0 تعليق
368 المشاهدات

ثنائي اللغة /ثنائي الثقافة



ثنائي اللغة /ثنائي الثقافة

(Bilingual/Bicultural)

كأحدث التوجهات العالمية في تربية وتعليم الصم


د. طارق بن صالح الريس – أستاذ مساعد بقسم التربية الخاصة – كلية التربية – جامعة الملك سعود

ملخص الورقة :
تهدف هذه الورقة إلى تقديم إطار نظري لطريقة ثنائي اللغة /ثنائي الثقافة(Bilingual/Bicultural) والتي تعد من أحدث التوجهات العالمية في مجال تربية وتعليم الصم والتي لم يتم التحدث عنها أو مناقشتها -على حد علم الباحث- في أي بحث باللغة العربية. وستتناول المحاور التالية:
o التطور التاريخي في مجال تربية وتعليم الصم وطرق تدريسهم مع ذكر ايجابيات وسلبيات كل طريقة.
o تعريف بطريقة ثنائي اللغة /ثنائي الثقافة مع ذكر الأسباب التي أدت إلى ظهور وتبني هذه الطريقة.
o الأسس التي تبنى عليها هذه الطريقة.
o توضيح لمفهوم ثقافة الصم (Deaf Culture) والذي يعتبر مفهوم جديد في عالمنا العربي.
o أمثلة لبعض طرق التدريس باستخدام هذه الطريقة.
o العقبات التي تعترض استخدام ثنائي اللغة/ثنائي الثقافة في المملكة العربية السعودية من وجهة نظر الباحث.
o التوصيات.

التطور التاريخي في مجال تربية وتعليم الصم وطرق تدريسهم:
التطور التاريخي في مجال تربية وتعليم الصم ارتبط بشكل وثيق بتطور النظرة نحو الصم والصمم. فهناك أصحاب النظرة الطبية والذين يركزون على تعريف الصمم كحالة طبية وينظرون له كعجز أو قصور أو إعاقة والتي تفرق بين الإنسان العادي السامع من الإنسان الأصم غير العادي كما يبحثون عن علاج للصمم ويركزون على التدريب على النطق و قراءة الكلام ( الطريقة الشفهية ) ويتجنبون لغة الإشارة والتي ينظر لها بدونية مقارنة باللغة المنطوقة.
وهناك أصحاب النظرة الثقافية والذين يركزون على تعريف الصمم فقط كاختلاف، كخاصية تفرق بين شخص أصم عادي وشخص سامع عادي ويعترفون بالصم كأقلية لها لغتها وثقافتها الخاصة بها وينظرون إلى لغة الإشارة كلغة طبيعية وأولى للصم و مساوية للغة المنطوقة علماً بأن التوجهات الحديثة نحو الصم والصمم تركز على أن الصم أقلية لها لغتها وثقافته الخاصة بها والتي يجب المحافظة عليها وتدعيمها. التوجه السائد في الماضي كان النظر إلى الصمم كحالة طبية بينما التوجه الأكثر حداثة والسائد في العالم حالياً ينظر إلى الصمم كاختلاف وكحالة ثقافية.

وفيما يلي جدول يوضح ويقارن بين هاتين النظرتين:
أولاً – الصم كحالة طبية
o يعرف الصمم كحالة طبية وينظر له كعجز أو قصور أو إعاقة والتي تفرق بين الإنسان العادي السامع من الإنسان الأصم غير العادي.
o ينكر أو يحاول إخفاء أي دليل على الصمم
o يبحث عن علاج للصمم ويركز على تأثير الإعاقة السمعية
o يعطي تركيز أكير لاستخدام المعينات السمعية وأجهزة أخرى لزيادة الإدراك السمعي كما يركز على الكلام
o يركز أكثر على قراءة الكلام ( الطريقة الشفهية ) ويتجنب لغة الإشارة والتي ينظر لها بدونية مقارنة باللغة المنطوقة.
o ينظر إلى اللغة المنطوقة على أنها اللغة الطبيعية لكل الناس بما فيهم الصم.
o يجعل التمكن من اللغة المنطوقة ( الهدف المركزي لتربية الصم ).
o يعتبر الإنسان العادي السامع كأفضل مثال (قدوة) للأطفال الصم.
o يعتبر تدخل المختصين مع الصم كمساعدة للصم للتغلب على إعاقتهم وليعيشوا في مجتمع السامعين.
o يدعم تفاعل واختلاط الأصم مع العاديين ويمنع تفاعل واختلاط الصم ببعضهم كما يحرم زواج الصم من بعضهم البعض.
o لا تقبل و لا تدعم وجود ثقافة خاصة بالصم.

