التوحد هو إعاقة فى النمو تستمر طيلة عمر الفرد و تؤثر على الطريقة التى يتحدث بها الشخص و يقيم صلة بمن هم حوله، و يصعب على الأطفال و على الراشدين المصابين بالتوحد إقامة صلات واضحة و قوية مع الآخرين، وعادة لديهم مقدرة محدودة لخلق صداقات ولفهم الكيفية التى يعبر فيها الآخرون عن مشاعرهم.
و فى كثير من الأحيان يمكن أن يصاب المصابين بالتوحد بإعاقات فى التعلم و لكن يشترك كل المصابين بهذا المرض فى صعوبة فهم معنى الحياة.
أسباب التوحد:
ليس هنالك عامل واحد ووحيد معروفا باعتباره المسبب المؤكد، بشكل قاطع، لمرض التوحد، ومع الاخذ بالاعتبار تعقيد المرض، مدى الاضطرابات الذاتوية وحقيقة انعدام التطابق بين حالتين ذاتويتين، اي بين طفلين ذاتويين، فمن المرجح وجود عوامل عديدة لاسباب مرض التوحد.
اعتلالات وراثية:
اكتشف الباحثون وجود عدة جينات (مورثات – Gens) يرجح ان لها دورا في التسبب بالذاتوية، بعض هذه الجينات يجعل الطفل اكثر عرضة للاصابة بهذا الاضطراب، بينما يؤثر بعضها الاخر على نمو الدماغ وتطوره وعلى طريقة اتصال خلايا الدماغ فيما بينها،ومن الممكن ان جينات اضافية، اخرى، تحدد درجة خطورة الامراض وحدتها، وقد يكون اي خلل وراثي، في حد ذاته وبمفرده، مسؤولا عن عدد من حالات الذاتوية، لكن يبدو، في نظرة شمولية، ان للجينات، بصفة عامة، تاثيرا مركزيا جدا، بل حاسما، على اضطراب الذاتوية، وقد تنتقل بعض الاعتلالات الوراثية وراثيا (موروثة) بينما قد تظهر اخرى غيرها بشكل تلقائي (Spontaneous).
عوامل بيئية:
جزء كبير من المشاكل الصحية هي نتيجة لعوامل وراثية وعوامل بيئية، مجتمعة معا،وقد يكون هذا صحيحا في حالة الذاتوية، ايضا، ويفحص الباحثون، في الاونة الاخيرة، احتمال ان تكون عدوى فيروسية، او تلويثا بيئيا (تلوث الهواء، تحديدا)، على سبيل المثال، عاملا محفزا لنشوء وظهور مرض التوحد.
عوامل اخرى:
ثمة عوامل اخرى، ايضا، تخضع للبحث والدراسة في الاونة الاخيرة، تشمل: مشاكل اثناء مخاض الولادة، او خلال الولادة نفسها، ودور الجهاز المناعي في كل ما يخص الذاتوية.
ويعتقد بعض الباحثين بان ضررا (اصابة) في اللوزة (Amygdala) – وهي جزء من الدماغ يعمل ككاشف لحالات الخطر – هو احد العوامل لتحفيز ظهور مرض التوحد.
اعراض مرض التوحد:
حركات متكررة من التارجح او الدوران في نفس المكان، تجنب الاتصال بالعين او الاتصال الجسدي، التاخر في اكتساب اللغة،ترديد اصوات الاخرين ، تكرار الكلمات او الجمل،الشعور بالحزن الشديد بسبب تغييرات بسيطة، يرجى ملاحظة ان هذه الاعراض يمكن ايضا ان تظهر لدى الاطفال الذين لا يعانون من التوحد.
علامات التحذير المبكرة – جيل سنة:
عادة ما يكونون غير اجتماعيين ولذلك في كثير من الاحيان يمكن اكتشاف علامات التوحد من خلال طريقة تواصل الاطفال مع العالم الخارجي.
في جيل سنة يظهر الطفل الذي يعاني من مرض التوحد العلامات التالية:
-لا يستجيب لصوت والدته.
-لا يستجيب عندما يدعى باسمه.
-لن ينظر للناس في اعينهم.
-لم ينتج فقاعات لعاب في فمه ولا يشير الى الاشياء حتى جيل سنة.
-لا يبتسم ولا يستجيب للاشارات الاجتماعية من البيئة.
علامات التحذير – جيل سنتين:
في جيل سنتين تكون علامات مرض التوحد اكثر وضوحا. في حين ان الاطفال الاخرين يصيغون كلماتهم الاولى ويشيرون الى الاشياء التي يريدونها، فالطفل الذي يعاني من مرض التوحد يبقى منعزلا، وايضا:
-لا يلفظ كلمات حتى سن 16 شهر.
