[B][COLOR=#0D0D0C]العمل التطوعي في مجال خدمة ذوي الإعاقة عمل إنساني هادف ورافد اجتماعي وحضاري سامٍِ، حيث إنه يعطي الفرد من ذوي الإعاقة نوعاً من الأمل والتفاؤل والترويح عن النفس، كما أنه يسهم في بث روح التعاون ونشر الوعي في عالم الإعاقة، فضلا عن كيفية التعامل معهم، بما يتناسب مع ظروفهم، إلى جانب أنها تسهم في دمج ذوي الإعاقة مع غيرهم وتعزيز الشعور بالمسؤولية.
وتعد الكويت رائدة في مجال التطوع، فهي بحر من العطاء المتدفق، الذي لا ينضب، مهما طال الزمن. وهذا ما تجسّد من خلال التطوع التلقائي من خلال السواعد والهمم الشبابية إبان الغزو العراقي الغاشم على البلاد، حيث شهدت تلك الفترة مشاركة جماعية أشبه بخلية النحل من مختلف الأطياف والفئات العمرية، التي ساهمت في إعادة تعمير البلاد والنهوض بها، ومن ثم برزت اللجان والمجاميع التطوعية في شتى مجالات الحياة.
القبس التقت عددا من المتطوعين في مجال خدمة ذوي الإعاقة من المسؤولين وأولياء الأمور الذين سخَّروا حياتهم في سبيل خدمة أبنائهم من ذوي الإعاقة وتعزيز وجودهم وثقتهم بذاتهم، حيث أجمعوا على أهمية التطوع في خدمة هذه الشريحة في خلق روح التعاون والمسؤولية الاجتماعية، فضلاً عن تبادل الخبرات وتنمية المهارات والخوض في عالم جديد والتعرف عليه عن قرب من خلال التعامل مع أفراد هذه الفئة.
وطالب المتحدثون بضرورة إدخال مفهوم العمل التطوعي وتفعيل قيمته ضمن مناهج التربية لغرس الشعور بحب العمل الإنساني والتطوعي.
في البداية، طالبت إلهام الفارس (ولية أمر لثلاثة أبناء من ذوي الإعاقات المختلفة) بإدخال العمل التطوعي لخدمة ذوي الإعاقة ضمن مناهج وزارة التربية لتهيئة الجيل الإلكتروني للانضمام إلى العمل التطوعي والتعرف على مدى أهميته، لافتة إلى أن ثقافة التطوع لم تكن وليدة اللحظة، حيث كانت الكويت سباقة في منطقة الخليج في هذا المجال، وهذا ما تعزز وجوده خلال فترة الغزو العراقي عندما كان الكويتيون يتطوعون للعمل في مجالات مختلفة حتى بات عملاً واجباً.
مجال مفتوح
وبينت الفارس أنه لا يمكن لأي شخص أن يتطوع لخدمة هذه الفئة، بل هناك فئات معينة تستطيع أن تتطوع للعمل في هذا الحقل، منهم أولياء الأمور أو ناشطون في هذا المجال، بالإضافة إلى أصحاب الإعاقات البسيطة، مشيرة إلى أن المجال مفتوح، وهناك الكثير من المجاميع التطوعية بغض النظر عن ماهيتها تقدم الخدمات الإلكترونية والترفيهية والثقافية، وكذلك منهم من يساهم في تثقيف أولياء الأمور وجلب الاختصاصيين والأطباء المتخصصين، فضلاً عن إقامة الندوات المتنوعة.
منافع مزدوجة
وعن فوائد العمل التطوعي لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وجدت أن له منافع فردية، مثل: التحلي بالصبر والقدرة على تحمل المسؤولية وتقوية الإيمان الداخلي لدى الفرد، إلى جانب التعرف على أدق التفاصيل في أمور ذوي الإعاقة وحالهم، أما على الصعيد المجتمعي فإنه يسهم في خلق علاقات اجتماعية كبيرة، فضلاً عن ارتقاء الدول ونهوضها في العمل التطوعي.
اجتهاد
ولم تر الفارس – على حد قولها – أي صعوبات في هذا المجال كولية أمر متطوعة، غير اجتهاد الدولة في أمور المعاقين. والدليل على ذلك عدم تطبيق قانون المعاقين، مشيدة بدور جمعيات النفع العام في خدمة هذه الشريحة واجتهاداتهم في هذا المجال.
وثمنت دور وزارة الداخلية المشهود وعدم تقصيرها في تنظيم الحملات المكثفة، لضبط المخالفين والمنتهكين لحقوق هذه الفئة، حيث إنها رفعت سعر المخالفة لمن ينتهك مواقف هذه الفئة من 50 الى 100 دينار.
بدورها، وجدت عائشة الشمري متطوعة في جريدة الأمل الالكترونية أن العمل التطوعي في مجال خدمة ذوي الإعاقة يشهد إقبالاً وحضوراً كبيراً في المجتمع الكويتي، حيث عرفت المجاميع التطوعية في شتى المجالات البيئية والإعاقة وغيرها نمواً ملحوظاً.
ولفتت الشمري إلى أهمية العمل التطوعي في هذا المجال، حيث إنه يسهم في تنمية المشاعر والإيمانيات لدى الفرد، كما أنها تعتبر بركة في حياة الشخص وتعزز لديه صفة العطاء الذاتي بلا مقابل، ناهيك عن أنها تلعب دوراً في عملية تنظيم الوقت واستثماره ما بين العمل التطوعي الخيري والدراسة والعمل.
عراقيل
وعن العراقيل التي تعترض هذا المجال، وجدت الشمري أن كل متطوع له بيئته المختلفة، الأمر الذي يصعّب تجميع المتطوعين في بيئة واحدة، كما أن المتطوع لا يقبل أي مجال يتطوع فيه، وإنما وفقاً لميوله ورغباته.
