أستوقفني مشهد بديع في برنامج So You Think You Can Dance على قناة Mbc4، وهو عبارة عن مسابقة أميركية في الرقص، كان الشاب المتقدم للمسابقة يعاني درجة من درجات التوحد، وطلب منه أحد أعضاء التحكيم الثلاثة أن يقدم فقرته، راح الشاب يرقص بطريقة ضاحكة، وكأنه يقاتل الريح أو يتعارك مع ذبابة، يا للمفارقة لم يضحك أحد من الجمهور الذي يملأ القاعة خلف الحكام الثلاثة.
قال له أحدهم لماذا أتيت إلى هنا؟ فأجاب الشاب المصاب بالتوحد: أردت ان اتحرر خارج حدود المرض. لا تتوقف عن الرقص، قال له حكم آخر بعد أن هب واقفا، وطلب من الجمهور أن يقلد حركة الشاب، فقام الجمهور وقلد حركة الشاب بحماس شديد ثم أتبعها بتصفيق حاد، ورفع الشاب المصاب بالتوحد يديه ليرد تحية الجمهور.
لم يجاملوه لمرضه ولم يمنحوه الدرجة التي تؤهله للانتقال الى المرحلة التالية، لكنهم منحوه الأمل، الأمل في أن يقهر مرضه أو على الأقل يتعايش معه، وقبل أن يخرج من القاعة استوقفه أحدهم قائلا له: لقد قدمت حركة جديدة في هذه القاعة الليلة.
لماذا نفتقد هذه اللمسة الإنسانية في إعلامنا وبرامجنا؟ لماذا أصبح هم الجميع هو الإثارة، حتى لو كان ثمنها صراخ واتهامات وبذاءات تهاجم اسماعنا؟ لماذا تهدر الكرامة الإنسانية أمام الشاشات من أجل رواج برنامج أو شهرة مذيع؟ كيف أصبح إعلامنا العربي بكل هذه الوحشية على الهواء مباشرة وحصريا؟
المصدر : جريدة القبس