تلعب جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الاعاقة دوراً هاما في خلق بيئة صالحة لهذه الفئات فضلا عن المساهمة في تأهيلهم وتعزيز قدراتهم واثبات ذواتهم.
ومن المفترض أن تكون هذه الكيانات صدى صوت المعاق ولسان حاله، فتعمل على توصيل صوته للمسؤولين، وتحتضن ذوي المواهب وتقدم الخدمات النوعية والتأهيلية بل وتساهم في تحسين مستوى معيشة ذوي الاعاقة وتحقق التنمية الشاملة له وتقدم الدعم الأسري، غير أن الواقع مغاير لذلك، فكثير من هذه الجمعيات تحوّلت إلى «حبر على الورق»، ولا تخدم إلا أعضاءها فقط، كما أن مقارها أشبه بمقاهٍ أو أندية للسوالف وتناول القهوة والشاي بلا فعالية حقيقية.
القبس التقت بعدد من ذوي الاعاقة وأسرهم وعدد من الناشطين والعاملين في هذا المجال لنقل واقع هذه الجمعيات وتقييم أدائها ومستوى الخدمات، حيث أجمعوا على أنها لم ترق إلى مستوى الطموح، وأن اهتمامها ينصبّ على نحو أكبر على الترفيه وإقامة الاحتفالات والفعاليات فقط وليس للهدف الذي تأسست لأجله.
الهاجري: نتمنى أن تكون لسان حالنا
اعتبر راشد الهاجري أن مسمى جمعيات النفع العام أمر جيد، لكن يأخذ هذا الكيان من اسمه الكثير ويغيب عنه الكثير أيضاً، متمنياً أن تكون لسان حال ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولفت إلى جودة الخدمات المقدمة، التي وصفها بــ«الممتازة» من ناحية الترفيه ومساعدة الطلبة الجامعيين ودمجهم في مجتمعهم الخاص المحفوف، ولكن يغيب عنها ان لكل انسان حاجات، متمنيا أن تكون هذه الجمعيات هي لسان حال كل من حطمت ذاته بالإقلال منه لكونه معاقاً.
الحصبان: جمعيات نوعية ولا تقدم خدمات مباشرة
قال الناشط في مجال الاعاقة فواز الحصبان: للأسف جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الاعاقة في الكويت نوعية، فمنها النشط إعلاميا، ومنها التي تهاجم الجمعيات الآخرى، مشيرا إلى عدم وجود جمعيات تقدم خدمات مباشرة لذوي الاعاقة وتطور قدراتهم وإمكاناتهم وتساهم في دمجهم بالمجتمع أو تعطي تقييما للبيئة من حيث المباني والمنشآت والمرافق ومدى سهولة تنقل المعاق وتقديم الحلول التي تساهم في تحسين مستوى معيشة هذه الشريحة.
وزاد بالقول: بخلاف جمعيات النفع العام الموجودة في أميركا ودول أوروبا وفي كل مكان في العالم حيث تقدم خدمات مباشرة للجمهور، مستشهدا بجمعية المكفوفين في الخارج، حيث تدرب الكفيف على الحركة والتنقل في الأماكن العامة وكيفية العيش باستقلالية، كذلك الجمعيات المتخصصة مثل جمعية الصم التي توفر مترجمين وتقدم خدمات تعليمية وتأهيلية.
وأشاد بمجموعات الدعم المتوافرة في جمعيات نفع عام بأميركا مثل دعم الأسرة، مجموعات العلاج الجماعي، حيث يتم تجميع الأسر لتبادل الخبرات والمعلومات لتحسين حياة المعاق، معتبرا أنه عمل منتظم ومنهجي ومؤسسي بخلاف الامر في الكويت حيث ان جمعيات النفع العام للأسف منشغلة في الترفيه وهو لا يسمن ولا يغني.
وذكر الحصبان أنه توجد اكثر من جمعية نفع عام في الكويت تقدم خدمات نوعية خاصة لذوي الاعاقة مثل: كالد لاختلافات التعلم، الدسلكييا، وكذلك تقويم الطفل، مضيفا: «للأسف فإن الاخيرة (تقويم الطفل) تقدم خدمات ذات قيمة، حيث انها تعد جمعية نفع عام ولكنها تحصل على رسوم مرتفعة من الطلبة المنتسبين.
الثويني: محرومون من الدعم.. ولا مقرات دائمة
أكد الناشط في مجال ذوي الإعاقة علي الثويني أهمية الدور الريادي والفعال الذي تلعبه اندية وجمعيات ذوي الاعاقة في تحقيق التنمية الشاملة للمعاق فضلا عن المساهمة في خلق بيئة صالحة له، ناهيك عن دورها في النظر إلى مواد قانون المعاقين وتطبيقها على أرض الواقع، مضيفا «بل تتعدى اعمالها لتشمل اسرة المعاق والمشاركة في وضع خطط العمل والخطط التنموية للدولة بما يخص الإعاقة».
وزاد بالقول «ولكن الناظر إلى الواقع يجد أن كثيرا من الجمعيات والاندية عجزت عن تحقيق اهدافها التي أسست من أجلها، علاوة على عزوف ذوي الإعاقة عن المشاركة في أنشطتها حتى باتت الفرق التطوعية تتفوق عليها في الانشطة والبرامج، كما تفرغ البعض للبرامج الاجتماعية التي تحقق الدمج الاجتماعي جزئيا ولم يكن عندها عمل أو خطة أو تصور لتحقيق بقية اهدافها خاصة التعليمية والثقافية والحرفية والفنية والتنمية البشرية والنواحي النفسية.
