منذ أيام أعلنت شركة المطاحن الكويتية عن تشغيل خط انتاج جديد لمخبوزات مناسبة لمرضى حساسية القمح، وهو الخبر الذي وجد صدى واسعا على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، نظرا لتوافر المخبوزات وبسعر في متناول الجميع، بينما كان كيس الخبز الواحد يكلف المريض سابقا حوالي 8 أضعاف السعر الذي طرحته الشركة، وهو ما كان يثقل كاهل كثير من الأسر التي يوجد بها أكثر من مريض.
التقت رئيسة الفريق الكويتي التطوعي للتوعية عن السيلياك والتابع لمركز العمل التطوعي بقيادة الشيخة أمثال الأحمد، د.سعاد الفريح ونائب الفريق الكويتي التطوعي للتوعية عن السيلياك شموخ الفيلكاوي، للتعرف على الخطوات التي سبقت انشاء المصنع وظهور المنتج الذي لقي ترحيبا كبيرا من كثير من المرضى في الكويت، بل طالب بعض المرضى خارج الكويت في بعض الدول الخليجية والعربية بتوريد المنتج الى بلدانهم.
وأكدت الفريح أن هذا الصرح جاء نتاج جهود حثيثة بذلت على مدى 4 أعوام شارك فيها عدة أطراف.. كما تناولت المرض ببعض التفصيل وبعض الدراسات التي أجريت عليه.. وإلى تفاصيل اللقاء:
بداية كيف بدأتم فكرة انشاء المصنع؟
٭ منذ إنشاء الفريق التوعوي، حاولنا التواصل مع شركة المطاحن الكويتية خاصة ان هناك شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي يهمهم موضوع المنتجات الخالية من الجلوتين، وقد أشارت إحصائيات سابقة إلى إصابة أكثر من 8000 مريض بالسيلياك في الكويت، وكان ذلك قبل سنوات من نشر التوعية بالمرض، ولم يكن الكثيرين يدركون أنهم مصابون به. وهناك دراسة أجريت في المملكة العربية السعودية مؤخرا ونفذها بروفيسور ومساعدون له على 1300 طالب من مختلف مناطق المملكة، ووجد احتمال الإصابة في المجتمع السعودي بنسبة 2.2% وهي نسبة أعلى من الدول الأوروبية التي تتراوح نسبة الإصابة فيها بين 1% أو 1.1%، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول مسببات المرض بدول الخليج.
وماذا وجد في الدراسة؟
٭ وجد أن بداية زراعة القمح بدأت في الشام حيث بدأت الزراعة بالدول العربية وانتقلت منها الى الدول الأوروبية ومع الوقت اكتشفوا الإصابة بالمرض هناك، بينما الدول العربية لم يتخيلوا أن المرض موجود عندهم، الا أن من قام بهذه الدراسة أشار الى أن الدول العربية سبقت في زراعة القمح وبالتالي فان الإصابة سبقت الدول الأوروبية ولهذا فان نسبة الإصابة ستكون أعلى، وما زاد من ارتفاع معدل الإصابة الآن هو أن القمح أصبح تيستخدم معه أسمدة كيماوية مما يساعد في تغيير التركيبة الجينية للحبوب وبالتالي أصبحت نسبة الجلوتين داخل القمح أعلى من السابق، حيث ان المرض جيني مكتسب، ولهذا فإن الاستعداد الجيني موجود عند شريحة معينة من الناس، والبيئة هي التي تساعد على ظهوره بالتعاطي مع المحسسات، مثل القمح وغيره، وهناك دراسات أثبتت أن الإنسان أصبحت لديه نسبة من النظافة أكثر من السابق مما جعل الجهاز المناعي يحارب نفسه بنفسه حينما لا يجد ما يحاربه، كما ان السيلياك يصيب الإنسان في 3 مراحل الفطام والمراهقة وأخيرا في أي مرحلة عمرية بعد ذلك، ففي مرحلة الفطام يظهر حينما يبدأ الطفل بتناول البسكويت أو أي طعام يدخل فيه القمح، وهنا تظهر الإصابة، بينما في مرحلة المراهقة يبدأ ظهور المرض بخلل في هرمون النمو، وبعد ذلك في الشريحة العمرية التي تلي ذلك وهي شريحة كبيرة تصل الى حوالي 32% من المرضى وهم الذين يصابون في عمر الستين فما فوق، حيث يتم اكتشاف المرض بهم وهم حوالي ثلث المرضى، وهذا يكون عبر محفزات منها تعرض الجسم لصدمات، سواء صدمات جسدية أو نفسية وقد يكون ذلك بعد عمليات جراحية او حمل وولادة، وبعد الإصابة بفيروس أيضا حينما لا يستطيع الجسم مقاومته، ويبدأ الجهاز المناعي بالعمل ويضرب جميع الأمراض المناعية.
