عندما تهيأ لذوي الإعاقة الأجواء المناسبة فإنهم يبرزون ما لديهم من إبداعات، ولاسيما من ذوي الإعاقات الذهنية «الخفيفة والمتوسطة» الذين وجدوا الرعاية والاحتضان في مركز الرعاية النهارية التابع لإدارة رعاية المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية، فكانت إبداعاتهم وفق ما تسمح لهم إمكانياتهم العقلية والبدنية.
وليعيشوا في أجواء طبيعية تماثل أجواء نظرائهم الأصحاء، يبدأ يوم الدارسين مع طابور الصباح، حيث يصطفون في الطابور كل يوم، تلبية لصوت ملاحظة الخدمات الاجتماعية رقيه الأنصاري الذي كان يصدح.
رقية الأنصاري التي كانت تقف بثقة وسط الساحة المخصصة للطابور لا تجد أي صعوبة في التعامل مع الدارسين بالرغم من إعاقتهم الذهنية، فسرعان ما يصطفون في أربع مجموعات منفصلة ممتثلين لتعليمات الأنصاري وتوجيهاتها.
وما أن ينتهي الطابور حتى ينصرف الدارسون في المركز الكائن في منطقة الصليبخات، إلى فصولهم في طوابير منتظمة متحدين إعاقتهم العقلية ومنفذين الأوامر الصادرة.
«الراي» رصدت يوما دراسيا في المركز والتقت القائمين عليه، حيث قالت رئيس المركز حياة الكندري إنه إنشئ عام 1995 بهدف توفير الرعاية للحالات التي تعاني من إعاقة ذهنية خفيفة ومتوسطة، وتتمتع بالاستقرار الأسري.
رعاية وخدمات
وذكرت حياة الكندري أن مركز الرعاية النهارية يستقبل الحالات بدءاً من سن السابعة في جناحين منفصلين، الأول للذكور والثاني للإناث، بالإضافة إلى وجود عيادة طبية في كل جناح، والفصول الداسية التي تقدم بها الخدمات الاجتماعية والنفسية والتربوية والعلمية في إطار الرعاية النهارية، لأن المركز يستقبلهم خلال الفترة الصباحية فقط، ثم يعودون إلى منازلهم بعد نهاية الدوام من خلال الباصات الخاصة لنقلهم والتي توفرها لهم وزارة الشؤون.
وبينت أن مركز الرعاية النهارية يهدف إلى توفير الرعاية النهارية لحالات الإعاقة الذهنية الخفيفة والمتوسطة وإعدادهم، وتدريبهم تمهيداً لتأهيلهم للاندماج في المجتمع وتدعيم دور الأسرة الطبيعية بالحالة والمؤسسات المختصة برعايتها.
وعددت الخدمات والبرامج والأنشطة التي يقدمها المركز والتي شملت الخدمات الاجتماعية، وهي من المحاور الأساسية التي تستخدم بقصد التدخل الواعي المخطط، لإحداث تغيير في توافق الإنسان وتحسين أدائه الاجتماعي للأدوار والوظائف التي يقوم بها كما تهدف هذه الخدمات الاجتماعية إلى تعديل السلوك غير المرغوب فيه وفق خطة وخطوات منظمة يقوم بها أخصائيون اجتماعيون مؤهلون للعمل مع الفئات الخاصة، وخدمات نفسية تحتل دوراً أساسياً في المركز في تنمية الصحة النفسية لدى المعاقين وحمايتهم من الانحرافات والاضطرابات السلوكية، وتقوم هذه الخدمات بتقييم كامل للمعاق يراعى فيه تحديد حجم الإعاقة ومستواها وتطوراتها في الماضي ومظاهرها الحالية وكذا تحديد نوعية الاستفادة من تقديم برامج وخدمات الرعاية.
ويقوم بهذه الخدمات أخصائيون نفسيون مؤهلون، بينما الخدمات الصحية تشمل قسم العيادة الطبية وقسم العلاج الطبيعي والتأهيلي وقسم الخدمات الطبية المساعدة وقسم علاج الأسنان والخدمات التمريضية، أما الخدمات التنفيذية فتقدم من خلال شركات متخصصة وفق شروط مناقصة التغذية.
