وافتتح الشابان عصام الشوا (29 عامًا)، والذي يعاني من ضمور في العضلات، وإبراهيم إرحيم (27 عامًا)، الذي يعاني من شلل أطفال في قدميه، ورشتهما، قبل ثلاثة أعوام، وذلك بعد أن أخفقا في الحصول على فرصة عمل، في مجال دراستهما الجامعية.
ويدير الشابان، ورشة للحفر على الخشب تضم ماكينة تسمى “cnc” ، ومنجرة، ومتجرًا لعرض منتجاتهما، وذلك رغبة منهما في توفير فرصة عمل لكليهما.
ويقف إرحيم، خريج قسم إدارة الأعمال باللغة الإنجليزية، من جامعة الأزهر بغزة، داخل ورشته، متكئًا على عكازه يتابع ويراقب عمل آلة الـ “CNC”، وهي تقص لوحا خشبيا على شكل تصميم هندسي، زودها به جهاز الحاسوب.
وبواسطة فرشاة، يزيل إرحيم “نشارة” (بقايا) الخشب التي تخلّفها الآلة بعد قصها للتصميم، استعدادًا لإرساله إلى قسم الطلاء لمنحه لونًا بنيًا، تلبية لرغبة أحد الزبائن.
ويقول إرحيم للأناضول: “لم أستطع الحصول على فرصة عمل، وكان احتمال توظيفي ضئيلاً جدًا، بسبب إعاقتي، فقررنا العمل بشكل خاص، وافتتحنا ورشتنا ومتجرنا”.
ويضيف :” كنت أصرّ أنا وصديقي عصام، ألا نستسلم للواقع، وألا نكون عالة على أي فرد، كان هذا حافزًا قويًا لنا، رغم نظرة الاستغراب التي كانت في عيون معظم الناس”.
وعلى رفوف بيضاء داخل متجرهما، الذي حمل اسم “CNC CERATIVE”، نسبة لاسم الآلة التي يستخدمانها، اصطفت قطع من الزينة على شكل هرم، و شجرة، وحصان، وفرشاة، وحامل مصحف، وصينية، بعضها اكتسب اللون البني الداكن، والآخر اللون الأحمر.
وتعمل آلة “CNC”، بشكل رقمي، حيث تتصل بحاسوب، يزودها بتصميم زخرفي وهندسي تقوم بقصه تلقائيًا على لوح من الخشب أو الزجاج أو الحديد.
ولم تكن البداية سهلة للشابين، كما يقول إرحيم، فمهة إقناع الزبائن بقدرتهما على إخراج منتجات جيدة ومميزة “لم تكن أمرًا يسيرًا”.
ويمضي بقوله: ” عندما كان يطرق أحد الزبائن بابنا، ويسأل عن صاحب المكان، كان يتفاجأ جدًا عندنا يعرف أنني مدير العمل، ويظهر التردد واضحًا عليه في عرض طلبه علينا، بصناعة قطع زينة أو أثاث”.
وبحسب إحصائية أصدرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (حكومي)، حديثاً، فإن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة البالغين أكثر من 18عاماً، يصل إلى نحو 27 ألفا، منهم 17 ألفا يعانون من إعاقة حركية.
وكان عمل إرحيم والشوا، أشبه بالمغامرة، كما يصف الأول : “عملنا أشبه بالمجازفة، لم أفكر مطلقًا في حياتي، أنني قد أفهم في مجال النجارة والزينة والأثاث، ولكننا نجحنا الآن”.
غير أنه لفت إلى أن انتشار الفقر والبطالة والحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منذ ما يزيد عن ثماني سنوات، وتوقف حركة العمران، تسبب في ضعف حركة الشراء.
ووفقاً لتقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مطلع الشهر الجاري، فإن معدل البطالة في قطاع غزة، بلغ 43%، فيما بلغت نسبة الفقر 38.8%.
وهو يجلس على كرسيه المتحرك، ويوجه عددًا من عمّاله لطلاء إطار مرآة خشبية بدقة، تحدث الشوا للأناضول :”عملي منحني إحساسًا بالاستقلالية، والرضى عن نفسي، وأنا سعيد بإنجازه”.
” أصبح لنا اسمًا في السوق المحلية، ولنا زبائننا ولم تعد الإعاقة، عائقًا أمامنا، ولم نعد نعتمد على أية جهة لتقديم المساعدات، وهذا أمر جيد”، يكمل الشوا حديثه.
ويشير الشوا، خريج قسم المحاسبة، إلى أنهم يواجهون تحديًا في عملهم، بسبب أزمة الكهرباء، قائلاً: “نضطر في العديد من الأيام للدوام ليلاً، وفقًا لموعد وصل التيار الكهربائي،، هذا عائق كبير”.
ويعاني السكان في قطاع غزة منذ 8 سنوات من أزمة كهرباء كبيرة، حيث يحتاج القطاع نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا 212 ميغاوات.
المصدر: غزة/ هداية الصعيدي /الأناضول/ جريدة دار الأخبار .