وماذا عن طعام المرضى؟
٭ بداية أشكر وزارة الصحة لجهودها لأنها تقوم بصرف مجموعة من الأغذية الخالية من الجلوتين للمرضى، من ضمنها الدقيق والبسكويت والمعكرونة، ولكن هناك بعض العوائق فمثلا بالنسبة للمرأة العاملة يأخذ التعاطي مع هذه المكونات لطبخها من الوقت الكثير حيث يكون من الصعب أن تخبز بالطحين خاصة ان كان المصاب بالعائلة طفلا، ولهذا كانت هناك حاجة ماسة لتواجد الخبز الجاهز، والذي يتواجد بالكويت ولكن بأسعار مرتفعة حيث يصل سعر كيس التوست العادي الى 4 دنانير، وحينما تكون الأم لديها طفل أو طفلان مصابان بالمرض فلا يمكنها التعاطي مع هذه الأسعار، ولهذا خاطبنا شركة المطاحن الكويتية، كما حادثتهم الشيخ أمثال الأحمد وقمنا بزيارة رئيس مجلس ادارة الشركة م.صلاح الكليب وتناولنا معه تطلعنا الى أن يكون لدينا منتج كويتي خال من الجلوتين.
الجدير بالذكر أن الشركة تنتج منتجا عبارة عن توست مخبوز من نشا الذرة وهو جيد الا أنه من الصعب أن يتناول الشخص نشا الذرة يوميا لأنه صعب الهضم وطعمه غير محبوب، ولكنه يعد المنتج الوحيد المتاح لمرضى السيلياك، وللأسف كان يتم تصنيعه بنفس الآليات التي يتم تصنيع الخبز العادي بها بعد غسلها، ولكننا أوضحنا لهم أن هناك تحذيرات من أن مريض السيلياك لا يمكنه تناول أكثر من 20 مليغراما من الجلوتين يوميا أي حوالي ثمن ملعقة، وبالتالي لا بد أن يكون هناك حذر في تصنيع الخبز بأن تكون المنتجات في بيئة معزولة تماما عن أي منتج آخر يحتوي على الجلوتين، ونحمد الله أنهم تفهموا الوضع جيدا وبدأوا في انشاء مصنع متكامل خصيصا لإنتاج المخبوزات الخالية من الجلوتين.
منذ متى بدأتم المطالبة بانشاء المصنع؟
٭ بدأنا المحاولات منذ حوالي 4 سنوات، حيث تم بالفعل الانتهاء من انشاء المصنع نهاية عام 2014 والاعداد للعمل حتى خرج المنتج خلال الأيام الماضية.
وما المنتجات التي تم البدء بها؟
٭ ثلاثة منتجات هي الكب كيك وخبز الهمبورغر، والرول، والجيد أنه تم تسعيره بأسعار جيدة وفي متناول الجميع، كما بدأ المصنع العمل في إخراج منتجاته في نهاية شهر رمضان الكريم كعيدية للمرضى، حيث تم توزيعه بشكل مجاني، وقد تم الإعلان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي عن أن هناك منتجا كويتيا خاليا من الجلوتين موجود بالمخابز ويوزع مجانا للمرضى، وبالفعل شهد اقبالا شديدا، ومن الجيد أن هذا المنتج لا يصلح لمرضى السيلياك فقط، بل يصلح لمرضى التوحد والصدفية والربو وفرط الحركة وتشتيت الانتباه، ومرضى القلب.