ثانياً – الصم كحالة ثقافية
o يعرف الصمم فقط كاختلاف، كخاصية تفرق بين شخص أصم عادي وشخص سامع عادي ويعترف بالصم كأقلية لها لغتها وثقافتها الخاصة بها.
o يعترف صراحة بالصمم.
o يركز على قدرات الشخص الأصم.
o يركز أكثر على التواصل بالنسبة للأصم ويدعم استخدام البصر كطريقة إيجابية وبديل فعّال للقناة السمعية.
o يشجع على تنمية مهارات وطرق التواصل جميعها بما فيها الكلام وليست محصورة عليه فقط.
o ينظر إلى لغة الإشارة كلغة مساوية للغة المنطوقة و ينظر إلى لغة الإشارة على أنها اللغة الطبيعية للصم.
o في التربية يركز على الموضوع والمادة بدلاً من التركيز على طريقة التواصل.
o ينظر إلى الأصم البالغ الناجح كمثال يحتذى للأطفال الصم.
o يعتبر تدخل المختصين مع الصم كعمل مع الصم لتوفير جميع الحقوق والمزايا لهم كما للناس السامعين
o يدعم تفاعل واختلاط الصم في مجتمعهم ومع بعضهم البعض كما مع المجتمع العام
o يحترم ويقدر ويدعم لغة وثقافة الصم.
(Lane, Hoffmeister, & Bahan, 1996; Parasnis, 1998; Knight, Swanwick, 1999; Andrews, Leigh, & Weiner, 2004)

الاختلاف حول أفضل الطرق للتواصل مع الصم و تعليمهم يعتبر من الأمور البارزة في مجال تربية وتعليم الصم ويعود هذا الاختلاف إلى تاريخ قديم قدم تعليم الصم. أبرز هذه الطرق المختلف حولها هي الطريقة الشفهية ولغة الإشارة.
الطريقة الشفهية تعتمد على التدريب على النطق والكلام والتدريب السمعي إضافة إلى قراءة الكلام وتتجنب أي استخدام للإشارة على اعتبار أن استخدام الصم للإشارة سيؤدي إلى عزلتهم عن مجتمع السامعين علاوة على النظر إلى لغة الإشارة على أنها ليست لغة ولا ترقى أبدا إلى مستوى اللغات المنطوقة. تعود البداية الفعلية إلى الصراع بين الطريقتين إلى عام 1880 م حيث تم عقد المؤتمر العالمي للصم في ميلان بإيطاليا ومنه تم إقرار الطريقة الشفهية كأفضل طريقة يجب إتباعها لتعليم الصم وعدم استخدام لغة الإشارة. ومن أشهر من تزعموا إصدار هذا القرار الكسندر جراهام بل. نتيجة لهذا القرار فقد بدأت محاربة لغة الإشارة في العالم ومنع استخدامها في تدريس الصم والتواصل معهم (Gannon, 1981; Neisser, 1990). ظلت الطريقة الشفهية هي السائدة إلى بداية عقد الستينات حيث أدت ثلاث عوامل رئيسة إلى العودة مرة أخرى إلى لغة الإشارة. هذه العوامل هي:
1. أثبت وليام ستوكي من خلال بحوثه ودراساته المرتبطة بلغة الإشارة والتي نشرت بدءً من عام 1960م أن لغة الإشارة لغة حقيقة دقيقة لها قواعدها وأسسها المنظمة لها مثل اللغات المنطوقة.
2. البحوث والدراسات التي قارنت بين المستوى الأكاديمي للطلاب الصم من آباء صم والطلاب الصم من آباء سامعين أكدت أن مستوى المجموعة الأولى يفوق بكثير مستوى المجموعة الثانية.
3. أثبتت الطريقة الشفهية فشلها الذر يع حيث أن خريج الثانوية العامة الأصم يعادل في مهارات القراءة والكتابة مستوى طالب سامع في الصف الرابع ابتدائي تقريبا.

