لمَّة العيلة على مائدة الإفطار.. دويّ مدفع الإفطار.. صلاتا التراويح والقيام.. وقرقيعان وبيت قصير ورميضان.. والاستعداد لاستقبال العيد بشراء الملابس الجديدة.. كلها مظاهر وروحانيات إيمانية وموروثات اجتماعية يترقبها الجميع من دون استثناء من عام لعام.
القبس رافقت ذوي الإعاقة مع حلول شهر رمضان الفضيل، والتقت عدداً منهم، للتعرف على طقوس يومهم الرمضاني والصعوبات التي تواجههم خلال هذا الشهر الفضيل، حيث أجمعوا على أنه موسم إيماني سنوي يشجع ذوي الاعاقة على التعايش مع الآخرين والاندماج معهم، من خلال ممارسة العبادات والمشاركة في الاحتفالات والأنشطة التي تنظمها جمعيات النفع العام والمجاميع التطوعية، مثل القريش والقرقيعان والغبقات.
بعض أسر ذوي الاعاقة الذهنية حريصة على مشاركة ابنائها في طقوس هذا الموسم الإيماني، من خلال تعليم أبنائها الفروض الدينية الواجبة على المسلمين من صلاة وصوم، إيماناً منها بأن ذلك نوع من إدماج المعاق في المجتمع والمساواة بينه وبين الأسوياء، فضلا عن عدم احساسهم بالاختلاف عنهم..
حيث أكدت إلهام الفارس، وهي ولية أمر لاثنين من ذوي الاعاقة الذهنية (يوسف، إعاقة مزدوجة حركية وذهنية، وفاطمة اعاقة ذهنية متوسطة)، أن الاسرة تلعب دورا مهما في تدريب ابنائها من ذوي الاعاقة على اداء العبادات ودمجهم في المناسبات الاجتماعية والدينية، مبينة أن أغلب الإعاقات تكون مصاحبة لأمراض عضوية مزمنة، فلا يستطيعون الصيام، وهناك البعض منهم يعانون أمراضاً، ولكنهم غير مدركين، وهؤلاء ليس عليهم حرج، أما المدركون فهم يصومون لمجرد محاكاة الأهل (التقليد).
وعن دورها في تدريب أبنائها على الصيام، لفتت إلى حرصها على تعليمهم آداب هذا الشهر وتبادل التهاني، مشيرة إلى أن ابنها لا يستطيع الصيام، لأنه يعاني هبوط السكر، بخلاف ابنتها فاطمة التي تحرص على مشاركتها في العبادات والشعائر الدينية.
واستذكرت الصيام الأول لابنتها عندما كانت في الثانية عشرة من عمرها، ولم تواجه حينذاك أي صعوبة، لأن أجواء المنزل مهيأة وتساعدها على الصيام.
كما لفتت إلى حرصها على غرس الجانب الديني وممارسة الطقوس الخاصة بهذا الشهر الفضيل، من خلال تعويدها على الإفطار بالتمر، فضلا عن اصطحابها معها في صلاة التراويح، والسحور، والمواظبة على صلاة الفجر.
وبينما طالب الصم والبكم وزارة الأوقاف والجهات الأخرى المختصة بترجمة الخطب والدروس الرمضانية بلغة الإشارة، انتقد ذوو إعاقات حركية عدم وجود صعدات للكراسي المتحركة في بعض المساجد، كما أن مواقف المعاقين مختطفة، حتى في محيط دور العبادة!
نزار رمضان: الرياضة جزء من برنامجي اليومي
اعتبر اللاعب الرياضي نزار رمضان (من ذوي الاعاقة الحركية) أن شهر رمضان يمثل شهر العبادة والخير والإيمان والتسامح، حيث يحرص على استقباله سنويا وسط الأهل والأقارب وممارسة الشعائر والطقوس الرمضانية التي تجمع ما بين العبادات والرياضة والأنشطة الاجتماعية. «الرياضة هي غداء للروح والعقل»، ومن أهم الطقوس التي لا تفارق حياة اللاعب نزار حتى في هذا الشهر الفضيل، على الرغم من أقدميته وكبر سنه، فإنه حريص على تخصيص عدد من الساعات لممارسة الرياضة والمشاركة في البطولات وتحقيق الإنجازات، كاشفا عن استضافة نادي المعاقين بطولةً مصغرة خلال شهر رمضان لكل من نادي الاحساء بالسعودية لكرة السلة، ونادي إمبابة من مصر. واستذكر الزيارة السنوية لسمو أمير الانسانية لنادي المعاقين الرياضي في العشر الأواخر، تحفيزا وتشجيعا لأبطال الكويت من ذوي الاعاقة على تحقيق المزيد من الإنجازات العالمية والأولمبية في المحافل الدولية.
بورسلي: جمعيات النفع العام تعزز الجوانب الروحية
شدَّدت رئيسة الجمعية الكويتية لأولياء أمور المعاقين رحاب بورسلي على حرص جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الاعاقة واهتمامها بتعزيز الجانب الديني لدى ذوي الاعاقة الحركية والذهنية، لافتة إلى أن الجمعية تحث أبناءها على الصيام واحترام روحانيات هذا الشهر الفضيل، من خلال تنظيم مسابقات حفظ القرآن الكريم وتشجيعهم على الاشتراك في المسابقات الدينية التي تقام خارج الجمعية، إلى جانب الالتزام بأداء الصلاة.