-لا يلعب العاب « التخمين» حتى سن 18 شهر.
-لا يكون جملا من كلمتين حتى جيل سنتين.
-يفقد المهارات اللغوية.
-لا يبدي اهتماما عندما يشير شخص الى شيء مثل طائرة تحلق فوق راسه.
اعراض وعلامات اخرى مرض التوحد:
الاشخاص الذين يعانون من مرض التوحد يظهرون احيانا اعراض جسدية، تشمل مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الامساك ومشاكل النوم. هؤلاء الاطفال قد يطورون اضطرابا في تناسق العضلات الكبيرة المستخدمة للجري والتسلق، او في العضلات الصغيرة في اليد. التوحد – من الالف الى الياء هؤلاء الاطفال قد يتجنبون النظر في عيون الناس، حتى والديهم.
كيف تؤثر اعراض التوحد على الدماغ؟
التوحد يؤثر على اجزاء من المخ تتحكم في العواطف وحركات الجسم، بعض الاطفال المصابين بالتوحد يطورون راسا ودماغ اكبر من المعتاد – ربما بسبب مشكلة نمو الدماغ، جينات غير سليمة التي تنتقل في العائلة، وجد انها مرتبطة باضطراب وظائف بعض اجزاء من الدماغ. الدراسات تعمل اليوم على طريقة لاكتشاف مرض التوحد بواسطة فحوص المسح الدماغي.
والعديد من الاطفال لا يتم تشخيصهم كمصابين بالتوحد قبل دخولهم الى المدرسة وكثيرا ما يفقدون سنوات ثمينة يمكنهم خلالها الحصول على المساعدة التي يحتاجونها، يجب اجراء فحوص روتينية للكشف عن مرض التوحد في سن 9 اشهر، 18 شهر، 24 شهر وغير ذلك وفقا للحاجة لدى الاطفال الذين يشتبه باصابتهم بمرض التوحد او لديهم تاريخ عائلي من المرض.
تشخيص اعراض مرض التوحد:
1. مشاكل في الكلام :
يقوم الطبيب باجراء الفحوص العادية, مثل كيف يستجيب الطفل لصوت والديه، لابتسامتهم وتعابير الوجه الاخرى، التاخير في تطوير الكلام يتطلب التوجه الى اخصائي علاج التواصل وربما يكون من الضروري ايضا اجراء اختبار السمع، معظم الاطفال المصابين بالتوحد يتكلمون في نهاية المطاف، لكن في وقت متاخر اكثر من اقرانهم، عادة ما يجدون صعوبة خاصة في اجراء محادثة واحيانا يتكلمون بشكل يشبه الرجل الالي.
2. المهارات الاجتماعية رديئة :
علامة مهمة للكشف عن حدة التوحد هي درجة صعوبة المريض بانشاء علاقة صداقة، الاشخاص المهنين يمكنهم تشخيص المشاكل الاجتماعية في مرحلة مبكرة قدر الامكان، هؤلاء الاطفال قد يتجنبون النظر في عيون الناس، حتى والديهم.
قد يركزون تماما في الشيء الذي امامهم، بينما يتجاهلون تماما البيئة المحيطة بهم لفترة طويلة، فهم لا يعرفون كيفية استخدام العديد من الايماءات، وضعيات الجسم او تعبيرات الوجه للتواصل.
3 . متلازمة اسبرجر (Asperger›s syndrome):
المرضى المصابون بمتلازمة اسبرجر لا يعانون من تدني الذكاء او من مشاكل لغوية. في الواقع، فقد يكون لديهم مهارات لفظية متقدمة، ولكنهم قد يكونون محرجين اجتماعيا ولا ينجحون في تفسير الرموز الغير لفظية, مثل تعبيرات الوجه، فقد يركزون بشكل مكثف على موضوع واحد يهمهم ولكنهم يستصعبون في انشاء علاقات اجتماعية او التعاطف مع الاخرين.
علاج اعراض مرض التوحد:
1. العلاج السلوكي:
العلاج السلوكي يساعد الاطفال الذين يعانون من اعراض مرض التوحد على تعلم التحدث والتواصل، التطور جسديا والتعامل مع الاخرين بسهولة اكبر، البرنامج السلوكي يشجع النشاطات الايجابية ويستبعد السلوكيات السلبية، هنالك نهج اخر يعمل على العواطف والمهارات الاجتماعية من خلال اللعب ببطاقات الصور والوسائل البصرية الاخرى.
2. الادوية:
لا يوجد علاج دوائي ضد اعراض مرض التوحد نفسه، ولكن هناك ادوية يمكن ان تساعد في معالجة بعض الاعراض، ادوية المكافحة – الذهانية يمكن ان تساعد الذين يعانون من مشاكل سلوكية خطيرة مثل العدوانية، ايذاء الذات ونوبات الغضب. الادوية التي تساعد ضد نوبات التوحد يمكن ان تساعد هي ايضا، وتصف احيانا مضادات الاكتئاب للاطفال لتخفيف بعض من هذه الاعراض.