في منتصف الستينات وبداية السبعينات تمت العودة إلى استخدام لغة الإشارة في تدريس الصم ولكن بطرق مختلفة حيث لم تستخدم لغة الإشارة بشكلها الأساسي بل تم تطويعها وتغيير بعض قواعدها لتناسب اللغة المنطوقة. ومن أمثلة هذه النظم والطرق: طريقة الكلام التلميحي أو المرمز (Cude Speech)، طريقة الرؤية الانجليزية الأساسية (Seeing Essential English, SEE1) ، طريقة الإشارات الانجليزية المضبوطة (Signing Exact English, SEE2). وفي خضم هذه الطرق ظهرت طريقة التواصل الكلي التي انتشرت بشكل كبير في جميع أنحاء العالم والتي تتضمن استخدام جميع الطرق الممكنة في التواصل مع الطفل الأصم وفي نفس الوقت. إلا أن المشكلة تكمن في كون التواصل الكلي أصبح من أكثر الفلسفات التي أسيء ترجمتها وفهمها وتطبيقها على مر العصور( Moore & Levitan,1993; Ben Bahan,1989). إذ أن المفهوم الصحيح والذي أطلقه في عام Roy Holcomb 1968 يؤكد على أن التواصل الكلي فلسفة تعني استخدام الطريقة الأمثل لكل طالب على حدة وليس استخدام كل الطرق في نفس الوقت ( Moore & Levitan,1993 Moores, 1996; Bahan,1989;) لدرجة أن مجموعة من العلماء (Valli, Thumann-Prezioso, Lucas, Liddell, and Johnson) قاموا برفع خطاب لإدارة جامعة جالوديت لإصدار قانون يمنع استخدام الإشارة والكلام في نفس الوقت وذلك في عام 1989(Moores, 1996). وفيما يلي جدول يوضح الايجابيات والسلبيات لأكثر الطرق والنظم انتشاراً نقلاً عن (Andrews, Leigh, & Weiner, 2004):

أولاً — اللغة الإنجليزية بالإشارات Signed English (SE) (Bornstein, 1982)
o الوصف : تستخدم لغة الإشارة الأمريكية ASL كقاعدة والتي تتألف من أكثر من 3000 إشارة و14 إشارة مميزة تحدد تمثيل الأشكال المعينة لقواعد اللغة الإنجليزية، يمكن استخدام التهجئة بالأصابع وتتم الإشارات بنفس ترتيب الجملة الإنجليزية.
o الايجابيات: التمثيل البصري للغة الإنجليزية، وهي سهلة للوالدين في أن يتعلماها مقارنة مع لغة الإشارة ASL، إن كثيراً من المواد التدريسية وأشرطة الفيديو التي تم تطويرها للأساتذة/ المعلمين وللوالدين بهذه الطريقة، تعتبر أقل تعقيداً لتعليم الوالدين مقارنة بالنظم الأخرى.
o السلبيات: تفتقد الفاعلية، لا تتقيد وتتبع القواعد اللغوية في التشكيلات والتكوينات اللغوية.

ثانياً — الرؤية الإنجليزية الأساسية Signing Essential English (SEE1) (Anthony, 1971)
o الوصف : تصنف الإشارات في تركيبات أساسية وفي مجموعة كلمات، تستخدم قاعدتين من ثلاثة الشاملة على الصوت، الهجاء، والمعاني. الكلمات التي لها معاني متعددة يتم الإشارة إليها بنفس الشيء (مثلاً: يركض، يستطيع أو يقدر، ويربط) وذلك بسبب استخدام المعايير الصوتية والهجائية، وتحتوي على أكثر من خمسين إشارة مخترعة، من أشكال ( رموز) اللغة الإنجليزية.
o الايجابيات: تقدم لنا التمثيل النظري للغة الإنجليزية، يمكن أن يكون لها الوقت الأسهل في التعليم بالنسبة للوالدين وذلك بسبب الترتيب الإنجليزي للكلمة.
o السلبيات: تفتقد الفاعلية، النظام يكون بطيئاً متعباً و غير ملائم تعليمياً للكثيرين، الكلمات متعددة المعاني تتم الإشارة إليها بنفس الطريقة والتي تربك الأطفال الصم (مثلاً كلمة ball عند التحدث عن الرقص تعني صالة الرقص أو كلمة ball وتعني كرة تتم الإشارة إليهما بنفس الطريقة أي نفس الإشارة) .

