[B][COLOR=#0A0A0A]يحتفل العالم بأسره باليوم الدولي للمعاق «ذوي الاحتياجات الخاصة» تعزيزاً لفهم القضايا المرتبطة بالعجز، وحشد الدعم اللازم لصون كرامة الإنسان وتحقيق الرفاه لأصحاب هذه الفئة بتحسين أحوالهم، وتوفير فرص التكافؤ في العيش لهم من خلال تقديم كافة سبل الرعاية الصحية والتعليم والعمل والحياة الكريمة لهم. ولعل أول مشكلة تواجه هؤلاء تتمثل في التشخيص المبكر لنوع الإعاقة، وكيفية التدخل الطبي، وتقديم العلاج المناسب، والتأهيل المبكر، لأن من شأن ذلك أن يسهم في تحقيق نتائج أفضل بكل تأكيد، لأن الطفل يتمتع بقدرة عالية على التعلم واكتساب المهارات في السنوات الخمس الأولى من العمر أفضل من المراحل العمرية اللاحقة.
ثبت أن نمو وتطور الطفل وقدرته على اكتساب المهارات والمعرفة ليست مرتبطة بالعوامل الوراثية فحسب، إنما تستطيع العوامل البيئية بدءاً من العلاج الطبي، والتدريب والتلقين والتعليم والتأهيل أن تحسن كثيراً من مهارات وقدرات الطفل على التكيف والتعايش والتوافق مع واقعه البدني والاجتماعي من حوله. فقد لوحظ جليا الفروق بين الأطفال ذوي اعاقة معينة الذين حصلوا على فرص التدخل والمعالجة المبكرة، وبين الذين لم يحصلوا على هذه الرعاية وكانوا أقل حظاً بل ساءت أوضاعهم.
تشير الدكتورة ثريا جودت إلى أهمية التشخيص المبكر للطفل، واكتشاف الأسرة لما يعانيه من عجز، وتقول:«عادة ما تكون أساليب الأسرة في التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة غير مناسبة للتعامل الناجح مع هؤلاء الأطفال، وثبت أن البيئة الأسرية السليمة التي يتم دعمها بالتثقيف والتوعية باكتشاف ماهية الإعاقة عند طفلهم، وكيفية التعامل معها قد أدت إلى نتائج جيدة وإيجابية.
قبل الولادة
توضح الدكتورة جودت: «علينا أن نشير إلى أهمية مرحلة ما قبل الولادة لتفادي الإعاقة، بدءاً من فحوص ما قبل الزواج والإنجاب وتحصين وتطعيم الطفل ضد الأمراض السارية وأهمها الحصبة الألمانية، والثلاسيميا، والاهتمام بالتغذية ما قبل الحمل وخلال فترة الحمل، وإجراء الفحوص الدورية، والاطمئنان على سلامة الحمل والجنين والتأكد من عدم إصابة المرأة الحامل بالأمراض التي قد تسبب تشوه أو إعاقة للجنين خاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل، فضلاً عن الإشراف الطبي المناسب لمنع حدوث تعسر الولادة، والعناية بالطفل الخديج، والتحري عن أي علامات مرضية خِلقية أو وراثية، بفحص الدم لهرمونات الغدة الدرقية، وفحص السمع، واتباع التغذية السليمة بالرضاعة الطبيعية وإضافة الأغذية المدعمة، وتحصين الطفل باللقاح أو التطعيم ضد الأمراض السارية مثل شلل الأطفال، الخانوق، الكزاز، والحصبة والحصبة الالمانية، والتهابات الكبد، وإجراء فحوص دورية لمتابعة تطور الطفل السليم والكشف المبكر للخلل إن وجد، وحماية الطفل من الحوادث وإصابات الدماغ».
وطأة الإعاقة
أما في حالة وجود شك في وجود مشكلة ما، يقول الدكتور حسام أبو زيد، أستاذ علم النفس الإكلينيكي، وعضو الرابطة الخليجية للتوحد:» لابد أن نوضح للأسرة أهمية التدخل المبكر بالنسبة لأطفالهم، فمن الأهمية بمكان بعد مرحلة الكشف المبكر عن وجود إعاقة لدى الطفل يجب على أسرة هذا الطفل أن تتوجه لمراكز خدمات التدخل المبكر التي يوجد بها مجموعة من الأخصائيين، وهذه المراكز تساهم في تحسين قدرات الطفل في مجالات متعددة مثل المجالات الحركية والاجتماعية واللغوية والراعية الذاتية، وتعطي أيضاً فرصا كبيرة للوقاية من تفاقم وتطور المشكلات لديه، إضافة للإرشادات الطبية والفحوص المخبرية وذلك من خلال مجموعة من البرامج والأنشطة والتي من ضمنها تدريب الآباء والأمهات.