وماذا كان رد فعل المرضى على وسائل التواصل الاجتماعي بهذا المنتج؟
٭ كانت فرحة يصعب وصفها بهذا الإنجاز خاصة أنه المصنع الوحيد بدول الخليج، وقد طلبت بعض دول الخليج المنتج وكذلك مرضى من السودان ولبنان والعراق حادثونا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وطالبوا بأن يتم توريد المنتج لبلدانهم، وهذه المسألة ناقشناها من قبل لتسويق المنتج في الكويت وخارجها أيضا، خاصة أنه المصنع الحكومي الوحيد في العالم العربي والذي ينتج منتجا خصيصا للمرضى، ونفخر بان الكويت صاحبة الريادة في انشاء هذا المصنع في الوطن العربي والشرق الأوسط.
هل ترين أن أعداد المرضى في ازدياد؟ وان كانت في ازدياد فما السبب من وجهة نظرك؟
٭ نعم أعداد المرضى المكتشفين في ازدياد، وأهم سبب هو التوعية التي انتشرت حيث أصبح المرض معروف نوعا ما مما دفع الكثيرين سواء مرضى أو أطباء لطلب الفحص عند شعورهم بتطابق الأعراض لديهم مع المرض الذي عرفوا عنه مؤخرا، وكذلك سهولة إجراء الفحص الذي يؤكد الإصابة، فمن قبل كان الأطباء يرون أن هذا المرض نادر، ولكن الآن أصبح مرضا شبه معروف لدى الكثيرين، خاصة مع زيادة أعداد المصابين ففي عام 2010 كان عدد مرضى السيلياك الذين يتسلمون الطعام من وزارة الصحة حوالي 120 مريضا، ومع نهاية عام 2014 تجاوز العدد 7000 مريض وبالتالي العدد ازداد بصورة مهولة، ولكننا نحمد الله أن استطعنا انقاذ هذا العدد من المرضى، بيد اننا مازلنا نبحث عن المرضى الذين لم يكتشفوا اصابتهم بعد، وإنقاذهم من المعاناة من المرض.
وما الجديد في مجال الدراسات الطبية حول المرض لعمل أدوية معالجة؟
٭ للأسف مازال الأمر كما هو ولم يخرج للنور أي عقار معالج، ولكن هناك بارقة أمل تتمثل في تجارب يتم عملها على مصل أو لقاح يتم اعطاؤه للمريض بحيث ان تناول أي طعام فيه جلوتين لا يتأثر، ولكن مازالت الدراسة في المرحلة الأولى التي تستغرق 10 سنوات، أي مازال الوقت طويلا على ظهور هذا اللقاح ومن المتوقع أن يخرج عام 2025، ولهذا سنظل على التعايش مع المرض حتى يتم خروج هذا اللقاح للنور.
الفيلكاوي: تواصل دائم مع الجمهور لتقديم العون في كل ما يحتاجونه
قالت نائب الفريق الكويتي التطوعي للتوعية عن السيلياك شموخ الفيلكاوي انها تقوم بتدريب المتطوعين على كيفية التعامل والحديث مع الجمهور بمختلف الشرائح العمرية والثقافية حول المرض، وكيفية الاجابة على التساؤلات الخاصة بالمرض، خاصة أن هناك بعض الأسئلة التي تحتاج الى طبيب للاجابة عنها وتوجيه السائل للطبيب ان كان يحتاج أو ارشاده الى كيفية الوقوف على كل ما يريده.
واضافت انها تقوم ايضا بتنظيم الأنشطة والفعاليات وتنظيم محاضرات توعوية بالمؤسسات والهيئات والجامعات والجمعيات المهنية مثل داماك الكويت وآي تربل أيه، وغيرهما من الأماكن التي يتجمع فيها الناس لتقديم توعية عن المرض، ومن ذلك ايضا محاضرات في كلية الطب والهندسة والعلوم.