ثالثاً — الإشارة باللغة الإنجليزية الدقيقة أو الصحيحة Signing Exact English (SEE2) (Gustason, Pfetzing, & Zwalkow, 1978)
o الوصف : تستخدم نفس الكلمات الرئيسية من معجم لغة الإشارة، اختراع الإشارات للغة الإنجليزية من خلال الصور والأشكال، يتم الإشارة باللغة الإنجليزية مثلما يتم النطق بها، وتتم ترجمتها فقط إلى واحدة من معادلات اللغة الإنجليزية، يوجد معيار من ثلاثة نقاط ( الصوت، المعنى، الهجاء) وهي القاعدة التي يتم تطبيقها عملياً، أما الكلمات المعقدة والتي تكون كلمات أساسية مع إضافات ملحقة ( مثال:ING-ED-LY) تستخدم الإشارات الأولية، تستخدم إشارات مخترعة أقل مقارنة بSEEI وSEE2.
o الايجابيات: تقدم لنا التمثيل النظري للغة الإنجليزية، يمكن أن يكون لها الوقت الأسهل في التعليم بالنسبة للوالدين وذلك بسبب الترتيب الإنجليزي للكلمة.
o السلبيات: تفتقد الفاعلية، النظام يكون بطيئاً متعباً و غير ملائم تعليمياً للكثيرين، الكلمات متعددة المعاني تتم الإشارة إليها بنفس الطريقة والتي تربك الأطفال الصم (مثلاً كلمة ball عند التحدث عن الرقص تعني صالة الرقص أو كلمة ball وتعني كرة تتم الإشارة إليهما بنفس الطريقة أي نفس الإشارة) .

رابعاً — طريقة روشيستر Rochester Method
o الوصف : هو نظام أبجدي الحروف والذي يشتمل على الهجاء بالأصابع والكلام، وتستخدم 26حرفاً من حروف الهجاء اليدوية والتي تقابل حروف الهجاء الإنجليزية.
o الايجابيات: يستطيع مستخدم هذه الطريقة تهجئة الكلمات التي لا يوجد لها إشارات، وهجاء الكلمات يمكن الحصول عليه يدوياً، ويمكن أن تساعد في تدريس الأحرف والإملاء مبكر.
o السلبيات: تفتقد الفاعلية، وعلى الشخص أن يعرف اللغة الإنجليزية حتى يستطيع أن يفهمها.

خامساً — الكلام المرمز Cued Speech (Cornett, 1967)
o الوصف : هو نظام يدوي يستخدم إشارات محددة لتسهل تمييز الحرف المنطوق خصوصاً الحروف المتشابهة المخارج، وتستخدم 8 أشكال يدوية وأربع مواقع قرب الوجه للمساعدة في قراءة الشفاه.
o الايجابيات: يقدم تمثيل بصري لأصوات الكلام على الشفاه.
o السلبيات: الإشارات والتلميحات المستخدمة لها معنى بحد ذاتها، والمناقشات كمجموعة صعبة، يجب أن تكون وجهاً لوجه مع المتحدث، يجب التركيز بشكل كبير الشفاه والإشارات، صعبة جداً على الأطفال وصغار في طور النمو اللغوي.