المدركات العقلية
وأوضحت أن أنواع البرامج التي يقدمها المركز تشمل البرنامج التعليمي ويهدف إلى تنمية المدركات العقلية والمعرفية لدى الأبناء القابلين للتعليم واستثمارها مما يجعل المعاق مدركا لمعطيات البيئة من حوله، كما يهدف إلى تزويدهم بالخبرات العددية وكيفية استخدام العملة وتنمية العادات الصحية السليمة وتعريفهم بالأعياد والمناسبات الدينية والوطنية كما يتم توعيتهم وترشيدهم دينيا ويتم تنفيذ البرامج بواسطة مشرفين اجتماعيين حاصلين على دبلوم الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وبإشراف لجنة فنية من الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين ويكون البرنامج التعليمي وفق برنامج دراسي يضم ثلاثة مستويات (أ، ب، ج) بحسب المستويات الذهنية والإدراكية للأبناء، وتبعاً لجدول زمني محدد به بداية الدراسة ونهايتها وعدد المواد الدراسية والحصص، والبرنامج التدريبي يشمل تدريب الحواس والانتباه لتنمية الإحساس البصري والسمعي كاللمس والشم والتذوق وتدريب العمليات العقلية وتنمية التفكير والتركيز والانتباه والفهم والتذكير، وتنمية القدرة الكلامية كعلاج عيوب النطق ومخارج الحروف والألفاظ وتنمية القدرات العقلية والمعرفية وتنمية التآزر البصري والحركي عن طريق الأشكال اليدوية والفنية.
وأشارت إلى أن أنواع الأنشطة المقدمة في المركز تشمل الأنشطة الداخلية وهي الأنشطة التي تؤدي داخل المركز وتشمل أنشطة فنية مثل الرسم والأشغال اليدوية وأنشطة ترويجية مثل الموسيقى وحفلات السمر والاحتفالات والمهرجانات وأنشطة رياضية مثل الألعاب الرياضية إلى جانب أنشطة أخرى يقدمها المركز ومنها المكتبة، اقتصاد منزلي، علوم مرحة، حاسب آلي وأنشطة خارجية تشمل الرحلات الترفيهية والرحلات الثقافية للتعرف على معالم الكويت وزيارة المنشآت الصناعية والاشتراك في المعارض والمهرجانات سواء داخل الكويت أو خارجها والمشاركة في البطولات الرياضية الداخلية والخارجية والاشتراك في المعسكرات الشتوية والصيفية والمشاركة في أداء مناسك العمرة وزيارة الأماكن المقدسة والمشاركة في الرحلات الخارجية السياحية.
قابلية التعليم
من جانبه، قال نائب رئيس المركز عادل علي أن الوزارة وضعت شروطا للقبول في مركز الرعاية النهارية تشتمل على قابلية الحالة للتعليم والتدريب وخلوها من الأمراض المعدية والاضطرابات النفسية وأن يكون من حالات التخلف الخفيف والمتوسط.
وأشار إلى أن المركز يستقبل الحالات التي تعاني من اعاقات خفيفة إلى متوسطة وأما الإعاقات الشديدة فلن نقبلها بالإضافة إلى تقديم مناهج وزارة التربية الخاصة برياض الأطفال.
وأوضح أن الجدول الذي نقدمه لا يختلف عن جدول الحصص في وزارة التربية وذلك بهدف تدريبهم على تعلم بعض الأمور.
وقال إن المركز يضم 86 حالة موزعة بين مركزي الصليبخات وجنوب الصباحية وفق الفئات العمرية.
وبين أن جميع الحالات التي يتم قبولها لابد أن تكون مدركة لأفعالها وبالتالي فإننا لا نواجه أي مشاكل في التعامل معهم ولهذا نقيم لهم العديد من الرحالات المتنوعة التي تشرف عليها الإدارة وتصل بواقع رحلتين أسبوعياً.
بدورها، قالت نائب رئيس مركز جنوب الصباحية للرعاية النهارية شيخة الحربي إن إدارة المركز تعتمد على الخبرات المؤهلة للتعامل مع هذه الشريحة التي تحتاج رعاية خاصة وأسلوبا مختلفا عن الأسوياء وندرس مناهج رياض الأطفال لأن العمر العقلي عند هذه الحالات لا يتجاوز سن الخامسة بالرغم من بلوغهم سنوات أكثر بكثير.
وتابعت: كما نقدم العديد من الأنشطة المتنوعة والأخرى كنشاط الرسم والسينما والرياضة وذلك بهدف تدريبهم على كل المهارات سواء كان للمستوى الأول أو الثاني.
وأشارت أن ملاحظي الخدمة الاجتماعية هم من يشرف على تقديم الدروس فهم لديهم القدرة على التعامل مع هذه الحالات خاصة أن الإدارة تقدم الدورات المختصة التي تقام بجامعة الكويت والمعهد التطبيقي.