3 . التدخل الحسي :
الاطفال المصابون بالتوحد قد يكونون حساسين جدا “للروائح، الاصوات، اللمس، الذوق ومشاهد معينة”، على سبيل المثال فانهم قد يشعرون بشعور سيئ نتيجة تعرضهم للاضواء اللامعة جدا او يشعرون بعدم الارتياح من سماع قرع جرس الفرصة في المدرسة، مساعدة هؤلاء الاطفال على مواجهة هذه المحفزات الحسية تحسن بشكل ملحوظ سلوكهم.
التوحد وتعديل السلوك:
عندما نتكلم عن التوحد فإننا نتكلم عن طفل يفتقد إلى كثير من جوانب التعامل في الحياة التي تجعله حالة خاصة تختلف عن بقية الأطفال و من الجوانب المهمة في شخصية الطفل التوحدي هو الجانب السلوكي حيث يعتبر جزء هام تهتم به أسرة الطفل و من هنا يجب أن نتوقف لأننا سوف نتحدث عن سلوكيات غير موجودة في الطفل العادي لذلك نحن نتبع منهج خاص في تشكيل السلوكيات و تعديلها للطفل التوحدي لا نتبعه مع غيره من الأطفال.
نجد أن سلوك الطفل التوحدي هو سلوك خاص لأنه يتغير بشكل كبير من طفل إلى آخر لذلك ليس هناك طريقة واحدة ثابتة نتبعها لتعديل سلوك الطفل التوحدي مثل سلوك الصراخ و النشاط الزائد و ضعف التواصل البصري، والسؤال هنا هل يمكن للسلوكيات الخاصة بالطفل التوحدي تعديلها أو الكف عن صدورها كمعيار للسلوك؟
الإجابة هي نعم، يمكن تعديل سلوكيات الطفل التوحدي بشكل كبير لأنه خلقه الله مثل بقية الأطفال لكنه طفل من نوع خاص يحتاج إلى احتياجات نفسية و اجتماعية خاصة و طريقة خاصة في التعامل و التعلم و نجد البعض أن التعامل مع الطفل التوحدي مشكلة صعبة أو بمعنى أصح التعامل مع سلوكياته لكن في الواقع مشكلة سهلة لأننا إذا قمنا بفهم الطفل و درسنا جميع الظروف الخاصة بالطفل و أدركنا أدراك شامل و كامل على أنه طفل خاص سوف ننجح.
كيف يتم تعديل سلوك طفل توحدي:
يعتبر سلوك الطفل التوحدي سلوك معقد لأننا في أغلب الظروف لا نعرف لماذا يصدر هذا السلوك و السبب أن الطفل لا يعبر بشكل طبيعي أو لا يستطيع التعبير عنه أو لا يستطيع أن يجيب مثل الطفل العادي لذلك من المهم جداّ أن نحدد السلوك الذي نريد تعديله في الطفل التوحدي وهي أهم نقطة في تعديل السلوك و لا أقصد بتعديل السلوك تعريف و أنما مسؤولية تحديده أي نجاحنا في تعديل السلوك الذي تم اختياره و نحن دائما نواجه مشكلة الاهتمام بالمظهر و هي التعريف و تسجيل البيانات و الرسم البياني دون الجوهر و هو السلوك الحقيقي و ماذا توصلنا في تعديله و هل نجحنا أم لا لذلك يجب الاهتمام بالسلوك الحقيقي أو الواقعي للطفل .
الجوانب التي يؤثر عليها السلوك التوحدى بالسلب:
بعد تحديد نوعية السلوك الذي يتم اختياره يجب أن نحدد الجوانب التي يؤثر عليها السلوك بشكل سلبي أو الجوانب التي تعاني منها أسرة الطفل في حياته اليومية معه حيث نصادف أكثر من سلوك في الطفل الواحد يحتاج إلى تعديله و في هذه الحالة يجب أن نعرف كيف تؤثر هذه السلوكيات على الجوانب الحياتية للطفل و نأخذ بالسلوك الأهم ثم المهم.نجد أن المعلم يقوم في عملية التعديل السلوكي للطفل التوحدي بتعزيز السلوك حيث يستخدم السلوك البديل و التوجيه اللفظي و غيرها من الأساليب لكني أرى أن تعديل السلوك يجب أن يأخذ منحنى آخر يأتي بثماره الفعالة في عملية تعديل السلوك و هو مدى العلاقة بين الطفل و المعلم الذي يقوم بعملية تعديل السلوك.