ثنائي اللغة/ثنائي الثقافة والأسباب التي أدت إلى ظهورها والأسس التي تبنى عليها هذه الطريقة:
في السبعينات كانت السويدية الإشارية (Signed Swedish) تستخدم كطريقة تواصل في مدارس الصم إلى أن أقر البرلمان السويدي في عام 1981م قانوناً يؤكد على أن لغة الإشارة السويدية هي اللغة الأولى والطبيعية للصم في السويد وبالتالي أحقية الصم لإتقان المهارات اللغوية للغة الإشارة واللغة السويدية مما أدى إلى أن تصبح لغة الإشارة السويدية (Swedish Sign Language-SSL) هي اللغة التي تستخدم لتدريس الصم في السويد (Bagga-Gupta, 1999-2000). ما سبق يمثل البداية الفعلية لطريقة ثنائي اللغة/ثنائي الثقافة علماً بأن كثيراً من العاملين في تربية الصم تحدثوا عن نفس الفكرة قبل ذلك مثل وليام ستوكي لكن لم تطبق فعلياً إلا مع بداية الثمانينات وهي الآن تطبق في الكثير من دول العالم مثل السويد، الدنمارك، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا. يمكن أيجاز أهم الأسباب التي أدت إلى تبني طريقة ثنائي اللغة/ثنائي الثقافة في النقاط التالية:
1. النظم الإشارية التي أستخدم في السبعينات والثمانينات لا تمثل لغات الإشارة الأصلية التي يتم اكتسابها بشكل طبيعي من قبل الصم بل تعتبر أنظمة غير طبيعية ومخترعة (Valli & Lucas, 2000; Livingston, 1997).
2. يستحيل تقديم نموذج حقيقي للغة الإشارة واللغة المنطوقة عند تقديمهما في نفس الوقت بسبب عدم الالتزام بقواعد أي منهما (Drasgow & Paul, 1995).
3. عدم تطور مستوى القراءة والكتابة بالشكل المطلوب عند الطلاب الصم باستخدام الطرق السابقة.
4. العديد من البحوث والدراسات وجدت علاقة قوية بين مهارات الطفل الأصم في لغة الإشارة الأمريكية ومهاراته في القراءة والكتابة(باللغة الانجليزية) بحيث كلما حصل على درجة أعلى في تقييم لغة الإشارة كلما كانت درجاته في القراءة والكتابة أعلى (Hoffmeister, 2000; Strong & Prinz, 2000).
5. البحوث التي درست ثنائية اللغة لدى الأطفال وجدت أن لها تأثير ايجابي من ناحية تنمية القدرات العقلية و الإبتكارية لديهم (Hamers,1998; Andrews, Leigh, & Weiner, 2004 ).
6. الاعتراف بالصم كأقلية لها ثقافتها الخاصة بها وتأثير هذه الثقافة الايجابي على ثقة الأصم بنفسه ومعرفته لهويته Identity) ( ونمه النفسي السليم (Andrews, Leigh, & Weiner, 2004; Padden, 1998)
تبنى هذه الطريقة على أساس أن لغة الإشارة هي اللغة الطبيعية والأولى للطفل الأصم وحق من حقوقه واستخدامها لتدريس الأصم لغة المجتمع الذي يعيش فيه كلغة ثانية كما تبنى على ضرورة تعريف الطفل الأصم بثقافة الصم وثقافة المجتمع الذي يعيش فيه. كما أن هذه الطريقة تعطي مرتبة متساوية لكل من لغة الإشارة وثقافة الصم وثقافة ولغة المجتمع الكبير الذي يعيش فيه الأصم (Andrews, Leigh, & Weiner, 2004). وبسبب هذه النظرة يجب تعريض الطفل الأصم للغة الإشارة وثقافة الصم وثقافة ولغة المجتمع الذي يعيش فيه المكتوبة والمقروءة والمنطوقة أيضا منذ لحظة اكتشاف الصمم. ومن الأسس الأخرى الفصل ما بين اللغتين وعدم خلطهما مع بعضهما وبشكل مستمر كما أن هذا التوجه يحاول الاستفادة من طرق تدريس اللغة المقروءة والمكتوبة والمنطوقة كلغة ثانية للصم بمعنى تدريس اللغة الانجليزية مثلاً كلغة ثانية وليس كلغة أولى English as a Second Language (Andrews, Leigh, & Weiner, 2004; Livingston, 1997).

مفهوم ثقافة الصم (Deaf Culture):
النظر إلى الصم كأقلية في المجتمع الكبير الذي تعيش فيه لها ثقافتها الخاصة والمميزة لها لم يتم التطرق له في العالم العربي حتى الآن. فماذا نعني بثقافة الصم؟
ثقافة الصم تعني مجموعة الصم الذين يستخدمون لغة الإشارة ويشتركون في المعتقدات، والقيم، والعادات، والخبرات التي تنتقل من جيل إلى جيل. وهي جزء من ثقافة المجتمع العام لكن لها ما يميزها مثل تميز بعض مناطق المملكة ببعض العادات والتقاليد و اللهجات التي تميزها عن غيرها علماً بأن أهم عنصر في ثقافة الصم وحجر الزاوية فيها هو لغة الإشارة (Padden, 1998). ومن الأمثلة على ثقافة الصم ما يلي: إلقاء قصص باستخدام أبجدية الأصابع، إلقاء قصص باستخدام شكل واحد فقط من إشكال اليد، إلقاء قصص باستخدام إشارات الأرقام، نكات الصم وقصصهم، التصفيق، كيفية شد انتباه الأصم، تاريخ الصم، رقص الصم، الأسماء بلغة الإشارة، ما يحدث عند المغادرة وترك المكان، رسومات الصم، الأجهزة التي يستخدمها الصم…الخ.
بالرغم من عدم وجود بحوث ودراسات عن ثقافة الصم في العالم العربي بوجه عام والمملكة العربية السعودية بوجه خاص إلا أنه يمكننا القول بوجود مثل هذه الثقافة والتي عمادها لغة الإشارة كما أن من لديه الخبرة والتعايش مع الصم سيلاحظ الكثير من ما يميز الصم عن غيرهم من السامعين فزيارة واحدة لمنزل أسرة صماء ستجعلك ترى أجهزة ووسائل لجذب انتباه أفراد الأسرة من الصم والتي لا تراها عند زيارتك لمنزل أسرة سامعة. كما أن دور أندية الصم في تاريخ الصم وكمراكز لتجمعهم تلعب دوراً مهماً في تشكيل ثقافة الصم ونقلها من جيل إلى جيل.

