الحياة إرادة ..
استغلال اللعب في التعليم والترفيه في الدمج والرسم في العلاج، واكتشاف الطاقات الكامنة لذوي الاحتياجات الخاصة، ومساعدتهم على كسر الإعاقة.
هذا أبرز ما ينطوي عليه برنامج تأهيل هذه الفئات في مركز نادي السلام التربوي لأنشطة الأطفال من ذوي الإعاقة، الذين رافقتهم القبس خلال انخراطهم في الأنشطة والفعاليات المتعددة.
وأكدت المستشارة التربوية والأسرية والاجتماعية والمديرة ازدهار العنجري أهمية المراكز والأندية المسائية في تعديل سلوك ذوي الاحتياجات الخاصة وتنمية مهاراتهم الحياتية والاجتماعية، فضلا عن تحسين قدراتهم الذاتية، مشيرة إلى الدور التعليمي والترفيهي الذي تحققه آلية «اللعب» في دمج ذوي الإعاقة مع المجتمع وتعديل سلوكهم.
محدودية المراكز
وأشارت العنجري إلى أن المراكز التأهيلية والترفيهية المسائية والصيفية الخاصة بذوي الإعاقة محدودة جداً وشبه معدومة في الكويت، وإن وجدت فإن بعض القائمين عليها ليسوا من أهل الاختصاص بالمجال، الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم مشاكل الطفل المعاق وانتكاس حالته، بدلاً من علاجها، مقترحة إنشاء مراكز مسائية لذوي الاحتياجات الخاصة في كل المحافظات لتخفيف العبء من على كاهل الأسر ومعاناتهم من المسافات البعيدة.
فهم خطأ
وانتقدت تصرفات بعض أولياء الأمور الذين يفكرون من الناحية المادية فقط دون النظر إلى تحسن حالة ابنهم وتطورها، حيث إنهم اعتادوا على أن الدولة تلتزم بدفع رسوم الفترة الصباحية عن طريق الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، وبالتالي يصعب عليهم دفع رسوم لأبنائهم في الفترة المسائية، متناسين بذلك ما المردود الذي سيعود على حالة أبنائهم وتأثير ذلك على قدراتهم بعد الانتساب لمثل تلك النوادي الترفيهية والتأهيلية المسائية، بدلاً من الجلوس أمام التلفاز في غرف منعزلة يتلقون فيها الإحباطات وأحياناً الضرب وسوء المعاملة والتجاهل.
وأشارت إلى الفهم الخاطئ لبعض أولياء الأمور بسبب عدم تقبلهم إعاقة طفلهم في البداية، حيث يتم إقناعهم بأهمية دمج أبنائهم مع أقرانهم الأسوياء.
فصول الدمج
وأيدت الدمج المدروس الناجح، مثل دمج المعاق حركياً مع أقرانه الأسوياء، حيث لا يوجد اختلاف في الفكر والعقل، ولكن الاختلاف يكمن في الصحة الجسدية، رافضة دمج المعاق الذهني مع زميله السوي نظرا لاختلاف الفروق الفردية وعدم استفادته من زميله في الفصل فقط.
وتابعت بالقول: الدمج لدينا في الكويت يتم في بعض الحصص فقط وبعدها يتوجه المعاق إلى المبنى الآخر الخاص به، ولا يختلط معه في الساحة، ولا في أوقات الدوام. لذلك، يجب على من يقوم بعملية الدمج أن يستطيع الإشارة لمن هو المستفيد والمشمول لعملية الدمج، وقياس مخرجاتها، لافتة الى عدم وجود فصول للدمج في النادي، حيث إن الطلبة المشتركين في النادي جميعهم من ذوي الإعاقة.
واعتبرت أن من أبرز المشاكل التي تواجه ذوي الاعاقة الذهنية عدم وجود بيئة حاضنة حولهم تفهم تلك الإعاقة، وخاصة فئة التوحد، حيث يحتاج الطفل التوحدي إلى بيئة تحترمه وتتفاهم معه كما يحتاج إلى حزم ورعاية خاصة ووقت. وفيما أقرت بوجود الكثير من المراكز والمدارس لتأهيل ذوي الإعاقة وتعليمهم، لفتت إلى عدم وجود كوادر متخصصة تتعامل مع هذه الفئة باخلاص وصدق، وإن وجد المختصون المخلصون للعمل مع تلك الفئة نجد أن هناك مشكلات تحول دون اكمال العمل مع هذه الفئة وانجازه، مثل الرواتب المتدنية لبعض المختصين، الأمر الذي يجعلهم في حالة احباط دائم ويدفعهم للبحث عن المكان الذي يوفر لهم راتبا ومميزات أكثر من دون التفكير في مصلحة الاطفال من ذوي الاعاقة ومتابعتهم.
