظمها مجلس أبوظبي للتعليم، أو مؤسسة التنمية الأسرية بمركز تعليم الكبار في العين.
ولفت معلم التربية الفنية، طاهر البرجيسي، إلى أن الشقيقين ناصر وحمدان، لديهما موهبة فنية واضحة، ساعدت على تنميتها روح الإصرار التي يتحلّيان بها، وقال: «تم تنفيذ مشروع إبداعات فنية للطالبين بهدف تنمية الخيال لدى الطلاب المكفوفين، وتزويدهم بمجموعة من المجسمات لأشياء ملموسة من بيئة الإمارات كالقلاع والصقور وبعض النباتات ومجسمات للحيوانات المعروفة في الإمارات، ومن خلال مادة الطين الصلصالي يقوم الطالب بتحسس المجسم ومعرفة حدوده، وصنع شبيه له».
وأضاف «دور المعلم في هذا المشروع هو مساعدتهم في اختيار الألوان، وتدريبهم على حدود المجسم وكيفية استخدام الطين الصلصالي في تنفيذ الشكل المراد، بعد ذلك يتطور الأمر ويقوم الطالب بتكوين لوحة تضم بعض الأشكال المتناسقة للتعبير عن شيء معين». وأكد البرجيسي، أن الطالبين أظهرا تقدماً ملحوظاً في هذه الأعمال، إضافة إلى رسم مجموعة من اللوحات الفنية من خلال الألوان المائية عن طريق استخدام الأصابع، فيما أشار معلم التربية الخاصة أشرف مصطفى، الذي يتابع ناصر وحمدان، إلى أنه تم تزويد الطلاب المكفوفين بمجموعة من الوسائل التعليمية المتميزة التي يمكن استغلالها في المنهاج الدراسي في شتى المواد الدراسية كجهاز برايل سنس (أحد الأجهزة الخاصة بالمكفوفين)، الذي يمكن من خلاله التواصل مع المنهاج الدراسي وحل أوراق العمل، والواجبات المدرسية.
[/B]