0 تعليق
507 المشاهدات

التكنولوجيا تكسر صمت الطلاب المصابين بالتوحد



م يتكلم ترافيس بيلشر (20 عاماً) في معظم فترات حياته. كان أشبه بلغز حقيقي بالنسبة إلى أساتذته الذين لم يستطيعوا إيجاد أي طريقة فاعلة لمساعدة هذا الشاب المصاب بدرجة حادة من التوحد. حين بلغ سن المراهقة، تعب والداه، مايكل وشانيا بيلشر من فورت وورث، من التعامل مع تقلباته المزاجية وسلوكه العدائي.
أوضحت شانيا بيلشر: {حين كان يعجز عن إيصال فكرته، كان يشعر بإحباط شديد لدرجة أنه يكاد ينفجر}.
منذ ثلاث سنوات، اختير ترافيس كي يشارك في تجربة تجريها مدرسة محلية في فورت وورث وتهدف إلى تقديم أجهزة {آي باد} إلى الطلاب من أصحاب الاحتياجات الخاصة كونهم لا يستعملون أساليب التواصل الشفهي. خلال أشهر، بدأ يمسح الرموز على الشاشة لتحويل النصوص إلى كلام. كان يقلد الأصوات التي يسمعها من جهاز {آي باد} للتحدث مع والديه.
للمرة الأولى، بدأ ترافيس يتواصل مع محيطه.

