دولة الكويت كانت سبّاقة في تقديم الخدمات الشاملة والرعاية لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ولمختلف أنواع الإعاقات، وفي إنشاء مؤسسات المجتمع المدني المختصة بهذه الشريحة من المجتمع.
أما اليوم، فنجد عشرات الدول سبقتنا، وصارت تواكب آخر التطورات والدراسات والأبحاث العلمية والاختراعات والأجهزة، والتقنيات الحديثة، وتضعها في تصرف فئة المكفوفين.
تقنياً وخدماتياً، تتسارع عمليات تطوير الخدمات المتعلقة بالمكفوفين في مختلف أنحاء العالم، ومنها العالم العربي.. ففي العديد من الدول يتاح للكفيف أن يعمل في مهن مثل المحاماة والطب والتدريس الأكاديمي والقضاء، وفي تولي المناصب القيادية.. وفي أماكن مثل الدوائر الحكومية والبنوك والجمعيات والأسواق والمطاعم والمجمعات والمراكز الخدماتية وخطوط الطيران تتوافر خدمات وإرشادات خاصة للكفيف وفق طريقة برايل.
وأبرز دليل على مدى التطور في تقديم الرعاية والدعم للمكفوفين ما شاهدناه في أولمبياد لندن للمعاقين الأخيرة، فقد أبهرت العالم في جانب التدريب والتأهيل واستخدام التكنولوجيا والتنظيم العالي المستوى.
الدول المجاورة
دول خليجية قريبة كقطر والإمارات والسعودية قامت بخطوات ملموسة في مجال تقديم الخدمات لفئة المكفوفين على أكثر من صعيد.. فقد بدأت في الإمارات تعاملات بورقتين نقديتين من فئتي المئة والخمسين درهماً تمت طباعتهما مع علامات لمسية. وأدخلت الخطوط الجوية الإماراتية تقنية الوصف السمعي لمساعدة المكفوفين على الاستفادة من الأفلام المعروضة والترفيه عنهم أثناء الرحلة.. وقامت مواصلات الإمارات بتثبيت مجموعة من اللوحات الإرشادية بلغة برايل.
وتم اعتماد دليل خاص بلغة برايل على متن رحلات الخطوط السعودية بهدف إرشاد المكفوفين إلى كل المواقع داخل الطائرة، وتوفير باقة من الخدمات الشاملة لذوي الاحتياجات الخاصة.
وفي قطر تم الإعلان عن مبادرة «أعطني حريتي»، واستقلاليتي، وذلك لنشر ثقافة التعامل الإيجابي مع المكفوفين في الأماكن العامة.
غير معقول
هل يعقل في دولة الكويت، صاحبة التجربة الديمقراطية وبلد الدستور، أن هنادي جاسم العماني، وهي أول كفيفة خليجية حاصلة على شهادة الحقوق، وأول رياضية كفيفة خليجية تحصد الميدالية الذهبية في مسابقات ألعاب القوى (بريطانيا 1999)، ولعبت دوراً مميزاً في العمل التطوعي في مجال المكفوفين، سنوات طويلة، تنادي وتنادي بكل جرأة وتفاؤل وأمل، لكن لا مجيب؟!
دول خليجية أرسلت مجموعة من أبنائها المكفوفين على نفقة الدولة للدراسة في كلية رويال ناشونال الخاصة للمكفوفين وضعاف البصر في بريطانيا (في مدينة هيرفورد)، لتعليمهم مجموعة من المهارات والموضوعات المهنية، وتأهيلهم وتنمية قدراتهم، ومن ثم يقومون هم بتعليم غيرهم وإكسابهم المعلومات.
وهي الكلية التي تم تكريمها لجدارتها في التدريس،حيث تقدّم برامج تدريبية في الاعتماد على النفس وتنمية الشخصية والتدريب المهني، واستخدام العصا البيضا وفنون الدفاع عن النفس والرسم، واستخدام الإنترنت والبرمجيات، وغيرها.. فهي معقل لأكاديمية كرة القدم واللاعبين المكفوفين، بالإضافة إلى لعبة الكريكيت للمكفوفين. وساهمت الكلية في تطوير واستخدام العديد من الآلات والأجهزة والمعدات التكنولوجية والتقنية لمساعدة المكفوفين في حياتهم اليومية.
تساؤلات
لماذا لا تقوم الدولة بإرسال بعض أبنائنا المكفوفين للابتعاث إلى هذه الكلية؟.. ففي الكويت، ونتيجة عدم تأهيلهم، نجدهم لا يمارسون حياتهم بشكل طبيعي، وينعزلون عن المجتمع.
لماذا لا تكون هناك رؤية استراتيجية لتوسيع نطاق التعامل الراقي مع فئة المكفوفين؟!
المصدر : جريدة القبس