0 تعليق
2176 المشاهدات

ذوو الإعاقات الذهنية في دوَّامة الروتين والتخبُّط: معاناة في التعليم.. تنتهي بشهادات غير معترف بها!



شهادات تعليمية تتحول إلى «حبر على ورق»، بسبب عدم الاعتراف بها. وفرحة تخرج لم تكتمل، ومعاناة في الدراسة لمدة سنوات تنتهي بإحباط وعدم تقدير.
هذه هي حال العديد من طلبة ذوي الاعاقة الذهنية البسيطة (صعوبات التعلم والتخلف البسيط)، الذين يدرسون في مدارس التعليم الخاص، حيث فوجئ أولياء أمورهم بعدم الاعتراف بشهاداتهم من قبل وزارة التربية وديوان الخدمة المدنية، بسبب عدم معادلتها، وفق ما ذكرته الأسر.
ولعل شهادة «أسدان» ASDAN التعليمية (وهي برنامج بريطاني يشتمل على ثلاثة مستويات: برونزية وذهبية وفضية)، خير مثال على هذه الشهادات غير المعترف بها، رغم أن صيتها ذاع مؤخراً.
تساؤلات عديدة تدور في أذهان العديد من أولياء الأمور عن سبب عدم الاعتراف بهذه الشهادة وغيرها، ومن المسؤول عن هذا الفخ؟ وما الحل؟!
القبس التقت بعدد من الحاصلين على هذه الشهادات غير المعترف بها، كما رصدت معاناة أولياء الأمور. وكان لا بد أيضاً من استطلاع رأي مسؤولي الجهات المعنية للرد على تساؤلاتهم.
كانت محطتنا الأولى مع أم مشعل (ولية أمر طالب من صعوبات التعلم)، وهي ليست الضحية الفريدة في هذه المأساة، حيث كان يدرس ابنها في احدى المدارس الحكومية ولدى اكتشافها انه يعاني من مشكلة تعليمية، ألحقته بمركز تقويم وتعليم الطفل في البداية، ومن ثم نقلته إلى مدرسة التربية النموذجية بناء على نصيحة احد مسؤولي وزارة التربية حتى يتخرج أكاديمياً، مضيفة «وخلال فترة دراسته لمدة عام صنفت المدرسة ابني ضمن فئة صعوبات التعلم، ومن ثم قاموا بتحويله الى مدرسة المنارات، واكتشفت حينها صفقات تبادل الطلبة بين المدرستين».
وانتقدت ما أسمته بعض المدارس الخاصة التي رفضت استقبال ابنها، بحجة أنها لا تمتلك برنامجاً تعليمياً يتناسب وقدراته، الامر الذي اضطرني إلى إبقائه بالمدرسة ذاتها (المنارات) وبعد عامين من الدراسة (في الصف الثامن)، ألحقت المدرسة ابني ببرنامج «أسدان» التعليمي، وخلال مراجعتى المتكررة للمدرسة للتعرف على محتوى هذا البرنامج لم أجد أي معلومة تفيدني في هذا الجانب.
وأضافت: يوم تخرج ابني من الصف الثاني عشر، اكتشفت ان شهادته غير معترف بها من قبل وزارة التربية، ومن ثم توجهت بالشهادة الى المعاهد التطبيقية الا انها رفضت قبوله، علما بأن الشهادة تم تصديقها من التعليم الخاص التابع لوزارة التربية بـ «أنها تعادل الثانوية العامة»، مستدركة بالقول «بعد شهرين من تقديم الشهادة إلى المعاهد التطبيقية لم اجد اسمه من ضمن قائمة المقبولين، ولدى استفساري عن السبب، كان الرد: إن الشهادة غير معترف بها، وليست مصنفة ضمن القسمين العلمي والأدبي».
وأشارت إلى أنها قدمت شكوى إلى الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، حيث أقرت الأخيرة بأن شهادة ابنها تعادل الصف الثامن وليس الثاني عشر، كونه يعاني من صعوبات تعلم، مضيفة «كما طلب ديوان الخدمة تسجيل ابني في دورات التعليم التطبيقي الخاصة بفن التصوير لمدة تسعة أشهر، حيث انهم يرون أن شهادة ابنها تعادل الصف الرابع المتوسط، ناهيك عن مخاطبات غير مجدية إلى مجلس الأمة وهيئة ذوي الاعاقة والجامعات الخاصة، فلم أجد أي رد فعلي، علما بأن هناك العديد من الأمهات اللاتي يعشن المشكلة نفسها.

معادلة
ولفتت إلى أن هيئة التطبيقي عادلت شهادة ابني بنسبة %79. لكن حتى الآن لا اعتراف بها من قبل ديوان الخدمة ووزارة التربية وهيئة الاعاقة، متسائلة: لماذا تدفع الأخيرة ما بين 6000 – 7500 دينار للاعاقات البسيطة الدارسة لبرنامج «أسدان»، وهي لا تعترف بشهاداتهم؟!