وتابع بالقول : بل بعضها دخل في منازعات بين أفراده خاصة أثناء الانتخابات مما أدى إلى لجوء بعض ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم إلى تأسيس جمعيات اخرى، لافتا إلى أن حرمان الجمعيات من الدعم السنوي وعدم وجود مقر دائم لها أثر في تحقيق اهدافها وعزوف الاقطاب الاقتصادية عن دعم برامجها.
ورأى أنه من المفترض أن تؤسس وزارة الشؤون اتحاداً أو رابطة رسمية لهذه الجمعيات لتحقيق الأهداف المشتركة، مشيرا إلى الرابطة التي تأسست منذ عام 2003، ولكنها تنسيقية وليست رسمية، فضلاً عن ضرورة تخصيص دعم مالي ليساندهم في تحقيق اهدافهم ومقرا لمزاولة اعمالهم.
وشدد على ضرورة أن تتنافس هذه الجمعيات في عمل خطط وبرامج لتحقق ما أنشئت من أجله، كلٌّ حسب أهدافها، وأن يحتووا جميع منتسبيهم وإبعاد التأزيم عن عملهم وان يسعوا إلى تداول القيادة والتغيير في العناصر القيادية والاستفادة من كل جهد والتواصل مع أعضاء الجمعية العمومية لديهم من خلال اللقاءات، وتبني مقترحاتهم وإطلاعهم على كل ما يهمهم في جمعياتهم أو ناديهم.
العازمي: سياسة تكميم أفواه الناشطين مرفوضة
ثمنت رئيسة فريق مبتوري الأطراف أفراح العازمي، جهد جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الاعاقة من دون استثناء، والذي يتم بذله، «رغم تواجد بعض القصور الذي لا نعلم من له صلة به»، على حد تعبيرها.
وفيما أشادت بمبادرة بعض الجمعيات المشهرة بإقامة ورش عمل للاشخاص من ذوي الاعاقة لتنمية قدراتهم، لفتت إلى افتقار الجمعيات إلى الدعم المادي لعمل برامج متقدمة لهم رغم كثرة عدد هذه الجمعيات.
وأردفت بالقول: اصبح المعاق الآن يدفع من حسابه لتنمية موهبته، فلا توجد جمعية تنمي قدراتهم، وأصبح عمل الجمعيات يقتصر فقط على عمل المسابقات للتلميع، لافتة إلى أن بعض الجمعيات مجرد اسم من دون عمل، وإن عملت يصبح لديها بعد الاشهار تكميم للأفواه، علما بأن السكوت سبب فشل بعض الجمعيات.
وبالحديث عن السلبيات، لفتت إلى سياسة تكميم افواه الناشطين الذين يسعون إلى تخفيف معاناة ذوي الاعاقة في بلادهم، حيث الشروط التعجبزية للانتساب لهذه الجمعيات، فضلا عن عدم المطالبة بحقوق ذوي الاعاقة البدون وابناء الكويتية وكذلك عدم التحدث في قانون 2010/8 لذوي الاعاقة عامة بأنه صادر بمرسوم أميري.
البلوشي: جمعيات تحولت إلى ديوانيات
أشار نائب رئيس الجمعية الكويتية لفاقدي الأطراف حسن البلوشي، إلى أن هناك بعض الجمعيات غير فعالة، وتحولت إلى مجرد دواوين وليست لخدمة ذوي الاعاقة، والبعض الآخر منها، الذي يفترض أن دورها فعال، تجبر المعاق على قول مايريدون فقط وليس ما يعانيه المعاق.
وعن الخدمات التي تقدمها هذه الجمعيات، قال: «حدث ولا حرج فلا توجد أي خدمات غير الديجي والحفلات وليس التركيز على تنمية قدرات ذوي الإعاقة التي قد تفوق قدرات أقرانهم الأصحاء».
تقييم
دعا ناشطون في قضايا المعاقين وزارة الشؤون إلى وضع معايير لتقييم أداء جمعيات النفع العام الخاصة بهذه الفئات، للارتقاء باعضائها وما انجزت من برامج وانشطة وخدمات.
زوجات المعاقين
اشتكت أفراح العازمي من عدم تطرق الجمعيات الى زوجات المعاقين وازواج ذوات الاعاقة، وكذلك الحال لفاقدي الأطراف، فلم تتم مناقشة قضاياهم وهمومهم من قبل هذه الجمعيات باستثناء جمعية واحدة.
أين التنسيق؟
أبدى ناشطون أسفهم من عدم التنسيق بين جمعيات النفع العام العاملة في شؤون المعاقين، فدائما عندما يخرج شخص او مجموعة من ذوي الاعاقة للمطالبة بحقوقه، نجد هذه الجمعيات تخرج وتقدم طرحا مناقضا لذلك، متناسين أنه يجب أن يقفوا مع ذوي الاعاقة سواء كان فردا او مجموعة وليس مع المسؤول أو الجهة الحكومية التي أهدرت وأضاعت حق هذا الشخص أو المجموعة.
غصة
اشتكى ذوو الاحتياجات الخاصة من أن بعض جمعيات النفع العام، التي تأسست لخدمتهم، تحولت إلى كيان شكلي لا يهتم بقضاياهم ومشكلاتهم، ولا تتفاعل مع معاناتهم.
المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس