أكد عددٌ من المسرحيين رفضهم لتوصية لجنة تحكيم مهرجان الدوحة المسرحي 2015 التي تنصّ على عدم استغلال ذوي الإعاقة لمجرد الإضحاك، حيث إن ذلك يعدّ انتهاكًا لاتفاقيات حقوق الإنسان، وقال المسرحيون لـالراية إن توصية اللجنة متسرّعة وجانبها الصواب وتعزل ذوي الإعاقة وتحرمهم من المشاركة في الأعمال المسرحيّة وتخالف توجّه الدولة بدمج ذوي الإعاقة، كما أنها تعكس جهل اللجنة بتوجهات الدولة بهذا المجال.
وقال الفنانون إن مشاركة ذوي الإعاقة في الأعمال المسرحيّة لا تنطوي على أي إساءة وإنما يتم ذلك وفق الاحترام المتبادل والتقدير التام لأدوارهم، وبالتالي فإن التوصية ستكون بمثابة مقدّمة لقطع أرزاق هذه الفئة من المشاركة في الأعمال المسرحيّة لاحقًا، حيث سيتردّد المخرجون كثيرًا قبل إشراكهم في أي عمل خوفًا من حجب الجوائز عن عمله لاحقًا.
وكانت الدورة المنصرمة قد ضمّت بين فنانيها المشاركين في العروض المختلفة عددًا من أبناء المسرح القطري ممن يُعانون من إعاقات بدنيّة طفيفة لا تؤثر أبدًا على قدراتهم البدنيّة والعقليّة ويمارسون العمل المسرحي منذ سنوات طويلة وهو الأمر الذي قوبل برفض واستنكار في أوساط الفنانين، معبّرين عن رفضهم لهذه التوصية، مؤكدين أن كافة مؤسسات الدولة تحرص على دمج ذوي الإعاقة في كل مناشط الحياة، فكيف للجنة التحكيم أن تصادر حقًا أصيلاً لهذه الفئة وخصوصًا إن لم تكن إعاقاتهم ذهنيّة، كما أثارت هذه القضية عددًا من الأقاويل التي لم نقف على مدى صحتها من عدمه حتى الآن التي تفيد بأن الأعمال التي ضمّت أشخاصًا من ذوي الإعاقة تمّ حرمانهم من الجوائز لهذا السبب!!
أمير دسمال: التوصية مقدمة لحرمان ذوي الإعاقة من العمل
الفنان أمير دسمال علق قائلاً على التوصية: في البداية كوني أحد ذوي الإعاقة يجب على الجميع أن يدركوا أن هناك عدّة أفرع لهذه الفئة، فهناك ذوو الإعاقة الجسدية والذهنية وقصار القامة والإعاقة السمعية والبصرية وغيرهم، وكوننا من ذوي الإعاقة قصار القامة فنحن لا يوجد لدينا إعاقة ذهنية أو بصرية، وهناك توجّه عالمي لدمج فئة ذوي الإعاقة ممن يعانون من إعاقات ذهنية بسيطة حتى يدمجوا مع المجتمع ولا يشعروا بنقص أو عزلة، والأمم المتحدة تركز في الفترة الأخيرة على ذوي التوحّد نظرًا لأنهم مُبدعون ولكن بسبب عزلتهم أصيبوا بهذا المرض، ولهذا أنا أعتقد أن توصية لجنة التحكيم اليوم تعتبر بمثابة مقص الرزق الذي سيستبعد هذه الفئة من كافة الأعمال المسرحيّة المُقبلة، خصوصًا أن عددًا من المخرجين من الممكن أن يتجنبوا العمل مع هذه الفئة مستقبلاً خشية ألا تحصد أعمالهم جوائز، ولذلك تكون لجنة التحكيم سببًا رئيسيًا في قطع رزق خالد يوسف وقطع رزق أمير دسمال وأنا تحدثت مع أحد أعضاء لجنة التحكيم وقال لي إن المقصود من التوصية هذه هو أنت وخالد يوسف لأنكم ظهرتم بشكل فيه سخريّة، وأنا أتعجّب من هذا الكلام خصوصًا أنني شاركت من قبل في عمل من إخراج فالح فايز ومن تأليف فهد ردة الحارث الذي هو عضو لجنة تحكيم والقرار الصادر موقع باسمه ومن معه فكيف كنت تثني على أدائي في عملك منذ أعوام قليلة واليوم ترون أن أداءنا فيه سخرية.
خالد يوسف: سنواصل عملنا لأننا نعشق المسرح
قال الفنان خالد يوسف: ليس لديّ كلام يقال على هذا الأمر.. لأني مستاء من هذه التوصية، خصوصًا أن هذا المهرجان هو الخامس وليس الأوّل، ونحن لنا تاريخ معروف في الوسط والجميع شاهدونا ونحن نشتغل شخصيات متنوّعة وقدمنا في مسرحية العرض الأخير، ومسرحية حنظلة ومسرحية السردال مؤخرًا، وأنا في الحقيقة لا أجد كلامًا يعبّر عما بداخلي من هذه التوصية ولكن ما أعرفه أننا سنواصل عملنا ولن نتوقف فنحن نعشق المسرح، وأنا اشتغلت مع أحد أعضاء لجنة التحكيم في سنوات ماضية وفي نفس المهرجان.