التدخل المبكر نظام متكامل من الخدمات التربوية والعلاجية والوقائية تقدم للأطفال منذ الوالدة وحتى سن ست سنوات ممن لديهم احتياجات خاصة نمائية وتربوية والمعرضين لخطر الإعاقة لأسباب متعددة. وبما أن المرحلة العمرية الأولى للطفل تعتبر اللبنة الأساسية في بناء الطفل لذلك تبرز أهمية التدخل المبكر، وأثبتت الدراسات التي أجريت على برامج التدخل المبكر مدى فاعليتها في تقويم الجوانب النمائية الممكنة لهؤلاء الأطفال، وأثبتت الدراسات أيضا أن هذه البرامج تُعد مهمة جدا لهؤلاء الأطفال قبل مرحلة التعليم الابتدائي وذلك لتهيئتهم التهيئة المناسبة.
ومن أهم برامج التدخل المبكر التي تقدم تتمثل في برامج الخدمة المنزلية، من خلال هذه البرامج يتم تدريب الوالدين على كيفية التعامل مع طفلهم وتعليمهم المهارات الضرورية ضمن البيئة المنزلية، ومن أحد البرامج التي تهتم بهذا الجانب هو برنامج يسمى برنامج «البورتج». والبرامج النهارية داخل وهي برامج خاصة تقدم لهؤلاء الأطفال داخل مراكز التدخل المبكر ويمضي في هذه البرامج ما بين (3-5) ساعات وبمعدل ثلاثة أيام إلى خمسة أيام في الأسبوع يتم فيها تدريبه على مختلف المجالات».
علامات
يشير الدكتور أبوزيد إلى علامات أو إشارات مبكرة يمكن للأم أن تلاحظها مبكراً في وليدها مع اكتمال سنته الأولى، حتى تستطيع أن تلمح أي خلل في مراحل نموه، كأن تلاحظ هل يستطيع الطفل أن ينهض ويقف وحده أو يحاول ذلك؟ هل لديه القدرة على أن يخطو بمساعدة أو دون مساعدة ؟ هل يستعمل اصبعه الإبهام والسبابة لمسك الكرات الصغيرة، هل يستجيب للنداء باسمه؟ هل يتبع التعليمات ؟ هل يصفق بكلتا يديه؟هل ينطق كلمات بجانب بابا و ماما؟ هل يستعمل أعضاء جسمه للتعبير مثل هز الرأس؟ هل يحاول التعرف على بيئته المحيطة به وما تحتويه من أشياء؟ هل يستجيب لكلمة أعطني أو خذ ؟هل يستطيع وضع كرات داخل صندوق ؟ هل يحب العناق والمداعبة؟ هل يغضب ويبتسم؟ وما إلى ذلك من علامات تدل على تفاعله مع البيئة التي يعيش فيها».
برامج الدمج
يكمل الدكتور أبوزيد:«من الأهمية إجراء الفحوص الدورية خلال السنوات الأولى من عمر الطفل ومتابعة تطور النطق، والتحصيل اللغوي للطفل، والسمع، والتطور العقلي والمعرفي والتفاعل والاجتماعي والسلوكي، ومراجعة الطبيب المتخصص عند وجود أي مشكلة».
ويضيف:«هذه البرامج يتم فيها الدمج بين الخدمات التي تقدم في المنزل والتي تقدم في المركز وذلك لتلبية حاجة هؤلاء الأطفال وأسرهم بكل يسر وسهولة. وهذه البرامج تهتم بتدريب أولياء أمور الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على كيفية التعامل مع أطفالهم في سن مبكرة. ولا بد من تدريب وتهيئة الكوادر البشرية المتخصصة في هذا الجانب، وتجهيز هذه المراكز بالتجهيزات الكاملة من كوادر بشرية ومن أجهزة حديثة تخدم هذا الجانب، وتوعية المجتمع بشكل عام وأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص بمدى أهمية التدخل المبكر لهؤلاء الأطفال، فكل ما كان التحاق الطفل بهذه البرامج مبكراً ولمدة طويلة كل ما زاد الأثر العائد من التدخل المبكر على هذا الطفل. فمشاركة أهل الطفل في برامج التدخل المبكر الخاصة بطفلهم له الأثر الإيجابي الكبير على نجاح هذه البرامج. فقد أدى دعم الوالدين الى تخفيف وطأة الاعاقة عند طفلهم، فالمشاكل الأسرية وكيفية التعامل مع إعاقة الطفل، والفهم الخاطئ تسبب وضع نفسي سلبي وينعكس بالتأكيد على الطفل وقد تسوء حالته النفسية والصحية. ومن ثم نؤكد على التدخل المبكر ومعالجة الإعاقة في أي جانب حتى لا تؤثر على الجوانب الأخرى لنمو الطفل، مثال ذلك كشف ضعف السمع مبكرا ومعالجته بالمعينات السمعية يحول دون تأخر النطق والتحصيل اللغوي والمعرفي، والكشف المبكر لبعض الامراض مثل قصور الغدة الدرية ومعالجتها تحول دون حصول اعاقة عقلية عند الطفل».[/COLOR][/B]