أصبح ذلك الشاب الطويل والنحيل الذي عُرف بنوبات التوتر ابناً هادئاً ومحبّاً ولم يعد يتردد في تقبيل والدته والتعبير عن عاطفته.
قال مايكل بيلشر: {كان التغيير جذرياً.  لم يعد عدائياً بأي شكل}.
ترافيس واحد من أصل 50 طالباً مصاباً بالتوحد ومتلازمة داون وتحديات أخرى، وقد بدأوا يستعملون أجهزة {آي باد} للتواصل مع المحيطين بهم داخل وخارج الصف في مدرسة {بوليفارد هايتس} بحسب قول ديبي مانينغ، اختصاصية في النطق تعمل في المدرسة.
بحسب رأيها، يستعمل الأولاد الذين يفتقرون إلى المهارات الاجتماعية أجهزة {آي باد} لكسر صمتهم: {بعض الطلاب… لم نسمعهم يوماً وهم يصدرون أي صوت، لكنهم بدأوا ينطقون الآن ويتلفظون بكلمات شبه مفهومة. كان الأمر أكثر من أعجوبة}. تقول معالِجة النطق كيلي كولين إن المدرسة اتكلت على 20 جهازاً (اثنان لكل صف تقريباً) منذ إطلاق البرنامج. وتُستعمل عشرة أجهزة أخرى في المركز الانتقالي الخاص بالطلاب من أصحاب الاحتياجات الخاصة.
بعد النجاح في تعزيز انفتاح متعلّمي الكلام المترددين، وافق مجلس المدرسة في فورت وورث خلال الشهر الماضي على شراء أكثر من 130 جهاز {آي باد} إضافي، على أن يتم توزيعها على صفوف التعليم الخاص في مختلف مدارس المنطقة.
أوضحت كولين: {يتمتع معظم طلابنا، لا سيما المصابون بالتوحد، بمهارات حركية جيدة ومهارات أخرى على مستوى البصر والسمع وهي تخوّلهم استعمال جهاز {آي باد}. كان هذا الجهاز كفيلاً بتغيير حياتهم بطريقة جذرية. نتحدث عن تحول ثقافي في هذا المجال}.
استفاد عشرات الطلاب الآخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة في أنحاء المنطقة من تلك الأجهزة أيضاً. حصلت فاليري غودينز، طالبة مصابة بمتلازمة داون عمرها 21 عاماً، على جهاز {آي باد} منذ شهرين فقط بحسب قول أمها ماريا غودينز: «منذ ذلك الحين، بدأت تتواصل بشكل متزايد. ما زلتُ لا أفهم عليها جميع الكلمات. لكن بفضل جهاز «آي باد»، هي تخبرنا بما تريده وما تحتاج إليه».
يشارك إنريكي كيولر، شاب مصاب بمتلازمة داون عمره 19 عاماً ولا يجيد التواصل الشفهي، في برنامج انتقالي بين المدرسة والعمل. تقول والدته إنه بدأ يستعمل جهاز {آي باد} للتواصل أيضاً.
في صباح أحد أيام الاثنين، كان من بين الطلاب الذين قدموا عرضاً عما يفعلونه حين يمسحون الرموز على الشاشة للتواصل مع أهاليهم. اختار إنريكي الرموز التي تصف ما يريد تناوله (تورتيلا) والمكان الذي يريد أن يقصده (المدرسة) والمكان الذي يريد أن يمضي ليلته فيه (مع والده). تشمل الأجهزة آلاف الكلمات التي تغطي جميع المواضيع الضرورية، بدءاً من الطعام وصولاً إلى المشاعر.
تعلّم رومان كينغ المصاب بالتوحد (13 عاماً) أن يتكلم عبر استعمال جهاز {آي باد} بحسب قول والدته جيسيكا كليمانت.
هي كانت تحفّزه من خلال طرح الأسئلة عليه: {ما اسمك؟ ماذا تريد أن تأكل؟}. فكان يجيبها بطريقة دقيقة وفورية.
اعتبرت والدة إنريكي، دانييل سانشيز، أنها مجرد بداية. هي تريد أن يحصل الأولاد من ذوي الاحتياجات الخاصة على جهاز {آي باد} منذ مرحلة التعليم الابتدائي {كي نتمنى في مرحلة التعليم الثانوي لو أنهم لا يكثرون الكلام لهذه الدرجة}.
ابتكار يزداد رواجاً
تحدث المعلّمون والأهالي في مختلف مدارس البلد عن تحقيق نتائج واعدة بفضل استعمال أجهزة {آي باد} بين الأولاد المصابين بالتوحد خلال السنوات الأخيرة. وقد نشطت المنظمات غير الربحية في مناطق مختلفة لجمع المال وجعل الأجهزة بمتناول الأولاد الذين يحتاجون إليها.
قررت مانينغ وكولين تجربة أجهزة {آي باد} بعد الاطلاع على أبحاث جامعية تشير إلى أنها ساعدت الطلاب المصابين بالتوحد على تعلّم الكلام في المرحلة اللاحقة.
كانت المنطقة تستعمل جهازاً آخر يكلّف أكثر من 6 آلاف دولار. لكن يعني استعمال أجهزة {آي باد} (يكلّف كل واحد منها ألف دولار ويكون مزوداً ببرنامج خاص) أن المنطقة يمكن أن تساعد عدداً إضافياً من الطلاب.
يشمل برنامج {كلمات من أجل الحياة} (Words for Life) حتى 5 آلاف كلمة. بالتالي، يمكن أن يبدأ الطالب الذي يتعلم كلمة {أكل} مثلاً بإضافة كلمات أخرى ذات صلة مثل {تورتيلا}.
تقول مانينغ إن هذه الأجهزة تعكس إيقاع تطور اللغة العادية.
تضيف مانينغ: {كما يحصل حين يتعلم الشخص مهارات الطباعة على لوحة المفاتيح، يتعلم الطلاب خطة حركية محددة}.
يمكن أن ينقر الطالب على كلمة معينة فيسمعها فوراً أو بشكل متكرر. يصدر جهاز {آي باد} تعليقاً فورياً ويستطيع الطالب أن يتحكم بالإيقاع.
أوضحت كولين: {هدفنا هو مساعدة الأولاد على تحسين قدرة التواصل لديهم. إذا كانوا يفتقرون إلى الكلمات، نريد أن نوفر لهم الكلمات. وإذا كانوا يفتقرون إلى العبارات، نريد أن نوفر لهم العبارات. وإذا كانت العبارات موجودة لكن من دون مهارات اجتماعية، نريد أن نوفر لهم المهارات الاجتماعية كي يتمكنوا من إقامة العلاقات مع محيطهم}.
قبل أن يتعلم رومان كينغ استعمال جهاز {آي باد}، كان يتجول في الممرات بصمت. أما الآن، فهو يبحث عن معلّميه.
توضح كولين: {يقول الآن: صباح الخير يا سيدة كيلي! هذا الأمر يسعدني بشدة، لا سيما إذا كنت على الطرف الآخر من الممر. إنه سلوك اجتماعي بامتياز. لقد كان يبقى وحيداً. أما الآن، فلديه عالم كامل من حوله}.

 

المصدر : براين غاردينر \ جريدة الجريدة

كتـاب الأمـل

+
سمر العتيبي
2018/12/09 3775 0
راما محمد ابراهيم المعيوف
2017/12/29 4151 0
خالد العرافة
2017/07/05 4691 0