اللجوء إلى القضاء
وأكدت أم يوسف (وهي ولية أمر لخمسة أبناء من صعوبات التعلم وفقاً لتقييم اللجنة الطبية بالهيئة، (منهم أربعة توائم 13 عاماً) في الصف السابع وابنة كبرى (16 عاماً) في الصف العاشر، معاناة ذوي الإعاقات الذهنية من الظلم في التعليم غير المتطور، وفق قولها ولا يتناسب مع قدراتهم العقلية، متسائلة: لماذا يحرمون أبناءنا من حقهم التعليمي؟!
واستعرضت ابرز الصعوبات التي واجهتها في سبيل سعيها لمعادلة شهادة ابنائها، وقد طرقت أبواب الجهات التعليمية منذ عام 2014 إلى يومنا هذا ولم تجد أي تجاوب، فلجأت الى القضاء للحصول على السلم التعليمي لأبنائها، مشيرة إلى رفض مدارس التربية الخاصة والتعليم العام وكذلك المدارس التابعة للهيئة العامة لشؤون ذوي الاعاقة استقبال ابنائها الخمسة.
وأضافت «اكتشفت أن المدرسة السالفة الذكر تمنح شهادة الرعاية النهارية وليس لديها أي ترخيص»، لافتة إلى توقف أبنائها عن الدراسة لمدة عام كامل لعدم وجود مدرسة تستقبلهم ولا شهادة معترفا بها، ولا توجد فرصة تعليمية اخرى لأبنتى الكبرى، بسبب عدم حصولها على شهادة من المدرسة التي كانت بها تؤهلها لمواصلة مسيرتها التعليمية.

علي الثويني: بعض الشهادات المرفوضة عندنا معترف بها عالمياً
بعضها معترف بها في بلد المنشأ وتمثّل لنا إعلاناً تجارياً
قال الناشط في حقوق ذوي الاعاقة علي الثويني: هناك شهادات تعطى للطلبة من ذوي الاعاقة الذهنية، وكذلك صعوبات التعلم لا تعدو كونها حبراً على ورق، مشيرا إلى أن بعض الشهادات معترف بها دولياً في بلد المنشأ، ولكن عندنا تمثل إعلانا تجاريا لا غير، وبالطبع ينجذب اليها ولي الأمر، كما ينجذب الى الاعلانات البراقة ومن ثم يلحق ابنه بتلك المدارس التجارية، لكنه يفاجأ بأنها مرفوضة في بلدنا!
وأردف بالقول: وتسير الحياة المدرسية احيانا بأجمل صورتها واحيانا كخليط «القرقيعان» الذي يترجم على أنه طرق حديثة للدمج التعليمي وتسير السنوات بهؤلاء الطلبة ويفرح الآباء سنويا بتفوق أبنائهم. وواصل: تبدأ المعاناة بعد تلك المرحلة عندما يقوم بعض أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم في الجامعات او المعاهد التطبيقية لاستكمال تعليمهم في الداخل او الخارج او التوجه لسوق العمل فيُفاجأ الآباء بأن الشهادة التي سُلمت لهم ورقة، ممكن أن يفرشوها ليأكلوا عليها او «يبروزوها»، لتدل على مرحلة من حياة هذا الطالب المسكين الذي خطط له آباؤه بحياة كريمة واسرة سعيدة وعمل يضمن له الاستمرار بالحياة من دون الحاجة إلى من يمنّ عليه، فيعود إلى المنزل الذي أتى منه ليعيش المعاناة هو وأسرته.
وزاد بالقول: رأينا أن المسؤول عن مأساة ذلك المواطن الذي كان طفلا يوما ما ووضعت امانته عند أولى الأمر، هو المشخص وولي الامر وصاحب المدرسة والتربية والهيئة جميعهم، مبررا السبب في ذلك بوضع اكثر المعاقين بمسارات تعليمية لا تتوافق ونسب الذكاء، إضافة إلى ضعف المتابعة من التربية والهيئة وعدم وعي أولياء الأمور.

الفارس:
أولياء أمور يجهلون «برنامج أسدان» التعليمي
حمّلت عضو الجمعية الكويتية لأولياء أمور المعاقين سعاد الفارس المسؤولية لكل من وزارة التربية والتعليم الخاص وأولياء الأمور، مبينة أن هناك خلطاً وسوء فهم في مخرجات برنامج «أسدان».
ورجحت السبب في هذا الخلط إلى أمرين: إما أن المدرسة التي تقدم هذا البرنامج لم توصل الفكرة إلى أولياء الأمور بصورة واضحة فيفاجأون بالمخرجات، وإما أن أولياء الأمور غير مقتنعين بأن قدرات أبنائهم لا تؤهلهم لمواصلة دراستهم الثانوية والجامعية.
وأوضحت أن «التربية» كانت معتمدة هذه الشهادة، غير أن التعليم الخاص رفض اعتمادها، لأنها لا تعادل الثانوية العامة، وفق ما ذكره أولياء الأمور.
وأقرت الفارس بأن المدارس الخاصة لا تخرج طالباً من ذوي الاعاقة الذهنية البسيطة حاملا شهادة معتمدة، مقترحة إلحاق هؤلاء الطلبة بمدارس التربية الخاصة أو بفصول بطيئي التعلم في التعليم العام.