حالات وفئات عمرية
وبالحديث عن النادي وعن الحالات والفئات العمرية التي يستقبلها، قالت إنه يستقبل جميع الإعاقات والأعمار بدءا من سن 3 سنوات فما فوق، وكذلك الحالات التي تعاني من اضطراب التوحد، تأخر تطوري شامل، سمات توحد، داون سندرم والإعاقات الذهنية المتوسطة والشديدة، وكذلك الشلل الدماغي، اضافة إلى الصم والبكم وإعاقات متعددة، لافتة إلى أكبر الحالات المنتسبة إلى النادي تعود إلى فتاة تبلغ من العمر 44 عاماً من فئة الداون سندرم.
شروط
وحددت جملة من شروط قبول المنتسبين، منها: يتعين إرفاق شهادة تشخيص اثبات اعاقة من الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، وألا يكون الطفل مصاباً بأمراض معدية.
وأردفت بالقول: يتم توزيع الطلبة بحسب الأعمار وتشابه الإعاقات، في فصول خاصة ومهيأة لهم ومزودة بكل احتياجاتهم من حصص المشغولات الفنية والرسم، وحصص إعداد الطعام للفتيات، وتوفير صالة الألعاب المكشوفة والمغطاة، إلى جانب حصص الرياضة والمرح والموسيقى، مشيرة الى تزويد الطلبة بحصص فردية أو جماعية لتعليمهم وتأهيلهم حسب قدرات كل طالب على حدة.
ولفتت الى أن بعض الطلبة القابلين للتعليم يتعلمون الحروف والكلمات والجمل قراءةً وكتابةً، في حين أن غير القادرين على ذلك يتم تعليمهم الأشكال والألوان والأحرف عن طريق اللعب ومخاطبة الطلبة والانشاد لهم، ويتم اقتباس بعض المفاهيم والكلمات من الطفل مما يساعد في تعديل ألفاظ الطفل وسلوكه.
إنجازات
ولفتت إلى الإنجازات التي حققها النادي، وقالت: الحمد لله نجحنا في علاج وتحسين العديد من الحالات التي انتسبت إلى النادي، لافتة إلى تحسن القدرة الكلامية لعدد من الطلبة التوحديين بعد أن كانوا لا ينطقون بأي حرف، فضلا عن التواصل البصري والاجتماعي لآخرين عقب مرور أسبوع من تسجيلهم.
خطط التوظيف
كشفت العنجري عن نية النادي وخططه بشأن توظيف بعض الطلبة من فئة الاعاقة الذهنية في النادي بهدف تعزيز الثقة في نفوس أبنائنا المعاقين وهذا يحتاج إلى تعاون المجتمع والأهل لتحقيق ذلك، لافتة إلى ترحيب النادي بتوظيف سكرتيرة من ذوي الاعاقة الحركية.
مشرفة مساعدة
نوف طالبة منتسبة إلى النادي وتعاني إعاقة ذهنية بسيطة، تم إسناد مهمة القيام بدور المشرفة المساعدة لصفها إليها اثناء غياب المشرفة الرئيسية، التي تقوم بمراقبتها ومتابعتها عن بعد، حيث اكسبتها هذه التجربة الثقة بالنفس والاعتماد على الذات.
مهارات حياتية
أشارت مدرسة الاحتياجات الخاصة في النادي مروة يحيى إلى أهمية تعديل السلوك وتأثيره الاجتماعي على كيفية التعامل مع الآخرين وتقبل الطرف الآخر، ويشمل تعديل جميع المهارات الحياتية والسلوكيات الاساسية، لافتة إلى أن هذا التعديل يتم عن طريق اللعب والتدريب.
رحلات خارجية
لفتت العنجري الى حرص النادي على تخصيص يوم واحد للرحلات الخارجية منها: صالات الألعاب، مخيمات البر، مراكز تربوية، ملمحة إلى تعاون المتطوعين بتنظيم أنشطة جماعية ترفيهية وحفلات.
محاضرات
أشارت العنجري الى حرص النادي واهتمامه بتنظيم محاضرات مجانية لأولياء الأمور للتحدث عن المشاكل التي تواجههم، ومساعدتهم على كيفية التعايش مع تلك المشاكل وإيجاد الحلول لها.
ولي أمر أحد المنتسبين: المطلوب توفير دورات لإرشاد أولياء الأمور
خلال جولتنا بالنادي، التقينا بأحد أولياء أمور المنتسبين أبو فيصل (يعاني ابنه ذو السبعة أعوام من التوحد)، لافتاً إلى تعديل سلوك ابنه بعد التحاقه بالنادي، حيث كان انطوائيا ويميل إلى العزلة ويرفض التواصل مع أفراد أسرته.