– مدى استجابة الطفل للمعلم
– مدى قبول الطفل للمعلم
– هل أحساس المعلم بالاحتياجات النفسية و الشعورية الخاصة بالطفل عالية
– هل المعلم لديه المرونة الكافية في استخدام أساليب جديدة في تعديل السلوك غير الأساليب المتعارف عليها في الكتب.
لذلك نجد أن ليس كل معلم قادر على القيام بعملية تعديل السلوك بنجاح، فيجب أن تتوافر في أخصائي تعديل السلوك الصفات الآتية:
– الصبر و قوة التحمل.
– روح التجديد و التنويع في الأساليب.
– القدرة على التحكم و السيطرة على السلوك.
– ابتكار طرق جديدة في تعديل السلوك
و أخيراً يجب أن نهتم بتعديل سلوكيات الأطفال التوحديين لأنه مهما تقدم الطفل من الناحية الأكاديمية يبقى أن يواجه العالم الذي يعيش فيه ،حيث يواجه و يتفاعل مع الناس في المواقف الاجتماعية و هذا ما تعانيه أسرة الطفل التوحدي، لذلك يجب أن يكون الطفل التوحدي = سلوكيات اجتماعية منظمة،وهذا كله بداية جديدة أو شكل جديد في عملية تعديل السلوك.
كيفية التواصل مع مرضى التوحد:
هناك أنماط معينة من أساليب الاتصال تبدو فعالة مع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التوحد منها ما يلي :
– عندما تتحدث إلى الطفل اجعله ينتبه إليك تماماً. نادِ الطفل باسمه حتى يعرف أنك تتكلم معه وحاول تقليل التشويش المحيط مثل صوت الراديو أو التلفاز عندما تتحدث مع الطفل حتى يستطيع التركيز معك.
– تحدث إلى الطفل بلغة مبسطة مستخدماً الكلمات الضرورية فقط. مثلاً بدلاً من قول “هلاّ تفضلتم بالقدوم والجلوس على الكرسي” قل له : سعد اجلس.
– لا تعده بوعود قد لا تستطيع الوفاء بها.
– الأطفال التوحديين استيعابهم ضعيف بالنسبة إلى اللغة ولذلك فقد يصابون بالتشويش وربما الحزن إذا استخدمت ألفاظ سخرية وتهكم معهم. يجب الابتعاد دائماً عن عبارات مثل: “أنا أمزح” – ساعدني …الخ.
– استخدم مصطلحات/ألفاظ محددة عند الكلام عن الوقت.
– كن إيجابيا ولا تحدث طفلك عما يجب ألا يفعله فقط وبدلاً من ذلك أخبره عما يجب أن يفعله ومثال ذلك بدل أن تقول له “لا ترم ألعابك وتبعثرها على أرضية الغرفة” قل له “ ضع ألعابك في الصندوق”.
– امنح الطفل التوحدي المزيد من الوقت لاستيعاب (المعلومات السمعية) حتى يمكنه الإجابة – حيث أن بعضهم بطيء في عملية الاستيعاب والفهم ويحتاج إلى مزيدٍ من الوقت.
– استخدم وسائل بصرية حيث أن بعض المصابين بالتوحد لهم مهارات بصرية قوية وقد يفهمون المعلومات التي تعرض لهم بوسيلة بصرية بصورة أفضل من تلك التي تعرض لهم سماعياً (شفهياً) وهناك خيارات كثيرة في هذا المجال مثل استخدام الصور الفوتغرافية أو الرموز أو البطاقات.
محاولة لفهم الطفل التوحدي:
عندما تحاول أن تفهم الأطفال من هذه الفئة يجب أن تتذكر المجالات الرئيسية الثلاثة التي يواجهون فيها المصاعب وهي : الاتصال والتفاعل الاجتماعي والخيال الاجتماعي وهناك أيضاً عامل آخر هام وهو أنهم يفتقدون المقدرة على الاستنتاج العقلي وهو ما يسمى بنظرية العقل.
نظرية العقل :
هي المقدرة على استنتاج وتقدير الحالات العقلية مثل الاعتقاد، والرغبات، والنوايا والانفعالات حيث أن نظرية العقل تشير إلى أن فئة التوحد تواجهها صعوبات في المقدرة على هذا الاستنتاج. ومثال ذلك فإنهم يجدون صعوبة في تصور أو تخيل الإحساس والشعور لدى الآخرين أو ما قد يدور بذهن الآخرين من تفكير وهذا بدوره يقود إلى ضعف مهارات التقمص العاطفي وصعوبة التكهن بما قد يفعله الآخرون فالأطفال التوحديين قد يعتقدون بأنك تعرف تماماً ما يعرفونه هم ويفكرون فيه.
المصدر : دروازة نيوز