إجازة طويلة.. وسائل الترفيه قليلة.. والمرافق غير مهيأة
لا أندية صيفية متخصصة وكافية تحتضن مواهبنا وطاقاتنا.. ولا مرافق عامة مهيأة ومناسبة لظروفنا الصحية.. ولا برامج وأنشطة تجمعنا ولا خطة صيفية لتأهيلنا، جملة من المشاكل تواجه العديد من ذوي الإعاقة بمختلف فئاتهم وتصنيفاتهم وأسرهم، لاسيما عقب انتهاء العام الدراسي، حيث من المفترض أن يستعد الجميع لاستقبال صيف حافل بالبرامج المتنوعة، غير أن الواقع مغاير للحقيقة، حيث وصفه البعض بالصيف الطارد.
فيما شدد متخصصون نفسيون واجتماعيون على أهمية احتضان مواهب ذوي الإعاقة وتعزيز قدراتهم وبناء ذواتهم من خلال إقامة النوادي الصيفية والمسائية لتأهيلهم واستثمار طاقاتهم، ما يسهم في تعديل سلوكهم ودمجهم في المجتمع، طالب ناشطون عاملون في مجال الاعاقة بتفعيل دور جمعيات النفع العام المعنية بحقوق هذه الفئة، من خلال تنظيم الفعاليات الصيفية وورش العمل، فضلاً عن تهيئة المرافق العامة، بما يتناسب وظروفهم الصحية.
الدمج حبر على ورق
وأكد ذوو الاحتياجات الخاصة أن الإمكانات الهائلة غير مستغلة في البلاد، مدللين على ذلك بعدم تفكير الجهات المختصة بتأسيس نادٍ رياضي كبير يضم جميع أصحاب الإعاقات، مطالبين في الوقت نفسه بورش عملية وفنية للتدريب وشغل أوقات الفراغ، مؤكدين أن الدمج مجرد كلام، ولا يزال غائباً.
التقط راشد الهاجري أطراف الحديث (كفيف)، مشتكيا من نظرة المجتمع الدونية تجاههم، التي وصفها بـ«الأزلية»، خلال زيارتهم للمراكز التجارية والمطاعم وغيرها من المرافق العامة، مطالبا بتزويد المطاعم بقائمة طعام بلغة برايل، حيث يشعر الكفيف بالاستقلالية من دون الاعتماد على المرافق في قراءة محتويات القائمة.
أكد الناشط في مجال الاعاقة فواز الحصبان أن القصور في الخدمات المقدمة لذوي الاعاقة مشكلة تبحث عن حل، لافتا إلى أن الخدمات التي تقدمها هيئة الاعاقة ووزارة التربية متمثلة في ادارة مدارس التربية الخاصة، وكذلك العديد من المراكز الصحية تعتبر موجهة ومحددة منها الخدمات التعليمية والطبية بخلاف الخدمات الترفيهية والأنشطة والفعاليات التي تفتقر اليها الكويت، مقارنة بالدول المجاورة والمتقدمة التي توفر العديد من الخدمات والبرامج، سواء في الصيف أو على مدار السنة. وتابع بالقول: الخدمات المتوافرة في الكويت تعتبر محدودة ومشتركة وغير موجهة، مناشدا الهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة بتفعيل دورها في الترفيه عن ذوي الاعاقة عموما والصم على وجه الخصوص وتعزيز البرامج الترفيهية والترويحية والثقافية، فضلا عن رفع قدراتهم. واستعرض جملة من المشاريع التي قدمها للهيئة في السابق ولكنها وللأسف لم تر النور، منها البرنامج الصيفي لذوي الاعاقة وبرنامج إعداد القادة وغيرها من البرامج، مشيرا إلى أن نادي الصم والنادي الثقافي للاعاقات السمعية لم يقدموا شيئا للأطفال.
انتقد فيصل الشمري من ذوي الاعاقة الحركية انعدام النوادي الرياضية المؤهلة ذات المستوى العالي في الكويت، مشيرا إلى وجود نادٍ واحد فقط لذوي الاعاقة، حيث يحتضن كل الإعاقات الحركية بمختلف تصنيفاتها. وطالب بتوفير نواد في المناطق النائية، مثل المنطقة العاشرة والجهراء، لتيسير عملية التنقل، ولتخفيف العبء عن كاهل المنتسبين الرياضيين، كما أشار إلى ضرورة التنويع في الألعاب الرياضية التي يمارسها ذوو الاعاقة، فضلا عن الدعم المعنوي والمادي والاعلامي من الهيئة للأنشطة الرياضية، والمشاركة في مختلف الفعاليات تحفيزا وتشجيعا لهم.
واقترح تخصيص تاكسي لذوي الاعاقة، عبارة عن سيارات مرسيدس خاصة، ومجهزة لتوصيل ذوي الاحتياجات الخاصة إلى المرافق والأماكن التي يقصدونها، لتسهيل حركة التنقل وتحقيق المفهوم العالمي السائد، الذي ينادي بدمج هذه الفئة في المجتمع، مؤكدا أن هذا الحلم طال انتظاره،
وتمنى أن تتبنى الحكومة فكرة هذا المشروع، بحيث يكون بأسعار رمزية، مبينا أن ثمة صعوبة تواجه الاشخاص من ذوي الاعاقة، متمثلة في شراء سيارات خاصة بذوي الاعاقة تتناسب وظروفهم الصحية، مستشهدا بتجارب الدول الأوروبية التي سبقتنا في هذا المجال، وكذلك قطر على صعيد الدول العربية، من خلال إطلاقهم خدمة «عونك» الخاصة لنقل كبار السن والمعاقين الى المستشفى أو أي مكان ترفيهي يودون الذهاب إليه.
