ين قيادات وزارة الصحة ونواب مجلس الأمة علاقة شد وجذب، تحكمها مصالح الطرفين، تارة تكون «إيجابية»، وأخرى «سلبية» بقدر ما تكون تلك المصالح متطابقة أو متنافرة.
فسحر الكراسي الوزارية يجعل قيادات الوزارة ترضخ لضغوط نواب مجلس الأمة وبعض المتنفذين عبر فتح بوابة العلاج في الخارج على مصراعيها، وهو الموضوع الساخن، الذي تطرق إليه الكثير من الصحف الزميلة في السابق، وسيبقى موضوعا مطروحاً للمعالجة طالما ان هناك علامات استفهام ترافقه.
فالحالات المرضية غير المستحقة، وبضغط من بعض المتنفذين، أدت إلى زيادة معدل الحالات المرسلة للعلاج في الخارج هذه السنة، مقارنة بالسنوات الماضية، مما خلق فوضى إدارية كبيرة بإدارة العلاج في الخارج، الأمر الذي أدى إلى زيادة شكاوى أهالي المرضى، وكذلك العاملين في الإدارة، وخلق ضغوطا كبيرة على المكاتب الصحية في الخارج، مما نتج عنه إرباك كبير في التعامل مع ملفات المرضى، ومواعيد المراكز العلاجية، بالإضافة إلى التعامل مع المرضى المتواجدين في الخارج لمواصلة علاجهم.
مقارنة إحصائية
وبإجراء مقارنة احصائية بين المرضى المرسلين في مايو 2014 ومايو 2015، نرى الفارق الكبير جدا في عدد موافقات اللجنة العليا (قرارات سفر) من 50 حالة في 2014 الى 792 حالة في مايو 2015. ورفع درجة السفر من 55 في 2014 الى 260 في 2015، هذا على سبيل المثال لا الحصر. ومن المفارقات ان معظم الحالات المرسلة للعلاج بالخارج في تخصص الاورام والعظام، مع ان وزارة الصحة قد اتمت التعاقد مع مراكز عالمية في هذين التخصصين بهدف الارتقاء بالمستوى المهني وخفض حالات العلاج بالخارج، لكن الذي حصل هو العكس مع وجود هذه المراكز مما يدل على تخبط استراتيجية وزارة الصحة والتسبب في هدر كبير للاموال العامة التي اصبحت في ذيل اهتمامات الوزارة.
كما علمت القبس من مصادر مطلعة على الميزانية المقدرة للعلاج بالخارج لعام 2016/2015 انها في حدود 160 مليون دينار. لكن القراءة الاولى لتزايد السياحة العلاجية تشير الى مضاعفة هذا الرقم بشكل كبير.
وتشير المصادر الى ان مصاريف المكتب الصحي في واشنطن تعدت 40 مليون دولار شهريا خلال العام الحالي. وقد حصلت في مطلع العام الحالي مخالفات وتجاوزات مالية كبيرة اضطرت الوزارة لاستبدال رئيس المكتب الصحي والملحق المالي وتحويل ملف المكتب الصحي الى النيابة العامة، فيما لا تزال الملحق المالي ممنوعة من السفر من الولايات المتحدة على ذمة قضايا مالية وشبهة غسل اموال. وقد قامت وكيلة الوزارة بالتعاقد المباشر مع احدى الشركات الاميركية للتدقيق في الفواتير والمطالبات المالية المتضخمة من المراكز العلاجية وتحصل من خلالها على نسبة %27 من المبالغ المدققة والتي تم الحصول على تخفيضات مالية وبالترتيب مع المراكز العلاجية مع العلم ان رئيس المكتب الصحي المعيّن حديثاً لم يوافق على التوقيع والتعاقد مع هذه الشركة لعدم حصول الوزارة على موافقة ديوان المحاسبة في حينه.
العلاج الطبيعي
ونظراً لتزايد حالات العلاج الطبيعي المرسلة للمراكز العلاجية في الخارج (ومعظمها ينطبق عليها وصف السياحة العلاجية) تعاقدت الوزارة مع شركة خاصة للسفريات لترتيب المواعيد والحجوزات للمرضى والمرافقين من غير الرجوع الى ديوان المحاسبة حين التعاقد. وقد بلغت فواتير هذه الشركة عدة ملايين من الدنانير في الوقت الراهن، وكانت الوزارة سابقاً تتعامل مع الخطوط الجوية الكويتية من خلال برنامج العطلات، وهي الناقل الوطني، وكان يجب استمرار التعامل معها وحل بعض المشاكل العالقة بدلاً من التعاقد مع شركة تجارية بشكل واضح التجاوز.
هناك استياء عام من معظم الاختصاصيين والمستشارين في المستشفيات الحكومية، ومعظمهم مؤهلون على أعلى المستويات وقادرون على القيام بالتعامل مع الحالات الصعبة والمعقدة، وانعكاساتها السلبية على سمعة الخدمات الطبية المقدمة في الكويت، والتي تتباهى بها قيادات الوزارة.
والسؤال المطروح حاليا: ما فائدة الاستثمار في العنصر الوطني وتأهيله، وكذلك التوسع في المنشآت العلاجية وتضخيم ميزانية الوزارة والتوسع الحاصل في كلفة السياحة العلاجية، في وقت يتوقع فيه ان يتجاوز عدد الحالات المرسلة للعلاج في الخارج العشرة آلاف حالة خلال السنة المالية الحالية؟
1- تخبط في استراتيجية «الصحة» لحالات الأورام والعظام
2- مصاريف المكتب الصحي في واشنطن تعدت الـ 40 مليون دولار شهرياً
3- استبدال رئيس المكتب الصحي في واشنطن.. ومنع الملحق المالي من السفر
المصدر : جريدة القبس