فهد الباكر: توصية متسرّعة وتعزل ذوي الإعاقة
في البداية تحدّث الفنان والمخرج فهد الباكر الذي حصل على عدد كبير من جوائز المهرجان عن مسرحية “نهارات علول” قائلاً: إن توجّه الدولة الآن في كافة المؤسسات وبدءًا من مراحل الروضة والابتدائي في المدارس لدمج ذوي الإعاقة، ولهذا فإني أؤكد أن الزملاء الأعزاء الذين شاركوا في المهرجان من ذوي الإعاقة هم موهوبون وأفضل منا، وأنا شاهدت جميع العروض ولم أرَ أي معاق في هذا المهرجان مع احترامي لمنظمات حقوق الإنسان وذوي الإعاقة الذين لا أعتقد أنهم يقفون ضدّ إبداعات هذه الفئة وأنا شخصيًا كانت لي تجربة مع أشخاص مكفوفين وقدمنا عملاً في الرياض من أروع ما يكون وأنشأوا فرقة نجحت في إثبات أنفسهم وقدموا أعمالاً مميّزة، وهؤلاء في النهاية يقدّمون أعمالاً مسرحيّة ولا أعتقد أن هناك مخرجًا من الممكن أن يستعين بواحد من هؤلاء من أجل أن يسهم في إضحاك الجمهور عليه، وأنا بدوري أشكر الممثل الموهوب عبد الرحمن العتيبي الذي شارك مع المخرج المتميّز جاسم الأنصاري في مسرحية بين الأبراج الذي وظفه بشكل جميل وقدّم أداءً رائعًا على خشبة المسرح، ويجب أن تضعوا في هذه الفئة الأمل ليبدعوا معنا بدلاً من أن تحبطوهم وتجعلوهم يعيشون في عزلة عن المسرح، وهذه التوصية متسرّعة وخطيرة جدًا وتنادي بعزل ذوي الإعاقة عن المسرح، والإعاقة الجسدية لا تقف أبدًا حائلاً أمام الإبداع الفني والعمل المسرحي، وشكرًا جاسم الأنصاري وشكرًا فالح فايز لأنكم تشركون هذه الفئة من المُبدعين في الأعمال المسرحيّة.
حسن عاطف: تخالف توجّه الدولة بدمج ذوي الإعاقة
قال الفنان الشاب حسن عاطف أنا شاهدت بعض أصدقائي وهم في حالة غضب شديد عقب نهاية حفل توزيع الجوائز، وكنا نتساءل كيف يقولون هذا الكلام ويصدرون هذه التوصية في مهرجان 2015، ومنذ عامين شارك أمير دسمال وخالد يوسف والعتيبي في مسرحية المسعور التي حققت الفوز بالمركز الأوّل رغم مشاركة كل أصدقائنا في العمل، وأيضًا لا بدّ أن يعلم الجميع أن خالد يوسف لديه ماجستير في الإعلام وأمير دسمال مدير علاقات عامّة في شركة بترول بالبحرين، وهم يتحدّثون أفضل من أعضاء باللجنة لم يُجيدوا أدب الحوار حتى في كلامهم للجمهور وصاحوا فيهم حتى لا يحيوا زملاءهم الفائزين، والعجيب أن هناك عضوًا من أعضاء لجنة التحكيم استعان بخالد يوسف في أحد الأعمال التي شاركت في المهرجان من قبل، وهل يعقل أن يكون معاق هذا العام والعام الماضي ليس معاقًا لأنه يعمل معكم، وكيف يقال إن أمير دسمال معاق وهو واحد من نجوم المسرح والدراما في الخليج منذ 20 عامًا، ثم أيضًا نكتشف أن مسرحية السردال تستبعد من جميع الجوائز لهذا السبب ونحن توجهاتنا في الدولة بكافة المؤسسات هي دمج ذوي الإعاقة في كافة المجالات بدءًا من مراحل الروضة والابتدائي في المدارس، والجميع يشهد لهؤلاء الفنانين بأنهم مبدعون وعندهم موهبة ليست موجودة في أي فنان غيرهم.
العتيبي: الإعاقة الجسديّة ليست مشكلة
قال الفنان الشاب عبد الرحمن العتيبي إنه وبالرغم من استثنائي من الأمر لكنني أرفض فكرة الجمع في التوصية بكلمة ذوي الاحتياجات الخاصة أو الإعاقة، وكان يجب على اللجنة أن توضّح اسم المسرحية التي حدث فيها الاستغلال، وأيضًا يجب أن يعلموا أن ذوي الإعاقة الجسدية ليسوا ذوي إعاقات عقليّة ويتم استغلالهم، وأنا تلقيت مكالمة من شخص بالكويت سمع عن الأمر، وقال لي إننا لدينا ممثلون يدرسون في المعهد العالي للفنون المسرحية وهم من ذوي الإعاقة الجسدية، كما أن أمير دسمال وخالد يوسف من الفنانين المعروفين ولديهما تاريخ وعملا في غالبية السنوات الماضية للمهرجان فكيف في هذه السنة يقال عنهم هذا الكلام.
وأضاف: هناك أفكار غريبة جدًا لدى بعض من البشر نصطدم بهم خلال حياتنا، وأنا سأردّ وأقول إن الإعاقة الجسديّة ليست مصيبة أو مشكلة، المصيبة الحقيقية هي أن يكون جسدك صحيحًا وفكرك معوقًا.
المصدر: مصطفى عبد المنعم/ جريدة الراية .