شددت المستشارة التربوية والأسرية والاجتماعية ومديرة نادي السلام الصيفي لذوي الاحتياجات الخاصة، ازدهار العنجري، على أهمية النوادي الصيفية في تعديل سلوك ذوي الاعاقة وتنمية مهاراتهم الحياتية والاجتماعية، منتقدة محدودية المراكز التأهيلية والنوادي الصيفية في المجتمع الكويتي، فضلا عن قلة العاملين المتخصصين في مجال الاعاقة.
وتحدثت عن المشاكل التي تواجه ذوي الاعاقة وأسرهم خلال فترة الصيف، منها عدم معرفة بعض الأسر آلية التعامل مع ابنائها من ذوي الاعاقة، واعتمادها على العمالة المنزلية، سواء الخادمة أو السائق، في رعاية أبنائهم ومرافقتهم لهم، منتقدة اهمال بعض الأسر لأبنائها ورؤيتها الخاطئة حول استغلاء دفع رسوم اشتراك ابنائها في أحد الاندية الخاصة لذوي الاعاقة، مما يعرض هذا الابن لكثير من المشاكل سواء اثناء خروجه من المنزل من دون مراقبة، او حبسه في البيت من دون رقابة.
ولفتت إلى أن بعض الأسر تضطر للسفر خارج البلاد، وترك الابن المعاق مع الخدم أو مع أحد الاقارب، الذي لا يعرف التعامل معه، مما يزيد من الحالة، ناهيك عن المشاكل الاخرى، مثل الاعتداءات الجنسية والبدنية (الضرب) التي تواجه العديد من ذوي الاعاقة.
وأشارت إلى أن الاهالي تعودوا على أن تتحمل الدولة رسوم الشخص المعاق في كل شيء، حيث ان أغلب أولياء الأمور يرغبون في أن تكون رسوم النوادي الصيفية والمسائية لأبنائهم المنتسبين مدفوعة عن طريق الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، معتبرة أن اغلب المرافق المتوافرة غير ملائمة لذوي الاعاقة وظروفهم الصحية، كما أن الأجواء والطقس الحار لا تسمح لهم بالتنزه حيثما شاؤوا.
اعتبر الناشط في مجال الإعاقة علي الثويني أن الاجازة المدرسية تمثل نقمة وليست نعمة لدى العديد من ذوي الاعاقة العقلية، حيث لا توجد جهات تستقبلهم في فصل الصيف، فيتم حبسهم في منازلهم صباحا ومساء بخلاف ايام الدراسة، الأمر الذي يثقل على كاهل الأسر ولاسيما إن كانت الاعاقة شديدة بسبب انعدام الوسائل والخدمات التي يقدمها المنزل مقارنة بالخدمات والأنشطة التي تقدمها المدرسة أو النوادي المسائية، وهو ما ينطبق على باقي الإعاقات.
وأشار إلى أن ندرة الأماكن المتخصصة لقضاء المعاق اوقات فراغه بالعطلة الصيفية الطويلة تسبب له الكثير من السلبيات فلا يوجد المكان المنتظم للعلاج الطبيعي كما لا يستطيع ممارسة هوايته والالتقاء مع زملائه أو التعرف على الآخرين، داعيا جمعيات النفع العام والأندية المتخصصة والتربية وهيئة الاعاقة إلى احتواء كل المعاقين لقضاء اوقاتهم، سواء صباحا أو مساء، واحتضان مواهبهم وطاقاتهم فضلا عن إعداد برامج متنوعة لهم وصقل مواهبهم واكسابهم مواهب حسب ميولهم وقدراتهم والاهتمام بالجانب الترفيهي والثقافي والرياضي.
وطالب مراكز الشباب باحتواء ذوي الاعاقه وتمكين المجاميع التطوعية التي سبق تعاملها مع ذوي الاعاقة من العمل فيها لجذب المعاقين في مناطق المراكز وتهيئة الجو المناسب لهم ودمجهم مع الأسوياء، كذلك على القطاع الخاص من حضانات ومراكز أن تستوعب هؤلاء المعاقين برسوم لا ترهقهم، فضلا عن إقامة مخيمات صيفية ببرامج داخلية وخارجية باهداف محددة، مشيرا إلى أن عدم الاهتمام بهذه الفئة اثناء العطله الصيفية تنعكس سلبا عليهم، وتؤدي الى خسارة ما تعلمه وتدرب عليه في مدرسته، فعندما يعود للمدرسة مرة اخرى كانه بدأ من جديد.
طالب عدد من الناشطين وأولياء أمور ذوي الاعاقة هيئة الاعاقه تنظيم مسابقات صيفية لأبنائهم من ذوي الاعاقة، وكذلك برامج متنوعة اجتماعية، فضلا عن مشاركة جمعيات النفع العام ببرنامج صيفي مكثف ودعمه ماليا حتى يتمكن المعاق من قضاء افضل اوقاته مع أقرانه وأسرهم في جو اجتماعي.
طالب عدد من الصم بضرورة توفير مترجمي لغة إشارة في كل مرافق ووزارات الدولة لتسهيل عملية التواصل مع مجتمع الصم والتفاهم معهم.
المصدر: مي السكري/ جريدة القبس .