«الخدمة المدنية»:  توظيف المعاقين أولوية
■ لا نستقبل شهادات إلا بعد معادلتها من الجهة المختصة
قال مدير إدارة القوى العاملة في ديوان الخدمة المدنية فيصل البسام إن وزارة التربية تعتبر الجهة المخولة لمعادلة شهادة الثانوية العامة فما دون، وان أي طالب حاصل على شهادة من التعليم الخاص لا بد من معادلتها من وزارة التربية، لافتا إلى أن الشهادات الفنية والأكاديمية تتم معادلتها عن طريق الهيئة العامة للتعليم التطبيقي، لتحدد مدى صلاحية الشهادة كبرنامج تدريبي، وليس تأهيلياً.
ولفت الى عدم استقبال اي شهادة الا بعد معادلتها من وزارة التربية أو جامعة الكويت أو التعليم التطبيقي، مشيرا الى ضرورة إيفاء الشهادة بشروط التسجيل، حتى لو كانت تخص أفراداً ذوي الاعاقة.
وبيَّن أن هناك استثناءً في تسجيل طلبات ذوي الاعاقة على مدار السنة من دون التقيّد بفترات التسجيل، مرفقا الطلب بكتاب من هيئة الاعاقة، مشيرا الى الحرص على منح ذوي الاعاقة الأولوية في التعيين من دون احتياج لأي جهة.
وأفاد بأنه في حال اكتشاف أي شهادة وهمية أو غير صالحة يتم تحويل الشخص إلى جهة الاختصاص.

السعدي: تأهيل بعض الإعاقات للعمل في «الخاص»
قال مدير معهد المجد لذوي الاحتياجات الخاصة د. عيسى السعدي إن بعض أولياء الأمور مروا بصراعات كثيرة، بشأن الاعتراف بشهادة أسدان التعليمية، نظرا إلى تنوعها. وأوضح أن المعهد يمنح شهادة اسدان لذوي الاعاقة الذهنية البسيطة والتخلف العقلي البسيط، التي تمكن الطالب من العمل في القطاع الخاص وشهادة للتأهيل والتشغيل حيث يتم تدريب الطالب وفق منهج التشغيل المعتمد من مركز اسدان وكتاب الطالب، ويتم عمل ملف كامل للطالب وإرساله الى بريطانيا، ومن ثم يقوم المركز بدراسة الملف وإصدار الشهادة وإرسالها إلينا.

أين الحلول؟!
أكد الثويني أن الحل يكمن في ايقاف مثل تلك الشهادات والمناهج، واعادة النظر فيها ومعادلتها، إلى جانب اختيار مشخصين دقيقين بمهنية وتوعية ولي الأمر، مشددا على أهمية وضع كل طالب في مساره التعليمي، وفق نسب الذكاء ومراجعة المناهج والسلالم التعليمية وتوحيدها، فضلا عن معرفة ما يحتاجه سوق العمل من تلك الشرائح وتهيئة المناهج والورش المناسبة واعتمادها من ديوان الخدمة المدنية لفتح المجال لهم لمواصلة تعليمهم سواء التطبيقي أو الاكاديمي.

تجاهل المسؤولين
أشارت أم مشعل إلى عدم دراية بعض المسؤولين بشأن برنامج أسدان التعليمي، شاكية من عدم تجاوب أي مسؤول مع هذه القضية التي اكتشفوها منذ عام تقريبا، ولا تزال قائمة. فهناك طلبة على وشك التخرج سوف يواجهون المشكلة ذاتها، فما مصيرهم؟!

«قبول الحاصلين عليها في التطبيقي»«التربية»: شهادة «أسدان» تدريبية.. وليست أكاديمية

شدّد مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام التربوي بوزارة التربية ضيدان العجمي على حرص الوزارة على دعم ورعاية ذوي الاعاقة، فضلا عن سعيها لمنحهم كل الامتيازات التي كفلها القانون.
وأفاد بأن شهادة أسدان معترف بها من قبل الوزارة، حين تولت وزيرة التربية نورية الصبيح الحقيبة الوزارية، آنذاك، لافتا الى أن الشهادة تقسَّم إلى ثلاثة مستويات: برونزية، فضية، وذهبية.
وجدد تأكيده بأن الشهادة معترف بها من وزارة التربية، ويتم اعتمادها من التعليم الخاص، مشيرا إلى رغبة أولياء الأمور في إلحاق أبنائهم بالجامعة بهذه الشهادة، علما بأنها شهادة تدريبية ومهنية، وليست أكاديمية، فبالتالي لا يتم قبولهم بالجامعة، وإنما في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي.

سعاد الفارس

سعاد الفارس

 

على الثوينى

على الثوينى

 

 

 

 

المصدر : مى السكرى \ جريدة القبس

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4692 0