وأشارت إلى وجود مجموعة من الحالات الملتزمة بالصيام، فنقوم بتقليل أنشطتهم خلال النهار، وآخرين يصومون مجاملة لمجاراة الوضع العام، اضافة إلى حالات أخرى تعاني مشاكل في الأمعاء، وشللا نصفيا، ومرتبطة بأدوية فليس عليهم حرج.
ولفتت إلى اهتمام الجمعية بربط أبنائها المنتسبين بالتراث من خلال حفلات القرقيعان التي تقام في الجمعية أو خارجها، مؤكدة ضرورة مراقبة أولياء الأمور لأبنائهم في هذه المناسبة، حيث التحكم في عدم الإفراط في تناول الحلويات.
وزادت بالقول: كما نحرص على تشجيع أبنائنا من ذوي الاعاقة على أداء صلاة القيام في العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، على قدر المستطاع، ومن ثم التجهيز لشراء ملابس العيد الجديدة. وتحدثت بورسلي عن الصعوبات التي تواجه المراجعين من ذوي الاعاقة الحركية عند إنجاز معاملاتهم خلال هذا الشهر، حيث يعانون من تأخير في إنجاز معاملاتهم وتذمّر العاملين أو عدم وجودهم، وكذلك هي الحال لدى أي مواطن آخر، آملة في القضاء على هذه الظاهرة، لا سيما أن رمضان يمثل شهر العبادة، والعمل يعتبر جزءاً منه.
حاي الحاي: لا صيام لذوي الإعاقة الذهنية
قال الداعية أستاذ الشريعة حاي الحاي: إن ذوي الاعاقة الذهنية لا يُكلفون ولا يُحاسبون، مشيرا إلى أنهم فاقدو الأهلية والعقل والتميز والإدراك، لذلك يقاس المعاق الذهني بحكم المعتوه وكبير السن من بلغ الثمانين عاماً.
وقال الحاي: إن من بين شروط المكلفين بالصيام أن يكون مسلماً وسليم العقل، وليس مصاباً بجنون، مستشهدا بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): «رُفع القلم عن ثلاثٍ: الصبي حتى يبلغ، والمجنون حتى يعقل، والنائم حتى يستيقظ».
وزاد بالقول: ولكن الخلاف في القضاء، فالقضاء للمريض نوعان، هنا يرجى شفاؤه، ويُؤمل برؤه، والمعاقون ذهنياً أو ذوو الشلل الرباعي لا يرجى شفاؤهم، فعليهم إطعام مسكين، كل يوم دينار، أو دفع كفارة دفعة واحدة، قدرها ثلاثون ديناراً للجان الزكاة، أو إطعام مسكين، أو إفطار جماعي في موائد الرحمن، التي تقام في المساجد.
مترجم لغة الإشارة بدر كرم:
مشروع التواصل المرئي في مرافق الدولة قريباً
كشف مترجم لغة الإشارة بدر كرم عن أن جميع الجهات الحكومية والبنوك والمرافق والمساجد بصدد أن يتم تزويدها بآلية جديدة تستند على الاتصال المرئي لتيسير عملية التواصل بين المراجع الأصم والجهة المعنية، موضحا أن هذه الخاصية تتمثل في توفير مترجم لغة إشارة في نادي الصم، بحيث يكون هذا المقر مركز اتصال، فيقوم الأصم بالاتصال على رقم معين (لم يتم تحديده بعد) لطلب المساعدة من المترجم في تيسير عملية التواصل مع الجهة المعنية. وأردف بالقول: سوف يرى المشروع النور في أقرب وقت، بناءً على تعليمات صدرت من سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، مشيرا إلى أن الديوان الأميري خاطب هيئة الشباب والرياضة للإسراع في تنفيذ هذا المشروع، كما تمت مخاطبة جميع الجهات المعنية، مثل نادي الصم والهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة، بالاضافة إلى وزارة المواصلات وإدارة الطوارئ.
مصاحف بطريقة «برايل»
بينما أشاد راشد الهاجري (كفيف) بتوافر المصاحف مطبوعة بطريقة «برايل» في جمعية المكفوفين، تمنى أن يتم توفيرها في المساجد دون قصرها على جهة معينة، فالكل له حق في الطاعة، وفق قوله.
القريش والقرقيعان
أشار بعض مسؤولي جمعيات النفع العام المعنية بحقوق ذوي الاعاقة، وبعض المجاميع التطوعية إلى حرصهم على تنظيم الاحتفالات التراثية السنوية المصاحبة لهذا الشهر الكريم، مثل مناسبتي القريش، قبل بدء موسم الصيام والقرقيعان منتصف الشهر، بهدف دمج ذوي الاحتياجات الخاصة إشراكهم في المناسبات الاجتماعية والدينية.
الجوانب النفسية
للأسرة دور مهم في تهيئة ابنائها وتدريبهم نفسيا واجتماعيا على الصيام وأداء العبادات، من خلال إشراكهم في المناسبات الدينية والاجتماعية.
المصدر: مي السكري/ جريدة القبس .