أمثلة لبعض طرق التدريس باستخدام طريقة ثنائي اللغة:
هذه الأمثلة وردت في (Andrews, Leigh, & Weiner, 2004; Livingston, 1997).
أولاً: استراتيجيات الفصل ما بين لغة الإشارة واللغة العربية:
كما ذكرنا سابقاً فأن الهدف الأساسي للفصل ما بين اللغتين هو المحافظة على لغة الإشارة. وكمثال على ذلك: الفصل ما بين اللغة الاسبانية واللغة الانجليزية في الولايات المتحدة الأمريكية أثناء التدريس يهدف إلى محافظة الطلاب ذو الأصول المكسيكية على لغتهم الأولى- الأسبانية- وتعليمهم اللغة الانجليزية. ومن الطرق التي يمكن من خلالها الفصل ما بين اللغتين ما يلي:
1. الفصل من خلال المادة أو الموضوع (مثلاً: المواد الأدبية بلغة الإشارة والمواد العلمية باللغة العربية).
2. الفصل عن طريق الأشخاص (مثلاً: مدرس يستخدم لغة الإشارة ومدرس آخر يستخدم اللغة العربية أو الإداريين يستخدمون اللغة العربية والفنيين يستخدمون لغة الإشارة …..).
3. الفصل من خلال الوقت فمثلاً أول حصة دراسية تكون بلغة الإشارة والثانية باللغة العربية أو أول ثلاث حصص دراسية باللغة العربية وآخر ثلاث حصص بلغة الإشارة.
4. الفصل من خلال المكان فمثلاً في المكتبة يتم استخدام اللغة العربية وفي مطعم المدرسة تستخدم لغة الإشارة.
5. الفصل من خلال نوعية النشاط (مثلاً: المناقشة بلغة الإشارة و التخليص باللغة العربية).
6. الفصل من خلال أدوات المنهج فمثلاً الكتاب باللغة العربية و ال DVDs أو CDs المصاحب للكتاب يكون بلغة الإشارة.

ثانياً: إستراتيجية preview-view-review (نظرة عامة تمهيدية- دراسة- مراجعة):
بهذه الطريقة يقوم المعلم بتقديم الدرس باللغة العربية (قراءة قصة) ومن ثم تتم المناقشة بلغة الإشارة وأخيرا تكون المراجعة باللغة العربية (كتابة ملخص للقصة أو أهم العبر التي وردت في القصة) كما يمكن العكس بحيث يتم البدء بالدرس باستخدام لغة الشارة ومن ثم اللغة العربية وأخيرا لغة الإشارة وذلك يعتمد على أهداف الدرس.

ثالثاً: استراتيجيات الشرح (التفسير أو الترجمة) بلغة الإشارة:
o أصنع صورة ذهنية للتلميذ بحيث يكون لدي تخيل واضع عن المكان والأشخاص.
o كن واضحاً (اعرض أسباب، خلفية للموضوع، التأثير، فسر ووضح)
o استخدم أسئلة لشد الانتباه rhetorical questions.
o تقمص الشخصية.
o أعد الجملة بصيغ وكلمات و إشارات مختلفة.
o أربط الأحداث ببعضها (قبل قليل تحدثنا عن… تتذكرون عند ما تحدثنا عن…).
o أصنع مغايرة أو تضاد من خلال النفي (أذا مرضت أذهب للمدرسة لا أذهب إلى المستشفى).
o أختر إشارات أو إيماءات توضح معنى الكاتب بشكل تصويري.
o لخص الأفكار المطروحة.
o وضح قبل التسمية (موز، تفاح، برتقال … تسمى فواكه).
o قبل طرح السؤال أعد المشهد الذي ستسأل عنه (في القصة عندما احتاج الولد إلى بعض المال دخل على أبيه في المكتب.. ماذا حصل؟)
o بين ما هو المطلوب بالتحديد من السؤال.

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0