ولفت إلى أهمية وجود المراكز المسائية لاحتضان ذوي الاعاقة، مطالباً بتنظيم دورات تدريبية لأولياء الأمور لإرشادهم حول كيفية التعامل مع أبنائهم من ذوي الاعاقة والتكيف مع ظروف أعاقتهم.
روى أحد المدرسين في النادي تجربة حية لأحد المنتسبين ممن تم تعديل سلوكهم خلال تسعة أشهر، حيث يعاني من إعاقة ذهنية شديدة، إضافة إلى إعاقة مزدوجة (16 عاماً)، حيث تم رفض استقباله من جميع مدارس الاحتياجات الخاصة لسوء سلوكه وعاداته السيئة، وفور التحاقه بالنادي تم وضعه تحت المراقبة من خلال الأنشطة وتمت ملاحظة بعض العادات السيئة الصادرة منه، الامر الذي دفعنا للبدء في تعديل سلوكه بالتواصل مع الأسرة وبالفعل تم ذلك خلال فترة وجيزة واكتشفنا ميوله لرياضة السباحة.
أسر تترك ابنها المعاق للخدم والنتيجة متاعب نفسية
أرجعت العنجري بداية تأسيسها النادي إلى فصل الصيف، حين كانت مديرة احدى المدارس الخاصة بذوي الإعاقة، حيث كان يتردد الكثير من أولياء الأمور ويلحون عليها لتوفير مكان ترفيهي وتأهيلي يحوي أبناءهم المعاقين، لافتة إلى عدم إحسان بعض الأسر التعامل مع الحالات التي لديها.
وأشارت إلى أن بعض الأسر تترك الابن المعاق للخدم والنتيجة متاعب نفسية. لذا، كان من الأنسب إيجاد مكان آمن ومتخصص للمعاق، ليرتاح فيه ويستفيد من برامجه التأهيلية أو التعليمية أو العلاجية والترفيهية في ظل أجواء أسرية آمنة.
وعن الصعوبات التي اعترضتها، ذكرت العنجري أنها واجهت في بداية تأسيس النادي – ولا يزال – الكثير من المشاكل المادية (الدعم)، حيث إن النادي أنشئ بجهود تطوعية، وتم استئجار بيت خاص لذلك، كما تم توظيف عمالة خاصة مؤهلة ومتخصصة في مجال التربية الخاصة ممن لهم باع طويل في مجال الاعاقة، مضيفة «كذلك لعدم وجود فرع آخر للنادي اضطررت أن أوفر باصات خاصة لجميع مناطق الكويت، بما فيها الجهراء والأحمدي، كما أن المبنى الخاص لذوي الإعاقة، خصوصاً الحركية، يحتاج إلى مواصفات خاصة، مما يساعد على تعديل البيئة الخاصة بالمعاق وهذا مكلف جداً، وكذلك الأدوات والألعاب التي يستخدمها ويتعلم عليها المعاق مكلفة».
برامج
وعن البرامج التي يقدمها النادي إلى منتسبيه، قالت: نستخدم برنامجي بورتج للاعمار الأقل من 9 سنوات وبرنامج تيتش بدءاً من 9 سنوات فما فوق، كما لدينا برامج خاصة في تعليم الأطفال مهارات العناية الشخصية والاعتماد على النفس.
تعديل السلوك
وبينت العنجري أنه تم تعديل سلوك جميع الحالات التي التحقت بالنادي، ولعل أكثرها طلبة التوحد، بحسب شهادة أولياء الأمور، الذين لمسوا الفرق قبل التحاق أبنائهم بالنادي وبعده، مدللة على ذلك بزيادة عدد المنتسبين في النادي شهرياً واستمرار تواصل المسجلين فيه منذ البداية.
تعزيز الثقة
كشفت العنجري عن جملة من المشاريع المستقبلية التي تنوي إقامتها لذوي الاعاقة، منها إشراك فئة الداون في إدارة مشروع خاص بهم، حيث تتمتع هذه الفئة بذكاء اجتماعي، إلى جانب التوجه لافتتاح حضانة لذوي الاحتياجات الخاصة؛ نظرا لندرة الحضانات الخاصة بالاعاقات الذهنية ممن هم أقل من ست سنوات، إضافة إلى تنظيم رحلات ربيعية وصيفية خارج البلاد لتعزيز ثقتهم بأنفسهم واكتساب ثقافات متنوعة، والقيام بزيارات ميدانية لمدارس التربية الخاصة في تلك البلدان، علاوة على الاطلاع على المشاريع الخاصة بذوي الاعاقة.