أمضت معدة الأفلام الوثائقية سوكولو (27 عاماً)، سنتين ونصف السنة في تصوير مغامرات ديفيد ماثيوز في عالم الحب والفن والحياة. وكان المنتج النهائي فيلماً وثائقياً مدته 72 دقيقة بعنوان Aspie Seeks Love. وقد بيعت البطاقات كافة خلال العرض الأول في بيتسبورغ.
يتتبع الفيلم حياة ماثيوز (49 سنة ويقيم في أليكويبا ببنسلفانيا)، فيما يسعى إلى العثور على علاقة جدية والنجاح ككاتب، محاولاً، في الوقت نفسه، التكيف مع تشخيص إصابته بمتلازمة أسبرجر في مرحلة متأخرة من حياته، ما يجعله مريض توحد.
لم تشعر سوكولو بأن عليها إنتاج هذا الفيلم لأن ماثيوز مريض توحد أو لأنه يبحث عن الحب، بل لأنه يتمتع بحس فكاهي عالٍ وصدق بارز. لم تكن مطلعة على أي معلومات عن متلازمة أسبرجر أو التوحد، عندما التقته للمرة الأولى وقررت إعداد الفيلم. على العكس، انجذبت إليه كشخص.
تخبر سوكولو: «يمثل صورة عن إنسان. إنه قصة عن… سعيه لاكتشاف هويته وتعلم التعايش مع الناس في العالم والإصرار على ألا يضحي بهويته من أجل التواصل والعثور على الحب».
متلازمة أسبرجر اضطراب معقد يصيب النمو العصبي ويُعتبر أحد اضطرابات طيف التوحد. يتمتع المصابون به بذكاء عادي وقدرة شبه طبيعية على الكلام، إلا أنهم يواجهون صعوبة في التواصل مع الآخرين.
كانت سوكولو تعرف ماثيوز قبل أن يلتقيا. فقد رأته يتنقل في المنطقة («لا يسير مطلقاً، بل يركض») وهو يرتدي قمصاناً قطنية مميزة ومعطفاً ويضع نظارات. وقد لاحظت مراراً المنشورات التي يلصقها على أعمدة الهاتف حول بيتسبورغ. فقد شكلت هذه المنشورات (نصفها إعلان شخصي ونصفها الآخر مشروع فني) جزءاً من سعي ماثيوز للعثور على الحب.
ولكن عندما جفت هذه البئر، تحول ماثيوز إلى المواعدة عبر شبكة الإنترنت. يبدو ماثيوز ممتعاً حيناً ومتألماً أحياناً. وقد وثقت سوكولو محاولاته الجاهدة هذه. كانت ترافقه إلى مواعيده الغرامية. ولا شك في أن هذا وضع غريب، لكن ماثيوز نجح في التخفيف من وطأته بصراحته الفطرية.
تقول: «يظل ديفيد على حاله سواء كان يقف أمام الكاميرا أو لا».
كذلك، حرصت سوكولو على التعامل مع كل مَن يظهرون أمام الكاميرا باحترام، متأثرة بنصيحة أدبية تلقاها ماثيوز خلال الفيلم: أحبب شخصياتك وتعامل معها باحترام. ومن المؤكد أن التعبير عن المحبة والتعاطف تجاه الجميع جعل هذا الفيلم أفضل، وفق سوكولو.
يحمل هذا الفيلم أيضاً وجهاً لم يكن متعمداً: نرى مدينة بيتسبورغ تشع فعلياً في الفيلم، فيما يشاهد ماثيوز الألعاب النارية في الرابع من يوليو وهو يشق طريقه في عالم فني مزدهر يمنحه فرصة الاطلاع على أعماله ونشرها.
توضح سوكولو: «الفيلم رسالة حب لبيتسبورغ».
أفضل فيلم وثائقي
تقيم سوكولو في هذه المدينة، وتلقت علومها في جامعة بيتسبورغ، حيث درست كتابة الأعمال الخيالية وعلم النفس، وأخذت مقررات في دراسات الأفلام.
طوال ثلاث سنوات، أعدت أفلاماً وثائقية عن الفنانين في بيتسبورغ الذين يفتقرون إلى تأمين صحي أو يملكون تغطية صحية جزئية. ثم اتصل بها ماثيوز، وهكذا شكلت فريق تصوير يتألف من شخص واحد وأعدت أول فيلم وثائقي طويل لها. تؤكد سوكولو أن إعداد هذا الفيلم كان أصعب عمل قامت به في حياتها.
تتابع: «كانت سذاجتي عندما بدأت هذا المشروع أساسية على ما أظن. كنت متفاجئة: ‘سأحمل الكاميرا وأعد فيلماً’».
ولكن بعدما أعدت سوكولو نسخة أولية من هذا الفيلم، مستندة إلى مئة ساعة من التصوير، لم تكن واثقة مما عليها القيام به تالياً. لذلك لجأت إلى مجموعة Animal Media في بيتسبورغ وداني يورد، الذي أنتج Blood Brother، فيلم وثائقي حاز جائزة اللجنة الكبرى وجائزة الجمهور في مهرجان ساندانس السينمائي عام 2013. أخذ يورد سوكولو تحت جناحه، وهكذا دخل Aspie Seeks Love مجموعة الأفلام التي اختيرت للمهرجان.
عرض الفيلم للمرة الأولى في 27 فبراير في مهرجان Cinequest السينمائي في سان خوسي بكاليفورنيا، حيث فاز بجائزة أفضل فيلم وثائقي طويل. كذلك حاز جائزة أفضل فيلم وثائقي في مطلع الشهر الماضي في مهرجان أوماها السينمائي، وسيتابع مشاركته في المهرجانات، قبل أن يعود إلى بيتسبورغ حيث سيُعرض بين 25 و29 أبريل.
شاهد ماثيوز الفيلم قبل بضعة أسابيع من بدء عرضه. يقول: «ازداد وعيي لذاتي عندما رأيت صورتي ضخمة على الشاشة الكبيرة. لكني لاحظت رد فعل المشاهدين الإيجابي جداً، وشعرت بالفخر».
المصدر : جريدة الجريدة