دعم
وتمنت تزويد جمعيات النفع العام والمجاميع التطوعية بالدعم الكافي، حيث إنها تفتقر الى الدعم، ونراهم يقومون بالأشياء بجهدهم الذاتي.
وبالحديث عن دخولها مجال العمل التطوعي، حيث قالت إن موقفاً ما حدث لها مع واحدة من أبناء «الداون» دفعها الى الخوض في هذا المجال، الأمر الذي عزز إيمانها بذاتها وقدرتها على التعامل مع هذه الشريحة – على حد قولها – وجعلها من أشد المشجعين على التطوع في مجالات الحياة المختلفة، لما له من قيمة ذاتية لدى الإنسان.
الريادة
والتقط رئيس مجموعة جريدة الأمل الإلكترونية عبدالله الشمري أطراف الحديث، واصفا الكويت بــ «الرائدة» في مجال العمل التطوعي لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا ما تجلَّى من خلال نمو عدد المجاميع التطوعية لخدمة هذه الشريحة في الآونة الأخيرة.
مهارات
واعتبر الشمري أن للعمل التطوعي جوانب إيجابية في حياة المتطوع، ففي الوقت الذي تكسبه مهارات التعامل مع هذه الفئة تنمي لديه – أيضا – مهارات شخصية وتسهم في تطوير حياته الاجتماعية وغرس الشعور بالمسؤولية لديه وتطوير علاقاته الاجتماعية مع الآخرين.
اهتمام
وقارن الشمري بين اهتمام ودور جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الإعاقة في خدمة العمل التطوعي وبين اهتمام المجاميع التطوعية، حيث وجد أن اهتمام الأولى ليس مثل الأخيرة، نظراً الى أن المجاميع التطوعية هي من أيادٍ شبابية فيها طاقة وحماسة وإبداعات شبابية متجددة وفعالة ومستمرة، كما أنهم يحرصون على الزيارات الميدانية والأنشطة التطوعية، بخلاف جمعيات النفع العام، التي تنتهج الروتين والاحتفالات الرسمية.
ومن جانبها، قالت مؤسس فريق «عبير 2» التطوعي عبير صفران إن ثقافة العمل التطوعي في الكويت ليست واضحة مثل ما هي موجودة في الدول الأجنبية المتقدمة، معللة ذلك بالبداية المتأخرة في المدارس والمناهج، كما أن الوالدين يدربان أبناءهما على التطوع بطريقة غير مباشرة بالسجية، وإن كانت بطريقة بسيطة وغير مباشرة، إلا أننا نفتقدها في المدارس والمناهج.
وأشارت إلى أن العنصر النسائي يهتم أكثر بالعمل التطوعي، مقارنة بالرجال. وهذا ما يظهر بشكل واضح في المرحلة الجامعية، حيث فيها الحرية والتعارف والتعاون المثمر من قبل الهيئة التدريسية من خلال إلزام الطلبة بالقيام بالمهام الاجتماعية والتطوعية في خدمة المجتمع.
سواعد كويتية
ولمست صفران اهتمام الكويت في هذا المجال على نحو أكثر وملموس، لا سيما عقب الغزو العراقي من خلال السواعد الكويتية والقوى الشبابية التي نهضت لتعمير البلاد وتقليل الأخطار، ومن ثم تم تشكيل اللجنة التطوعية ومركز الكويت للعمل التطوعي ولجان أخرى، حتى ولو أنها لجان مبعثرة، لكن لها قيمة إيجابية كبيرة.
واجهة
واعتبرت أن العمل التطوعي يمثل واجهة للبلد ويسهم في الارتقاء بالأفراد والمجتمعات، فضلاً عن تنمية رغبة الشباب في حب العمل التطوعي وتعزيز مهاراتهم، إلى جانب تبادل الخبرات مع المتطوعين.
واشارت صفران إلى الصعوبات التي تواجه هذا المجال، حيث إنه يحتاج إلى إعلام ودعم وأدوات وتوصيل كافٍ للرسالة، لأن الناس لا يعرفون ماهية التطوع، إلا إذا سافروا للخارج، إلى جانب الحاجة الماسة إلى فريق عمل متكامل ومتخصص وموجه ومدروس، لديه أهداف واضحة وتكون سهلة الوصول إليها.
الجامعة نقطة البداية
وتطرَّقت صفران الى الحديث عن بداية دخولها مجال العمل التطوعي في خدمة ذوي الإعاقة، وقالت إنها عرفت هذا المجال خلال فترة دراستها الجامعية، حيث إنها كانت حريصة على زيارة المراكز المعنية بذوي الإعاقة، خصوصا تلك التي تهتم بالإعاقات الذهنية، ناهيك عن دور أساتذة الجامعة الذين غرسوا لدينا حب التطوع.
اقتراح
واقترحت على رجال الأعمال وشركات القطاع الخاص تبني رغبات القوى الشبابية من خلال مبادراتهم، مناشدة وزير التربية نايف الحجرف إدراج مفاهيم قيمة التطوع وتفعيلها ضمن المناهج الدراسية.
ذوو المواهب
وصفت عائشة الشمري ذوي الاحتياجات الخاصة بذوي المواهب والابتكارات الخاصة، لافتةً إلى أنهم لديهم ابتكارات مختلفة، تميزهم عن غيرهم.
يوم التطوع العالمي
قالت عبير صفران إن الأمم المتحدة خير مكان لاحتواء حدث الاحتفال بيوم التطوع العالمي، الذي يصادف وقوعه 5 ديسمبر الجاري، داعية إلى ضرورة تفعيل دور المدارس لهذا الحدث.[/COLOR]
[/B]