العمل ممتع
ملاحظة الخدمات الاجتماعية رقية الأنصاري قالت إن العمل مع هذه الحالات ليس بالأمر الصعب بل ممتع شريطة معرفة آلية التعامل معهم ومع كيفية تفكيرهم وأسلوب حياتهم خاصة أنهم يعانون من تأخر في نمو العقل لديهم ويحتاجون إلى معاملة خاصة.
وأضافت أن عملنا يختص في تقديم الدروس الاجتماعية والنفسية وذلك من خلال وضع أسس علمية دقيقة تتناسب مع هذه الحالات التي تحتاج رعاية خاصة ليس من الجانب الاجتماعي أو النفسي فقط بل حرصت إدارة مركز الرعاية النهارية على تقديم خدمات صحية وتغذية ناهيك عن خدمات النظافة والنقل والمواصلات.
وأشارت إلى أن «إدارة الرعاية النهارية حرصت على مواكبة التطور التكنولوجي الأمر الذي دعاني وزميلتي فاطمة كرم إلى إنشاء موقع خاص للمركز في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك لإتاحة الفرصة أمام اهالي الحالات التي تتلقى خدمات المركز إلى متابعتها بشكل فوري عبر مقاطع الفيديو التي ننقلها لهم والتي تسمح لهم بنفس الوقت متابعة أبنائهم لحظة بلحظة».
وقالت «إن العمل لدينا يبدأ منذ الساعة الثامنة صباحاً حين نجمع الدارسين في الطابور الصباحي ومن ثم ننتقل بهم إلى فصولهم لبدء الجدول الدراسي المعد».
بدورها قالت ملاحظ خدمات اجتماعية فاطمة كرم إن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممثلة في إدارة مركز الرعاية النهارية لا تدخر جهداً إلا وبذلته لتوفير كل الخدمات اللازمة لهذه الشريحة، والتي تمثلت في هذا المركز الذي يضم ما يقارب 86 حالة موزعين بين مركزي الصليبخات و جنوب الصباحية.
وأضافت أن إدارة مركز الرعاية النهارية في الصليبخات لا يتخذ من أسلوب العقاب وسيلة لردع الحالات لأنهم من أصحاب الإعاقات الخفيفة والمتوسطة، فهم مدركون لما يفعلون ويستطيعون تلقي وفهم الأوامر التي ترد إليهم من الأخصائيين ولهذا مخطئ من يظن أننا نلجأ إلى أسلوب العقاب مع أبنائنا.
أما الاخصائية الاجتماعية في مركز جنوب الصباحية نوير القحطاني فقالت إن عمل الاخصائية الاجتماعية في المركز يقوم على المتابعة الدائمة وكيفية استفادة الحالة من المواد والبرامج المقدمة.
وأضافت أن إدارة المركز لا تعتمد على أسلوب العقاب لأن هذه حالات خاصة ولا يوجد لدينا تدرج بالعقاب بل نعمل على التعامل معهم بشكل ذكي وذلك من خلال منعهم عن البرامج التي يفضلون المشاركة فيها.
وقالت إن الفئات العمرية للحالات متنوعة ومختلفة فتبدأ من 12 وتنتهي بأكبر حالة بلغت 35عاماً ولأن اعاقات ذهنية خفيفة أو متوسطة الأمر الذي سهل التعامل معهم فلا نواجه أي صعوبة في التعامل.
• تميز مركز الرعاية النهارية في الصليبخات بجمال أروقته وغرفه.
• عدد النزلاء في دار الرعاية النهارية في الصليبخات 30 دارساً و26 دارسة وفي جنوب الصباحية 28 دارسا و3 دارسات، بمجموع 86 حالة في المركزين.
• خصصت إدارة المركز أحد الفصول لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم بالتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
• وزعت إدارة المركز الحالات على أربعة فصول بالتساوي بين الرجال والنساء.
• يرتدي جميع الدارسين المتواجدين في مركز الرعاية النهارية زياً موحداً.
• يدرس منهج رياض الأطفال في وزارة التربية للحالات المسجلة في المركز.
• خصص المركز حسابا على الانستغرام باسم (Ri3AYA_NAhARIYA) بإشراف رقية الأنصاري وفاطمة كرم، وقد حقق تفاعلاً كبيراً من المتابعين وذوي الحالات الدارسة.
المصدر : فهاد الفحيمان \ جريدة الراى
التعيقات (2)
التعليقات مغلقة.
سعدت بإجراء هذه الماده لهذه الشريحه المهمه وشكرا لكل من نشر أوياهم بنشرها
فهاد الفحيمان
اسعدتنى هالمادة التي تخص هذه الفئه
يعطيك العافيه يا اخى الفاضل