وذكرت الفيلكاوي ان هناك فرقا كثيرة ومجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة بمرضى السيلياك ونحن في تواصل دائم معهم لتقديم العون في كل ما يحتاجونه من رد على استفسارات حول الأطعمة والأطباء وغيرها من الامور.
وعن عدد المتطوعين الموجودين وكيفية تدريبهم، قالت الفيلكاوي انني أقوم بتدريبهم خاصة قبل كل نشاط سواء مشاركة توعوية أو ندوة أو غير ذلك، وذلك على كيفية التعامل مع المرضى، خاصة أن هناك البعص من مرتادي الأنشطة يحضرون ويستفسرون وقد تكون المرة الأولى التي يسمعون فيها عن المرض، ففي المحاضرات التي يتم تنظيمها يكون أغلب الحضور من المهتمين بالمرض ولا يحتاجون الى الجانب التوعوي بل الى معرفة نمط الحياة الملائم أو كيفية التعاطي مع الأطباء والفحوصات الدورية وغير ذلك، مشيرة الى انه في بعض الأنشطة التوعوية الأخرى نجد كثيرين لا يعرفون شيئا عن المرض، وفي احدى المحاضرات التي قدمناها بتنظيم من وزارة الأوقاف اهتمت احدى الحضور بطرح العديد من الأسئلة، وفي محاضرة تالية وجدنا أنها ضمن الحضور وقالت إنها عرفت اصابتها بالمرض من خلالنا بالرغم من أنها كانت تعاني لأكثر من 15 عاما دون ان تكتشف اصابتها الا بعد أن حضرت وسمعت عن السيلياك وطلبت اجراء الفحص الخاص به مما أكد أنها مصابة.
مؤكدة ان التوعية بكل أشكالها ضرورية لتوعية المجتمع، ونحن لا ننتظر أن يحضر الجمهور الينا، ولكن نذهب اليهم سواء في المولات أو المعارض أو غيرها.
واعربت الفيلكاوي عن الفخر لأن بلدنا الحبيب الكويت أنشأ مصنعا هو الأول من نوعه في الخليج العربي بل في العالم العربي ولعله الحكومي الأول في العالم لإنتاج منتجات خالية من الجلوتن، وهذا الإنجاز نقدمه وبكل فخر لدولتنا الحبيبة الكويت ولدول الخليج العربي وللعالم اجمع، خاصة أنه نتاج مجهود من أطراف عدة وجهود حثيثة من كل من رئيسة مركز العمل التطوعي الشيخة أمثال الأحمد
والفريق الكويتي التطوعي للتوعية عن السيلياك ومؤسسيه د.سعاد الفريح سفيرة مرضى السيلياك، ورائد طارق الفريح وكذلك شركة المطاحن وعلى رأسهم ابتهال السالم لتفهمها احتياجات المرضى وتعاونها المثمر معنا ومع الفريق ومجموعتها الذين بذلوا كل جهد في سبيل الاطلاع على خبرات الدول الأجنبية ومعرفة انواع الخلطات الناجحة على مستوى العالم حتى استطاعوا الوصول الى الخلطات التي تناسب الذوق الكويتي والخليجي والعربي.
أفضل غذاء لمريض السيلياك
بينت د.سعاد الفريح أن افضل الاغذية لمريض السيلياك هو كل ما كان طبيعيا من اللحوم بأنواعها والخضار والفاكهة والحبوب عدا القمح والشعير والجاودر، لكن الانسان يحتاج الى الخبز والكيك والبسكويت وخصوصا الاطفال، مؤكدة ان انجازنا بانشاء مصنع حكومي على اعلى المقاييس وسام شرف على صدر بل على رأس كل مريض سيلياك، فهو يشكل دعما لامتناهيا للمرضى، كما أنه يعد حسنات جارية الى قيام الساعة بفضل رب العالمين.
|
|
د. سعاد الفريح والزميلة حنان عبد المعبود |
|
|
منتجات المصنع الجديد |
|
|
أطعمة خالية من الجلوتين |
المصدر : حنان عبد المعبود \ جريدة الانباء